المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بدع عاشوراء



شموع لا تنطفئ
23-03-2002, 03:28 PM
سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابن تيمية رحمه الله عَمَّا يَفْعَلُهُ النَّاسُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ مِنْ الْكُحْلِ, وَالِاغْتِسَالِ, وَالْحِنَّاءِ وَالْمُصَافَحَةِ, وَطَبْخِ الْحُبُوبِ وَإِظْهَارِ السُّرُورِ, وَغَيْرِ ذَلِكَ.. فَهَلْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ وَإِذَا لَمْ يَرِدْ حَدِيثٌ صَحِيحٌ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ فِعْلُ ذَلِكَ بِدْعَةً أَمْ لَا؟ وَمَا تَفْعَلُهُ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى مِنْ الْمَأْتَمِ وَالْحُزْنِ وَالْعَطَشِ, وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ النَّدْبِ وَالنِّيَاحَةِ, وَقِرَاءَةِ الْمَصْرُوعِ, وَشَقِّ الْجُيُوبِ. هَلْ لِذَلِكَ أَصْلٌ أَمْ لَا؟

الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لَمْ يَرِدْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ, وَلَا اسْتَحَبَّ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ لَا الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ, وَلَا غَيْرِهِمْ. وَلَا رَوَى أَهْلُ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ فِي ذَلِكَ شَيْئًا, لَا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا الصَّحَابَةِ, وَلَا التَّابِعِينَ, لَا صَحِيحًا وَلَا ضَعِيفًا, لَا فِي كُتُبِ الصَّحِيحِ, وَلَا فِي السُّنَنِ, وَلَا الْمَسَانِيدِ, وَلَا يُعْرَفُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَلَى عَهْدِ الْقُرُونِ الْفَاضِلَةِ. وَلَكِنْ رَوَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي ذَلِكَ أَحَادِيثَ مِثْلَ مَا رَوَوْا أَنَّ مَنْ اكْتَحَلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ يَرْمَدْ مِنْ ذَلِكَ الْعَامِ, وَمَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ لَمْ يَمْرَضْ ذَلِكَ الْعَامِ, وَأَمْثَالِ ذَلِكَ.. وَرَوَوْا فِي حَدِيثٍ مَوْضُوعٍ مَكْذُوبٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: {أَنَّهُ مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ السَّنَةِ}. وَرِوَايَةُ هَذَا كُلِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَذِبٌ.

ثم ذكر رحمه الله ملخصاً لما مرّ بأول هذه الأمة من الفتن والأحداث ومقتل الحسين رضي الله عنه وماذا فعلت الطوائف بسبب ذلك فقال:

فَصَارَتْ طَائِفَةٌ جَاهِلَةٌ ظَالِمَةٌ: إمَّا مُلْحِدَةٌ مُنَافِقَةٌ, وَإِمَّا ضَالَّةٌ غَاوِيَةٌ, تُظْهِرُ مُوَالَاتَهُ, وَمُوَالَاةَ أَهْلِ بَيْتِهِ تَتَّخِذُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ يَوْمَ مَأْتَمٍ وَحُزْنٍ وَنِيَاحَةٍ, وَتُظْهِرُ فِيهِ شِعَارَ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ لَطْمِ الْخُدُودِ, وَشَقِّ الْجُيُوبِ, وَالتَّعَزِّي بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ.. فَكَانَ مَا زَيَّنَهُ الشَّيْطَانُ لِأَهْلِ الضَّلَالِ وَالْغَيِّ مِنْ اتِّخَاذِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ مَأْتَمًا, وَمَا يَصْنَعُونَ فِيهِ مِنْ النَّدْبِ وَالنِّيَاحَةِ, وَإِنْشَادِ قَصَائِدِ الْحُزْنِ, وَرِوَايَةِ الْأَخْبَارِ الَّتِي فِيهَا كَذِبٌ كَثِيرٌ وَالصِّدْقُ فِيهَا لَيْسَ فِيهِ إلَّا تَجْدِيدُ الْحُزْنِ, وَالتَّعَصُّبُ, وَإِثَارَةُ الشَّحْنَاءِ وَالْحَرْبِ, وَإِلْقَاءُ الْفِتَنِ بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ, وَالتَّوَسُّلُ بِذَلِكَ إلَى سَبِّ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ.. وَشَرُّ هَؤُلَاءِ وَضَرَرُهُمْ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ, لَا يُحْصِيهِ الرَّجُلُ الْفَصِيحُ فِي الْكَلَامِ. فَعَارَضَ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ إمَّا مِنْ النَّوَاصِبِ الْمُتَعَصِّبِينَ عَلَى الْحُسَيْنِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ, وَإِمَّا مِنْ الْجُهَّالِ الَّذِينَ قَابَلُوا الْفَاسِدَ بِالْفَاسِدِ, وَالْكَذِبَ بِالْكَذِبِ, وَالشَّرَّ بِالشَّرِّ, وَالْبِدْعَةَ بِالْبِدْعَةِ, فَوَضَعُوا الْآثَارَ فِي شَعَائِرِ الْفَرَحِ وَالسُّرُورِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ كَالِاكْتِحَالِ وَالِاخْتِضَابِ, وَتَوْسِيعِ النَّفَقَاتِ عَلَى الْعِيَالِ, وَطَبْخِ الْأَطْعِمَةِ الْخَارِجَةِ عَنْ الْعَادَةِ, وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُفْعَلُ فِي الْأَعْيَادِ وَالْمَوَاسِمِ, فَصَارَ هَؤُلَاءِ يَتَّخِذُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ مَوْسِمًا كَمَوَاسِمِ الْأَعْيَادِ وَالْأَفْرَاحِ. وَأُولَئِكَ يَتَّخِذُونَهُ مَأْتَمًا يُقِيمُونَ فِيهِ الْأَحْزَانَ وَالْأَتْرَاحَ وَكِلَا الطَّائِفَتَيْنِ مُخْطِئَةٌ خَارِجَةٌ عَنْ السُّنَّةِ, وَإِنْ كَانَ أُولَئِكَ أَسْوَأَ قَصْدًا وَأَعْظَمَ جَهْلًا, وَأَظْهَرَ ظُلْمًا.. وَلَمْ يَسُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ, لَا شَعَائِرَ الْحُزْنِ وَالتَّرَح, وَلَا شَعَائِرَ السُّرُورِ وَالْفَرَحِ..

