Black_Horse82
21-02-2002, 05:41 AM
أمريكا تتجهه نحو صناعة عزلتها
20/2/2002
العالم ما بعد غزوة مانهاتن ( 34 /35 ):
د.عبد الله النفيسي
--------------------------------------------------------------------------------
مواطن أمريكي يرأس تحرير مجلة لها وزنها في الأوساط الفكرية الغربية وهي مجلة هاربرز، لويس لابالم له وجهة نظر في أحداث 11/9/2001 جديرة بأن يعرفها القارىء العربي. يرى لابام بأن ما حدث في نيويورك في ذلك التاريخ كان ينبغي أن يدفع الأمريكان عموما الى حوار داخلي معمق حول اسبابه وهذا ما لم يحدث وكان على الأقل ينبغي أن يدفع الرئيس بوش وحكومته الى التفكير بالاستقالة أو على الاقل عرضها على الكونغرس ليتصرف بها وهذا ما لم يحدث. الاختراق الأمني الكارثي الذي يرمز إليه الحدث كان ينبغي أن يحرك كل ذلك في الولايات المتحدة لكن هذا لم يحدث. بل بدلا عن ذلك سادت في شوارع الولايات المتحدة ما يسميه لابام "الوطنية الرخيصة" مثل الاعتداء على أي عربي يمشي في الشارع ورفع العلم الأمريكي بمناسبة ومن دون مناسبة.
لا بل يقول لابام بأنه سادت في الأوساط الاستراتيجية الأمريكية مفاهيم مضحكة وساذجة وكأن العالم وشعوب العالم لعبة بيد الولايات المتحدة مثل قول كسينجر في محاضرة عامة له بأنه يتوجب على الولايات المتحدة قلب الوضع في إيران وكأن إيران قطعة معدنية من النقد بيد الولايات المتحدة. ويؤكد لابام بأن 11/9/2001 أنهى تماما التميز الأمريكي عن العالم وأن الولايات المتحدة بعد هذا الحدث، وضع الأمريكان على الأرض وضمن الكرة الأرضية يصيبهم ما يصيب كل الشعوب التي اكتوت بسياساتهم. كما أنهى الحدث - فعليا - إدعاء الأمريكان بأحقيتهم للهيمنة على هذا العالم. ويتأسف لابام على الانحدارة التي يعاني منها الرأي العام الامريكي هكذا بكل بساطة. ويؤكد لابالم تقسيم العالم إلى أخيار و أشرار - وفق منطق بوش - و الحرب على الإرهاب لها أهدافها الإقتصادية خاصة إذا علمنا بأن الولايات المتحدة - رغم حديثها المتكرر عن السلام العالمي - هي أكبر مصدر للسلاح في العالم وأن خمسين بالمائة من تجارة السلاح في العالم هي تجارة أمريكية والحرب ظرف مثالي للتسويق و إظهار ب52 و هي تقصف القرى في أفغانستان. ويقول لابام بأن حرص الادارة الامريكية على تصوير دعائي و سنيمائي و يعيب على الاعلام الامريكي عدم اظهاره للمشاهد ما يؤدي اليه هذا القصف من قتل للمدنيين الأبرياء من أطفال ونساء تماما مثل الصورة الفاضحة - من خلال الحرب في فيتنام - لتلك الطفلة العارية التي تركض في زقاق القرية وقد أحرقتها شظية من قنبلة النابالم المحرمة دوليا والتي كانت المقاتلات الامريكية ترش بها القرى الآمنة في ريف فيتنام. بكل مرارة يؤكد لابام: لم نستفد من التجربة للأسف .
إعلان بوش في خطبة (حال الاتحاد) منذ أيام عن وجود (محور الشر ـ الذي ـ حسب زعمه ـ يدعم الارهاب العالمي والذي يتكون من ايران والعراق وكوريا الشمالية ـ حسب بوش ـ أمر بعيد تماما عن الكياسة واللياقة والرصانة والذكاء وذلك لعدة اسباب:
أولها: أن بوش بات مولعا بالمفاجآت اذ تفاجأ حتى حلفاؤه الاوروبيون وحتى بعض من حلفائه العرب من هذا الاعلان ما يؤكد ان هذا الامر لم يسبقه تشاور ولا تنسيق ولا تداول معمق. واذا كانت المفاجآت طبيعية ومتوقعة في بعض المناسبات الاجتماعية (عيد ميلاد طفل او اعلان خطوبة وما شابه) فانها غير طبيعية وفي احيان كثيرة غير مقبولة في السياسة الدولية.
