المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية المبادرة السعودية هروب الى الأمام



MandN
08-03-2002, 12:58 PM
رام الله
المحامي زهير عناني:
منذ سنة 7191 في القرن الماضي وهو العام الذي اطلق فيه بلفور البريطاني وعده بانشاء وطن قومي لليهود في فلسطين والشعب الفلسطيني يناضل ويستشهد لالغاء هذا الوعد وللدفاع عن وطنه فلسطين.
الانظمة العربية لم تخض اي حروب جدية تشارك فيها مع نضال الشعب الفلسطيني، وكان اشتراكها في الحرب في معظم الحالات فاشلا، مما ادي الي قيام دولة اسرائيل وبسط نفوذها اخيرا علي كامل ارض فلسطين.
واصبحت اسرائيل بما تتلقاه من دعم امريكي في مجال المال والسلاح وبما حصلت عليه من تسلح ذري خطرا علي دول الجوار العربية.
وبدلا من ان تقوم الانظمة العربية بمجملها بتقوية وتطوير نفسها في مجال العلم والتسليح، ظلت في موقع المناداة بالسلام مع اسرائيل والسعي لذلك سعيا حثيثا. وظل الشعب الفلسطيني يناضل لوحده مع ما يتبع ذلك من تضحيات جسام في المجال البشري والاقتصادي، واستمر نضاله ما يقارب القرن من الزمان، دون دعم عربي ملحوظ اللهم الا بعض المساعدات المالية التي تقل كثيرا عن تضحياته.
ولعل تلك الانظمة لا تريد لسبب او لاخر ان ترقي باوضاعها الي مركز الدفاع امام ذلك العملاق الصهيوني المدجج باعتي انواع الاسلحة الفتاكة فخرجت المملكة العربية السعودية ببرنامجها الاخر الذي يعد اسرائيل بالتطبيع معها بشروط تبدو في ظاهرها مساعدة للشعب الفلسطيني، وانما هي في الحقيقة تترك للدولة العبرية حرية تقرير ما تتكرم به من حقوق للشعب الفلسطيني في ما تبقي من فلسطين في حين، ومقابل ذلك تقوم الدول العربية بالموافقة علي المشروع السعودي بالاعتراف باسرائيل وتتبادل السفراء معها وعلي ضوء ما قامت به كل من مصر والاردن.
هذه المبادرة السعودية ودون استشارة الشعب الفلسطيني بأمرها توحي بشكل يقيني لا يقبل الشك ان الغرض منها هو اتقاء الخطر الداهم القادم من اسرائيل تجاه الانظمة العربية، مع ما يتبع ذلك من اقتراب من السياسة الامريكية اكثر فأكثر خاصة وان تلك الانظمة تدرك بان اسرائيل هي القاعدة العسكرية المتقدمة للولايات المتحدة في الشرق الاوسط.
والذي يمكن استنتاجه من سرعة تأييد بعض الانظمة العربية لتلك المبادرة ان تلك الانظمة هي في وضع حرج اذ هي لا تساعد شعب فلسطين في نضاله المتصل لنيل حقوقه الوطنية، كما انها وفي نفس الوقت تريد ان تظل مصالحها محفوظة لدي الحليف القوي لاسرائيل وهو الولايات المتحدة الامريكية. والا لما قامت تلك الانظمة باطلاق تلك المبادرة والالتفاف حولها في حين لم يطلب الشعب الفلسطيني منها ذلك، ولم يطلب منها ان تضع له الحل السياسي. ولو ارادت اسرائيل الحل السياسي لطبقت الحل الذي اتفقت عليه مع قيادة الشعب الفلسطيني منذ عشر سنوات.
والسؤال هو لماذا طرح المبادرة السياسية من قبل السعودية في وقت يناضل فيه الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه. ان ما لم يستطع عمله صاحب القضية، لا يستطيع الاخرون ان يفعلوه نيابة عنه، كما ان تدخل الانظمة العربية في قضية النضال الفلسطيني لم يكن واعدا عبر سنوات طويلة مضت في كل مرة جري فيه التدخل. والحكمة تقتضي الرجوع دائما الي التاريخ واستخلاص العبر منه.
ان ما تشكله تلك المبادرة هو وبما لا يقبل الشك هروب الي الامام بالنسبة لتلك الانظمة. تلك الانظمة التي اخذ وقوفها موقف المتفرج من النضال الفلسطيني يثقل عليها بشكل لم تعد تحتمله داخليا وخارجيا.
والتطبيع مع اسرائيل هو امر يريحها سياسيا بصرف النظر عن نتائج التطبيع السلبية علي نضال الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية في الحاضر والمستقبل، وعلي مصير منطقة الشرق الاوسط برمتها من حيث انه يؤدي الي اختراق استراتيجي ضخم وهيمنة من قبل اسرائيل يحلان بالمنطقة من النواحي العسكرية والسياسية والاقتصادية علي حد سواء يضاف الي الاختراق والهيمنة الامريكية الموجودين اصلا منذ عشرات السنين ومما يجعل الامر ضغثا علي اباله.