Black_Horse82
25-02-2002, 04:49 AM
(الشبكة الإسلامية)
مراسل القاهرة
= أفغانستان لعبة استنزفت الدماء والاموال العربية فيها لمصلحة أمريكا 0
= الامريكان سمحوا للروس باحتلال أفغانستان لاسقاطهم في مستنقعها 0
= أمريكا منعت نجاح تجربة المجاهدين في افغانستان عبر الانشقاقات 0
________________________________
المهندس سيد محمد محمد حسن ضابط سابق في القوات المسلحة المصرية في الفترة من 1967 – 1982م .. وهو الآن يعمل مهندساً استشارياً ، وعضواً بمجلس النقابة العامة للمهندسين منذ عام 1985م وحتي اليوم ( المجلس الحالي يواجه التجميد وفرض الحراسة عليه ) .
وينتمي المهندس سيد حسن إلي جيل الصحوة الإسلامية الوسيط وهو يتسم بحساسية ووعي نادر .. كما لا يزال محتفظاً بتوتره الفكري والإنساني الذي يجعله يبدو شعلة من التوقد الذهني الواعي - كما نحسبه .
التقته الشبكة لمعرفة ما في جعبته من أسرار فهو من الجيل الأول الذي سافر الي أفغانستان ، ويعرف الكثير عن الفترة الاولي من الجهاد الأفغاني ..
= ما هي قصة صلتكم بالشأن الأفغاني ؟
سافرت إلي باكستان للمشاركة في جهود الاغاثة عام 1989م ، وظللت هناك مدة عام ونصف ، وكانت تجرية ثرية رغم ما رأيت فيها من مرارة ؛ سواء علي الجانب الأفغاني ، أو الجانب العربي والإسلامي الداعم للجهاد ، تلك كانت بداية اتصالي بالمسألة الأفغانية .
= ولكن كيف اتخذتم قرار السفر إلي باكستان ؟
قرار السفر كان قراراً شخصياً ، اتخذته تحت وطأة الحملة الإعلامية الرهيبة التي جري فيها استخدام الإسلام لحض الأمة الإسلامية للتضحية بأموالها لتدمير روسيا في أفغانستان ؛ لحساب أمريكا دون أن نكون نحن الذين سافرنا علي علم بذلك.
= ما هي التبعات التي تكلفتوها نتيجة لهذا القرار الخطير ؟
أخرجت اولادي من المدارس هنا في مصر واصطحبتهم معي أنا وزوجتي وقمت ببيع كل ما أملك في مصر أيضاً .. لقد كان لدي ولدي الذين سافروا اعتقاد أن الخلافة ستأتي من أفغانستان ولكن الوقائع كانت بعيداً عن هذه الزفة الإعلامية .
= وماذا بعد وصولكم إلي باكستان ؟
ذهبنا إلى باكستان من القاهرة مباشرة بعد الحصول علي تأشيرة من السفارة الباكستانية - بدون أدني قيد- ووصلنا إلي يشاور ، وبدأنا رحلة الاستكشاف ، ومن الوهلة الأولي لم اقتنع بالكيانات العربية والإسلامية الموجودة في الساحة الأفغانية ، ففتحت مكتباً خاصاً أعمل من خلاله في الأنشطة الإنمائية والاعمار ، وسجلت المكتب لدي الحكومة الباكستانية ، تم ذلك بالتنسيق مع الحكومة الأفغانية المؤقتة برئاسة " سياف " في هذا الوقت . وبدأ المكتب الخاص القيام ببعض أعمال الإغاثة داخل المخيمات ، مثل حفر الآبار ، وعمل الإنشاءات الخفيفة لإيواء المهاجرين الأفغان ،
وعلي التوازي مع العمل الإغاثي ، ونظرا لاجادتي اللغة الإنجليزية فقد شاركت في كل المؤتمرات التي كانت تعقد حول القضية الأفغانية طوال فترة وجودي هناك ، كما تعاونت مع معهد الدراسات الإستراتيجية ( القسم العربي ) التابع للجماعة الإسلامية الباكستانية والذي كان يرأسه د. خورشيد أحمد ، حيث كان اهتمام القسم العربي يتمثل في التحليل السياسي وعمل الدراسات عما يدور علي الساحة الأفغانية . وقد مكنني هذا من الاطلاع علي كثير من التفاصيل حول القضية ( الأفغانية ) كما ساعدني ذلك أيضاً علي الالتقاء بكل المجاهدين الأفغان تقريباً في مكاتبهم التي كان مقرها في باكستان . وأتيح لي الاتصال بمكاتب الأمم المتحدة العاملة في الساحة الأفغانية بحيث كان لدي صورة بانورامية عما يحدث . وهذا يختلف عن الكثيرين الذين كان ينظر كل منهم إلي القضية الأفغانية من تحت مواقع أقدامه، فالشباب المجاهد الذي ذهب الي أفغانستان لم تكن لديه الرؤية الكلية الشاملة 0
= كيف حدث ذلك ؟ نرجو توضيح الكيفية التي تعاملت بها الأمة العربية والإسلامية مع الحالة الأفغانية ؟
إسلامياً وجدت الأمة الإسلامية هناك في أفغانستان بكل فصائلها 00 التشرذم الفكري والتعصب للتنظيمات . وكان من المفروض أن تذيب ساحة جهادية مثل أفغانستان كل هذه المشاكل والخلافات ، ولكنها كانت موجودة في أسواً صورها، فكل تنظيم كان يعتبر الولاء للتنظيم أهم من الولاء لله سبحانه وتعالي أو الولاء للقضية التي جاء من أجلها، وهذا مثل صدمة عنيفة لي .
