المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من هوالصديق !!



Hossa
15-03-2002, 02:18 PM
الصديق هو الأنيس الذي تأنس بصداقته وقت السّراء بما يمليه عليك من خفة في التعامل وصفاء في الروح من غير مخادعة ولا مجاملة ولا حسد ولا مصلحة دنيوية هذا في وقت السرّاء وإيناسك به أشد في وقت الضراء والمحن

فتراه الى جانبك قدر إستطاعته فيتألم لآلامك ويحزن لحزنك فيعرض عليك كل ما تحتاجه من الأمور حتى ولو يتطلب ذلك إستئصال جزء من جسده قدر الإمكان فتراه لا يتردد لحظة واحدة في تلبية طلبك وأحيانا قد تأخذه محبته لك أن يضحي بحياته لنصرتك وقت الشدائد فتراه يصدقك في كل شيء ويكنّ لك المحبة والوفاء أينما كنت وسعد بلقائك دائما ويستقبلك بوجه بشوش وإذا غبت عنه يذكر محاسنك ويأنس بالحديث عن ذكرياتك الطيبة بين اصحابه ويأنّ لفراقك وقلبه يدمع قبل أن تدمع عينه ألما لما يتجرعه من لوعة الفراق

ألا ترى إن كلمة الصديق جاءت من الصدق في المعاملة ومن الصحبة الصادقة وشدة المحبة وقمة الوفاء

واذا توفرت كل تلك المعاني بين الأصدقاء بعيدا عن الدين فهوأمر ممدوح ولا شك في ذلك ولكنها تصبح عادة ولا يؤجر عليها فاعلها ولكن اذا ارتبطت بالدين فتكون جمالا على جمال ويؤجر فاعلها فالدين الإسلامي أعطى مكانة وتسمية أقوى من الصديق فجعله كالأخ فشاع هذا المصطلح بين المسلمين فالصديق هو الذي يصدقك في كل شيء دون لف ولا دوران

وكم ترى من الاصدقاء لم تصدق عليهم تسمية الصديق لأن صداقتهم لم تكن مبنية على الصدق والمحبة والوفاء وإنما كانت مبنية على اموردنيوية فتراها باءت بالفشل وذهبت مع ادراج الرياح وكلما تباعدوا اصبحت ذكرياتهم طي النسيان

أما نحن المسلمين فعندنا أمثلة كثيرة في تأريخنا الإسلامي لنماذج من الأصدقاء إستحقوا أن يكونوا مثلا للاخوّة والصداقة حيث نرى في إحدى الغزوات أن ثلاثة جرحى من الصحابة سقطوا في أرض المعركه مثخنين بالجراح وهم عطشى فنادى أولهم بالماء فلما هرعوا اليه ليسقوه شربة ماء سمع نداء بجانبه من أخيه وهو يطلب الماء فترك الماء وهو أشد حاجة اليه وقال لهم اسقوا أخي فلما ذهبوا الى الثاني ليسقوه شربة ماء سمع نداء من أخيه الآخر وهو يطلب الماء فترك الماء وقال اذهبوا به الى أخي فلما ذهبوا الى الثالث قال اذهبوا بالماء الى أخي فلما ذهبوا الى الاول وجدوه قد مات ولما ذهبوا الى الثاني وجدوه قد مات أيضا ولما ذهبوا الى الثالث وجدوه قد مات أيضا

نعم هكذا كان الإيثار وهكذا كانت الأخوة والصداقة وهكذا كانت التضحيات وأيضا كان أحدهم لا يرى أنه أحق بدرهمه من أخيه ويحكى أن بعض الناس ذهبوا الى أحد الصالحين فقالوا له نحن أخوة متحابين يحب بعضنا بعضا فقال لهم أ يعمد أحدكم أن يضع يده في جيب أخيه ويأخذ ما يحتاجه من المال قالوا لا قال اذاّ لستم كما تقولون

وتأريخنا الإسلامي يروي لنا قصة اثنين من المتحابين في الله كانت صداقتهم في منتهى القمة وكانوا في فترة من الزمان أصابتهم الحاجة فكل منهما إستقرض مبلغا من المال ولكن بعد فترة رزقهم الله حلالا طيبا فبادر كل واحد منهما بسداد الدين الذي على أخيه دون علمه نعم هكذا كانت النماذج

ولكن للأسف الشديد أصبح الاصدقاء في هذا الزمان في منأى عن تلك المعاني وبدلا من أن يقف أحدهم بجنب أخيه في المحن تراه يتحين له الفرص ليوقعه في الاخطاء ويبتعد عنه في الشدائد هذا على مستى الافراد واما على مستوى الجماعات والدول فأخذ الاصدقاء يصطفون الى جانب الاعداء ضد اخوانهم وأصدقائهم الحقيقيين بحيث يصبح الحليم فيه حيران فهل يا ترى نحن تكمن فينا تلك المعاني الجميلة للصداقة؟


تحياتي واحترامي

Hossa
15-03-2002, 02:58 PM
ابحث فلا بد من وجود ذرات نور وسط امواج الظلام