المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية جيش الصليب يهدم البيوت وشركاته تبني



الملا عمر مجاهد
21-02-2002, 08:24 PM
الخبير السياسي النفيسي لقناة الجزيرة
سياسة 'عصابة البنتاغون': جيش أمريكا يهدم أفغانستان، وشركاتها تبني!! Yyy

العصر: في حوار أجرته قناة الجزيرة القطرية مع الخبير السياسي الشهير الدكتور عبد الله فهد النفيسي حول سياست الولايات المتحدة للهيمنة الأمريكية على مناطق النفوذ في العالم بعد أحداث 11 سبتمير المنصرم.
في البداية ناقش النفيسي الأبعاد الشخصية، المحلية والخارجية لخطاب الرئيس بوش عن حال الاتحاد، ففي المحور الشخصي ذكر أن الخطاب الأخير يعكس مخاوف بوش وقلقه إزاء تحدي تجاوز عقدة الشرعية الشعبية، إذ لم يفز في الانتخابات الرئاسية الأخيرة بعد قرار قضائي وليس من خلال الاختيار الشعبي، وأضاف بأن الرئيس بوش يحسعى جاهدا تجنب المساءلة الداخلية غداة 11 سبتمبر من الكونغرس ومجلس الشيوخ، كما حدث لنيكسون في فضيحة "واتر جيت" وكلينتون في فضيحة "لوينسكي"، وذلك بإشغال الرأي العام المحلي الأمريكي بالخطر الخارجي "الإرهاب الذي يتخطفهم"، عكس تأثيرعلاقات عائلة بوش برموز الأصولية المسيحية المتشددة من خلال انتقائه لألفاظ ذات دلالة دينية "محور الشر"، ونفوذها في دوائر صنع القرار. وفي المحور المحلي ويرتبط بأهم المجريات داخل الولايات المتحدة وتأثير فئات الضغط، ذكر النفيسي أن أمريكا عبارة عن فسيفساء وخليط من الثقافات واللغات والأجناس، وتوحدهم المصالح اليومية، وهذه الشرائح تحن أحيانا إلى البلد الأم والثقافة الأم، والأسلوب الفعال للحفاظ على التماسك الداخلي هو إشغال المجتمع الهجين بفكرة خطر العدو الخارجي (وقد اعتمد هذا الأسلوب من 1950)، وكان لكل رئيس عدوه الخارجي وحربه خارج حدوده، وتطرق إلى جانب آخر في المحور المحلي، وهم فئة العسكر (البنتاغون) وسماهم بـ" الحرابيين"، إذ أن 30 شخصية عسكرية تشكل الإدارة الأمريكية الحالية، تجمعها عقيدة عسكرية، وظيفتها تغذية النزاعات الخفيفة المحدودة والمحكومة استراتيجيا، بغية الحفاظ على مصالحهم ومواقعهم في النظام، ومن ثم الحصول على ميزانية الدفاع التي يريدونها، فمثلا وزير الدفاع "رامسيفيلد" سعى لزيادة الميزانية بـ 20 بليون دولار، وبعد الأحداث رفعها إلى 47 بليون دولار.
والجانب الثالث في المحور المحلي، هو أن المشروع الرأسمالي الأمريكي لا يمكنه أن ينجح إلا من خلال توحيد السوق العالمية، وتسخير مقدراتها لصالح الإقتصاد الأمريكي، فاقتصاد الولايات المتحدة لم يكن أبدا إقتصاد تنمية، وإنما اقتصاد حرب كما نعيشه الآن، فكم من مرة شنت حروبا لحل مشكلاتها الإقتصادية. فهناك ارتباط بين الجانب الإقتصادي وإعلان الحرب.
والجانب الرابع في المحور نفسه، يتمثل في الشركات العملاقة المحلية التي تنتج الأسلحة وتبيعها للدولة، وجود شبكة من المصالح الطبقية والعائلية والعشائرية، تنتفع من تغذية النزاعات الخفيفة المذكرة آنفا، ومثال ذلك حرب الفياتنام التي دامت 25 سنة (من 1950 إلى 1975) وطالت هذه المدة بسبب هذه الشركات التي ما فتئت تضغط على الدولة لاستمرار هذه الحرب قصد صرف أسلحتها، ومثال آخر على ذلك، حرب أفغانستان الأخيرة، فقد استعملت أمريكا كل الذخائر والقنابل والصواريخ بدعوى محاربة قيادات طالبان والقاعدة، وقذف قنابل مكثفة في مساحة ضيقة، حتى أن خزانات الأسلحت قد كنست في الولايات المتحدة، وذلك لتسويق الأسلحة الجديدة التي صنعنها هذه الشركات. لكن من يدفع يا ترى فاتورة هذه الحروب؟ أجاب الخبير النفيسي، بأن الأمم المغلوبة والخاشعة للنفوذ الأمريكي هي التي تدفع هذه الفاتورة وذلك عبر فرض صفقات أسلحة، أو مشروعات إعمار، فالجيش الأمريكي يهدم أفغانستان، والشركات الأمريكية تبني، وهكذا تظل دورة المال تخدم الإقتصاد الأمريكي. وانتقل بعدها إلى المحور الخارجي، وتعرض لأسباب شن أمريكا الحرب تحديدا على أفغانستان، وقال أن هدف الحرب مركب، وذكر منها:
أولا: الثروة النفطية في بحر قزوين، آسيا الوسطى وأفغانستان في حد ذاتها. ففي الفترة التي قيل فيها أن العلاقة بدأت تترتب بين أمريكا وأفغانستان، استقبل الوفد الأفغاني يتقدمه وزير الطاقة في حكومة طالبان أحمد جان وسلط عليه الضوء بشكل كبير وهم يتجولون في ولاية تكساس، والدعوة كانت مقدمة من إحدى الشركات الأمريكية الاستثمارية "يونو كال"، وحاولت إقناعه بحق بناء خطوط أنابيب عبر أفغانستان، وعندما عاد الوفد واتقى مع قيادة حركة طالبان المعروفين بمناهضتهم لأمريكا، رفضوا حق التنقيب أو بناء خطوط أنابيب.
