المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال أحرامٌ على بلابله الدوحُ ؟



رفعت خالد
24-11-2013, 08:45 PM
360446

بسم الله الرحمن الرحيم..
الحمد لله والصلاة والسلام على محمد عبد الله ورسوله.
أما بعد..
هناك خواطرٌ وخيالات أشبه ماتكون بالعورات.. يتجلّى فيها ضعف الإنسان ونقصه وجوعه.. وهي عند كلّ أحد تقريبا، ولكن إن أنت تلفّظت ببعضها سهوا أو غفلة سيتم احتقارك وستُهراق هيبتك ووقارك مباشرة..
بعض الناس – مثلا – يعرف الفتنة التي تُسببها المرأة لأي ذكر تجري هرمونات الذكورة بدمائه.. فيجد لنفسه العُذر بل يُشفق على نفسه إشفاقا.. ولكن إذا تكلم عن المرأة أخٌ سلفي متمسك بالسنة – مثلا – وبان من كلامه ضُعف.. يُنكرون عليه ويستهزؤون منه ويُحاولون جاهدين أن يُثبتوا تلوّنه ونفاقه وادعاءه السنة، ثم يستظرفون ذلك ويتناقلونه بينهم ويفضحونه حتى يصير نكتة على كل فم.. بل قد يذهبون أبعد من ذلك فيحكمون على الملتحين والسلفيين بما فيهم هم من أمراض، حتى يُشفى غليلهم..
هذا السلفي يتمنى (امرأة) ويشتهيها.. تخيلوا ؟ يا للفضيحة.. يا للعار ؟ طيب يا أخي هل تريدها أختا سمينة أم كيف تريدها ؟ هاهاهاها..
صدقوني هناك من (المرضى) من يفعلون مثل هذا.. وإني لأتساءل كما تساءل شوقي (أحرام على بلابله الدوح حلال للطير من كل جنسِ ؟)..
أي عدل هذا ؟ هل كلف الله ناسا دون غيرهم بالالتزام وحرّم عليهم الشهوة وجعلهم معصومين، وأخرج الآخرين من هذا التكليف وأطلق لهم العنان ليتمتعوا كيف شاؤوا ؟ وإن هم أخطؤوا وتجاوزوا فلا بأس.. نحن شباب.. نحن غير معصومين، لسنا أنبياء.. الخ.
سبحان الله.. يذكرني هذا بمن لا يصلي، يمر بجانب المسجد فيحيي صاحبه الذي يزيل نعله ليلحق بالصلاة ويقول (تقبل الله) ثم يواصل طريقه مسرورا !..طيب، وماذا عنك يا وسيم ؟ هل أنت مُعفى أم ماذا ؟
حقيقة.. (من راقب الناس مات كمدا)، لكني أحبُّ (تشريح) نفسي والنفوس التي أراها أمامي لعلي أستفيد وأفيد.. ولعل الله يفتح عليّ ويرزقني علما نافعا وإخلاصا خالصا فيحصل بذلك الخير بإذنه وهو المستعان وعليه التكلان.
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى كلاما قريبا مما نحن بصدده: (وأما ما يقترحه كل أحد في نفسه مما لم يخلق فهذا لا اعتبار به، فهذا يقترحمعصوما في الأئمة، وهذا يقترح ما هو كالمعصوم، وإن لم يُسمّه معصوما؛ فيقترح فيالعالم والشيخ والأمير والملك ونحو ذلك، مع كثرة علمه ودينه ومحاسنه، وكثرة ما فعلالله على يديه من الخير؛ يقترح مع ذلك أن لا يكون قد خفي عليه شيء، ولا يخطئ فيمسألة ! وأن يخرج عن حدّ البشرية فلا يغضب ! بل كثير من هؤلاء يقترح فيهم ما لايقترح في الأنبياء، وقد أمر الله تعالى نوحا ومحمدا أن يقولا: (لا أقول لكم عنديخزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك) الأنعام 50، فيريد الجهال منالمتبوع أن يكون عالما بكل ما يُسأل عنه، قادرا على كل ما يُطلب منه، غنيا عنالحاجات البشرية كالملائكة، وهذا الاقتراح من ولاة الأمر كاقتراح الخوارج في عمومالأمة أن لا يكون لأحدهم ذنب، ومن كان له ذنب كان عندهم كافرا مُخلّدا في النار،وكل هذا باطل، خلاف ما خلقه الله، وخلاف ما شرعه الله). وذلك في منهاج السنة (3-367).
لماذا لا يعذر الناس بعضهم ويدعون لبعضهم بالهداية، ويفهموا إمكانية وقوع أي أحد في الزلل والضعف البشري ؟ فلا عاصم إلا الله.. ولم يذكر الله في كتابه ولم يرد في السنة أن الصالحين والمجتهدين وطلبة العلم بل والعلماء معصومين ويستحيل أن يُذنبوا.. بل حتى (الانسلاخ عن الحق) واردٌ في حق العالم والعياذ بالله، فمم يُعجبُ بعدها ؟.. ولماذا لا يقبل بعضنا هذه الحقيقة ؟ كل أحد خبير بضعف نفسه.. فلماذا نحاسب الذي يُحاول الالتزام بشرع الله على أساس أنه كامل ؟ اجتهد مثله وأرنا براعتك وعصمتك، أما وأنت خائر القوى، ضعيف الهمة، مغلوب على أمرك.. أو أنك قد بعت دينك وسنة نبيك بدراهم زائدة وحلقت وجهك حتى صار كوجه بنت (دلوعة) فأغلق فمك، فأنت آخر من يتكلم في هذا الموضوع !
