المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : و لا يزال الطبيب حائرا...



Zuluf
11-03-2002, 11:30 PM
جلس الطبيب إلى جانب مريضه بعد ان تأكد من جميع الاجهزة المركبة على جسده النحيل تعمل كما يجب.

كان الطبيب يكن مودة خاصة لهذا المريض

فهو يعالجه في هذا المستشفى منذ مدة ليست بالقصيرة.

ولم يلحظ الطبيب ان هناك من جاء يوما ليسأل عن هذا المريض

وهذا ما كان يسبب حيرة قاتلة للطبيب

ولكن من فرط ادبه و انسانيته لم يتجرأ يوما ليساله عن السبب تجنبا لجرح مشاعره.

فتح (بدر) المريض عينيه ونظر إلى الطبيب

فابتسم له و رده الطبيب بابتسامة

وامسك الطبيب بيد بدر وساله عن حاله

واخبره بدر بانه على احسن حال

وسكت الطبيب لكن بدر قاطع سكونه و سكوته وقال:
اعلم يا طبيبي بأن علامة الاستفهام نحوي تكبر في عقلك يوما بعد يوم والاسئلة لا تنقطع في دواخلك كلما رأيتني

فأحتار الطبيب كيف يرد

ولكن بدر بدد حيرته وقال:سأخبرك بما خفي عليك ليبدد حيرتك ولكني لن احكيها لك و لكن سأطلب منك قرائتها
فهي موجودة في هذا الدفتر.

فقد كتبت سنين عمري في اوراق لم يقرأها غيرك و اكملت بعض منها هنا في المستشفى عندما احس باني كنت قادرا و في احسن حال كما هو الان.... ولكني لن اكتب الان و سأتركك تقرأ

رد الطبيب: حسنا سأقرأها الان ولكن خذ قسطا من الراحة حتى انتهي من القرأة اتفقنا؟؟؟

بدر: اتفقنا.

اغمض بدر عينيه ليأخذ قسطا من الراحة

وفتح الطبيب الصفحة الاولى من حياة بدر:

اسموني بدراً

عائلتي كبيرة و ذات سمعة ممتازة

أما ابي فهو رجل اعمال تشهد الدنيا باستقامته و نزاهته

امي تملك من الحنان ما يفيض عن حاجة اهل الارض

اخواني واخواتي تسعة

منهم الاطباء و المهندسون و المدرسون

تزوج بعضهم

والبعض مرتبط

كنت متميزا بينهم ليس في ذكائي الحاد

وانما في ميولي

فقد كان ابي قدوتي في كل شيء حتى في مجال العمل اردت ان اكون مثله

كنت ومازلت مستقيما لا افعل الكبائر

مواظب على الصلاة في المسجد

كان طموحي يسبقني دائما

احببت ابنة عمي

بارك الاهل ذلك

خطبتها و عقدنا قراننا

كانت اجمل ما رأت عيناي

كبر حبنا يوما بعد يوم

انهيت دراستي الجامعية

كنت قد افتتحت محلا كأول خطوة بعد تخرجي في عالم الاعمال الحرة

كنت في نفس الوقت اجهز بيت الزوجية حيث بقي على موعد الزواج اقل من سنة كما اتفقنا

كنت و حبيبتي نسهر الليالي على الهاتف نحلم بهذا المنزل وكيف نريده ان يكون

حتى اسماء الاولاد اتفقنا عليها

لم اكن انام حتى اسمع منها كلمة: تصبح على خير حبيبي....احبك

ولم اكن اصحى الاعلى صوتها تقول: صباح الخير حبيبي...انهض يا كسول

كنت قد التحقت بأحدى الجامعات في الخارج لاكمال دراساتي العليا عن طريق الانتساب

وهي طرقة تتطلب من السفر في اوقات معينة من السنة لمراجعة بحثي مع المشرف

فقد كان طموحي وفيرا كما حالتي المادية...فلم لا اكمل!!

سافرت إلى الخارج لاسلم اوراق التسجيل و ادفع الرسوم المطلوبة

كنت احس بارهاق شديد من فترة إلى اخرى

فلم اكن اعير النوم اهتماما

وكان مبدأي انه اذا اردت ان تحقق احلامك فلا تطل في نومك

ولكن حبيبتي كانت مصرة على ان اجري الفحص هناك

و وافقت على مضض

ولكن بالفعل كنت احس بارهاق قاتل و اني كسول و انني اعجز عن النظر لثواني في بعض الاحيان

فتوجهت إلى احدى اكبر المصحات في هذا البلد وكنت صائما حسب ما ارادوا ليجروا فحصا شاملا

واخبروني بان النتيجة بعد ثلاثة ايام

فطلبت منهم ارسالها بالبريد الممتاز حيث انني مرتبط بعمل و يجب ان اعود

فتركت لهم العنوان

وعدت إلى الفندق

وفي طريقي كنت احدث حيبيتي عبر الهاتف الخيلوي

واذا بسيدة جميلة عربية تقول لي : لو سمحت

فستأذنت حبيبتي بأن اقفل الخط و اني ساكلمها لاحقا حتى اعرف ما تريد هذه السيدة

اقفلت حبيبتي الخط و الحيرة تاكلها من راسها حتى أخمص قدميها كما احسست من ردها

قالت لي هذه السيدة انها تخاف ان تعبر هذا الشارع لوحدها فهي تعودت ان يرافقها شقيقها ولكنه مريض
وهي تخاف ان يضايقها احد .