وتعرض بالتفصيل لخيارات أمريكا الثلاث في مد الأنابيب من بحر القزوين إلى مياه الخليج، الخط الأول: عن طريق روسيا وتركيا، ولكن لم ترض أمريكا عن هذا الخط، لأنه يعطي الحق لروسيا للتدخل في هذا المشروع.
الخط الثاني، يوصل نفط القزوين والعراق إلى مياه الخليج، ويقتضي التفاهم مع إيران، وهذا أمر غير محقق باعتبار االتوتر القائم بين أمريكا وإيران.
الخط الثالث، يمر آسيا الوسطى وعبر أفغانستان، وهو أكثر أمنا وأقلها مسافة، ويقتضي السيطرة على أفغانستان، ويؤخذ هذا الحق غصبا على حركة طالبان.
ثانيا: إلغاء مخطط أو مثلث بريماكوف (وزير خارجية روسيا السابق) القاضي بعقد تحالف بين روسيا والهند والصين، للقضاء على استفراد الولايات المتحدة بالنظام الدولي الجديد، فشن الحرب على أفغانستان كان مخططا له منذ 1993، عندما طرح مخطط بريماكوف، إذ لا يمكن –حسب أمريكا- القضاء على هذا التحالف إلا بالسيطرة على قلب المثلث وهو أفغانستان، وما كانت أحداث 11 سبتمبر إلا حجة وتغطية.
إلا أن أمريكا – حسب الدكتور النفيسي- لن تنجح، لأنها وإن لم تغرق في الحرب الأفغانية، إلا أنها ستغرق في السلام الأفغاني، فالبعد القبلي في أفغانستان حاضر بقوة ومنذ أمد في تركيبة البلد، وأمريكا تتحدث عن بناء دولة حديثة بعيدا عن واقع النسيج الاجتماعي، وكأنه لا توجد عشائر وقبائل وأسلحة منتشرة وقوميات ولهجات مختلفة، ودور الدين القوي، وشرطة أجنبية متعددة الجنسيات.
ثالثا: إيجاد بديل عن نفط الخليج، متمثل في نفط بحر القزوين، فقد استحوذت على نفط الخليج وطوقته، وتسعى للاستحواذ أيضا على نفط آسيا الوسطى وتطويقه.
رابعا: تطويق الصين، باعتبارها تزخر بقابليات هائلة، تهدد نفوذ أمريكا في آسيا، وما تحالف أمريكا مع الهند إلا دليل على خطة التطويق هذه.
خامسا: تأكيد زعامة الولايات المتحدة على الأطلسي، قفبل 11 سبتمبر كان تذمر الأوروبيين واضحا وسخطهم متزايدا تجاه سيطرة الأمريكان، وبعد الأحداث، تراجع هذا السخط لحساب الدخول في تحالف دولي مع أمريكا.
سادسا: القضاء على تنظيم القاعدة، وهذا الأخير – حسب الدكتور النفيسي- يشكل خطرا كبيرا على المصالح العليا لأمريكا في الجزير العربية خاصة، ومن خلا تتبع المنهاج الثقافي وأدبيات القاعدة، نلحظ أنهم يعتمدون على استراتيجية واضحة، بسيطة ومفهومة، تتمحور حول حديث صحيح، يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم:" أخرجوا المشركين من جزيرة العرب"، وفي رواية :" لا يجتمع دينان في جزيرة العرب"، فإدا خرج الأمريكان وفق هذا التكييف الشرعي، فقد فقدوا الهيمنة على أحد مصادر الطاقة في العالم.
ثم انتقل النفيسي إلى ما أسماه الرئيس يوش بـ "محور الشر"، فقال إن محور الشر الحقيقي، هو أمريكا، الهند وإسرائيل، فهذه الدول يحكمها متطرفون، فأمريكا يحكمها مسيحي متطرف، ينتمي إلى اليمين المتطرف الأنجلوساكسوني، وعائلة بوش لصيقة برموز الأصو لية المسيحية، والهند يحكمها هندوسي متطرف قومي وعنصري، والكيان الصهيوني يحكمه ليكودي يميني وأصولي متشدد. لذا، فثمة تقارب بين الهند وإسرائيل وأمريكا، ويشكلون محوارا خطيرا.
وفيما يتعلق بالسيناريوهات والخيارات المستقبلية، فحصرها في ثلاث احتمالات:
1- أن تمضي أمريكا على هذا النهج وقوامه: المواجهة كسياسة، العسكرة كنسق والتفرد بالقرار، ولم يتمخض من هذا الخيار إلا مزيد من الإضطرابات في كل مكان حتى في أمريكا.
2- سوف يتصاعد الصراع في العالم الثالث بين ما يسمى بقوقو التحديث والقوى التقليدية وبدأت إرهاصات ذلك تطفو على السطح .
3- هناك في العالم الثالث ثلاث أنواع من الصراعات، صراع مرتفع الحدة، صراع متوسط الحدة وصراع منخفض الحدة (بين جماعات ثورية ودول رسمية)، وتاريخيا، فإن أمريكا تنجح في الصراع مرتفع الحدة (الحرب العالمية الثانية)، والصراع متوسط الحدة (حرب الخليج الثانية)، ولم تنجح أبدا في الصراع منخفض الحدة، ومثال ذلك كوبا.