المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية مبادرة للسلام أم هدية للكيان الصهيوني؟!



MandN
17-03-2002, 03:51 AM
بقلم الاستاذ حسين شريعتمداري:
1ـ يحكى ان رجلاً عثر على افعى في الجبل في حال الموت اثر الصقيع وبتصوره انها غير خطيرة، أودعها في سلته، ونزل إلى المدينة يستعرضها للناس، وما ان لاحت اشعة الشمس الدافئة على الافعى حتى افاقت واخذت تهاجم الناس بلسعاتها السامة، فندم على فعلته.
2ـ ان النتيجة الطبيعية لمبادرة الأمير عبد الله ولي العهد السعودي بهدف اقرار السلام في الشرق الأوسط، حتى وان كانت قد طرحت عن حسن نيته ـ كما يعتقد وزير خارجيتنا ـ هي اخطر بكثير من خيانة انور السادات التي ارتكبها بحق العالم الإسلامي والشعب الفلسطيني. ويمكن اعتبار هذه المبادرة ونظراً لمفادها، بأنها (هدية لاسرائيل) تقدم للصهاينة في ذروة يأسهم وعجزهم امام ضربات الانتفاضة، وأصبحوا كتلك الافعى في حال الاحتضار، لتمنحها هذه المبادرة روحا جديدة، وتعدّها لشن حملات اوسع وأبشع. لماذا..؟!
3ـ رغم ان الاوساط الغربية تدعى بأن تفاصيل مبادرة سلام الأمير عبد الله لم تعلن بعد، ولكن هذا الادعاء لا يعدو كونه حيلة سياسية، لأن المحاور الرئيسية لهذه المبادرة قد أعلنت ومن البديهي ان تكون التفاصيل في اطار الخطوط العامة، إذاً فإن مفاد المبادرة واضح ولا حاجة للتفاصيل من اجل الحكم بشأنه.
وتشمل هذه المبادرة محورين:
أ ـ انسحاب اسرائيل من الاراضي التي احتلها عام 1967.
ب ـ في مقابل هذا الانسحاب تعترف السعودية وسائر الدول العربية باسرائيل رسمياً وتضمن امنها.
4 ـ بمقارنة بسيطة ومنطقية بين مبادرة الأمير عبد الله وقرار الأمم المتحدة رقم/242/ من جهة، وبين هذه المبادرة وخيانة انور السادات من جهة اخرى نرى ان مبادرة الأمير عبد الله تعد خطوة إلى الوراء قياسا بالقرار/242/ الذي يلزم اسرائيل بالانسحاب من اراضي 1967 والعودة إلى حدود الرابع من حزيران 1967 لكن ولي العهد السعودي يقترح في مقابل هذا الانسحاب منح جائزة كبرى هي الاعتراف الرسمي باسرائيل.
واما بالقياس مع خيانة انور السادات فان مبادرة الأمير عبد الله اكثر ذلة منها بدرجات إذ ان انور السادات وقع صلح كامب ديفيد مع اسرائيل في مقابل استعادة صحراء سيناء، في حين ان مبادرة الأمير عبد الله اقترحت الاعتراف باسرائيل رسميا من قبل كل الدول العربية، فاذا كانت معاهدة كامب ديفيد خيانة للعالم الاسلامي وفلسطين فقط، فان مبادرة السلام الاخيرة تعد خيانة اكبر بكثير من الاولى.
5ـ تمثلت ردود الفعل الغربية والصهيونية تجاه هذه المبادرة، في الاشادة والتقدير والترحيب وما سوى ذلك ولم يكن مثل هذا الترحيب من قبل الغرب واسرائيل مستبعداً، لأن هذه المبادرة تعد هدية للصهاينة وحماتهم الغربيين، في حين قد يكون الصهاينة يعيشون لحظاتهم الاخيرة في مواجهتهم لانتفاضة الشعب الفلسطيني التي ارهقتهم. ولكن من المستغرب هو دعم بعض الافراد والفئات من داخل البلاد لهذه المبادرة.
ورغم انه يمكن اعتبار هذا الدعم على حساب التصور الخاطئ لاولئك وسذاجتهم ـ ومن المؤمل ان يكون كذلك ـ ولكن نظرا لسابقة بعض المواقف من قبل بعض أعضاء وفئات هذا التيار، فلا بد من التحلي بالحذر اتجاه حركتهم الاخيرة، سيما ان عددا من التابعين للتيار المذكور قاموا بخطوة مشبوهة في اصدار بيان نسبوه إلى/172/ نائبا في المجلس كرروا وايدوا فيه اتهامات جورج تينت رئيس وكالة المخابرات الأمريكية ضد ايران.
6ـ تطرح مبادرة سلام ولي العهد السعودي في وقت ارهقت الانتفاضة الفلسطينية الكيان الصهيوني الغاصب، وضيقت العمليات الاستشهادية الخناق على الصهاينة، ولاول مرة يعترض الضباط الصهاينة ويمتنع جنودهم من مواجهة ابناء الانتفاضة، وتزداد موجة الهرب والهجرة المعاكسة من اسرائيل، ويدرك الرأي العام العالمي بشاعة الجرائم الصهيونية فسيكون الموت بانتظارهم عاجلا أم اجلاً، إذاً، فلماذا ينتحرون خوفا من الموت؟ ولمَ لا يقتلون الصهاينة بعملياتهم الاستشهادية؟ فبالتأكيد ستكون اسرائيل هي الخاسرة في هذه الحرب الاستنزافية نظراً لقلة الصهاينة الجبناء امام جموع المسلمين الغفيرة، وبديهي ان الصهاينة سينتهون بالموت الذي يفرضه عليهم ابناء فلسطين الاستشهاديون وستتحرر ليس فقط فلسطين بل الكثير من انحاء العالم الاخرى من وجود هذه الجرثومة الخبيثة.
فهل يمكن تجاهل هذه الحقائق التي يعترف بها حتى الصهاينة انفسهم؟ وفي حين يركع العدو امام الانتفاضة فلماذا نطرح مبادرة للسلام المذل؟
7ـ ليت الذين يرون اسرائيل جديرة باجراء الحوار معها، يدلوننا على حالة واحدة فقط من التزام الصهاينة بالعهود والمواثيق!
8 ـ واخيراً فان مشكلة الصهاينة لا تتمثل اليوم في الدول العربية، بحيث إذا ما تصالحت معها ستتخلص من قبضة الانتفاضة. إذاً فحتى لو وافقت الدول العربية على مبادرة سلام الأمير عبد الله، فانها لن تجدي الصهاينة نفعاً، فاليوم الدور دور المؤمنين المضحين الذين يرون الشهادة موهبة إلهية ويؤمنون بأن (الشعب الذي يملك الشهادة لن يؤسر).
www.haramain.org (http://www.haramain.org/khabr.htm)