وكذلك كان هناك غفلة من المشاركين في العمل الإغاثي والجهادى معاً ، فالجميع ظن أنه في ساحة جهاد حقيقية ، وأن هذا العمل موجه لله عز وجل ..
ونحن لا نشك في نوايا الذين ذهبوا إلي أفغانستان للمشاركة في العمل الإغاثي والجهادى ، لكننا نشك في قدرتهم علي التعمق واختراق ما وراء الأمور الظاهرة ،
وأنا - منذ البداية - شعرت أن مسألة أفغانستان هي لعبة أميركية ، وأن المسلمين يستدرجون فيها لدفع أموالهم وبذل دمائهم لقضية هي أمريكية بنسبة مئة في المئة .
= نرجو توضيح الدور الأمريكي في صناعة المسألة الأفغانية ؟
عرفت أن الروس أنفسهم جري استدراجهم للدخول في افغانستان لدرجة أنه وقع تحت يدي ما يثبت أن الروس أستأذنوا الأميركان قبل دخول أفغانستان ، فتركوهم يدخلوا ؛ ليكون المستنقع الأفغاني هو نهاية الأمبراطورية الروسية .. والامريكان - علي طريقهم وانتهازيتهم - أرادوا إنجاز هذا العمل الكبير بدون بذل دماء أو أموال أمريكية .. لذلك فتحت المنابر ، وحشدت الجيوش في كل أنحاء العالم الإسلامي لأستخدام الإسلام والمشاعر الإسلامية الراقية الكامنة في نفوس الأمة من حب للجهاد وإنقاذ الأمة ، وكل الذين سافروا لم يذهبوا بليل أو عبر أسلاك شائكة ، أنا شخصياً رحت وجئت إلي مصر مرتين أثناء فترة وجودي ، ولم يسالني أحد : أين كنت ولماذا ذهبت ؟
في هذه الفترة كان السيناريو الأمريكي هو فتح الأبواب لإنجاز المهمة باموال ودماء إسلامية .. وكان المفروض أن تكون الحكومات أوعي ؛ لتنبه شعوبها .. لو فعلت الحكومات هذا في التوقيت المناسب لما حدث هذا .
= مسألة الأفغان العرب هل تعتقدون أنها تكونت في ظل هذه الظروف ؟
أولاً أنا لا أزال أعترض علي التعبير .. فلا يوجد مصطلح اسمه " الأفغان العرب " هذه كلمة أمريكية ، يرددها ذيول الأمريكان في المنطقة ؛ فلا احد يستطيع أن يقول الألمان الفرنسيين ولا الإيطاليين الكنديين ، فالعرب قومية والافغان قومية ؛ لكنهم أرادوا أن يجردوا الفعل الجهادي من مشروعيته ، فهم في البداية كان اسمهم المجاهدين العرب حينما كانوا يعملون لخدمة المخطط الأمريكي - بدون علمهم طبعاً - لكنهم حين أدوا المهمة ، سموا أولاً : الأفغان العرب ثم الإرهابيين العرب ، فهي تسمية أمريكية ..
وبمنطق براجماتي أمريكي تم التعامل مع المجاهدين بنفس الطريقة ؛ فهم جاؤوا وأدوا المهمة التي استدرجوا من أجل القيام بها ، وبدلا من أن يشكروا أو يكافئوا تم صك المسميات الأمريكية لتلويثهم ، والتخلص منهم ، ثم تلفيق قضايا لقتلهم لدرجة أن تحبك القضايا باسم " العائدون من أفغانستان" وكأنه قادم من المريخ ؛ رغم أن هؤلاء الشباب خرجوا من المطارات العربية بشكل علني ، صحيح ان التركيز تم علي العناصر التي شاركت في القتال ، لكن المقاتلين من العرب لم يذهبوا بليل وإنما خرجوا من المطارات وبتأشيرات رسمية 0
= ولكن ما هو الدور الأمريكي في تصفية المجاهدين العرب ؟
أنا أعلم أن التعامل مع المجاهدين العرب تم بوصفة أمريكية .. وهذه تمت عبر أجهزة استخبارات سهلت انتقال المجاهدين العرب إلي ساحات اخري مثل كشمير والبلقان للتخلص منهم بدون مشاكل ، وأنا شاهدت في هذه الفترة الوضع في كشمير ، لم يكن هناك أي شيء ، ولكن عناصر مخابرات كانت تأتي لتستطلع الوضع الميداني في كشمير لتنقل المجاهدين إلي هناك للتخلص منهم 0
= ولكن لماذا لم تشارك في القتال بصفتكم ضابطاً في القوات المسلحة ؟
الموانع عندي كانت واضحة ومحددة منذ اللحظة الأولي فقد قابلت قادة المجاهدين من سياف " وحكمتيار وآخرين وتناقشت معهم في الدعم الذي يريدونه فجميعهم أجمعوا علي أنهم لا يريدون أفراداً ولكنهم يريدون أسلحة وأموال لأن طبيعة الأرض الأفغانية لا يستطيع أن يحارب فيها إلا أبنائها وطبيعة حرب العصابات لا يحسبنها إلا من عاش في هذه الأجواء ويجيداللغة ..
