المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية سيدي رئيس الوزراء في هذه الاوضاع من شأن المبادرة السعودية ان تكون قشة النجاة



Black_Horse82
27-02-2002, 09:36 AM
تحديدا علي خلفية الدم الذي سفك أمس، دم اليهود ودم العرب، تحديدا علي خلفية الغليان العاطفي، الالم والغضب والقبضات المرتفعة، يجب ان ندعو اليوم رئيس الحكومة: إقبل المبادرة السعودية. ليس تحديدا بايجابياتها وسلبياتها وليس تحديدا قبولا كاملا وسريعا، ولكن علي الاقل يجب ان تعلن انها خطوة بالاتجاه الصحيح بعد وقت طويل جدا هدر علي الدم والكراهية، وانها تستحق النقاش العميق بميل ايجابي وانها بصيص الامل الحقيقي الاول بعد وقت طويل جدا في وادي الموت بدون اتجاه وبدون فائدة.
صحيح ان المبادرة السعودية تضع نفسها، بهذا القدر او ذاك، في المكان الذي وقف فيه الطرفان قبل اندلاع انتفاضة الاقصي، في ايام خطة كلينتون وطابا، وصحيح، سيدي رئيس الحكومة، انك تستطيع القول باستقامة انك لم تنتخب من اجل العودة الي المكان الذي وقف فيه سلفك في المنصب. ولكن سيدي رئيس الحكومة، انت انتخبت علي اساس برنامج وعود الامن والسلام ومنذ وصولك الي السلطة لم يقتربا منا. بالعكس ابتعد السلام وتبدد الامن.
ونحن نعيش من عملية الي اخري، من قتل الي قتل، من تصفية موضعية الي هجوم مروحي، من اطلاق النار في حاجز الي تفجير ذاتي لانتحاري - والانطباع هو انه ليس واضحا لك ايضا الي اين انت تسير، وليس واضحا لك ماذا يجب ان تفعل، وليس واضحا لك الي أي درجة ان تفقد هيبتك ومرجعيتك عندما تتصرف كشخص يكتنف الضباب والعجز طريقه.
ثمة من يقول، سيدي رئيس الحكومة انك تنتظر الهجوم الامريكي علي العراق الذي في أعقابه ستكون هناك ترتيبات امريكية جديدة في المنطقة من الممكن في اطارها ان تفرض علي الفلسطينيين اتفاقيات مرحلية طويلة المدي. حتي لو افترضنا ان كل هذا حقا سيحدث ماذا سيحدث بعد ذلك؟ كم من الوقت سيمر الي ان تندلع النيران وينتشر الالم والموت في هذه المنطقة المتقيحة؟ ماذا لديك حقا لتقترحه علي الشعب الذي بدأ في الاونة الاخيرة يفقد ايمانه بأقوالك وقدراتك القيادية؟
مقابل ذلك انت تستطيع اليوم ان تعرض املا جديدا، افقا سياسيا وفرصة للهدوء. بعد كل شيء عليك ان تعترف بان المبادرة السعودية تنطوي علي أسس جديدة ومفاجئة: دولة عظيمة القوة والتأثير في العالم العربي تتحدث عن المصالحة والتسليم من كل الدول العربية ولا تتحدث عن حق العودة، وتعترف بضرورة اجراء تعديلات علي حدود 1967 بما في ذلك القدس، وهي تأخذ من الفلسطينيين دور الريادة في المبادرات السياسية ازاء اسرائيل في قضية ارض اسرائيل.
بالطبع من الممكن ان لا تستطيع الموافقة علي كل شيء، من الممكن ان يتضح ان تحدث تراجعات في الطريق لتنفيذ المبادرة، من الممكن ان يتضح بان كل شيء كسحر عابث. ولكن المخاوف من هذا النوع، لا يمكن ان تكون ذريعة سابقة لاوانها لموقف بارد ازاء ما يخرج من السعودية. نحن في وضع غير جيد ـ سيدي رئيس الحكومة. لا من ناحية خارجية، ولا من ناحية اعلامية، داخلية، اخلاقية وتضامنية. نحن نعيش في وضع الانشقاقات، التصدعات، والمخاوف وفي جو الريبة والجنون. لا يكفي ان تقف امام كاميرات التلفزيون والاعلان عن ان المجتمع الاسرائيلي لا ينهار ولن ينهار. في هذه الاثناء ثمة الكثير من الاشياء انهارت هنا. الاعصاب الفردية، حياة من اصيب، وافراد العائلات الثكلي، الكثير من الاعمال تدمرت، والكثير من الاشخاص باتوا عاطلين عن العمل وعديمي الامل اقتصاديا.
لقد فشلت، سيدي رئيس الحكومة، في مهمتك بتقديم قيادة اجتماعية واقتصادية. فشلت ايضا في المجال السياسي والعسكري. لم تف بوعودك وحتي انه لم تنطبق عليك المقاييس المنخفضة اصلا للقيادة الاسرائيلية الي ان صعدت الي منصب رئاسة الحكومة.
والان انت تستطيع ان تنجح، ربما، اذا بدأت بالتعامل بايجابية مع المبادرة السعودية، وتفحصها بجدية، وتجري اتصالات حقيقية وصادقة من اجل دفعها، ربما تنجح، للمرة الاولي بعد وقت طويل من غرس احساس وسط الكثير جدا من المواطنين الاسرائيليين المرتبكين، المغتربين، الخائفين، والمحبطين، بأنه توجد لديهم قيادة مستعدة لقلب كل حجر من اجل ان تتوقف عن ان نقتل ونُقتل بدون فائدة، بدون نهاية.
في هذه الاوضاع من شأن المبادرة السعودية ان تكون القشة التي تنقذك. عندما يمسك نتنياهو بخناقك من اليمين وعندما لا تستطيع تزويد البضاعة التي يطالبك بها مؤيدوه في الليكود واحزاب اليمين المتطرفة، فان ما سيبقي لك لترويجه هو الامل. الامل بالسلام. الكثير، وفي اليسار ايضا، اقتنعوا انه مع عرفات لم يعد بالامكان صنع هكذا سلام. ولكن المبادرة السعودية تسحب من عرفات الوحدانية، والملكية لمفاتيح النزاع. انها توسع الدائرة وتقلب الامور رأسا علي عقب: ليس الفلسطينيون هم اصحاب النزاع والذين يقررون متي ينتهي وبأي شروط. العالم العربي هو الذي يقبلنا او يرفضنا. هذا ليس في الجيب، ولا في اليد. ولكنه هام وجديد الي درجة يكفي لتعاملك معه بجدية وتأييد.
سيدي رئيس الحكومة. باستثناء ذلك ليس لديك في هذه المرحلة، أي شيء لترويجه.
امنون دينكنر
(معاريف) ـ 26 /2/2002