المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : افضل كاتب واسلوب ابداعي ومعني جميل اتمنى من الجميع الاطلاع والتعليق



المـحامي
06-03-2002, 01:31 PM
لن يضيع حقك يا أخي حسين

كنت مثل غيري من العرب والمسلمين أشعر بالقهر والعجز والألم الشديد وأنا أشاهد يوم الاثنين الماضي على شاشات التلفزيون المجنزرات والطائرات الإسرائيلية تمارس جبروت القوة على أراضي ومساكن وأجساد إخوتنا المستضعفين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفجأة شاهدت وسمعت خبرا وقع عليّ كالصاعقة، فقد أطلقت - كما قال الخبر - إحدى المجنزرات أو الطائرات (لم أعد أذكر) قذيفة على سيارة لأحد القياديين في حماس وأحرقتها بكل من فيها، ثم جاءت تفاصيل الخبر تقول: إن القائد الفلسطيني لم يكن موجودا في السيارة، وتنفست الصعداء، ولكن بقية تفاصيل الخبر كتمت صدري بشكل أشد من ذي قبل، فقد قالت بقية التفاصيل إن الذي كان في السيارة زوجته وأطفاله الثلاثة وإنهم احترقوا وتمزقت أشلاؤهم، وشاهدت بعض أشلاء الأطفال في مشهد جعلني أنهض بلا شعور، ثم انتقل المذيع من رواية الخبر إلى تحليل الخبر، وفهمت من تحليله إن ما حصل كان كمينا دبره الإسرائيليون للقائد الفلسطيني، لكن لأنه لم يكن لحظتها في سيارته فقد نجا ومات بدلا منه أطفاله الثلاثة وزوجته، ووجدتني بعد سماع هذا الاستنتاج أرفضه من أساسه لأن الزوجة كما فهمت من الخبر كانت تقود السيارة في طريقها من المدرسة وقد أحضرت أطفالها معها في مشوار يومي اعتادت عليه، واستنتجت أن الإسرائيليين ومن تعاون معهم كانوا بالتأكيد يرصدون حركة السيارة خلال الأيام الماضية وأنهم على علم بهذا المشوار اليومي ويدركون أن القائد الفلسطيني لا يكون في سيارته في ذلك الوقت، وبالتالي فإن استنتاجي أن الإسرائيليين كانوا يقصدون قتل الزوجة والأطفال عن عمد وتصميم وإصرار كأسلوب أشد إيلاما ليس على القائد الفلسطيني فحسب وإنما على القادة الآخرين الذين قد تظن إسرائيل أنهم سيحسبون لهذا ألف حساب في المستقبل خوفا من أن تكون أسرهم هم الضحايا القادمون.
ولذلك فقدت تصورت ما ستكون عليه الحالة النفسية لذلك القائد المنكوب، وكيف سيتلقى الخبر، وكيف سيتصرف، وكنت على شبه يقين من أنه سيصاب بحالة من عدم التوازن، وقد يصاب بانهيار عصبي مماثل لتلك الحالات التي ظلت التلفزيونات تعرضها علينا يوميا لأقارب المصابين، وكنت أعد ذلك أمرا طبيعيا يتفق مع طبيعة النفس البشرية، وسمعت المذيع بعد فترة من الوقت يقول إنه سينتقل إلى مقابلة مع المناضل الفلسطيني حسين أبو كويك... ثم فوجئت بأنه يضيف قائلا إنه هو القائد الفلسطيني صاحب السيارة وأب الأطفال الثلاثة المحترقين في السيارة فشعرت بقشعريرة شديدة في جسمي وبدأ الدمع يتجمع في عيني وشخصت ببصري نحو شاشة التلفزيون وكنت أتصور أنني سأشاهد وجها مستسلما باكيا وبدنا مهدودا مسحوقا ولكن الكاميرا أرتني وجها على نحو آخر. صحيح أنه تعلوه مسحة من الحزن لكنه كان وجها هادئا وضاء، وقَواما مرفوع الهامة والصدر وكان يلبس قبعة يعلوها اللون الأخضر ويلف على رقبته رداء أخضر مكتوب عليه لا إله إلا الله، وبدأ يتدفق بحديث غاضب معبرا عن تسليمه بقدر الله وقضائه وعن اعتزامه الصمود وتصميمه على مواجهة الظلم والجبروت ومقاومة المحتلين، وكاد الدمع حينئذ أن يفيض من عيني فخجلت من ضعفي وعجزي أمام قوة وجَلَد وصمود ذلك المجاهد العظيم الذي قال المذيع إنه حسين أبو كويك، ووجدت نفسي أسارع لأخذ القلم وتسطير هذا الانطباع لأعبر عن افتخاري واعتزازي بمثل هذا المجاهد العظيم... وعن سروري البالغ بوجوده وأمثاله... فيا أخي حسين... أقول لك: قواك الله وشد من أزرك ونصرك على من ظلمك وأعزك أنت وجميع إخوتنا الفلسطينيين الذين يعانون الآن أشد أنواع الظلم والقهر والجبروت... مؤكدا لأخي حسين ولجميع إخوتنا الفلسطينيين والعرب والمسلمين أن حق أخينا حسين وحقوق الإخوة الفلسطينيين المظلومين أمثاله لن تضيع إن شاء الله ما دام أن وراءه مجاهدون عظماء مثل هذا المجاهد الفذ حسين أبو كويك.

عبدالله ناصر الفوزان