السبب الثاني : كضابط بالمعاش يمنعني القانون المصري من الاشتراك في القتال خارج الحدود إلا بإذن من السلطات المصرية .. وهذا لم يتم .
السبب الثالث : أنني كضابط سابق في سلاح الصواريخ المصري لا يستهويني أن أمسك كلاشينكوف وأضرب طلقتين علي خلاف الرجل المدني الذي لو مسك مسدس فأنه يشعر بالعز والعظمة ..
عدم مشاركتي في القتال لم يكن لأسباب فكرية ؛ إنما لأسباب موضوعية .. فالقتال في هذه الساحة بالذات شرف .. الساحة كانت نظيفة : الكفر فيها واضح ، والإيمان واضح .
= نرجو أن تحدثنا عن أوضاع المجاهدين في هذه الفترة ؟
الجهاد بدأ في أفغانستان بفصيل واحد هو الجمعية الإسلامية التي أنشأها الشهيد المرحوم" غلام نيازي " الذي قتله العلمانيون في كابول ، في نفس توقيت استشهاد الأستاذ سيد قطب .. وكان استاذاً في الشريعة ، ثم تولي بعده "رباني" وبدأ الجهاد بهذه الجمعية في جامعة كابول حيث بدأ الشباب المسلم ينقض ليلاً علي الشباب الشيوعي الذي يمزق المصاحف نهاراً ويدوسها بالأقدام ، ثم كانت الهجرة الأولي إلي باكستان برئاسة برهان الدين رياني وحكمتيار والذين جاؤوا معهم ليجاهدوا في وقت حكم علي بوتو الذي ساعدهم - لخلاف سياسي مع الحكومات الأفغانية في هذا الوقت والتي كانت تطالب بإقليم علي الحدود استقطع من أفغانستان - ولكن " علي بوتو " لم تكن له علاقة بالإسلام .
وهذا الخلاف السياسي استفاد منه المجاهدون حيث حصلوا علي دعم من باكستان ، وكان دعماً بسيطاً للغاية ، فقد سمح لهم بالتدريب في المعسكرات الباكستانية ، وبدأ الجهاد كرا وفرا ضد الحكومات الشيوعية قبل مجيء الروس .. حتي كادت الحكومة الشيوعية تسقط ، فتدخل الروس لإنقاذ الحكومة العميلة وكانت الكارثة ..
= وكيف تطورت أحوال المجاهدين الأفغان بعد ذلك ؟
بعد دخول الروس افغانستان جاء لحكم إسلام اباد ضياء الحق وذلك لقتل "علي بوتو" والتخلص منه ؛ عقاباً له علي الإصرار في الاستمرار بالبرنامج النووي الباكستاني بعد هزيمته في بنجلاديش ، واستقطاعها من باكستان .
جاءه كيسنجر في هذا الوقت لوقف البرنامج النووي الباكستاني ، لكنه أصر علي الاستمرار فيه ، فأخبره كيسنجر أنه قد حكم عليه بالاعدام .. ولذا جيء بضياء الحق وكان أول عمل له هو قتل "علي بوتو" ثم ليشرف علي الإعداد لعملية القضاء علي الروس في أفغانستان وحشد الجهد العربي والإسلامي من وراء هذا المخطط الأمريكي ..
عقد في هذا الوقت بإسلام أباد مؤتمر برئاسة ضياءالحق حضره رئيس الـ C.I.A في هذا الوقت ، ومدير فرع آسيا في الـ C.I.A في هذا الوقت ، والسفير الأمريكي في باكستان ومندوبون عن المجاهدين .
ووضع في هذا الاجتماع خطة الحرب الأفغانية ، وظاهرها دعم الجهاد الأفغاني في مواجهة الروس .. ولكنه في الحقيقة تحقيق الهدف الأمريكي في أفغانستان ، وهو شيئان علي نفس المستوي من الأهمية :
أما الأول فهو حرب الروس وهزيمتهم .
والثاني منع افغانستان من أن تكون إسلامية ، بعد انتهاء حرب الروس . وكل دولار دفع كان يصب في هذين القناتين ، ومن هنا بدأت الانشقاقات داخل المجاهدين .
= ولكن كيف حدثت هذه الانشقاقات ؟
الحزب الوحيد الذي كان يجاهد في ذلك الوقت بدأت الانشقاقات فيه ، أول انشقاق كان " حكمتيار " وعمل الحزب الإسلامي ، ثم انشق يونس خالص لعمل حزب إسلامي ثان ، وبدأت موضه أن كل دولة تعمل لها حزبا أفغانيا تموله علي غرار ما كان يحدث بالنسبة للمنظمات الفلسطينية .. نفس الموقف حدث في أفغانستان .. وهذا كان امرا محزنا ، لأن القضية الأفغانية مختلفة عن القضية الفلسطينية ، حيث كان هناك دعم دولي ، والظروف مهيأة ، وثم دول جوار داعمة ، فلم يكن هناك مبرر لهذا التشرذم .
