المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال نزوات عابرة - رفعت خالد



رفعت خالد
28-11-2013, 05:27 PM
360517
بسم الله الرحمن الرحيم..
الحمد لله والصلاة والسلام على محمد عبد الله ورسوله.
أما بعد..

كم نزوة تعترض سبيلنا في اليوم والليلة.. إنها العشرات، بله المئات.. اشتر كذا.. افعل كذا، اسمع كذا، انظر لكذا، تخيل لو حدث كذا.. الخ. ومع كل نزوة نتوقف ونفكر فيما عُرض علينا، ونُقلبه تقليبا، وقد نُصمّم على فعل ذلك الأمر وهو خاطئ مخالف، فكيف ذلك ؟وأحيانا يكفي أن نتناسى نزوة ما لدقائق معدودة، أو ننشغل عنها قليلا فتذهب حرارتها، وكأنها لم تكن من قبل، وكأنها دُخان رفيع شطح أمام ناظريك لبرهة ثم تلاشى.. كبائع متجول عرض عليك سلعته ثم لم يجد عندك نشاطا لاقتنائها فانصرف بصمت..هنا تتجلى عظمة الصبر ونجاعته، فالحرج لا يدوم، والشدة إلى زوال.. يكفي إذا أن تصبر تلك الدقائق أو الساعات، أو أكثر من ذلك أو أقل.. لتجد نفسك على اليابسة من جديد وقد خُضت قبل قليل بحرا متلاطمة أمواجه، مزمجرة رياحه..وهنا أيضا يتجلى جزع الإنسان وضعفه وعجلته المضحكة أحيانا.. فهو يريد لو يحصل على كل شيء اليوم قبل الغد، وتأخر حصول الشيء عنده ضياع وحرمان وفقر وكارثة وسوء حظ وقنبلة دمار شامل !.. وقد أُخبرتُ العام المنصرم عن شاب انتحر بعد شجار مع أهله حول شراء حذاء رياضي !!.. فاللهم احفظ علينا عقولنا..المطلوب إذا يا نفسي ويا إخواني هو الصبر، وذكر الله كثيرا مع التعوذ به من شر أنفسنا وشر المخلوقات حولنا من الإنس والجن. أما إن نفذنا كل ما تُمليه علينا قرائحنا في تلك اللحظات الضيقة اللاهثة فلن نُحصّل في النهاية إلا ندما يُقطع نياط القلوب وحزنا يكاد يذهب بالمهج وخزيا مؤلما حارقا وفضيحة بين الناس وعارا، ثم شماتة الأعداء فينا وقد نصلى بعدها نارا.. نسأل الله الستر والعافية.فليكن هذا منا دائما على ذُكر.. ليس ما نجده من تلك الوساوس إلا نزوات عابرة، سحب صيف وتنقشع، حالات اضطراب موسمية، سموها كما يحلو لكم.. إنما ينبغي أن نترفع عنها ونصبر أنفسنا مع الحق وأهله ونتعوّد على النبل وأخلاق الرجال ذووا الشرف والشهامة، وإياكم وإياي أن نتورط مع أهل المهانة والخيانة والبذاءة والنذالة.. والله يرعانا ويعصمنا أجمعين، وآخر كلامي أن الحمد لله رب العالمين.



رفعت خالد
21-11-2013