المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال العشّ الهشّ ! - رفعت خالد



رفعت خالد
03-09-2013, 05:43 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه..

أما بعد.. الحب الحقيقي الواقعي الملموس يكون بعد الزواج، والله من يُبارك فيه لأنه قال عز وجلّ (وجعل بينكم مودة ورحمة) فالله من يُثبت القلوب ويجعل فيها المودة ويجعل فيها الرحمة وليست الغراميات والحب المحرم السري.. ومعروف عند كل أحد أن أكثر قصص الحب إن لم تكن كلها تنتهي بفراق أو كره وعداوة وعُقد وأمراض نفسية وأغلال وقضبان.. وجثث أحيانا !

لذلك لابد من سلوك الطرق الشرعية للزواج ولا ينبغي استثقالها، فلا مفر.. لن تسعد إلا إن شاء الله لك ذلك، وما عند الله لا يُنال إلا بطاعته.. فلابدّ أن نعرف حقيقة هذا الحب وهذه المودّة التي كلنا جياع لها، نتشوق ونتطلّع إليها بلهفة ولوعة..

وعلى الإنسان الأخذ بأسباب ذلك بعد التوكّل على الله عز وجل والحرص على طاعته جهد المستطاع.. ومن هذه الأسباب اختيار العشّ الذي يريد أن ينشئ فيه هذا الحب المنتظر، وأن يُعنى بهذا الاختيار جدا، وألا يستبطئ النتيجة.. فلابد من أهل طيبين يرى فيهم أصل فتاته وأين كبرت، ويرى الأخلاق التي تربّت عليها والطباع التي تجري في دمها وغير ذلك.. وذلك من الدين الذي أمرنا بالظفر بصاحبته.. وليس فقط قماش على الرأس، مع ما في القماش الساتر من فضيلة.. إلا أن الأولى من ذلك طباع الحياء والهدوء والمودّة والسّكينة والليونة والأنوثة والطّاعة والصّبر والستر.. إلى غير ذلك مما يحتاجه الرجل كل يوم، بل كل ساعة..وهذا جوهر التديّن والخلق الرفيع. إلا أن كل البنات يدّعين هذه المزايا أول الأمر، ومن خلال السؤال والتقصّي وبعد الملاحظة والتّتبع تظهر الحقيقة جليّة إلا من أعماه التعلّق بعد إعمال القلب فلن يرى إلا الضباب !

ثم الأهل دائما يبقون في خلفية الحياة الزوجية.. فلابد من زيارات وهدايا، لابد من إعانات وتدخلات وتضحيات.. ولكن مع من تفعل كل هذا ؟ لابد من أناس يستحقون ؟ أصلهم طيب وأفعالهم طيبة وشهادة الناس فيهم طيبة.. وموجود الخير في المسلمين بحمد الله.

في مصنف ابن أبي شيبة وفي شعب الإيمان للبيهقي أن عمر رضي الله عنه قال: (النِّسَاءُ ثَلَاثَةٌ : امْرَأَةٌ هَيِّنَةٌ لَيِّنَةٌ عَفِيفَةٌ مُسْلِمَةٌ وَدُودٌ وَلُودٌ تُعِينُ أَهْلَهَا عَلَى الدَّهْرِ وَلَا تُعِينُ الدَّهْرَ عَلَى أَهْلِهَا وَقَلَّ مَا يَجِدُهَا , ثَانِيَةٌ : امْرَأَةٌ عَفِيفَةٌ مُسْلِمَةٌ إنَّمَا هِيَ وِعَاءٌ لِلْوَلَدِ لَيْسَ عندَهَا غَيْرُ ذَلِكَ , ثَالِثَةٌ : غُلٌّ قَمِلٌ يَجْعَلُهَا اللَّهُ فِي عنقِ مَنْ يَشَاءُ وَلَا يَنْزِعُهَا غَيْرُهُ).

وحُسن العشرة سبب من أسباب استقرار الحياة الزوجية ولكنه سبب غير كاف، فهو مجرد شرط يجب ليتم به المراد انتفاء الموانع، كشأن الدعاء مثلا، فقد يدعو المرء آتيا بشروط الدعاء كاملة ولا يُستجاب له لوجود مانع مثل أكل الحرام أو استعجال الاستجابة كأن يقول (دعوتُ فلم يستجب لي) فهذا من الموانع التي تمنع إجابة الدعاء كما جاء في الآثار، وكذلك قد يُحسن الزوج معاشرة أهله ويتحبب إليها ويتودد ويُلاعبها ثم تفشل علاقتهما مع ذلك لأن الزوجة تكرهه مثلا.. وكم من زوج يحب زوجته وهي تمقته، والكعس كذلك موجود. ومعروف أن الكره من موانع استقرار البيت الزوجي..

أقول ما قلتُ لأن الحبّ المنتظر لابد ستواجهه تحدّيات.. فإن لم يكن متينا، جذوره ضاربة في الأرض فأنّى يصمد ؟ ويكفي الملل وحده والفتور الذي يصيب كل نفس بشرية ليقتلع هذاالعش الهشّ.. ويُفتت أعواده.

إنها مناعة لابد منها كي يصمد الرفيقان ويُنهيان المغامرة بسلام..والله أعلى وأعلم.



رفعت خالد
03-09-2013