وفي الحالة الأفغانية النظام الحاكم كان شيوعيا ، والدولة المحتلة شيوعية لذا فالتشتت لم يكن له أي مبرر .
وبعد عام ونصف من وجودي في أفغانستان في ظل هذه الظروف التي بدت لي وكأن المسلمين يقادون إلي حتفهم قررت ألا أبقي هناك .
= وماذا عن الاختراق الغربي للمجاهدين ؟
الاختراق الغربي بدأ للمنظمات الأفغانية .وكانت هناك أمور واضحة للعيان ، أحمد شاه مسعود الذي يوصف بأنه بطل من الاعلام العربي كان القاصي والداني أنه عميل .. فقد أخذ من مدرسة الليسية فرنسية في كابول .. والتي كان فيها أبناء علية القوم ، وكان مدعوماً - فرنسياً خاصة وغربياً عامة -وكان هناك اتفاقية الجميع يعلمها وهي أن أحمد شاه مسعود كان قد عقد اتفاقا مع الحاكم الشيوعي في كابول نجيب الله فحواها ألا يعوق الامدادات القادمة من روسيا لدعم الحكومة الشيوعية ، في مقابل عدم الهجوم علي قواته في وادي بانشير . والمنطقة التي كان يحكمها كان يسودها انهيار اخلاقي تام ، كان يستضيف الغربيات عاريات وسط المناطق التي تحت سيطرته ، فكان أحمد شاه مسعود رأساً للاختراق الغربي للجهاد الأفغاني . ولعلكم تذكرون كيف جري استقباله في الأليزيه مع أنه ربما يكون أقل من جارنج في السودان ووعد في حينها أنه سيخرج المراة الأفغانية من حجابها.
= ولكن كيف تم هذا الاختراق المروع للمجاهدين ؟
من خلال الدعم ، لأن الاتفاق أن كل الدعم للقضية الأفغانية تجمعه باكستان ثم تقوم بتوزيعه . وكانت المخابرات الباكستانية هي التي تقوم بذلك ، وكلف بذلك اللواء حميد جول مدير المخابرات الباكستانية .
الساحة الأفغانية كلها كانت تدار بأجهزة مخابرات ، والشعب الأفغاني بسيط كان من السهولة اختراقه بالمال ، وكانت المخابرات الأمريكية هي المخطط الأكبر ، والباكستانية هي القناة الأخيرة لتوصيل الدعم .. المشاركون من الشباب المسلم لا نشك في نواياهم - بل نحسبهم مخلصين - لكنهم كانوا أداة 0
= وماذا عن حقيقة الدور الأممي – دور الأمم المتحدة في أفغانستان ؟
من المفارقات العجيبة أنني سمعت أن الأمم المتحدة أنفقت 25 مليون دولار في ذلك الوقت لإزالة الألغام من أفغانستان . سالت القادة عن حقيقة هذا الرقم فقالوا إنه لا يجري نزع الألغام في أفغانستان ، فسألت عن وجه إنفاق هذه الأموال فقالوا إن هناك دورات تدريبية تقوم بها الأمم المتحدة لإزالة الألغام من أفغانستان ..
توصلت إلي المعسكرالخاص بذلك .. وكان أمراً لافتاً .. معسكر أفغاني مؤجر للأمم المتحدة الذي يقوم بالتدريس فيه بنتان أوربيتان .. يدرسان لوفود تأتي من الأحزاب الأفغانية ، الكارثة أنهم لم يكونوا يدرسون إزالة الألغام ، وإنما الوقاية من الألغام وهو أمر لا يحتاج لهذه النفقات .
ذهبت لمندوب الأمم المتحدة وكان أسمه " مايكل كيتي" في هذا الوقت ، وقلت له إن هذا تهريج ، فقال : هل يمكن أن تساعد في نزع الألغام في أفغانستان ؟ فوافقت وقدمت خطة لنزع الألغام _ وهي بالمناسبة عمل مدني بحت وليس عسكرياً -وقدمت المشروع مكتوباً بالعربية والإنجليزية ، علي أن تزال الألغام من ثلاث ولايات كل عام بما قيمته مليون ونصف مليون دولار .. ورحت بالمشروع " لرباني " - كوزير للتعمير في البداية - ولأن هذا الأمر كان سيكشف الأمم المتحدة .. فإن رباني تواطأ مع الأمم المتحدة ،وتم دفن المشروع الذي قدمته .
= ولكن كيف نري الوضع الآن في أفغانستان بعد انهيار طالبان ؟
ما يحدث اليوم هو أشبه بالظروف التي واكبت بداية التدخل الروسي في أفغانستان ، الصورة اليوم تتكرر ، وعدنا إلي الوضع السابق ، حيث في المدن والعاصمة حكومات عميلة ، والشعب الأفغاني يموت جوعاً . وكان شيئاً لم يكن ، وهذا راجع لغياب الوعي ، وعدم معرفة سبيل المجرمين .