وَأَمَّا سَائِرُ الْأُمُورِ: مِثْلُ اتِّخَاذِ طَعَامٍ خَارِجٍ عَنْ الْعَادَةِ , إمَّا حُبُوبٌ وَإِمَّا غَيْرُ حُبُوبٍ, أَوْ تَجْدِيدُ لِبَاسٍ وَتَوْسِيعُ نَفَقَةٍ, أَوْ اشْتِرَاءُ حَوَائِجِ الْعَامِ ذَلِكَ الْيَوْمِ, أَوْ فِعْلُ عِبَادَةٍ مُخْتَصَّةٍ. كَصَلَاةٍ مُخْتَصَّةٍ بِهِ, أَوْ قَصْدُ الذَّبْحِ, أَوْ ادِّخَارُ لُحُومِ الْأَضَاحِيّ لِيَطْبُخَ بِهَا الْحُبُوبَ, أَوْ الِاكْتِحَالُ وَالِاخْتِضَابُ, أَوْ الِاغْتِسَالُ أَوْ التَّصَافُحُ, أَوْ التَّزَاوُرُ أَوْ زِيَارَةُ الْمَسَاجِدِ وَالْمَشَاهِدِ, وَنَحْوُ ذَلِكَ, فَهَذَا مِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ, الَّتِي لَمْ يَسُنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ, وَلَا اسْتَحَبَّهَا أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ لَا مَالِكٌ وَلَا الثَّوْرِيُّ, وَلَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ, وَلَا أَبُو حَنِيفَةَ, وَلَا الْأَوْزَاعِيُّ, وَلَا الشَّافِعِيُّ, وَلَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ, وَلَا إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ, وَلَا أَمْثَالُ هَؤُلَاءِ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ, وَعُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ.. [الفتاوى الكبرى لابن تيمية]

وذكر ابن الحاج رحمه الله من بدع عاشوراء تعمد إخراج الزكاة فيه تأخيراُ أو تقديماُ، وتخصيصه بذبح الدجاج واستعمال الحنّاء للنساء: [المدخل ج1 يوم عاشوراء]


نسأل الله أن يجعلنا من أهل سنة نبيه الكريم وأن يحيينا على الإسلام ويميتنا على الإيمان وأن يوفقنا لما يحب ويرضى ونسأله أن يُعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته وأن يتقبل منا ويجعلنا من المتقين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

موقع الإٍسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد المنجد

مهندس 2000
24-03-2002, 11:59 PM
جزاك الله خيرا ووفقك لما يحب ويرضى .
موضوع طيب ومفيد لمن اراد الاستفاده .

dajjani
25-03-2002, 11:46 PM
الله يجعلها في موازين اعمالك آمين يارب ويحفظنا ويحفظك من كل مكروه اختي شموع.