المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : باولو كويليو



mgs5
10-03-2014, 11:43 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اود مشاركة المنتدى هذه القصة الجميلة

كان أحد كبار متصوفي الأسلام يحتضر وسوف ندعوه هنا حسن عندما سأله أحد تلاميذه من كان معلمك أيها المعلم ؟
أجاب بل قل المئات من المعلمين وان كان لي أن أسميهم جميعا فسوف يستغرق ذلك مني شهورا عدة. وربما سنوات وقد ينتهي بي الأمر الى نسيان بعضهم.

لكن ألم يكن لبعضهم تأثير عليك أكبر من تأثير الاخرين ؟
استغرق حسن في التفكير دقيقة كاملة ثم قال :
ثلاثة في الواقع تعلمت منهم أمورا على جانب كبير من الأهمية:
أولهم كان لصا فقد حدث يوما أنني تهت في الصحراء ولم أتمكن من الوصول الى البيت الا في ساعة متأخرة جدا من الليل.
وكنت قد أودعت جاري مفتاح البيت ولم أملك الشجاعة لايقاظه في تلك الساعة.
وفي النهاية صادفت رجلا وطلبت مساعدته ففتح لي الباب بلمح البصر.

أثار الأمر اعجابي الشديد ورجوته أن يعلمني كيف فعل ذلك فأخبرني بأنه يعتاش من سرقة الناس لكنني كنت شديد الامتنان له فدعوته الى البيت.
مكث عندي شهرا واحدا كان يخرج كل ليلة وهو يقول سأذهب الى العمل أما أنت فداوم على التأمل وأكثر من الصلاة .
وكنت اسأله عندما يعود عما ما اذا كان قد غنم شيئا فكان جوابه على الدوام يتخذ منحى واحدا لايتغير :
لم أوفق في اغتنام شيء هذا المساء لكنني ان شاء الله سأعاود المحاولة غدا.

كان رجلا سعيدا. لم أره يوما يستسلم لليأس جراء عودته صفر اليدين. من بعدها خلال القسم الأكبر من حياتي عندما كنت أستغرق في التأمل يوما بعد يوم من دون أن يحدث أي شيء ومن دون أن أحقق اتصالي بالله كنت أستعيد كلمات ذلك اللص : لم أوفق بشيء هذا المساء ولكنني ان شاء الله سأعاود المحاولة غدا. كان ذلك يمنحني القوة على المتابعة.

ومن كان المعلم الثاني ؟
كان كلبا. فقد حدث أن كنت متوجها الى النهر لأشرب قليلا من الماء عندما ظهر هذا الكلب
وقد كان عطشا ايضا لكنه عندما اقترب من حافة النهر شاهد كلبا اخر فيه ولم يكن هذا غير انعكاسا لصورته بالماء .
دب الفزع في الكلب فتراجع الى الوراء وأخذ ينبح بذل مافي وسعه ليبعد الكلب الاخر ولكن شيئا من هذا لم يحدث بالطبع وفي النهاية قرر الكلب وقد غلبه الظمأ أن يواجه الوضع فألقى بنفسه الى النهر وكان أن اختفت الصورة هذه المرة.

توقف حسن ثم تابع :
أخيرا كان معلمي الثالث ولدا فقد رأيته يسير في اتجاه الجامع حاملا شمعة بيده فبادرته بالسؤال فيما اذا أضاء الشمعة بنفسه ؟
فرد الصبي بالايجاب . ولما كان يقلقني أن يلعب الأولاد بالنار تابعت بالحاح :
اسمع أيها الصبي في لحظة من اللحظات كانت هذه الشمعة مطفأة أتستطيع أن تخبرني من أين جاءت النار التي كانت تشعلها ؟
فضحك الصبي وأطفأ الشمعة ثم رد يسألني :
وأنت ياسيدي أتستطيع أن تخبرني الى أين ذهبت النار التي كانت مشتعلة هنا ؟

أدركت حينها كم كنت غبيا.
من ذا الذي يشعل نار الحكمة والى أين تذهب ؟

أدركت أن الانسان على غرار تلك الشمعة يحمل في قلبه النار المقدسة للحظات معينة ولكنه لايعرف اطلاقا أين أشعلت وبدأت منذ ذلك الحين أسر بأفكاري ومشاعري لكل مايحيط بي :
للسحب والاشجار والأنهار والغابات . للرجال وللنساء . كان لي طوال حياتي الالاف من المعلمين .
وبت أثق بأن النار سوف تتوهج عندما أحتاج اليها .
كنت تلميذ الحياة ومازلت تلميذها لقد استقيت المعرفة وتعلمت من أشياء أكثر بساطة من أشياء غير متوقعة .
مثل الحكايات التي يرويها الاباء والأمهات لأولادهم .


مقدمة الكاتب البرازيلي باولو كويليو لسلسلة كتبه الصادرة باللغة العربية