فوافقت و اوصلتها و شكرتني وعدت ادراجي إلى الفندق

واتصلت بحبيبتي و اخبرتها ما حدث و كانت نتفهمة لابعد الحدود

حيث الثقة بيننا لا حدود لها


وعدت إلى وطني و اهلي و حبيبتي


وما هي الا ايام حتى وصلتني رسالة من المستشفى بها التقرير

اهتزت الدنيا تحت قدماي

و توقفت عقارب الساعة في زمني

واظلمت الدنيا حين قرأت ما قرأت

انا مصاب بسرطان الدم

جفت الدموع في عيناي

وانهارت احلامي

جلست على الرصيف اتهجى حروف التقرير علني اخطأت بالقراءة

اقسم بالله باني فرأت التقرير راسا على عقب عله يكون الخطا في قراتي

التفت يمينا و شمالا و اسال ك ماذا افعل

اضرب على راسي و اتحسس جسدي

وبكيت وبكيت

رباه ماذا افعل

عدت إلى المنزل

وارتميت على فراشي

رن الهاتف واذا بها حبيبتي تقول لي: ليس هناك شيء بالتحديد ولكن كنت اريد ان اقول لك باني ذاهبة
إلى السوق للتبضع واني احبك احبك احبك

بدر: وانا احبك اكثر مما تتصورين

قالت له: صوتك يوحي بانك لست على ما يرام

بدر: كلا ولكني متعب قليلا

قالت له: ما بك يا حبيبي ؟؟؟ الم يصل التقرير بعد؟؟؟

بدر: ............كلا لم يصل بعد

قالت له: وانا لن اخرج ...فكيف لي ان اخرج و حبيبي ليس على ما يرام

بدر: كلا يا حبيبتي اذهبي حيث تريدين و اسمتتعي بوقتك و سانتظر عودتك و اتصالك

قالت له: والله لو كان الخروج دوائي و شفائي من الموت لن اخرج و حبيبي مرهق.

بدر: كما تشائين و سأكلمك بعد ان ارتاح قليلا

قالت له: حسنا يا حبيبي و تذكر باني احبك و سأشتاق اليك حتى تحدثني و اني سأظل افكر بك طوال الوقت

بدر : وانا كذلك

و اقفلت السماعة و قلبي يتقطع واجهشت في بكاء مرير لم ابكه من قبل

كيف ساقول لها باني ميت
كيف سيكون ردة فعلها اذا علمت بانها تحب شخصا ميت

كيف سيتقبل اهلي الموضوع

كيف يكون لي ان اجهز و اقضي على ابي و امي و اخوتي و حبيبتي

ليتني لم اكن محبوبا

ليتهم يكرهونني فلا يحسون بموتي او يأسفوا علي


رفعت سماعة الهاتف و اتصلت على مكتب الحجز و الطيران و حجزت مقعدا على رحلة الغد
لاذهب إلى المستشفى و تعللت لاهلي و حبيبتي بان هناك اوراق يجب ان اوقعها و استلمها بنفسي من الجامعة


