المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال ما يُراد لك أن ترى ! - رفعت خالد



رفعت خالد
05-09-2013, 06:06 PM
في أذهاننا صور وتصنيفات وتقييمات لكل ما نعرفه في الحياة.. والناس عندنا أشكال وألوان وأذواق، لكل صنف منهم لونه وذوقه الخاص.. فمنهم اللاّذع ومنهم الحامض، والمالح والحُلوُ والـ...
لكن هل تلك الصور التي نحمل عنهم هي صورهم حقا ؟
تُصاحب الرجل شهورا أو أعواما ثم يظهر لك معدنه على حين غفلة، بعد موقف عسير.. من تلك المواقف التي تتمايز فيها الألوان وترسب الفلزات والمعادن، وتظهر المكنونات وقد لوّنتها الظروف كما تُبرز الملوّنات بعض المكونات الكيماوية التي لا تظهر للعين المُجرّدة..
فتُحرق تلك الصورة الأنيقة التي كانت محفوظة في وجدانك.. تتلوّى أطرافها، وتتجعّد ثم تسودّ بالكامل وتتلاشى !
إذا فقد أعطاك الصورة الخطأ.. ويمكن أن نقول أنك لم تعرفه من قبل قط، حتى اللحظة التي سقط فيها القناع !
ولاشكّ أن هذا من شأنه أن يدفعك للالتفات حولك وإعادة النظر في الموجودات التي ألِفتها..
هل خطيبتك هي كما تظنّ حقا ؟ هل هي مستعدّة للتّضحية والصّبر مثلك.. هل تحمل من المودّة والقدرة على احتمال هذا العبد الضعيف واحتوائه بقلب واسع وحضن دافئ كما تحاول أن تُبدي لك حتى لتكاد تبكي وتُقسم على ذلك بالأيمان المغلّظة.. أم أنها..
أم أنها أفعى رقطاء سليطة اللسان.. لم تر لسانها بعد.. إن هي إلا شهور وتراه مشقوقا يقطر سمّا زُعافا !
هل جارك الجديد طيب حقا كما يدلّ ثغره البسّام أم أنك لن تسلم لحظة من بوائقه وحياتك بجواره ستكون نكدا وسلسلة من المحاضر والجلسات المؤجلة ؟
هل.. هل.. هل.. التفت حولك و(هلهل) كيفما شئت..
ألا تعتقد معي أننا لا نرى إلا ما يُرادُ لنا أن نرى ؟
سبحان الذي يعرف حقيقة كل شيء وخبيئته.. أما نحن يا صاحبي فلا ينبغي أن نصدّق كل ما نراه.. ويجمل بنا أن نجعل دائما حيزا من الحذر.. هامشا لنكتب فيه ملاحظات مستقبلية.. خطة طوارئ تساعدنا على الفرار بجلودنا في اللحظة المناسبة !
هذا لأن الصّدق عزيزٌ فعلا.. والعدل مفقود، وحتى إن عدلنا أحيانا فلأننا لا نرى بأسا من بعض العدل الذي لا يضر، وربما نفعل ذلك فقط ليقول الناس أننا عادلون.. وسرعان ما نغلق صنبور العدل بشحّ إذا ما لسعتنا مرارة الحقيقة.. فنمثل ونكذب ونغدر ونُعطي الوعود الزائفة ونُغري بالمال وبأشياء أخرى..
فأين الحقيقة وسط كلّ هذه الفوضى ؟ قل لي..
إنه زمان يجمُل بمن أراد السلامة من أدوائه الاعتزال من أكثر مشاهده.. والاكتفاء بالقليل النافع من كل شيء، لعلنا نحافظ على ما تبقّى منا..


رفعت خالد