الثلاثاء : 26 / 2 / 2002
مراسل القاهرة
= أفغانستان لعبة استنزفت الدماء والاموال العربية فيها لمصلحة أمريكا 0
= الامريكان سمحوا للروس باحتلال أفغانستان لاسقاطهم في مستنقعها 0
= أمريكا منعت نجاح تجربة المجاهدين في افغانستان عبر الانشقاقات 0
________________________________
المهندس سيد محمد محمد حسن ضابط سابق في القوات المسلحة المصرية في الفترة من 1967 – 1982م .. وهو الآن يعمل مهندساً استشارياً ، وعضواً بمجلس النقابة العامة للمهندسين منذ عام 1985م وحتي اليوم ( المجلس الحالي يواجه التجميد وفرض الحراسة عليه ) .
وينتمي المهندس سيد حسن إلي جيل الصحوة الإسلامية الوسيط وهو يتسم بحساسية ووعي نادر .. كما لا يزال محتفظاً بتوتره الفكري والإنساني الذي يجعله يبدو شعلة من التوقد الذهني الواعي - كما نحسبه .
التقته الشبكة لمعرفة ما في جعبته من أسرار فهو من الجيل الأول الذي سافر الي أفغانستان ، ويعرف الكثير عن الفترة الاولي من الجهاد الأفغاني ..
= ما هي قصة صلتكم بالشأن الأفغاني ؟
سافرت إلي باكستان للمشاركة في جهود الاغاثة عام 1989م ، وظللت هناك مدة عام ونصف ، وكانت تجرية ثرية رغم ما رأيت فيها من مرارة ؛ سواء علي الجانب الأفغاني ، أو الجانب العربي والإسلامي الداعم للجهاد ، تلك كانت بداية اتصالي بالمسألة الأفغانية .
= ولكن كيف اتخذتم قرار السفر إلي باكستان ؟
قرار السفر كان قراراً شخصياً ، اتخذته تحت وطأة الحملة الإعلامية الرهيبة التي جري فيها استخدام الإسلام لحض الأمة الإسلامية للتضحية بأموالها لتدمير روسيا في أفغانستان ؛ لحساب أمريكا دون أن نكون نحن الذين سافرنا علي علم بذلك.
= ما هي التبعات التي تكلفتوها نتيجة لهذا القرار الخطير ؟
أخرجت اولادي من المدارس هنا في مصر واصطحبتهم معي أنا وزوجتي وقمت ببيع كل ما أملك في مصر أيضاً .. لقد كان لدي ولدي الذين سافروا اعتقاد أن الخلافة ستأتي من أفغانستان ولكن الوقائع كانت بعيداً عن هذه الزفة الإعلامية .
= وماذا بعد وصولكم إلي باكستان ؟
ذهبنا إلى باكستان من القاهرة مباشرة بعد الحصول علي تأشيرة من السفارة الباكستانية - بدون أدني قيد- ووصلنا إلي يشاور ، وبدأنا رحلة الاستكشاف ، ومن الوهلة الأولي لم اقتنع بالكيانات العربية والإسلامية الموجودة في الساحة الأفغانية ، ففتحت مكتباً خاصاً أعمل من خلاله في الأنشطة الإنمائية والاعمار ، وسجلت المكتب لدي الحكومة الباكستانية ، تم ذلك بالتنسيق مع الحكومة الأفغانية المؤقتة برئاسة " سياف " في هذا الوقت . وبدأ المكتب الخاص القيام ببعض أعمال الإغاثة داخل المخيمات ، مثل حفر الآبار ، وعمل الإنشاءات الخفيفة لإيواء المهاجرين الأفغان ،
وعلي التوازي مع العمل الإغاثي ، ونظرا لاجادتي اللغة الإنجليزية فقد شاركت في كل المؤتمرات التي كانت تعقد حول القضية الأفغانية طوال فترة وجودي هناك ، كما تعاونت مع معهد الدراسات الإستراتيجية ( القسم العربي ) التابع للجماعة الإسلامية الباكستانية والذي كان يرأسه د. خورشيد أحمد ، حيث كان اهتمام القسم العربي يتمثل في التحليل السياسي وعمل الدراسات عما يدور علي الساحة الأفغانية . وقد مكنني هذا من الاطلاع علي كثير من التفاصيل حول القضية ( الأفغانية ) كما ساعدني ذلك أيضاً علي الالتقاء بكل المجاهدين الأفغان تقريباً في مكاتبهم التي كان مقرها في باكستان . وأتيح لي الاتصال بمكاتب الأمم المتحدة العاملة في الساحة الأفغانية بحيث كان لدي صورة بانورامية عما يحدث . وهذا يختلف عن الكثيرين الذين كان ينظر كل منهم إلي القضية الأفغانية من تحت مواقع أقدامه، فالشباب المجاهد الذي ذهب الي أفغانستان لم تكن لديه الرؤية الكلية الشاملة 0
= كيف حدث ذلك ؟ نرجو توضيح الكيفية التي تعاملت بها الأمة العربية والإسلامية مع الحالة الأفغانية ؟
إسلامياً وجدت الأمة الإسلامية هناك في أفغانستان بكل فصائلها 00 التشرذم الفكري والتعصب للتنظيمات . وكان من المفروض أن تذيب ساحة جهادية مثل أفغانستان كل هذه المشاكل والخلافات ، ولكنها كانت موجودة في أسواً صورها، فكل تنظيم كان يعتبر الولاء للتنظيم أهم من الولاء لله سبحانه وتعالي أو الولاء للقضية التي جاء من أجلها، وهذا مثل صدمة عنيفة لي .
