دبور
28-02-2002, 05:59 AM
مبادرة توسل!!
توسمت بك خيراً يا عبد الله!
بقلم: نظام المهداوي
إلى الأمير عبد الله،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
طالما كتبت لشقيقك فهد، رحمه الله، حتى ظننت أنني لن أكتب لملك أو رئيس سواه (لا فرق عند العرب هذه الأيام) يتولى مقاليد حكم المملكة، ذاك البلد المؤثر في الساحة العربية والاقليمية، وليس مؤثراً لأنه منارة الاسلام، ولا بسبب قوة الجيش والعتاد والصناعة والانتاج، لكن بفضل النفط ، وخيراته عليكم ونكبته على غيركم من اشقائكم في العروبة والإسلام!
طالما توسمت بك خيراً. فلم يسبق لي أن رأيت صورة لك على طاولة قمار، كما رأيت شقيقك فهد في مدينة لاس فيغاس وقد كان وقتذاك ولياً لعهد المملكة. وربما توسمت بك خيراً، لأنني سمعت أنك لم تتحمس مثل شقيقك وبقية الأمراء الأشقاء للتواجد الأجنبي في أرض الكعبة المشرفة، والوحي وقبر الرسول (صلعم). أو ربما توسمت بك خيراً لأنني مثل باقي العرب، ابحث عن نقطة ضوء في نفق طويل مظلم، وأصدق أن الأيام دول، وان بقاء الحال من المحال، وأن التاريخ لا يتجمد مثل صخرة تحط على قلوب الناس فيصبحون أمواتاً، وهم أحياء.
وها أنا اليوم أخاطبك، وأعرف أنك الحاكم الفعلي للمملكة، حتى وأنت في صراع خفي مع شقيقك سلطان واتباعه من الأمراء، الذين ينازعونك الحكم. ويكفيك أنك ورثت مملكة أصبح المواطن فيها يعاني من البطالة وغلاء المعيشة، وعدم تكافؤ الفرص بعد أن كانت من اغنى اقتصاديات الدول. يكفيك أنك ورثت حكماً زرع الذي سبقك من تحته براميل من البارود، ولعلك كنت مشاركاً معه، وأنت ولي لعهده، أما بصمتك أو بسلطتك!. ويكفيك أيضاً انك اليوم تجابه أخطر التحديات التي عرفتها المملكة، ولكي تجنب نفسك ما لا تحمد عقباه، وسط هذه التحديات تقرر اتقاء شر الشرور، وتحني رأسك لئلا يطيح بعرشك، من كان حامياً له، فتختار المقامرة، كمقامرة حكام المملكة السابقين على طاولات القمار أو في دهاليز السياسة التابعة، وتظن في قرارة نفسك أن المبادرات كفيلة بقلب مفاهيم الأرض والعباد، وتضييق الهوة بين العدو والضحية، وفي أقل الحالات، تطمح أن تمحو الدعايات التي يصرف عليها الملايين من الدولارات تهمة الارهاب التي تلتصق بالمملكة والإسلام والعروبة، ولا تعلم أن المقامرة بالجغرافيا والتاريخ تسقط أصحابها في قيعان الأرض.
ولعلك تعلم، أن ما تعاني منه المملكة اليوم من وضع اقتصادي سيء، ومن وجود اجنبي على أرضها، ومن تمرد بعض رموز المؤسسة الدينية الوهابية على العائلة الحاكمة، ومن تهمة الارهاب، هو نتاج مقامرة الحكام قبلك الذين تقلدوا مقاليد الحكم، وخصوصاً شقيقك المقعد فهد، والذي سار على نهج جده سعود.
ألم يكن سعود، هو من قامر في فلسطين، ووقع على صك التنازل عنها لليهود، مقابل حماية عرشه؟ أما دعمت المملكة تقسيم اليمن وكانت تقامر بدعم الشيوعيين؟ أما دعمت المتمردين في السودان؟ وأما ودعت حكومة المملكة جيوش المتطوعين إلى افغانستان من أبناء المملكة للجهاد ضد الالحاد، بناء على أوامر أمريكا؟ أما قامرت بأولئك الشباب وحين انتهى جهادهم لاحقتهم وأودعتهم السجون، وتحولوا من مجاهدين إلى ارهابيين أيضاً بناء على أوامر أمريكا؟
انكم، وبحكم موقعكم، أدرك الناس معرفة لانقياد السياسة السعودية الأعمى في كثير من الأحوال للسياسة الأمريكية، والتي تغذيها في كثير من الأحيان السياسة الصهيونية، فتغدو سياساتكم مدفوعة وتتخبط يشكلها الأمريكان كيفما شاءوا.
وهي ان لم تكن كذلك، لما وافقت العائلة الحاكمة، على التواجد الأمريكي على أراضيها إلى ما شاء الله، وهي تعلم أن العراق لم يعد يشكّل خطراً على أحد منذ زمن طويل، وتعلم أن اسباب الوجود العسكري الأمريكي ليس الخطر العراقي، وقد أكّد ذلك أكثر من مسؤول أمريكي.
وهي ان لم تكن كذلك، لما فتحت مطاراتها للمجاهدين إلى افغانستان، تهلل وتبارك لهم اجهزة اعلامكم، واغلقتها أمام المجاهدين إلى فلسطين، لأن الأولى قد طلبت منكم أمريكا أن تدعموها بالمجاهدين والأموال والسلاح، لكن الثانية، فلسطين، فممنوع حتى أن يدعو أئمة مساجدكم لأبنائها بناء على أوامر أمريكا والتي اصبحت تغير حتى في خطب المساجد.
فماذا أنت فاعل، يا طويل العمر، بكل هذا الإرث الثقيل، وقد تكالبت الصهيونية على العرب والإسلام؟
لقد توسمت بك خيراً، وظننت كالعرب البائسين -لخيبتي- أنك كي تكون مختلفاً، وجانحاً للحق والعدل، لا بد أن تقوم بثورة، ولكنك سرعان ما انضممت إلى السابقين واللاحقين، وأخذتك مغريات الحكم والسلطة، ورميت بأوراقك مرة واحدة فأرحت فينا التوسم، وأرحت فينا أن نبقى نتأمل بقائد يضع نصب عينيه مرضاة الله وضميره وشعبه.
في مبادرتك المشؤومة، أو في مقامرتك، التي هللّت لها وسائل اعلامك وكأنها النصر المبين، منحت شارون وساماً، ضحك من أجله، وتجشأ بدم العرب الذي يملأ بطنه، وقال: (ألم أقل لكم أن العرب لا يغيرون مواقفهم وجلدهم إلا بالسلاح؟) وأشاد بيريز بالتقدم في الموقف السعودي، هذا الموقف الذي وعد بأعلام صهيونية ترفرف في الرياض، وتطبيع سياسي و ثقافي وفني واعتراف سعودي بكريات شمونه وتل أبيب وجيروسيلم عاصمة للدولة الشقيقة اسرائيل. فلم لا يسيل لعاب بيريز وشارون الذي تمضي دباباته وطائراته وصواريخه قتلاً وتنكيلاً بالفلسطينيين، لم لا يفرحون وهم يشاهدون حلهمهم باسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات قد بدأ يتحول إلى حقيقة؟
وليس غريباً أن يكتمل السيناريو المعهود بعد ذلك، وتبدأ الدعوات الاسرائيلية الحميمية لكم لزيارة القدس (عاصمة اسرائيل)، للتباحث في شأن هذه المبادرة المهمة! وهم بالنهاية قادرون أن يصطادوك كما اصطادوا غيرك في كامب ديفيد وعربه وشرم الشيخ وواشنطن، وقادرون أن يمنحوك ورقة يتعهدون فيها بالتفاوض على حدود الـ 76، والمفاوضات عادة قد تستغرق عقوداً طويلة من الزمان، ولا نهاية لها، إنما يتخللها تطبيع على أكمل الأوجه والمقاييس!
ماذا أنت فاعل، يا طويل العمر، بعد ذلك؟ وهل تستطيع أن ترفض الاملاءات الأمريكية الصهيونية عليك في كل المجالات وفي كل المرات، ولا سلاح بيديك بعد خراب مالطا، وبعد أن امعنت حكومتكم، في الخفاء والعلن، في نسف أي تضامن عربي يقدر أن يواجه التحديات.
وفي الوقت الذي تعد فيه شارون -من خلال مبادرتك- بتطبيع كامل، يمكنه من الاستثمار في المملكة وزيارتها مثل أي مواطن دولة شقيقة، ما زلت تناصب العراق العداء، جارك العربي المسلم منذ آلاف السنين. ولو تدرك قليلاً، لعرفت أن من أسباب وهن المملكة وهوان أمرها، هو احساسها أنها وحيدة، وهي بالفعل كذلك، لأن سياستها منذ الأمد، ظلت على الدوام ضد أي وحدة عربية، ولأن الصهيونية استفردت بالدول العربية دولة بعد أخرى.
في البدء كانت فلسطين، وكان لبنان، وكان العراق. وما المطلوب اليوم سوى أن تركع الدول العربية قاطبة، وإلا اسقطتها الصواريخ!
ماذا أنت فاعل، يا طويل العمر، وقد تنازعت مع اشقائك بحكم، لو حملته الجبال لناءت بحمله، وقبل تتويجك ملكاً، وأنت الملك، أوفيت عهد جدك الملك المؤسس، وأعلنت تنازلك عن فلسطين، وقد فعل قبلك فهد وقدم مبادرته قبل نحو عشرين عاماً، وكأنه مكتوب في الناموس، أن على كل ملك يتوج لحكم المملكة أن يقسم أولاً على التنازل عن فلسطين!
مسكينة أنت يا فلسطين!
بدأت مأساتك بوعود ثورية وانتظار يائس للجيوش العربية، وانتهيت وحيدة، تتصدين لأعتى جزار، وأعتى قوة وغطرسة في العالم، والعرب لا شيء لديهم سوى التوسل!!
هل مصادفة أن يعلن وزير خارجية قطر ان استراتيجية العرب في مواجهة اسرائيل هي التوسل للإدارة الأمريكية، ثم تأتي مبادرتكم بعد أيام، تتوسل وتتسول سلاماً أنتم تعرفون أن الكيان الاسرائيلي لا يرغبه، إنما يجري هذا الكيان البغيض وراء التطبيع، ونقله من الخفاء إلى العلن؟
انتم تعلمون، أن الحكومات العربية طبّعت منذ زمن طويل، وحكومتكم اجتمعت واقامت المشاريع مع الصهاينة، بواسطة سفيركم في واشنطن. فماذا ستقدمون أكثر، وبماذا تبادرون، وماذا تنتظرون في المقابل غير بقاء عروشكم؟
Al Watan Newspaper
www.watan.com
توسمت بك خيراً يا عبد الله!
بقلم: نظام المهداوي
إلى الأمير عبد الله،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
طالما كتبت لشقيقك فهد، رحمه الله، حتى ظننت أنني لن أكتب لملك أو رئيس سواه (لا فرق عند العرب هذه الأيام) يتولى مقاليد حكم المملكة، ذاك البلد المؤثر في الساحة العربية والاقليمية، وليس مؤثراً لأنه منارة الاسلام، ولا بسبب قوة الجيش والعتاد والصناعة والانتاج، لكن بفضل النفط ، وخيراته عليكم ونكبته على غيركم من اشقائكم في العروبة والإسلام!
طالما توسمت بك خيراً. فلم يسبق لي أن رأيت صورة لك على طاولة قمار، كما رأيت شقيقك فهد في مدينة لاس فيغاس وقد كان وقتذاك ولياً لعهد المملكة. وربما توسمت بك خيراً، لأنني سمعت أنك لم تتحمس مثل شقيقك وبقية الأمراء الأشقاء للتواجد الأجنبي في أرض الكعبة المشرفة، والوحي وقبر الرسول (صلعم). أو ربما توسمت بك خيراً لأنني مثل باقي العرب، ابحث عن نقطة ضوء في نفق طويل مظلم، وأصدق أن الأيام دول، وان بقاء الحال من المحال، وأن التاريخ لا يتجمد مثل صخرة تحط على قلوب الناس فيصبحون أمواتاً، وهم أحياء.
وها أنا اليوم أخاطبك، وأعرف أنك الحاكم الفعلي للمملكة، حتى وأنت في صراع خفي مع شقيقك سلطان واتباعه من الأمراء، الذين ينازعونك الحكم. ويكفيك أنك ورثت مملكة أصبح المواطن فيها يعاني من البطالة وغلاء المعيشة، وعدم تكافؤ الفرص بعد أن كانت من اغنى اقتصاديات الدول. يكفيك أنك ورثت حكماً زرع الذي سبقك من تحته براميل من البارود، ولعلك كنت مشاركاً معه، وأنت ولي لعهده، أما بصمتك أو بسلطتك!. ويكفيك أيضاً انك اليوم تجابه أخطر التحديات التي عرفتها المملكة، ولكي تجنب نفسك ما لا تحمد عقباه، وسط هذه التحديات تقرر اتقاء شر الشرور، وتحني رأسك لئلا يطيح بعرشك، من كان حامياً له، فتختار المقامرة، كمقامرة حكام المملكة السابقين على طاولات القمار أو في دهاليز السياسة التابعة، وتظن في قرارة نفسك أن المبادرات كفيلة بقلب مفاهيم الأرض والعباد، وتضييق الهوة بين العدو والضحية، وفي أقل الحالات، تطمح أن تمحو الدعايات التي يصرف عليها الملايين من الدولارات تهمة الارهاب التي تلتصق بالمملكة والإسلام والعروبة، ولا تعلم أن المقامرة بالجغرافيا والتاريخ تسقط أصحابها في قيعان الأرض.
ولعلك تعلم، أن ما تعاني منه المملكة اليوم من وضع اقتصادي سيء، ومن وجود اجنبي على أرضها، ومن تمرد بعض رموز المؤسسة الدينية الوهابية على العائلة الحاكمة، ومن تهمة الارهاب، هو نتاج مقامرة الحكام قبلك الذين تقلدوا مقاليد الحكم، وخصوصاً شقيقك المقعد فهد، والذي سار على نهج جده سعود.
ألم يكن سعود، هو من قامر في فلسطين، ووقع على صك التنازل عنها لليهود، مقابل حماية عرشه؟ أما دعمت المملكة تقسيم اليمن وكانت تقامر بدعم الشيوعيين؟ أما دعمت المتمردين في السودان؟ وأما ودعت حكومة المملكة جيوش المتطوعين إلى افغانستان من أبناء المملكة للجهاد ضد الالحاد، بناء على أوامر أمريكا؟ أما قامرت بأولئك الشباب وحين انتهى جهادهم لاحقتهم وأودعتهم السجون، وتحولوا من مجاهدين إلى ارهابيين أيضاً بناء على أوامر أمريكا؟
انكم، وبحكم موقعكم، أدرك الناس معرفة لانقياد السياسة السعودية الأعمى في كثير من الأحوال للسياسة الأمريكية، والتي تغذيها في كثير من الأحيان السياسة الصهيونية، فتغدو سياساتكم مدفوعة وتتخبط يشكلها الأمريكان كيفما شاءوا.
وهي ان لم تكن كذلك، لما وافقت العائلة الحاكمة، على التواجد الأمريكي على أراضيها إلى ما شاء الله، وهي تعلم أن العراق لم يعد يشكّل خطراً على أحد منذ زمن طويل، وتعلم أن اسباب الوجود العسكري الأمريكي ليس الخطر العراقي، وقد أكّد ذلك أكثر من مسؤول أمريكي.
وهي ان لم تكن كذلك، لما فتحت مطاراتها للمجاهدين إلى افغانستان، تهلل وتبارك لهم اجهزة اعلامكم، واغلقتها أمام المجاهدين إلى فلسطين، لأن الأولى قد طلبت منكم أمريكا أن تدعموها بالمجاهدين والأموال والسلاح، لكن الثانية، فلسطين، فممنوع حتى أن يدعو أئمة مساجدكم لأبنائها بناء على أوامر أمريكا والتي اصبحت تغير حتى في خطب المساجد.
فماذا أنت فاعل، يا طويل العمر، بكل هذا الإرث الثقيل، وقد تكالبت الصهيونية على العرب والإسلام؟
لقد توسمت بك خيراً، وظننت كالعرب البائسين -لخيبتي- أنك كي تكون مختلفاً، وجانحاً للحق والعدل، لا بد أن تقوم بثورة، ولكنك سرعان ما انضممت إلى السابقين واللاحقين، وأخذتك مغريات الحكم والسلطة، ورميت بأوراقك مرة واحدة فأرحت فينا التوسم، وأرحت فينا أن نبقى نتأمل بقائد يضع نصب عينيه مرضاة الله وضميره وشعبه.
في مبادرتك المشؤومة، أو في مقامرتك، التي هللّت لها وسائل اعلامك وكأنها النصر المبين، منحت شارون وساماً، ضحك من أجله، وتجشأ بدم العرب الذي يملأ بطنه، وقال: (ألم أقل لكم أن العرب لا يغيرون مواقفهم وجلدهم إلا بالسلاح؟) وأشاد بيريز بالتقدم في الموقف السعودي، هذا الموقف الذي وعد بأعلام صهيونية ترفرف في الرياض، وتطبيع سياسي و ثقافي وفني واعتراف سعودي بكريات شمونه وتل أبيب وجيروسيلم عاصمة للدولة الشقيقة اسرائيل. فلم لا يسيل لعاب بيريز وشارون الذي تمضي دباباته وطائراته وصواريخه قتلاً وتنكيلاً بالفلسطينيين، لم لا يفرحون وهم يشاهدون حلهمهم باسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات قد بدأ يتحول إلى حقيقة؟
وليس غريباً أن يكتمل السيناريو المعهود بعد ذلك، وتبدأ الدعوات الاسرائيلية الحميمية لكم لزيارة القدس (عاصمة اسرائيل)، للتباحث في شأن هذه المبادرة المهمة! وهم بالنهاية قادرون أن يصطادوك كما اصطادوا غيرك في كامب ديفيد وعربه وشرم الشيخ وواشنطن، وقادرون أن يمنحوك ورقة يتعهدون فيها بالتفاوض على حدود الـ 76، والمفاوضات عادة قد تستغرق عقوداً طويلة من الزمان، ولا نهاية لها، إنما يتخللها تطبيع على أكمل الأوجه والمقاييس!
ماذا أنت فاعل، يا طويل العمر، بعد ذلك؟ وهل تستطيع أن ترفض الاملاءات الأمريكية الصهيونية عليك في كل المجالات وفي كل المرات، ولا سلاح بيديك بعد خراب مالطا، وبعد أن امعنت حكومتكم، في الخفاء والعلن، في نسف أي تضامن عربي يقدر أن يواجه التحديات.
وفي الوقت الذي تعد فيه شارون -من خلال مبادرتك- بتطبيع كامل، يمكنه من الاستثمار في المملكة وزيارتها مثل أي مواطن دولة شقيقة، ما زلت تناصب العراق العداء، جارك العربي المسلم منذ آلاف السنين. ولو تدرك قليلاً، لعرفت أن من أسباب وهن المملكة وهوان أمرها، هو احساسها أنها وحيدة، وهي بالفعل كذلك، لأن سياستها منذ الأمد، ظلت على الدوام ضد أي وحدة عربية، ولأن الصهيونية استفردت بالدول العربية دولة بعد أخرى.
في البدء كانت فلسطين، وكان لبنان، وكان العراق. وما المطلوب اليوم سوى أن تركع الدول العربية قاطبة، وإلا اسقطتها الصواريخ!
ماذا أنت فاعل، يا طويل العمر، وقد تنازعت مع اشقائك بحكم، لو حملته الجبال لناءت بحمله، وقبل تتويجك ملكاً، وأنت الملك، أوفيت عهد جدك الملك المؤسس، وأعلنت تنازلك عن فلسطين، وقد فعل قبلك فهد وقدم مبادرته قبل نحو عشرين عاماً، وكأنه مكتوب في الناموس، أن على كل ملك يتوج لحكم المملكة أن يقسم أولاً على التنازل عن فلسطين!
مسكينة أنت يا فلسطين!
بدأت مأساتك بوعود ثورية وانتظار يائس للجيوش العربية، وانتهيت وحيدة، تتصدين لأعتى جزار، وأعتى قوة وغطرسة في العالم، والعرب لا شيء لديهم سوى التوسل!!
هل مصادفة أن يعلن وزير خارجية قطر ان استراتيجية العرب في مواجهة اسرائيل هي التوسل للإدارة الأمريكية، ثم تأتي مبادرتكم بعد أيام، تتوسل وتتسول سلاماً أنتم تعرفون أن الكيان الاسرائيلي لا يرغبه، إنما يجري هذا الكيان البغيض وراء التطبيع، ونقله من الخفاء إلى العلن؟
انتم تعلمون، أن الحكومات العربية طبّعت منذ زمن طويل، وحكومتكم اجتمعت واقامت المشاريع مع الصهاينة، بواسطة سفيركم في واشنطن. فماذا ستقدمون أكثر، وبماذا تبادرون، وماذا تنتظرون في المقابل غير بقاء عروشكم؟
Al Watan Newspaper
www.watan.com