المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فضل المعجزة القرآنية على المعجزات الحسيةread



the lion king
20-03-2002, 05:00 PM
الحمد لله ولاإله إلا الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم


لقد أدرك المؤمنون والكافرون منذ نزول القرآن العظيم أن ما به من العلوم المترامية والبينات الباهرة التي حار فيها أهل الحجى والألباب ، هو أمر وراء قدرة البشر وأبعد من مطمح الإنسان . علما بأنه قد جاء خاتما بعد تدفقات النهر الطويل من المعجزات قبله ، تلك التى كانت برهانا وشاهدا على صدق الأنبياء والمرسلين ، بيد أنه قد لوحظ أن تلك المعجزات كانت جميعها معجزات حسية ، تعتمد رأسا على خرق العادة وإتيان الأنبياء بالعجائب . وقد علل البعض ذلك بتناسب خصائص المعجزة مع الحالة الثقافية والذهنية لمن جاءت لهم ، إذ من المعلوم أنه كلما تدنت


درجة الفكر وانحطت قدرات الذهن ، استلزم ذلك اعتماد المرشد على الحسيات دون المعقولات وعلى الملموسات دون المتصورات . وانتهى أصحاب هذا الرأى إلى أن ارتكاز الآيات في القرون الأولى على الحس والمشاهدة وخرق العادة وكسر السنن الكونية ، إنما يرجع بالدرجة الأولى لقصور العقول في هذه المراحل المبكرة من تاريخ العالم ، بحيث لا يؤمن الناس إلا بصدمة مشاهدة ملموسة تلفتهم لفتا إلى ما يراد منهم ومن هنا أوتي موسى عليه السلام العصا بآياتها وعجـائب ما وضع الله تعالى فيها ، وأوتي عيسى القدرة بإذن الله على إحياء الموتى ، وهي معجزة هائلة لقوم غافلين .
حتى جاء محمد (صلى الله عليه وسلم) ، فكانت معجزته عقلية فكرية بلاغية ، وذلك لتطور البشرية من حالة الجهالة المطبقة ، والظلام الدامس إلى إعمال العقل وتحرر الفكر وترامي العمران وتشابك الإتصال بين الأمم والشعوب . وقد يجاب عن هذا الرأي بأن من جاءتهم المعجزات الحسية كانوا على حضارات مشيدة وإثارة للأرض وتعمير وفنون ربما تقاصرت عنها همم المتأخرين ، فكيف يمكن على هذا اعتبارهم على ما وصفوا من خمول العقول وفتور المعرفة وبلادة الأذهان ؟!، فالجواب عن ذلك يقوم على مرتكزين : الأول : أن الحالة العمرانية والحضارية وإن كانت في بعض الأمم على ما ذكر من الازدهار والتقدم الذي وصف بعضه القرآن الكريم ، إلا أنهم من الجهة الغيبية والإعتقادات الأخروية ، كانوا على غاية البدائية ، بما لا يفرقهم عن الهمج الرعاع في الأحراش النائية والأصقاع المهجورة في أقاصب الأرض بين الجبال الموحشة والمفاوز المجهولة ، فلا فرق بين الفريقين في عبادة الطوطم والحيوان والجماد وبعض أعضاء الإنسان

:!