عز الاسلام
25-02-2002, 01:04 PM
مفكرة الإسلام : بعد يومين فقط من وقوع هجمات «11» سبتمبر الإرهابية جمع الرئيس اليمني علي عبد الله صالح سياسيي البلاد في قاعدة عسكرية خارج صنعاء معلنا أمامهم ان اليمن لن يكرر الخطأ الذي ارتكبه خلال حرب الخليج عندما وقف إلى جانب العراق، فهذه المرة سيساند الولايات المتحدة في حربها ضد الارهاب. و تمضي صحيفة التايمز البريطانية ولا يخفى على أحد ان الثمن الذي دفعه اليمن لوقوفه إلى الجانب الخطأ قبل عقد من الآن كان فادحا، فقد انقطعت المساعدات المالية عن احدى افقر دول العالم، فيما تم ترحيل الآلاف من العمال والموظفين اليمنيين من السعودية. أما هذه المرة، فإن اليمن سيخسر أكثر بكثير من السابق.فمنذ تفجير السفينة كول بميناء عدن في أواخر عام «2000» بدأت الشكوك تساور الولايات المتحدة حول ان اليمن قد تحول الى قاعدة اساسية لشبكة تنظيم «القاعدة» التي يقودها الملياردير السعودي أسامة بن لادن. وقد دفع ضعف سيطرة الحكومة على المناطق القبلية واحباط الولايات المتحدة من مسار التحقيقات المتعلقة بالهجوم على المدمرة كول، بعض المسؤولين الأميركيين الى الحديث بشكل علني عن امكانية قصف اليمن بعد افغانستان، وقد جاء قرار الرئيس صالح لتجنب الهجوم العسكري الاميركي وتقوية التعاون الاستخباراتي مع واشنطن وهو الأمر الذي نال استحسان المسؤولين الأميركيين. ولكن هذا القرار، ترك الرئيس أمام مهمة صعبة للغاية تتمحور حول موازنة المطالب الأميركية بالتوجه الشعبي، الذي لايزال حتى الآن مستاء من الولايات المتحدة بسبب دعمها لاسرائيل وفي لقاء أجرته معه «فاينانشيال» تايمز مؤخرا عبر الرئيس صالح عن عزمه على مواصلة حملته المناهضة للارهاب، إلا انه بين الحدود الممكنة للتعاون عندما أصر على ان واشنطن لا تستطيع ارسال قواتها للمساعدة في محاربة الارهاب. وقد دعا الرئيس اليمني المجتمع الدولي إلى معالجة القضايا التي ساعدت على استشراء الراديكالية في اليمن، وخاصة الفشل في انهاء الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي وانتشار الفقر، وقال: «لقد عرضت علينا الولايات المتحدة خدماتها على صعيدي الاستخبارات والتدريب، ولكننا لا نحتاج إلى هذه الخدمات، وما نطلبه هو المزيد من المعدات والوسائل الحديثة لقواتنا الأمنية» في اشارة إلى حاجة اليمن إلى المروحيات والزوارق لمراقبة السواحل اليمنية. واضاف : «اليمن هو مصدر العروبة، الناس هنا لن يقبلوا بوجود قوات أجنبية على ترابهم». وبين السيد صالح وجود تفاهم مع الولايات المتحدة حول الحاجة إلى اقامة دولة فلسطينية إلا أن التصريحات السياسية الأميركية التي تعكس انحياز الولايات المتحدة الواضح لاسرائيل تزيد من غضب الشارع اليمني، وحذر صالح من أن أي هجوم أميركي على العراق سيقود إلى انهيار التحالف المؤيد للولايات المتحدة، حيث قال: لا أعتقد ان العراق سيتعرض لأي هجوم لانه لا توجد أية أسباب لمهاجمته» وفي بلد لا يتجاوز فيه معدل الدخل السنوي للفرد «380» دولارا، فإن حملة اليمن ضد الارهاب، تحتاج إلى مساعدات مالية هائلة. وقد حاول الرئيس اليمني التقليل من شأن التأكيدات الأميركية حول كون اليمن قاعدة اساسية لتنظيم «القاعدة» بالقول: «اليمن ليس افغانستان، ولا يوجد اساس هيكلي للقاعدة هنا» مبينا أن القوات اليمنية اعتقلت «84» مشتبها به حتى الآن. ولكن الحملة التي تقودها الحكومة اليمنية ضد الارهاب لا تحظى بتأييد الجميع في البلاد، فالمعارضة العلمانية تقول ان الدولة تساهلت كثيرا مع المتشددين في الماضي لدرجة انهم اصبحوا الآن جزءا من الهيكل الأمني. وعلى عكس الدول العربية الأخرى، فإن اليمن لم يلجأ إلى قمع آلاف ا لوطنيين الذين شاركوا في مقاومة الاحتلال السوفياتي لافغانستان في الثمانينيات القرن الماضي، وبدلا من ذلك استخدمهم في «جهاد صغير»، تمثل في حرب الحكومة الخاصة ضد «الاشتراكيين» في الجنوب قبل الوحدة بين اليمنين عام 1990، ثم خلال الحرب الأهلية عام 1994. وبالترافق مع ذلك، تم تشجيع الايديولوجية الاسلامية من خلال تأسيس أكثر من الف مدرسة دينية في كافة انحاء البلاد لمحاربة الافكار الماركسية، وبعد انتهاء الحرب وصل عدد من المقاتلين السابقين في افغانستان إلى الحزب الحاكم. ويقول صالح ان هذه المدارس تخضع للاشراف الحكومي حتى قبل احداث «11» من سبتمبر وانها ستدرس جميع المواد التعليمية الآن ولن تقتصر على التعليم الديني.