ثانيها: الانتقاد للفكرة وللمفهوم (محور الشر) كان كثيفا على الصعيد الامريكي والعربي والاوروبي والاسلامي والعالمي. فعلى الصعيد الامريكي قام بتسفيه الفكرة ونقدها عدد كبير من المفكرين الاستراتيجيين الامريكان ومن أهمهم جيفري كيمب jeffrey kemp من مركز نيكسون للدراسات الاستراتيجية في واشنطن ولويس لابام رئيس تحرير مجلة هاربرز وهي من المجلات ذات الوزن في الاوساط الفكرية في الولايات المتحدة. وعلى الصعيد الاوروبي حفلت الصحافة البريطانية والالمانية والفرنسية والايطالية والهولندية وكذلك اروقة البرلمان الاوروبي في ستراسبورج بالنقد اللاذع للفكرة. اما على الصعيد العربي فأعربت الجامعة العربية عن قلقها وعدم قبولها للفكرة وحذّرت من أي عدوان مرتقب على اي قطر عربي (يقصد طبعا العراق). اما على الصعيد الاسلامي فقد أعرب عبد الواحد بلقزيز الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي عن رفض المنظمة للفكرة وما تعنيه وما تحمل من مخاطر ربما تتعرض لها دول عضوة مثل ايران والعراق.
ثالثها: من المعلوم أن الصين وروسيا هما الدولتان اللتان تزودان العراق وايران وكوريا الشمالية بالسلاح والدعم السياسي فهل يعني ذلك ان الولايات المتحدة تعتبرها ضمن (محور الشر) المزعوم؟ حتى كوريا الجنوبية الحليف الاستراتيجي الدائم للولايات المتحدة انتقدت الفكرة وحذرت من اي عدوان امريكي على كوريا الشمالية.
? يبدو ان الولايات المتحدة برغم جبروتها وبطشها بالافغان المدنيين العزل ـ تتجه نحو العزلة الدولية كما تنبأ صاموئيل هنتنجتون بوصفها (القوة الدولية التي تعاني من الوحدة the lonely superpower).
20/2/2002
العالم ما بعد غزوة مانهاتن ( 34 /35 ):
د.عبد الله النفيسي
--------------------------------------------------------------------------------
مواطن أمريكي يرأس تحرير مجلة لها وزنها في الأوساط الفكرية الغربية وهي مجلة هاربرز، لويس لابالم له وجهة نظر في أحداث 11/9/2001 جديرة بأن يعرفها القارىء العربي. يرى لابام بأن ما حدث في نيويورك في ذلك التاريخ كان ينبغي أن يدفع الأمريكان عموما الى حوار داخلي معمق حول اسبابه وهذا ما لم يحدث وكان على الأقل ينبغي أن يدفع الرئيس بوش وحكومته الى التفكير بالاستقالة أو على الاقل عرضها على الكونغرس ليتصرف بها وهذا ما لم يحدث. الاختراق الأمني الكارثي الذي يرمز إليه الحدث كان ينبغي أن يحرك كل ذلك في الولايات المتحدة لكن هذا لم يحدث. بل بدلا عن ذلك سادت في شوارع الولايات المتحدة ما يسميه لابام "الوطنية الرخيصة" مثل الاعتداء على أي عربي يمشي في الشارع ورفع العلم الأمريكي بمناسبة ومن دون مناسبة.
