المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية المبادرة السعودية حققت اهدافها وحسنت صورة السعوديين لدي الامريكيين!!



Black_Horse82
01-03-2002, 10:51 PM
في اسرائيل ما زالوا متمسكين بالرؤية القديمة .. عن عداء العرب لنا
لقد قيل في اكثر من مرة ان تصور الزمن الذي يميز اسرائيليين كثيرين - والمهمين في المؤسسة الحاكمة وفي وسائل الاعلام - هو التصور الدائري الذي يكرر نفسه، وليس التصور المستقيم والمتسلسل زمنيا. السنوات التي تمر والواقع المتغير ليست الا متتالية ميكانيكية وعامل لا معني له يتحرك في الدائرة اللامنتهية حول محور التهديد الوجودي.
ما حدث هو الذي سيحدث وعداء العالم العربي هو مسألة ثابتة. ولكن كل حدث يتعلق بالصراع الاسرائيلي ـ العربي يستقبل باعتباره تجديدا مثيرا ذلك لان الزمن الماضي واحداثه لا تكتسب اية اهمية في ظل العد التنازلي ـ حتي موعد الخلاف التام او علي العكس الوقوع في باطن هوة الكارثة السحيقة.
هذا التصور الدائري وحده هو الذي يستطيع ان يفسر الضجة التي تتسارع كرد فعل علي المبادرة السعودية. من الصعب ان نعرف ان كان من اقدموا علي هذه المبادرة مدركين مسبقا لقوة رد الفعل الرجعي في التصورات الاسرائيلية والي أي حد تسهل اثارتها من خلال استخدام المواد المجترة.
ردود الفعل السعودية تبرهن علي ان المبادرين لم يصدقوا انهم قد نجحوا في هدفهم ـ تغيير صورتهم في نظر الامريكيين بثمن منخفض الي هذه الدرجة. لم يخطر ببالهم انه ما زال من الممكن بعد سنوات من التطبيع التام مع مصر والاردن والعلاقات شبه الطبيعية علي سلسلة طويلة من الدول العربية، بيع التطبيع مثل المخدر الذي يخدر مشاعر الاسرائيليين ويحول المبادرة الي خطوة حاسمة لانهاء الصراع الاسرائيلي ـ العربي في خطوة شاملة . وكأن شيئا لم يتغير منذ مبادرة الملك فهد في عام 1981 وكأنه لم تجري مفاوضات تفصيلية حول تفسير شعارات المبادرة السعودية التي انتهت بالفشل سواء أمام السوريين او الفلسطينيين.
بالمناسبة، بث الشعارات العمومية هو الذي يروق للاسرائيليين بالتهديد. فهم يفهمون منها ما يريحهم: فها هي المبادرة لا تتحدث عن حق العودة ولا يوجد حتي تأكيد لمسألة الاماكن المقدسة في القدس الامر الذي يعتبر في نظرهم استعدادا سعوديا للتنازل اكثر من الفلسطينيين. وعلي الفور يأتي ذوو الرأي والمعرفة الذين تحدثوا عن مسؤولية سعوديين مجهولين واولئك الذين قالوا ان السعودية لا تستبعد امكانية سيادة اسرائيل علي حائط المبكي ويظهر الي جانبهم صحافي يتخيل المليارات التي سيتبرع بها السعوديون لجيبه كثمن لاتفاق السلام وهذا يعني ان المبادرة السعودية هي صفقة ممتازة ايضا.
المبادرة جندت من اجل فرض شرط اسرائيل في المفاوضات علي الفلسطينيين: هذه المبادرة هي مظلة الشرعية التي لم يتجرأ الفلسطينيون من دونها علي انهاء المسألة مع الاسرائيليين في كامب ديفيد وفي طابا: السعوديون قد اوضحوا للفلسطينيين ما هو الامر الجيد بالنسبة لهم بعد ان لم تجدي التوضيحات الاسرائيلية نفعا.
من الصعب ان نفهم كيف يعتقدون ان الاسرائيليين الذين رفضوا العودة الي خطوط حزيران (يونيو) 1967 علي الجبهة السورية وفي داخل ارض اسرائيل سيوافقون فجأة علي الصيغة السعودية. وبالرغم من ذلك يتعامل الناطقون بلسان الحكومة مع المبادرة باعتبارها توجها ايجابيا ـ ليس بسبب مضمونها وانما لانها قد اعادت الصراع الي احجامه الاقليمية. كما يبدو للوهلة الاولي: ليس الفلسطينيون هم اصحاب الصراع الذين يحددون متي سينتهي وفي اية شروط. والعالم العربي هو الذي يقبلنا او يرفضنا (امنون دنكنر ـ معاريف 26/2). عرفات كما هو معروف ليس شريكا وها هو الامير عبدالله ينتصب بدلا عنه فأي حظ هذا.
ليس هناك تعبير صارخ اكثر للرؤية الدائرية الاسرائيلية للزمن من الوهم انه من الممكن الان في الوقت الذي يصل فيه الصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني الدائر بين الشعبين الي ذروته، العودة بسهولة وبساطة الي مرحلة الصراع بين الدول أي بين اسرائيل وبين الدول العربية. لا يوجد وهم اكثر خطورة من ذلك الذي يبيعه الذين يدعون ان الصراع مع الفلسطينيين اقل من قدرنا وها نحن نحل الصراع مع كل العالم العربي. لقد تبرهن منذ زمن علي عدم وجود حل للصراع الاسرائيلي ـ العربي من دون حل الصراع مع الفلسطينيين وهذا هو في الواقع مغزي المبادرة السعودية. فمن يقبلها حقا فهو ناضج لانهاء الصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني ومن يحول استغلالها لكسب الوقت والتهرب من الحسم الاستراتيجي والظهور بمظهر الساعي للسلام او لانه ما زال عالقا في سنوات السبعينيات عليه ان يحذر من ان السعوديين لا ينوون الخروج عن اطوارهم وتطبيق مبادرتهم فهم قد حققوا ما يصبون اليه منها.
ميرون بنفنستي
(هآرتس) ـ 28/2/2002