ألا تسمع النكت التي أطلقوها على أئمة المساجد ؟ نكتُ تفهم منها الطعن في (وظيفة إمام مسجد) أصلا !.. حتى يُخيل إليك أن كل من يتقدم للصلاة بالناس منافق مخادع يأكل أموال الناس ويزني بكل امرأة يقابلها في الشارع.. وهو يقرأ القرآن ليغطي عن جرائمه؟.. أي خبث هذا وأي هجوم ساحق على المسلمين وأصحاب الهدي الظاهر ؟.. ربما لم تصل الشياطين إلى ابتكار مثل هذه الحيل والإشهارات الخبيثة المُغرضة !..
ثم انظر كيف أن الله الذي خلقنا وسوّانا يعلم ضعفنا – وهو القوي المتين – يعفو عنا ويسترنا، ونحن الضعفاء المساكين الذين يعصونه في كل لحظة بدل أن ننكس رؤوسنا ذُلا بين يديه، وخجلا مما نعلمه من أنفسنا.. نتظاهر في مجالس الناس بالرقي والنبل، وندّعي ما لا نملك، ونتشبّع بما لم نُعط، ونحقر بعض إخواننا، ونقهقه عاليا، ونطعن في نيات العلماء ونطعن – من طرف خفي أو ظاهر – في كل صاحب لحية، وكل من تلبس جلبابا.. ونحكم على الناس بالفساد ونحن أفسدهم، بل ربما من يتكلم ليس من الفاسدين فحسب، بل من المفسدين كذلك..
ولكن -صدقني – أكثر الناس لايفهمون هذا وإن كان واضحا، وقد ينهق له الحمار موافقا !.. أو هم – المرضى – لا يريدون الفهم.. أنت أيها الملتحي، يا من تغير على سنة نبيك، إذا أخطأت أو زلت قدمك – لا سمح الله – فأنت منافقٌ، ظهرت حقيقتك، ولا يحق لك الكلام في الدين مرة أخرى أبدا، قد انتهى أمرك.. أما هو الذي يأتي جرائما يصفق لها الشيطان ويستحق عليها السجن بجدارة فهو.. صادق شريف، ولا يتلاعب مثلك بالدين.. أي شيء هذا ؟
قال العلامة ربيع المدخلي حفظه الله تعالى: (من حقق اعتقاد أهل السنة وسار على منهجهم ولاء وبراء، وحصل منه قصور في الأخلاق لا يخرج عن دائرة أهل السنة إلى دائرة البدعة، وما عرفنا عن أهل السنة تبديع من يُقصّر في الأخلاق، وحتى لو وقع السنيّ في بعض المعاصي لا يخرج بذلك عن دائرة السنة).
وقد تعلم أن هذا يسهر ويعربد ويفسق ويفجر مع النساء – عياذا بالله – ثم يسخر بعدها من أخيه الملتحي إذا زلّ ونظر نظرة حرام في الشارع مثلا.. وتلك مخالفة وخطأ لا شك ولا ريب، ولكن أين وجه المقارنة بين الفعلتين ؟ وماذا يُسمى هذا إن لم يكن مرضا يجعل المسكين يحاول باستماتة أن يُثبت أنه ليس سيئا للغاية، وأن كل الناس الذين يتحدثون عن الدين وينصحونه منافقين، كذبة ليرتاح باله ويذهب للسهرة في المساء هانئا مطمئنا..
هل طُلب منا إزالة أصل الهوى في نفوسنا أم مخالفته وعدم اتباعه ؟ فالهوى موجود في كل بشري.. ولكن المطلوب هو مجاهدته والسير في هذه الطريق بصبر وعزم.. وقد أُعطيت لنا الفرصة تلو الفرصة للتوبة والتخلص من الخطأ.. فلماذا نريد أن نسلب بعضنا هذه الفرص ؟ ومن قال أن كل من يُجاهد نفسه ويخطؤ ويُذنب منافق مُدّع ؟ هل شققت على القلوب حتى تعلم تلاعبه من صدقه ؟
إن كان هذا صحيحا فكل من يشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ثم يعصي أمرا يعلمه، منافق وكاذبة شهادته؟.. فمثلا أنت تعلم أوامر النبي بإعفاء اللحية وتقصير الثوب وعدم مصافحة الأجنبية.. فلماذا لا تفعل ؟ ثم لماذا تُدافع عن نفسك وتتفلسفُ لتُخرج هذه الأوامر من دائرة الوجوب ؟.. إذا أنت مدّع في حبك للنبي أو تُعارضه- أصلا – ولا تحب ما جاء به وهذا الأخير كُفر بيّن ؟
قل له هذا، وسيقفز مُعتدلا في كرسيه ليخبرك أن (الله عليم بالقلوب) وأن قلبه أبيض كـ(فلة).. الخ، طبعا، تبريرات ومسوغات لا حصر لها، لأن المسألة تمس شخصه هذه المرة وليس شخصا آخر..
ومرة أخرى.. (أحرام على بلابله الدوح حلال للطير من كل جنسِ ؟)
ولكن هذا حال الناس.. أغلبهم مرضى جهال، ونحنُ لا ندري مدى مرض قلوبنا على الحقيقة.. الله يشفينا ويعافينا ويهدينا..
فهلاّ التفتنا لعيوبنا فحسب، وكففنا عن استغلال هفوات البعض لنثبت مدى روعتنا.. وتذكّر، إن كنتَ ترى قذاة في عين أخيك ففي عينك أنت جذع غليظٌ.. أفلا تفيق ؟



