المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عالم المرأة كيف تربين طفلك؟



فتى العين 11
13-03-2002, 07:09 AM
الشقائق : 10/1422 هـ :

بقلم : يوسف العابد (ماجستير أصول تربية ) :

لتربية الطفل أهمية خاصة فهو ليته المستقبل للأمة فإذا نشأ نشأة طيبة وعلم ورُبى على التربية الإسلامية الحقة نفع الأمة بإذن الله، ولذلك على الأسرة المسلمة أن تهتم بالطفل منذ نشأته الأولى من حيث حسن اختيار اسمه وإرضاعه وتربيته إلى أن يصبح شابًا يافعًا وذلك خشية أن تتولد مشاعر الحقد والغيرة بين الأبناء الأمر الذي قد يشعره بالنقص ويجعل تقدير الذات لديه منخفضًا، وديننا الإسلامي يحث على ضرورة المساواة بينهم في المعاملة والأعطية. ففي الحديث الشريف عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سوّوا بين أولادكم في العطية ولو كنت مفضلاً أحدًا لفضلت النساء) [رواه الطبراني والبيهقي ].

فالأطفال حساسون جدًا لآراء آبائهم فيهم، فالآباء هم المرأة العاكسة التي يرى الأطفال فيها حقيقتهم، فإذا كانوا يرون أنفسهم (ضعفاء) ينشأون على هذا الاعتقاد حول أنفسهم. فلا يوجد والد معصوم من الخطأ حيث يميل معظمنا إلى تكرار نفس المعاملة التي تلقيناها عندما كنا صغارًا. وسيكون مفيدًا كثيرًا إذا كنت قادرًا على تعيين الأنماط التي كانت تسيء إلى طفولتك وإبعادها عن طفلك. ومن المفيد أيضًا أن يوجد شخص يهتم بك وبطفلك ويمكنه تقديم (رأي خارجي) يبرز لك الجوانب التي لم تستطع التعرف عليها، ولعل ذلك يكون في المدرسة التي أخذت على عاتقها مسؤولية (رفع مستوى تقدير الذات لدى طفلك). فكثيرًا ما نسمع عبارة (ما أصعب هذا الأمر) دون أن لقي لها بالاً . وكثيرًا ما يفشل بعض الأطفال ويستسلمون بسهولة لواقعهم الفشل في المهمات الموكلة إليهم وهذا الأمر ينعكس على تقديرهم لأنفسهم فيصبحون يعانون من تقدير ذات منخفض ويتحدثون عن أنفسهم باستخفاف بل ويحطون من قدر أنفسهم وأحيانًا يلتزمون الصمت في المواقف التي تتطلب منهم أن يتكلموا أو يبادلوا أقرانهم الحديث. ومن هنا تبرز أمامنا قضية رفض الأطفال ذوي التقدير المنخفض للذات تلبية ما يطلب منهم خشية مزيد من الفشل، والبعض الآخر من الأطفال ذوي التقدير المنخفض للذات يظهرون قلقًا مفرطًا حول ما يفكر به الناس الآخرون أو ما يشعرون به بسبب فقدانهم الثقة بالذات. هذه السمات يقودنا إلى التعريج على مفهوم الذات عند الأطفال فما هو تقدير الذات؟ يمكننا القول أنه الطريقة التي يشعر فيها الطفل نحو نفسه سلبًا أو إيجابًا من حيث مكانته في الأسرة وعلاقته مع الآخرين (بما في ذلك الرعاية البيئية والمدرسية) ومن هنا يبرز دور المدرسة في تحسين تقدير الذات عند الأطفال، فعلى عاتق المدرسة يقع تحقيق ما يسمى بالتوافق النفسي والاجتماعي للطفل ، وذلك عن طريق تثقيف الطفل بثقافة مجتمعها الذي يعيش فيه وفهمها لعادات وتقاليد ومعايير وسلوك الجماعة بتسرب الثقافة السائدة وتعلمه حدود السلوك للغرب من غير المرغوب فيه، هذا بالنسبة للتوافق الاجتماعي، أما بالنسبة إلى تحقيق التوافق النفسي للطفل فهو أمر ليس بالسهل ، ولكنه ممكن إذا ما وجد الشخص الملم بحاجات الأطفال وخصائصهم النمائية ومتطلبات المرحلة وذلك من خلال تقديم كل ما يشبع رغبات وميول الطفل النفسية.

وبناءً على ما تقدم ذكره نستطيع القول بأن هناك بعض الطرق العامة التي يستطيع المعلم والأب من خلالها مساعدة الطفل على تحسين وتطوير تقدير الذات لديه، وهي :

أن نتقبل الأطفال كما هم: فترث عند إصدار أحكام على الأطفال مثل من يقول (أنت ولد سيئ جدًا أو ما شابه ذلك) ومن المهم عندما الطفل شيئًا خاطئًا أن نبلغه بأن ما فعله لم يكن مناسبًا، ولكن هذا لا يعني أنه غير محبوب أو سيئ بل على العكس نشعره بأننا لا زلنا نحبه.