وكذلك كان هناك غفلة من المشاركين في العمل الإغاثي والجهادى معاً ، فالجميع ظن أنه في ساحة جهاد حقيقية ، وأن هذا العمل موجه لله عز وجل ..
ونحن لا نشك في نوايا الذين ذهبوا إلي أفغانستان للمشاركة في العمل الإغاثي والجهادى ، لكننا نشك في قدرتهم علي التعمق واختراق ما وراء الأمور الظاهرة ،
وأنا - منذ البداية - شعرت أن مسألة أفغانستان هي لعبة أميركية ، وأن المسلمين يستدرجون فيها لدفع أموالهم وبذل دمائهم لقضية هي أمريكية بنسبة مئة في المئة .
= نرجو توضيح الدور الأمريكي في صناعة المسألة الأفغانية ؟
عرفت أن الروس أنفسهم جري استدراجهم للدخول في افغانستان لدرجة أنه وقع تحت يدي ما يثبت أن الروس أستأذنوا الأميركان قبل دخول أفغانستان ، فتركوهم يدخلوا ؛ ليكون المستنقع الأفغاني هو نهاية الأمبراطورية الروسية .. والامريكان - علي طريقهم وانتهازيتهم - أرادوا إنجاز هذا العمل الكبير بدون بذل دماء أو أموال أمريكية .. لذلك فتحت المنابر ، وحشدت الجيوش في كل أنحاء العالم الإسلامي لأستخدام الإسلام والمشاعر الإسلامية الراقية الكامنة في نفوس الأمة من حب للجهاد وإنقاذ الأمة ، وكل الذين سافروا لم يذهبوا بليل أو عبر أسلاك شائكة ، أنا شخصياً رحت وجئت إلي مصر مرتين أثناء فترة وجودي ، ولم يسالني أحد : أين كنت ولماذا ذهبت ؟
في هذه الفترة كان السيناريو الأمريكي هو فتح الأبواب لإنجاز المهمة باموال ودماء إسلامية .. وكان المفروض أن تكون الحكومات أوعي ؛ لتنبه شعوبها .. لو فعلت الحكومات هذا في التوقيت المناسب لما حدث هذا .
= مسألة الأفغان العرب هل تعتقدون أنها تكونت في ظل هذه الظروف ؟
أولاً أنا لا أزال أعترض علي التعبير .. فلا يوجد مصطلح اسمه " الأفغان العرب " هذه كلمة أمريكية ، يرددها ذيول الأمريكان في المنطقة ؛ فلا احد يستطيع أن يقول الألمان الفرنسيين ولا الإيطاليين الكنديين ، فالعرب قومية والافغان قومية ؛ لكنهم أرادوا أن يجردوا الفعل الجهادي من مشروعيته ، فهم في البداية كان اسمهم المجاهدين العرب حينما كانوا يعملون لخدمة المخطط الأمريكي - بدون علمهم طبعاً - لكنهم حين أدوا المهمة ، سموا أولاً : الأفغان العرب ثم الإرهابيين العرب ، فهي تسمية أمريكية ..
وبمنطق براجماتي أمريكي تم التعامل مع المجاهدين بنفس الطريقة ؛ فهم جاؤوا وأدوا المهمة التي استدرجوا من أجل القيام بها ، وبدلا من أن يشكروا أو يكافئوا تم صك المسميات الأمريكية لتلويثهم ، والتخلص منهم ، ثم تلفيق قضايا لقتلهم لدرجة أن تحبك القضايا باسم " العائدون من أفغانستان" وكأنه قادم من المريخ ؛ رغم أن هؤلاء الشباب خرجوا من المطارات العربية بشكل علني ، صحيح ان التركيز تم علي العناصر التي شاركت في القتال ، لكن المقاتلين من العرب لم يذهبوا بليل وإنما خرجوا من المطارات وبتأشيرات رسمية 0
= ولكن ما هو الدور الأمريكي في تصفية المجاهدين العرب ؟
أنا أعلم أن التعامل مع المجاهدين العرب تم بوصفة أمريكية .. وهذه تمت عبر أجهزة استخبارات سهلت انتقال المجاهدين العرب إلي ساحات اخري مثل كشمير والبلقان للتخلص منهم بدون مشاكل ، وأنا شاهدت في هذه الفترة الوضع في كشمير ، لم يكن هناك أي شيء ، ولكن عناصر مخابرات كانت تأتي لتستطلع الوضع الميداني في كشمير لتنقل المجاهدين إلي هناك للتخلص منهم 0
= ولكن لماذا لم تشارك في القتال بصفتكم ضابطاً في القوات المسلحة ؟
الموانع عندي كانت واضحة ومحددة منذ اللحظة الأولي فقد قابلت قادة المجاهدين من سياف " وحكمتيار وآخرين وتناقشت معهم في الدعم الذي يريدونه فجميعهم أجمعوا علي أنهم لا يريدون أفراداً ولكنهم يريدون أسلحة وأموال لأن طبيعة الأرض الأفغانية لا يستطيع أن يحارب فيها إلا أبنائها وطبيعة حرب العصابات لا يحسبنها إلا من عاش في هذه الأجواء ويجيداللغة ..