رفعت خالد
23-11-2013

ام ابـراهيم
25-11-2013, 02:05 AM
شكرا اخي الكريم على الموضوع الطيب .
كلنا نخطأ وهذا ليس بعيب , العيب أن نواصل بالخطأ .
و الله سبحانه وتعالى خلق التوبة و هو يحب التوابيين و المتطهريين .
و أي شخص إن كان سلفي و أو غير سلفي فهو معرض للفتنة .
فالسلفي هو في النهاية بشر و يخطأ و يصيب .
المشكلة تكمن في عقول الناس ,انا أرى من يتتبع عورات الناس و أخطائهم هو من باب الحسد لكي يثبت للعالم
انه على صواب و من يخالفه في رأي او في منهج حياته فهو فاسق و منافق و كل العيوب فيه .

رفعت خالد
25-11-2013, 07:56 PM
نعم أختي.. بارك الله فيك

chris
27-11-2013, 12:13 AM
اهلا اخي الفاضل رفعت خالد
وياه كم اشتقنا لمقالاتك و كلماتك الرائعة الطيبة
ولم اقرا الموضوع الا عندما اصبحت فارغاً تمام لقراءته من بابه الى محرابه لاستمتع بهذه الكلمات و افهم هذه النصيحة و احفظها
صدقت و الله يا اخي
وللعلم هذه من اساليب الشيطان حيث ان لم يقدر على شخص باغواءه و افسادهم سلط عليه شياطين الانس ليشتموه ويعيبوا عليه و لا يتركوا له زلة الا امسكوا بها ورفعوه
فهؤلاء سلاح بيد الشيطان نعوذ بالله من شرهم ومصائبهم فهم اشد من الشيطان فالسنتهم مثل حد السيف و اقلامهم مثل نار مشتعلة





سلام chris

رفعت خالد
28-11-2013, 04:45 PM
أهلا أيها الحبيب..

صدقت، لا فضّ الله فوك، هذه من أساليب الشيطان الذي يحرص دائما على ملئ قلوبنا بالحزن واليأس والخوف الهدّام حتى نترك العمل ونركن للدنيا.. ولكن.. يستمر الصراع ما شا الله له أن يستمر، والله المستعان.