وسافرت

وصلت إلى المستشفى ادعو ربي بان يكون هناك خطأ ما في التقرير

ولكن اخبروني فعلا بأني مصاب بهذا الخبيث

واني في مراحل متقدمة من هذا المرض

وان فترة وجودي في هذا العالم محدودة

صحيح ان الاعمار بيد الله ولا راد لقضائه ولكنهم يتحدثون بما يرون

سلمت امري لله

و اصبحت افكر فيما سافعل و ما يجب ان افعل

كنت ابكي ليلا و نهارا

كان هاتفي يرن باستمرا فتمد يدي نحوه ....فاضربها بيدي الاخرى

كنت اعلم انها حبيبتي

ولكن لم اكن استطيع الرد

فما عساي ان اقول لها

هل احطمها

هل اقتلها في حبها

كيف لي ان ادمر حبيبتي

لن افعل ابدا

فحبي لها اكبر من ما يتصور البشر

فكرت و فكرت فقادني تفكيري إلى ما سافعل

خرجت من الفندق لا اعرف وجهتي

واذا بتلك السيدة التى اوصلتها إلى بيتها تجلس في ذلك المقهى

فنهضت من مكانها و طلبت من ان اجلس معها قليلا لتعبر لي عن شكرها

و فهمت من خلال حديثها و تلميحاتها بانها ساقطة

وتبيع جسدها من اجل المال

واثناء حديثنا رن جرس الهاتف و اذا بها حبيبتي

فوضعت الهاتف على فخذي تحتالطاولة و ضغطت على زر قبول المكالمة

و جعلت حبيبتي تسمع اني اخاطب فتاة

ولم انطق بكلمة و اقفلت الهاتف

و اتصلت بي مرة اخرى و هنا رددت عليها

واخبرتها باني في الجامعة و مشغول جدا وباني ساحدثها لاحقا

وسألت هذه الساقطة امامي عن سعرها

فأجابتني بابتسامة بانها معجبة بي و لن تاخذ من مالا

فعدت و كررت سؤالي

واخبرتني بسعر جسدها

فاخذتها معي إلى الفندق

وجلست بجانبي

واخرجت محفظتي و اعطيتها اضعاف ما طلبت

وقلت لها: ان لا اريد منك سوى قبلة واحدة

لاندهشت الساقطة من طلبي و قالت: قبلة؟؟؟؟ اتدفع هذا المبلغ من اجل قبلة

نعم و بشرط الا تلمسين جسدي ابدا حتى بيديك وان تكون هذه القبلة على رقبتي فتترك اثرا واضحا
باني كنت مع فتاة...

قالت: هل تحاول ان تغيظ احدا؟؟؟؟؟

قلت لها: بدون اسئلة و افعلي ما طلبت منكي

فتحت ازرار قميصي و اقتربت الساقطة مني و بدأت في تقبيلي على رقبتي قبلة قوية و طويلة لتترك اثرا كما طلبت

كانت تقبلني و كنت انظر إلى الاعلى وانا ابكي و دموعي تتساقط واتخيل حيبيتي و يزداد بكائي

انتهت الساقطة من قبلتها التي تركت اثرا كبيرا في رقبتي و في نفسي

وقالت لي : هل تريد قبلة اخرى

توجهت إلى الباب و طلبت منها الخروج حالا

غضبت الساقطة وقالت لي و هي تخرج: انت مريض نفسيا

اقفلت الباب و ارتميت على سريري و اجهشت في البكاء و قمت و اغتسلت و صليت و استغفرت ربي
فهو الوحيد الذي يعلم بمعاناتي


عدت إلى وطني و طلبت من حبيبتي ان اقابلها لنتعشى سويا فانا مشتاق لها

فوافقت وخرجنا

واثناء جلوسنا في المطعم استرت متعمدا لترى ما على رقبتي

فكأنها رأت الموت و تسمرت عيناها

وقلت ما بك حبيبتي

قالت : مالذي على رقبتك

سكت و لم انطق متعمدا

قالت والدموع تخنقها : لو خان البشر بعضهم بعضا لن اتوقع منك ذلك

يالك من حقير سافل لا تستحق الحياة

واخذت كأس الماء و سكبته في وجهي و نهضت

قمت و توجهت إلى الزجاج المواجه لموقف السيارات و انا اراها تخرج باكيه و هي تركب سيارتها

وضعت جبهتي و يداي على الزجاج وقلبي يصرخ: لا يا حبيبتي لست انا من يخون
اقسم بالله اني لم اخن يوما ولكنى اثرتك على نفسي و لا استطيع تدميرك بعد وفاتي

و كلما ابتعدت سيارتها عن ناظري كلما صرخ قلبي: عودي يا حبيبتي ارجوك

و اختفت عن ناظري و جثمت على ركبتي ابكي و كل من في المطعم يراقبني بدهشة

فعدت إلى منزلي

واذا يأهلها قد اتصلوا على اهلى و طلبوا مني تطليق زوجتي

اه و اه كيف لي ان اطلقها

كيف لي ان اتخيل بانها لم تعد لي

عرف اهلي السبب و لم يكن احدا منهم يقبل الحديث معي و خصوصا والدي الذي من فرط غضبه طردني من البيت

كان الجميع يتهمني بانني من جلب الهم لهذا البيت

بعت ما املك من محل و قطعة ارض

وسافرت و ها انا ذا نائما في هذا المستشفى

فعلت ما فعلت لاني لا اريد لهم الشقاء بعد موتي

ولا اريد تدمير حبيبتي

فهي لن تتزوج بعدي فانا اعرفها و اعرف حبها

وانا اعرف حبي

سأضحي بنفسي و لكن في سبيل اسعادها حتى بعد مماتي

فستنساني ان كرهتني حتى وان طال الوقت

ولكن سيبقى الجرح عميقا في نفسها ولن تهنأ يوما لو اخبرتها بما اصبت به من مرض

وما زلت في المستشفى

يمر العيد فلا اعلم هل اجهز ثوب العيد ام كفني!!!!


انتهى.


اقفل الطبيب الدفتر و مسح الدموع من عينيه

واذا بجهاز تخطيط القلب يدق نغمة الموت

وظهر الخط المستقيم

فانتفض الطبيب وهو يصرخ

يطلب النجدة تارة

ويصرخ في وجه بدر تارة اخرى ويقول وهو يبكي: ليس من حقك ان تموت قبل ان تخبرني هل اخبرهم ام لا؟؟؟
ستتركني محتارا هكذا طوال عمري



انتهى بدر و انتهت الحكاية ولا يزال الطبيب حائرا

-----------------------------------------------
اخواني و اخواتي اعضاء المنتدى:

لا اساس للواقع في هذه القصة غير ان كثيرين غيبهم الموت بسبب هذا المرض اللعين.


و تذكرت احدهم.....فكتبت ما كتبت
:" :" :( :( :":