أن نتجنب ممارسات المقارنة والتنافس وأن نبحث عن الفردية في الطفل :

الأصل أن يقارن الطفل مع نفسه، ويجب أن نبحث عن الموهبة الفردية لدى كل طفل، وهذا الأمر يمكن أن ينجزه المعلمون والآباء الذين يبحثون بفاعلية عن القدرة الفريدة لدى كل طفل. فالبحث عن هذه القدرات والمواهب والعمل على تنميتها وتحمل المصاعب في ذلك أمر هام لتطوير ذواتهم وأفهامهم. ولنتذكر دائمًا عدم إمكانية أن يكون كل فرد جيدًا في كل شيء ولكن من الممكن أن يكون كل فرد جيدًا في شيء.

تعزيز الثقة لدى الطفل بإعطائه مسؤولية معقولة :

وذلك من خلال إعطاء الطفل بعض المهمات التي يختارها هو دون ن نفرضها عليه أنت، وذلك لشعوره بالقوة والثقة بالنفس والإحساس بالفخر في إنجاز ما يختاره من أعمال ـ وأن نبتعد عن الفكرة القائلة بأنهم لا يستطيعون ذلك . فالأطفال لم يولدوا كذلك بل لديهم قدرات مختلفة، بل عبارة ما أصعب هذا العمل استوحوها من المدرسة لذا فنبتعد عن زج الأطفال في أعمال لا معنى لها لأن هذا يدمر مبادئهم ويحرمهم من مشاعر الجدارة والتقدير، فتقدير الذات عند الأطفال يعتبر أحد المواقع القوية للسلوك. فمعاملة الطفل بالقمع والإذلال والسخرية تعد مدمرة لذات الطفل وبالتالي قد ينجم عن مثل هذه التصرفات مع الأطفال ما يسمى بالعدوانية أو الاعتداء على الآخرين باعتبار أن ذلك يجلب له شيئًا من الشهرة والذيوع وتحقيقًا للذات.

إن افتقاد الطفل للحب مع إهمال الآخرين له، وعدم احترامهم وتقديرهم له يترتب عليه انسحاب الطفل من المجتمع الذي يعيش فيه وشعوره بالإحباط، وينجم عن ذلك ترديه في كثير من المشكلات التي تشير إلى عدم التوافق مثل اضطراب النطق والتلعثم في الكلام والعسرة في القراءة والجنوح إلى الكذب والسرقة .. الخ.

ومن هنا فإن الإسلام يقرر دور الأسرة القوي باعتبارها الخلية الأولى التي تستقبل الإنسان أول عهده بالدنيا، وهي المحضن الذي تتشكل فيه إلى حد كبير شخصية الفرد وتبنى فيها ذاته. فقد أشار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ذلك إشارة صريحة حيث قال: (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) وهذا الحديث الشريف يبين لنا مدى استطاعة الأبوين ـ وهنا ركنا الأسرة ـ النادر في بناء شخصية الطفل وفي شعوره تجاه ذاته وتجاه الآخرين.

ونلاحظ أيضًا أن القرآن الكريم قد ضرب لنا أروع الأمثلة في كيفية التعامل مع النفس الإنسانية متمثلاً في كيفية معاملة الآباء لأبنائهم والقدرة على مخاطبة الوجدان المفعم بالحس الإيماني الصادق في قوله تعالى: {وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم، ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنًا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير ـ وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفًا، واتبع سبيل من أناب إليّ ثم إليّ مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون، يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير، يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور، ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحًا إن الله لا يحب كل مختال فخور، واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير} [الآيات 13 ـ 19 لقمان].

وأخيرًا نستطيع القول إن الطفل المحقق لذاته هو شخص فاعل، يدرك الواقع بفعالية ويرى العالم والناس على حقيقتهم، وما يهمنا في هذا المجال هو الاهتمام بالنوازع الفطرية التي تهدف إلى تنمية قدرات الفرد بطريقة تخدم عملية تعزيز الذات لديه والمحافظة عليها، فالطفل لديه حاجة طبيعية نحو الشعور بالتقدير الإيجابي من قبل الآخرين في شكل مشاعر حب عميق وتقبل. وعادة ما تظهر هذه الحاجة ويتم تطويرها خلال مرحلة الطفولة المبكرة التي يعتمد فيها الطفل كلية على غيره من أجل المحافظة على حياته، وعن طريق إظهار الحب للطفل والاهتمام به، وتوفير متطلباته ورعاية أمره، يبدأ في الشعور بتقدير الغير واحترامه له.

هذا الأمر ليس بمستغرب فقد أشار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى وجوده منذ فجر الإسلام متمثلاً في الدعوة الخالدة : (ورجلان تحابا في الله) وهي دعوة إلى الحب المطلق وغير المشروط الذي يسعى إلى إقامة علاقات إنسانية غير متأثرة بدوافع المصلحة أو المنفعة الشخصية مع تقدير الإنسان لأخيه الإنسان لذاته دون سواها.

تــوتـه
14-03-2002, 04:15 AM
مشكور

وبارك الله فيك:)