المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية بوش في معاندة الله / منقول



Cougar
21-02-2002, 06:02 AM
بوش في معاندة الله







بقلم : الدكتور إبراهيم المقادمة



هل يكون بوش أول طاغية في التاريخ يستعمل البطش بغير حساب وينصب من نفسه وصيا على الإنسانية بأكملها يرضى عمن يشاء ويغضب على من يشاء فيصب معوناته الاقتصادية على عملائه من قادة العالم الإسلامي ويصب قذائفه وصواريخه على من يتمردون على إرادته ويخرجون من دائرته السوداء.



هل يكون بوش إلا فرعونا جديدا يدعي لنفسه الصواب ويوزعه على الناس ليتبعوه ولا يسمح لهم بغير الاتباع فيعيد قول فرعون الأول "ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد".



وهل يكون بوش آخر طاغية يظن بكل حماقة أنه يستطيع أن يطفئ نور الله بنفخة من فمه.



اختلاف بوش عن سابقيه من الطغاة والفراعنة هو هذه القوة الهائلة التي يمتلكها والتي تجعله يظن نفسه إلها من دون الله، وكثيرا ما كانت القوة توحي لصاحبها بالغرور والتسلط حين يفتقد صاحب القوة أي معايير للأخلاق.



إن مشكلة بوش وكل الطغاة من أمثاله عبر التاريخ أن قوتهم تعميهم عن إدراك أكثر حقائق الحياة بداهة فيظنون أن الناس عبيد لهم يفعلون بهم ما يشاءون وينسون ما هو أخطر من ذلك أن الله لهم بالمرصاد. يعمي هؤلاء عن البعد الإنساني للإنسان الذي لا يخضع لمعادلاتهم المادية، ويعتقد هؤلاء أن تخويف الرافضين لهم وإعطاء فضلات مخازنهم للمستضعفين تضمن لهم النجاح، ولكن النتيجة أن الرافضين لا يخافون بطش أمريكا والمستضعفين لا تغنيهم هذه الفضلات عن حريتهم واستقلالهم.



بوش يدفع كل الطغاة الصغار في العالم الإسلامي إلى أن يقوموا مكانه بضرب الحركة الإسلامية لأنه لا يريد أن يدخل بجنوده إلى ساحة القتال مع أبناء الإسلام فيظن أنه بذلك يحقق هدفين:



أولهما: أن يوفر جنوده فلا يدخلهم إلى ساحة الخطر، الأمر الذي يفتح عليهم بالتالي الانتقادات في الشارع الأمريكي مما قد يعطل برنامجه.



وثانيهما: أن السخط من قمع الطغاة الصغار يتوجه إلى هؤلاء الطغاة وليس إلى أمريكا وهكذا تظل أمريكا راعية للديمقراطية ولحقوق الإنسان ولا مانع عندها من انتقاد عملائها على قسوتم وانتهاكهم لحقوق الإنسان.



ينسى بوش في غمرة غروره أن مهمة محاربة الإسلام الملقاة على عاتق الطغاة الصغار تجردهم من أي شرعية بين شعوبهم حتى ولو قام علماء السلاطين بكل أنواع الطبل والزمر فإنهم لا يزيدون هؤلاء الطغاة إلا عزلة.



وإذا استمرت سيطرة هؤلاء الطغاة بالحديد والنار فإن الحديد والنار لن يدوم طويلا في أيدي الطغاة بل سينتقل حتما إلى أيدي الجماهير، ونماذج التاريخ مليئة بمثل هذا الحدث. وينسى بوش كذلك أن الشعوب تختزن في داخلها الحقد على أمريكا وتعتبر أن هؤلاء الطغاة الصغار هم سيئة من سيئات أمريكا وأن هذا المخزون من الكراهية يزداد يوما بعد يوم ويدفع الناس إلى الصف المضاد لأمريكا. ومن فضل الله على الحركة الإسلامية أن الصف المضاد لأمريكا ليس فيه غيرها، وهكذا فإن كل كاره لطغيان وظلم أمريكا سيصطف أخيرا في تيار الحركة الإسلامية وهكذا تكسب الحركة الإسلامية زخما جديدا من هذه الجماهير الغاضبة من ظلم أمريكا ومن خنوع حكامها لها.



إن الغالبية الساحقة من ملايين المسلمين الذين زاد عددهم على الألف مليون يكرهون أمريكا كراهية لا حدود لها ويبدو أن بوش وزبانيته لا يرون ذلك بل تغرهم الابتسامات الباهتة الصفراء التي يستقبلهم بها الرسميون في العالم الإسلامي فيظنون أو يحاولون أن يقنعوا أنفسهم أنها تمثل حقيقة شعور المسلمين.



إن هذه المهانة التي يستشعرها الإنسان المسلم حين يرى الساسة الأمريكيين يصولون ويجولون في عواصم العالم الإسلامي يوزعون المهام على الرسميين في هذه البلاد، لا يمكن إلا أن تؤدي إلى انفجار لا يتوقعه بوش ولا زبانيته ولا كل مراكز أبحاثه.



إن الحملة الصليبية الأولى قد استفزت مشاعر المسلمين وحركتهم من سبات عميق كانوا فيه أشبه ما يكون بهذا السبات الذي تعيش فيه. لقد كان لهذه الحملة الصليبية أثر عميق في الصحوة الإسلامية وفي ظهور صلاح الدين، وفي حملة بوش الصليبية الجديدة نفس عوامل الشبه ولذلك يحاول بوش لحس ما قاله بلسانه عن الحملة الصليبية الجديدة ويحاول أذنابه الصغار تبرير هذه الكلمة على أنها زلة لسان وأنّى لهم ذلك "ولتعرفنهم في لحن القول".



إن هذه الهجمة الصليبية الجدية تحمل تهافت منطقها في ذاتها فهي غير مقنعة لأي مسلم بأنها ليست ضد الإسلام وهي غير مقنعة لأي عاقل إنها من أجل حرية الشعوب وتخليصها من الإرهابيين في الوقت الذي تدعم فيه أمريكا كل الحكام الإرهابيين المتسلطين على شعوبهم وفي الوقت نفسه الذي تمارس فيه أمريكا بنفسها أبشع صور الإرهاب في التاريخ.



إن دماء الشهداء من أبناء الشعب الأفغاني والمسلمين الأفغان ستظل تلعن كل الحكومات العميلة التي ستنصبها أمريكا في أفغانستان وستظل تلعن كل من تواطأ مع أمريكا وتحالف معها ضد دماء المجاهدين في أفغانستان.



إن اللصوص وقطاع الطرق والعملاء المفسدين لن يزيدوا الشعوب الإسلامية إلا بؤسا لأنهم يحملون ذلك في ذواتهم "إن الله لا يصلح عمل المفسدين"، ولن تتمكن أي حكومة عميلة من السيطرة على الشعب الأفغاني، وسيبدأ فشل الحملة الصليبية الجديدة من أفغانستان وسيكتمل هذا الفشل في فلسطين حين تسقط كل الرهانات على إذابة قضية فلسطين، القضية الأولى للعرب والمسلمين، وستظل قضية فلسطين هي معيار النجاح بالنسبة لكل عمل إسلامي ولن تزيد ممارسات "إسرائيل" الهمجية ولا التأييد الأمريكي له الشعب الفلسطيني إلا إصرارا على التحدي والمقاومة حتى تنتشر شرارة المد الإسلامي في العالم الإسلامي كله بإذن الله ليطرد أمريكا ونفوذها من الأرض الإسلامية وستفشل الحملة الصليبية الجديدة كما فشلت الحملات السابقة "يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون".