تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية رحلةُ استشهاديّ



MandN
28-02-2002, 01:35 PM
د. وسبم فتح الله

ما لكِ أيتها النفس تتململين، ما لكِ قد تدثرت بلباس الحيرة، وتلعثمت فيك الخواطر، أتراكِ تستسلمين لقيد الجسد فتقبعين كئيبة في سجن الطين والتراب، أم ماذا دهاكِ؟
قومي فانفضي عنك غبار التثاقل، ولكن لا تحطمي ذلك الجسد بعد، فعسى أن نتخذه مطيةً إلى حيث نمضي؛ نعم، فإنه إن كان فانياً لا محالة فلم لا نعتليه، ونتخطى به سجون الدنيا الآسرة إلى حيث تستقر أرواحٌ لتحلق في سماء الجنة، ولم لا نبعثره شظايا تدمر كل شيء يحول بينك وبين ذاك، لم لا ؟
لا تأسرنّك إذاً دمعة أمٍ حنون ولا نداء أبٍ شفوق، فحسبك أن تُشفّعي فيهما بإذن الله، ولا تحبسنّكِ صرخات أولاد ولا تلهف زوجة، فحسبك أن يلحقوا بك في الفردوس مؤمنين إن شاء الله، ولا يمنعنّك قعود القاعدين وتثاقل المتثاقلين، فهم ما بين صاحب عذر حبسه عذره وصاحب هوى صرعه هواه ..
فالله الله أيتها النفس، هلمي فمزقي الجسد أشلاءً، وفجري العروق دماءً، وارفعي التكبير نداءً، حوِّلي جنازتي إلى عرس الشهادة، واجعلي يوم موتي خيراً من يوم الولادة ..
المشهد الثاني:
ما لكَ أيها الجسد تتذمر، ألست عن قريبٍ إلى التراب تصير؟ قم إذاً فأنت منذ الساعة أسيري وإلى الجنان مطيتي، فلن تعود النفس حبيسة الجسد بعد اليوم، فلقد سئمت من رقادك وسئمت من قعودك وسئمت من دنياك، تحرك أيها الجسد فإن قبور الناس إن وسعتك لا تطيق مثلي ولا أطيق مثلها..
قم فلقد وجدت لك قبراً أوسع، ووجدت لنفسي سماءً أرحب، لا تسأل إلى أين، فستعلم ذلك عند ضغط الزناد ..
المشهد الثالث :
ما أجملكِ يا أرض الإسراء، ما أجمل كل ذرة من ترابك، تؤوي إليها صحابياً أو دم شهيد، ما أروع غصن الزيتون فيكِ يحكي قصة الإسراء، وما أروع المسجد الأقصى يصلي فيه الأنبياء، كيف فرَّط فيك ذلك الرهط من العرب ومن ادعى إليكِ النسب، كيف ساوم فيك هؤلاء..
كيف أستطيع ضمَّ كل ذرة تراب منكِ إلى صدري، كيف أستطيع أن ألثم وجهكِ بآيات الأنفال ترتلها شفاهي، وأزيل عنكِ الرجس بآيات التوبة في رماحي..
يا جسد لا تتذمر، ويا نفس لا تتململي، فقد حان وقت اللقاء؛ هيا، اضغط .. اضغط ذلك الزناد .. اضغط؛ الله أكبر، الله أكبر ..

الآن أستطيع معانقتك يا فلسطين، الآن وقد تبعثرت ذرات جسدي لتحط على ترابك المنهمك بالتسبيح، الآن أستطيع أن أنظر إليك من سماء التوحيد، وأتنسم عبق المسك الأحمر يحكي في كل زاوية منكِ قصة شهيد..
هذا أيها الجسد هو قبرك، هذه هي فلسطين، وهذه أيتها الروح هي سماؤك، فانطلقي لتلحقي بمواكب الشهداء، فإن الرحلة للتو قد بدأت..
اللهم لك الحمد، فلقد صدقت الوعد ووعدك الحق، فما أجمل الشهادة في سبيلك يا الله ، وما أجمل المعراج إليك من أرض فلسطين..