المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية مقاولات تحسين الصورة !



MandN
20-02-2002, 09:25 PM
الموجة التي تنتشر الآن في أوساط بعض النخب المتغربة في بلادنا، وبعض المؤسسات القومية المنبثقة عن الجامعة العربية هي موجة "العمل على تحسين صورة الإسلام والمسلمين في الغرب"، ومحاولة الترويج لأن هذه هي المشكلة التي تواجه العرب والمسلمين في عالم اليوم، فكأنما الغرب برئ من دمائنا التي انسالت على مدى قرن ونصف القرن وما زالت تسيل بثمن بخس، بل بلا أي ثمن في أغلب الأحيان في فلسطين والشيشان وكشمير وأفغانستان والبوسنة من قبل وغيرها، وكأن المشكلة هي أمراض المسلمين والإسلام، وليست قاذورات حضارة أفرزت للبشرية أحط مراحل تاريخها للإنسان، عنصرية واستكبارا واستباحة للحياة والقيم، حتى في الحياة الغربية ذاتها، حيث أزهقت في قرن واحد أرواح بعدد من أزهقت أرواحهم ربما على مدى التاريخ كله، فتم تحويل القضية من البحث عن أسباب خوائنا وضعفنا وعجزنا عن اتخاذ المواقف التاريخية الملائمة وتحريك الهمم لموقف عربي وإسلامي موحد يحفظ للأمة حقوقها في أكثر من مكان منتهك في العالم اليوم، لعل أوضحها عجزنا في فلسطين، والذي وصل إلى حد العجز عن " فك أسر " ياسر عرفات من رام الله وإخراجه لحضور مؤتمر الدوحة، إلى حكاية " تحسين الصورة "، صورتنا نحن، إذ ما زلنا لم نقدر على مطالبة الغرب نفسه بتحسين صورته التي بدت فادحة البشاعة مؤخرا في تعاطيه مع قضايا العرب والمسلمين، وكان مدهشا أن تدخل الجامعة العربية، للمرة الأولى، بقوة في هذه " الهوجة "، ثم بدأ ظهور كتاب " مستنيرين " من اليسار واليمين، وحتى " محسوبين على التيار الإسلامي "، ممن سنوا أقلامهم وخاضوا في حكاية " تحسين الصورة "، والأمر يتحول الآن إلى " هوجة وارتزاق " من الواضح أنها مثلت عند أصحابها اكتشافا سحريا، لنفض أيديهم من المحنة الأصلية، والعجز الحقيقي على صعيد الواقع، والهرب من مواجهة الحقيقة أو بذل أي جهد حقيقي في ساحة المواجهة الحقيقية، الذي يحدث الآن في العالم لا شأن له بصورة الإسلام والمسلمين، وإنما هو استهتار بمقدرات الأمة وقدراتها، واستهانة حتى بوجودها، ولا داعي لكي نتمسح في الإسلام، ونمسح به عوراتنا، لقد هانت حياتنا عندما أهنا الأسلام في بلادنا، وانزوت عنا أبهاء القوة والحضور العالمي عندما نزعنا ثوب الإسلام عن نظمنا السياسية والاقتصادية والقيمية القضائية، لقد كان سر وجودنا وحبل حياتنا السري هو الإسلام، فلما قطعناه جريا وراء الشرق أو الغرب، انقطع ماء الحياة من خلايا أمتنا وجفت حيوية الأجيال نحو النهضة والتحدي والمغالبة الحضارية، والآن نقول أننا نريد أن نحسن صورة الإسلام في الغرب، أيها السادة حسنوا صورة الإسلام في عالم الإسلام أولا، أعيدوا للإسلام حضوره وقدسيته في حياتنا قبل أن ندعي أننا نريد تحسين صورته أمام الآخرين، إن فاقد الشيئ لا يعطيه كما قالوا قديما، وعلى جامعة الدول العربية ومؤسساتها والوزارات والهيئات التي لا تعد ولا تحصى في عواصم عربية وإسلامية أن تتوقف عن إهدار الأموال والهبات على " مقاولي تحسين الصورة " من محترفي الكتابة والخطابة والمؤتمرات "، وعليهم قبل أن يفكروا في الحوار مع الغرب والدعاية للإسلام ـ حسب زعمهم ـ هناك أن يديروا حوارا مع مجتمعاتهم وشبابها الناهض الباحث عن " الإسلام "، عليهم أن يوجدوا قنوات من التفهم والتفاهم والحنو والتواصل والتكامل مع أبناء الإسلام، بدلا من جعل " القناة الأمنية " هي وحدها قناة التعامل والتفاهم مع الإسلام وملفه في معظم أنحاء العالم الإسلامي ، أيها السادة ابتسموا في وجوهنا نحن أولا، قبل أن تنفرج أشداقكم بابتسامات عريضة مصنعة للتصدير أمام " الخواجات " لتحسين صورة الإسلام، إن أحدا في الغرب أو الشرق لن يعطف على مثل جهودكم هذه، ولن يعيرها أي انتباه جدي ولن يحترمها طالما قارن بين هذه الابتسامات التصديرية، وبين واقع إنسانية الإنسان في بلاد الإسلام، أيها السادة إن الإسلام انتشر في الغرب في الثلث الأخير من هذا القرن بما لم يحدث في التاريخ، بفضل جهود شباب وشيوخ مستقلين متطوعين صادقين عاشوا الإسلام وعايشوه فدخلوا قلوب الناس في الشرق والغرب، من غير دولارات ومؤتمرات ومن قبل أن تسمع جامعة الدول العربية أصلا عن شيئ اسمه " دعوة الغرب للإسلام "، أيها السادة، ارفعوا أيديكم عن الإسلام، ولا تتمسحوا به لمداراة عواركم وعجزكم، وابحثوا عن شيئ آخر تحسنوا به صورتكم أنتم في الغرب .

Alasr (http://152.160.23.131/alasr/content/5136BE21-E02A-43EB-B013-A0D53C98D43F.html)