لا بل يقول لابام بأنه سادت في الأوساط الاستراتيجية الأمريكية مفاهيم مضحكة وساذجة وكأن العالم وشعوب العالم لعبة بيد الولايات المتحدة مثل قول كسينجر في محاضرة عامة له بأنه يتوجب على الولايات المتحدة قلب الوضع في إيران وكأن إيران قطعة معدنية من النقد بيد الولايات المتحدة. ويؤكد لابام بأن 11/9/2001 أنهى تماما التميز الأمريكي عن العالم وأن الولايات المتحدة بعد هذا الحدث، وضع الأمريكان على الأرض وضمن الكرة الأرضية يصيبهم ما يصيب كل الشعوب التي اكتوت بسياساتهم. كما أنهى الحدث - فعليا - إدعاء الأمريكان بأحقيتهم للهيمنة على هذا العالم. ويتأسف لابام على الانحدارة التي يعاني منها الرأي العام الامريكي هكذا بكل بساطة. ويؤكد لابالم تقسيم العالم إلى أخيار و أشرار - وفق منطق بوش - و الحرب على الإرهاب لها أهدافها الإقتصادية خاصة إذا علمنا بأن الولايات المتحدة - رغم حديثها المتكرر عن السلام العالمي - هي أكبر مصدر للسلاح في العالم وأن خمسين بالمائة من تجارة السلاح في العالم هي تجارة أمريكية والحرب ظرف مثالي للتسويق و إظهار ب52 و هي تقصف القرى في أفغانستان. ويقول لابام بأن حرص الادارة الامريكية على تصوير دعائي و سنيمائي و يعيب على الاعلام الامريكي عدم اظهاره للمشاهد ما يؤدي اليه هذا القصف من قتل للمدنيين الأبرياء من أطفال ونساء تماما مثل الصورة الفاضحة - من خلال الحرب في فيتنام - لتلك الطفلة العارية التي تركض في زقاق القرية وقد أحرقتها شظية من قنبلة النابالم المحرمة دوليا والتي كانت المقاتلات الامريكية ترش بها القرى الآمنة في ريف فيتنام. بكل مرارة يؤكد لابام: لم نستفد من التجربة للأسف .
إعلان بوش في خطبة (حال الاتحاد) منذ أيام عن وجود (محور الشر ـ الذي ـ حسب زعمه ـ يدعم الارهاب العالمي والذي يتكون من ايران والعراق وكوريا الشمالية ـ حسب بوش ـ أمر بعيد تماما عن الكياسة واللياقة والرصانة والذكاء وذلك لعدة اسباب:
أولها: أن بوش بات مولعا بالمفاجآت اذ تفاجأ حتى حلفاؤه الاوروبيون وحتى بعض من حلفائه العرب من هذا الاعلان ما يؤكد ان هذا الامر لم يسبقه تشاور ولا تنسيق ولا تداول معمق. واذا كانت المفاجآت طبيعية ومتوقعة في بعض المناسبات الاجتماعية (عيد ميلاد طفل او اعلان خطوبة وما شابه) فانها غير طبيعية وفي احيان كثيرة غير مقبولة في السياسة الدولية.
ثانيها: الانتقاد للفكرة وللمفهوم (محور الشر) كان كثيفا على الصعيد الامريكي والعربي والاوروبي والاسلامي والعالمي. فعلى الصعيد الامريكي قام بتسفيه الفكرة ونقدها عدد كبير من المفكرين الاستراتيجيين الامريكان ومن أهمهم جيفري كيمب jeffrey kemp من مركز نيكسون للدراسات الاستراتيجية في واشنطن ولويس لابام رئيس تحرير مجلة هاربرز وهي من المجلات ذات الوزن في الاوساط الفكرية في الولايات المتحدة. وعلى الصعيد الاوروبي حفلت الصحافة البريطانية والالمانية والفرنسية والايطالية والهولندية وكذلك اروقة البرلمان الاوروبي في ستراسبورج بالنقد اللاذع للفكرة. اما على الصعيد العربي فأعربت الجامعة العربية عن قلقها وعدم قبولها للفكرة وحذّرت من أي عدوان مرتقب على اي قطر عربي (يقصد طبعا العراق). اما على الصعيد الاسلامي فقد أعرب عبد الواحد بلقزيز الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي عن رفض المنظمة للفكرة وما تعنيه وما تحمل من مخاطر ربما تتعرض لها دول عضوة مثل ايران والعراق.
ثالثها: من المعلوم أن الصين وروسيا هما الدولتان اللتان تزودان العراق وايران وكوريا الشمالية بالسلاح والدعم السياسي فهل يعني ذلك ان الولايات المتحدة تعتبرها ضمن (محور الشر) المزعوم؟ حتى كوريا الجنوبية الحليف الاستراتيجي الدائم للولايات المتحدة انتقدت الفكرة وحذرت من اي عدوان امريكي على كوريا الشمالية.
? يبدو ان الولايات المتحدة برغم جبروتها وبطشها بالافغان المدنيين العزل ـ تتجه نحو العزلة الدولية كما تنبأ صاموئيل هنتنجتون بوصفها (القوة الدولية التي تعاني من الوحدة the lonely superpower).