السبب الثاني : كضابط بالمعاش يمنعني القانون المصري من الاشتراك في القتال خارج الحدود إلا بإذن من السلطات المصرية .. وهذا لم يتم .
السبب الثالث : أنني كضابط سابق في سلاح الصواريخ المصري لا يستهويني أن أمسك كلاشينكوف وأضرب طلقتين علي خلاف الرجل المدني الذي لو مسك مسدس فأنه يشعر بالعز والعظمة ..
عدم مشاركتي في القتال لم يكن لأسباب فكرية ؛ إنما لأسباب موضوعية .. فالقتال في هذه الساحة بالذات شرف .. الساحة كانت نظيفة : الكفر فيها واضح ، والإيمان واضح .
= نرجو أن تحدثنا عن أوضاع المجاهدين في هذه الفترة ؟
الجهاد بدأ في أفغانستان بفصيل واحد هو الجمعية الإسلامية التي أنشأها الشهيد المرحوم" غلام نيازي " الذي قتله العلمانيون في كابول ، في نفس توقيت استشهاد الأستاذ سيد قطب .. وكان استاذاً في الشريعة ، ثم تولي بعده "رباني" وبدأ الجهاد بهذه الجمعية في جامعة كابول حيث بدأ الشباب المسلم ينقض ليلاً علي الشباب الشيوعي الذي يمزق المصاحف نهاراً ويدوسها بالأقدام ، ثم كانت الهجرة الأولي إلي باكستان برئاسة برهان الدين رياني وحكمتيار والذين جاؤوا معهم ليجاهدوا في وقت حكم علي بوتو الذي ساعدهم - لخلاف سياسي مع الحكومات الأفغانية في هذا الوقت والتي كانت تطالب بإقليم علي الحدود استقطع من أفغانستان - ولكن " علي بوتو " لم تكن له علاقة بالإسلام .
وهذا الخلاف السياسي استفاد منه المجاهدون حيث حصلوا علي دعم من باكستان ، وكان دعماً بسيطاً للغاية ، فقد سمح لهم بالتدريب في المعسكرات الباكستانية ، وبدأ الجهاد كرا وفرا ضد الحكومات الشيوعية قبل مجيء الروس .. حتي كادت الحكومة الشيوعية تسقط ، فتدخل الروس لإنقاذ الحكومة العميلة وكانت الكارثة ..
= وكيف تطورت أحوال المجاهدين الأفغان بعد ذلك ؟
بعد دخول الروس افغانستان جاء لحكم إسلام اباد ضياء الحق وذلك لقتل "علي بوتو" والتخلص منه ؛ عقاباً له علي الإصرار في الاستمرار بالبرنامج النووي الباكستاني بعد هزيمته في بنجلاديش ، واستقطاعها من باكستان .
جاءه كيسنجر في هذا الوقت لوقف البرنامج النووي الباكستاني ، لكنه أصر علي الاستمرار فيه ، فأخبره كيسنجر أنه قد حكم عليه بالاعدام .. ولذا جيء بضياء الحق وكان أول عمل له هو قتل "علي بوتو" ثم ليشرف علي الإعداد لعملية القضاء علي الروس في أفغانستان وحشد الجهد العربي والإسلامي من وراء هذا المخطط الأمريكي ..
عقد في هذا الوقت بإسلام أباد مؤتمر برئاسة ضياءالحق حضره رئيس الـ C.I.A في هذا الوقت ، ومدير فرع آسيا في الـ C.I.A في هذا الوقت ، والسفير الأمريكي في باكستان ومندوبون عن المجاهدين .
ووضع في هذا الاجتماع خطة الحرب الأفغانية ، وظاهرها دعم الجهاد الأفغاني في مواجهة الروس .. ولكنه في الحقيقة تحقيق الهدف الأمريكي في أفغانستان ، وهو شيئان علي نفس المستوي من الأهمية :
أما الأول فهو حرب الروس وهزيمتهم .
والثاني منع افغانستان من أن تكون إسلامية ، بعد انتهاء حرب الروس . وكل دولار دفع كان يصب في هذين القناتين ، ومن هنا بدأت الانشقاقات داخل المجاهدين .
= ولكن كيف حدثت هذه الانشقاقات ؟
الحزب الوحيد الذي كان يجاهد في ذلك الوقت بدأت الانشقاقات فيه ، أول انشقاق كان " حكمتيار " وعمل الحزب الإسلامي ، ثم انشق يونس خالص لعمل حزب إسلامي ثان ، وبدأت موضه أن كل دولة تعمل لها حزبا أفغانيا تموله علي غرار ما كان يحدث بالنسبة للمنظمات الفلسطينية .. نفس الموقف حدث في أفغانستان .. وهذا كان امرا محزنا ، لأن القضية الأفغانية مختلفة عن القضية الفلسطينية ، حيث كان هناك دعم دولي ، والظروف مهيأة ، وثم دول جوار داعمة ، فلم يكن هناك مبرر لهذا التشرذم .
وفي الحالة الأفغانية النظام الحاكم كان شيوعيا ، والدولة المحتلة شيوعية لذا فالتشتت لم يكن له أي مبرر .
وبعد عام ونصف من وجودي في أفغانستان في ظل هذه الظروف التي بدت لي وكأن المسلمين يقادون إلي حتفهم قررت ألا أبقي هناك .
= وماذا عن الاختراق الغربي للمجاهدين ؟
الاختراق الغربي بدأ للمنظمات الأفغانية .وكانت هناك أمور واضحة للعيان ، أحمد شاه مسعود الذي يوصف بأنه بطل من الاعلام العربي كان القاصي والداني أنه عميل .. فقد أخذ من مدرسة الليسية فرنسية في كابول .. والتي كان فيها أبناء علية القوم ، وكان مدعوماً - فرنسياً خاصة وغربياً عامة -وكان هناك اتفاقية الجميع يعلمها وهي أن أحمد شاه مسعود كان قد عقد اتفاقا مع الحاكم الشيوعي في كابول نجيب الله فحواها ألا يعوق الامدادات القادمة من روسيا لدعم الحكومة الشيوعية ، في مقابل عدم الهجوم علي قواته في وادي بانشير . والمنطقة التي كان يحكمها كان يسودها انهيار اخلاقي تام ، كان يستضيف الغربيات عاريات وسط المناطق التي تحت سيطرته ، فكان أحمد شاه مسعود رأساً للاختراق الغربي للجهاد الأفغاني . ولعلكم تذكرون كيف جري استقباله في الأليزيه مع أنه ربما يكون أقل من جارنج في السودان ووعد في حينها أنه سيخرج المراة الأفغانية من حجابها.
= ولكن كيف تم هذا الاختراق المروع للمجاهدين ؟
من خلال الدعم ، لأن الاتفاق أن كل الدعم للقضية الأفغانية تجمعه باكستان ثم تقوم بتوزيعه . وكانت المخابرات الباكستانية هي التي تقوم بذلك ، وكلف بذلك اللواء حميد جول مدير المخابرات الباكستانية .
الساحة الأفغانية كلها كانت تدار بأجهزة مخابرات ، والشعب الأفغاني بسيط كان من السهولة اختراقه بالمال ، وكانت المخابرات الأمريكية هي المخطط الأكبر ، والباكستانية هي القناة الأخيرة لتوصيل الدعم .. المشاركون من الشباب المسلم لا نشك في نواياهم - بل نحسبهم مخلصين - لكنهم كانوا أداة 0
= وماذا عن حقيقة الدور الأممي – دور الأمم المتحدة في أفغانستان ؟
من المفارقات العجيبة أنني سمعت أن الأمم المتحدة أنفقت 25 مليون دولار في ذلك الوقت لإزالة الألغام من أفغانستان . سالت القادة عن حقيقة هذا الرقم فقالوا إنه لا يجري نزع الألغام في أفغانستان ، فسألت عن وجه إنفاق هذه الأموال فقالوا إن هناك دورات تدريبية تقوم بها الأمم المتحدة لإزالة الألغام من أفغانستان ..
توصلت إلي المعسكرالخاص بذلك .. وكان أمراً لافتاً .. معسكر أفغاني مؤجر للأمم المتحدة الذي يقوم بالتدريس فيه بنتان أوربيتان .. يدرسان لوفود تأتي من الأحزاب الأفغانية ، الكارثة أنهم لم يكونوا يدرسون إزالة الألغام ، وإنما الوقاية من الألغام وهو أمر لا يحتاج لهذه النفقات .
ذهبت لمندوب الأمم المتحدة وكان أسمه " مايكل كيتي" في هذا الوقت ، وقلت له إن هذا تهريج ، فقال : هل يمكن أن تساعد في نزع الألغام في أفغانستان ؟ فوافقت وقدمت خطة لنزع الألغام _ وهي بالمناسبة عمل مدني بحت وليس عسكرياً -وقدمت المشروع مكتوباً بالعربية والإنجليزية ، علي أن تزال الألغام من ثلاث ولايات كل عام بما قيمته مليون ونصف مليون دولار .. ورحت بالمشروع " لرباني " - كوزير للتعمير في البداية - ولأن هذا الأمر كان سيكشف الأمم المتحدة .. فإن رباني تواطأ مع الأمم المتحدة ،وتم دفن المشروع الذي قدمته .
= ولكن كيف نري الوضع الآن في أفغانستان بعد انهيار طالبان ؟
ما يحدث اليوم هو أشبه بالظروف التي واكبت بداية التدخل الروسي في أفغانستان ، الصورة اليوم تتكرر ، وعدنا إلي الوضع السابق ، حيث في المدن والعاصمة حكومات عميلة ، والشعب الأفغاني يموت جوعاً . وكان شيئاً لم يكن ، وهذا راجع لغياب الوعي ، وعدم معرفة سبيل المجرمين .
الثلاثاء : 26 / 2 / 2002