المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : واخيرا تم كشف الحقيقة ...



الشاب الحزين
23-03-2002, 06:35 PM
النقل التلفزيوني لمباريات كأس العالم أصبح قضية شائكة، فالاتحاد الدولي لكرة القدم يدعو إلى انتشار اللعبة في جميع أنحاء العالم، وقوانينه واتفاقاته مع شركات النقل التلفزيوني تؤكد على ضرورة أن يشاهد المباريات أكبر عدد من سكان الكرة الأرضية، ولكن يُقال إنه يبيع حقوق النقل التلفزيوني على الشركات بمبالغ باهظة، وهذه تقوم بتشفيرها ليدفع المشاهد «دم قلبه» على مباراة مدتها تسعون دقيقة قد تؤدي أحداثها إلى ارتفاع ضغط الدم لديه. والاتحاد الدولي لكرة القدم عندما يغالي في سعر نقل المباريات هذه فعذره الوحيد أن مبالغ النقل التلفزيوني تذهب إلى المنتخبات المشاركة وإلى تطوير كرة القدم في العالم. والمشاهد في كل أنحاء العالم وقع في حيرة بين قوانين الفيفا التي تدعو إلى انتشار هذه اللعبة وبين جشع مسيري الفيفا في مغالاتهم بأسعار النقل التلفزيوني.
ونحن في المملكة جزء من شعوب الكرة الأرضية التي طبقت على كرتها قوانين الفيفا التي تلقفها «المشفِّرون» وأصبحوا يعزفون على النغمة النشاز «من أراد أن يشاهد فليدفع». ولا مشكلة في ذلك فالغالبية في المملكة ليسوا حريصين على أي دوري في العالم ما عدا كرتهم المحلية ومباريات المنتخب. أما وأن مباريات المنتخب في المونديال أصبحت تحت مقصلة التشفير، فهذه مشكلة حقيقية ستواجه المواطن الذي يحرص كل الحرص على مشاهدة أبناء الوطن وهم يرفعون الراية عالياً في المونديال.
بالقانون تلفزيونيا ينقل المباريات مجاناً
ليس لأحد الفضل في جعل تلفزيوننا ينقل مباريات منتخبنا مجاناً فاتفاقات الاتحاد الدولي لكرة القدم تفرض ذلك وتعطيه هذا الحق. وقبل أيام نشرت صحافتنا المحلية أن الأستاذ صالح كامل «راديو وتلفزيون العرب» تفضل على المشاهد السعودي بتمكينه من مشاهدة مباريات المنتخب السعودي في المونديال - مجانا - من خلال التلفزيون السعودي ولكن ما القصة الحقيقية لذلك؟ وهل هذا «التفضل» كان اختيارياً أم غير ذلك؟
هذا التساؤل يعود بنا عدة أشهر مضت عندما حصلت شركة «كيرش» الأمريكية على حقوق بث مباريات كأس العالم، وذلك باتفاقها مع الاتحاد الدولي لكرة القدم، وطبعا كانت السعودية وتونس - المتأهلتان إلى المونديال - من ضمن المناطق التي يشملها الاتفاق، وهذه فرصة عظيمة للشركة لامتصاص الأموال العربية، بالرغم من أن للسعودية ولتونس الحق في مشاهدة مباريات منتخبيهما مجاناً، لأن المنتخبين العربيين من ضمن النخبة الكروية في المونديال وأنظمة الاتحاد الدولي تضمن للدولتين المشاهدة المجانية.
ذكاء الشركة الأمريكية
الشركة الأمريكية بذكائها التجاري حاولت ابتزاز المملكة وذلك بعرض نقل مباريات كأس العالم «64 مباراة» من خلال التلفزيون السعودي الذي يبث أرضيا لا فضائيا بمبلغ 25 مليون دولار يا له من مبلغ خيالي! - وقد أوضح المفاوضون السعوديون للشركة أن الرقم الذي طلبته مبالغ فيه، وحاولوا اقناعها بسعر معقول، وتدخلت في المفاوضات شخصية كبيرة، فتعطفت الشركة وتلطفت وأمرت مندوبها بخصم 10% من أصل المبلغ وذلك تقديرا لهذه الشخصية ليصبح ما تطلبه هو «5. 22 مليون دولار» وليس صحيحاً أن للمشفِّرين دور في هذا الخصم الذي جاء بعد مفاوضات مضنية مع مندوب الشركة وبالرغم من ذلك إلا أن المبلغ ما زال كبيرا وخارج صلاحيات المفاوضين.
والشركة الأمريكية - بذكائها - لم تحاول أثناء المفاوضات فتح موضوع «التلفزيون المجاني» أي أن للمشاهد السعودي الحق في الاستمتاع بمشاهدة مباريات منتخب بلاده مجاناً، وذلك في حركة تسويقية تجارية منها «إلا أن هذه الحركة لم تنطل على المفاوضين السعوديين وانطلت بعد ذلك على المشفِّرين».
الشركة الأمريكية عندما لم تنجح في مفاوضاتها وذلك بإصرارها على «المبلغ الخرافي» وقف مندوبها وقال بملء فمه - للمفاوضين السعوديين - إن لم تقبلوا هذا العرض فلدينا عرض من راديو وتلفزيون العرب ولكن أحببنا أن نعرض ذلك عليكم أولاً.
هل عمل المشفِّرون على رفع السعر
هنا المصيبة فشركة التشفير قدمت عرضها قبل دخول المندوب المفاوضات مع المفاوضين السعوديين، أي أنه كان ينظر إلى محاولات المفاوضين إقناعه بتخفيض المبلغ بنوع من اللامبالاة، لأن بيد شركته عرضا مسبقا. وهنا السؤال الكبير الذي لا يحمل خبثا «هل عملت شركة التشفير على رفع السعر على التلفزيون السعودي من منطلق «المنطق القديم... مَنْ أراد أن يشاهد فليدفع» وأن هذه أصبحت فرصة لتركيع من لم يشترك في قنواتها؟ فعلاً مصيبة كبيرة أن يأتي من يغري الشركة بمبالغ لا يستطيع تلفزيونيا دفعها. فالشركة الأمريكية دخلت المفاوضات وفي يدها عقد أي أن ما تطلبه مضمون، فهل كانت مفاوضاتها مسرحية أعدها وأخرجها المشفِّرون حتى تفرض علينا شروطاً لا يستطيع تلفزيوننا قبولها ونتجه نحن إلى أخف الضررين وهو الاشتراك في قنوات التشفير..؟ الله أعلم!
للتلفزيون السعودي الحق في مباريات أخرى
الشركة الأمريكية - بذكائها التجاري - حاولت تفسير كلمة «التلفزيون المجاني» التي وردت في اتفاقها مع الفيفا على أنه ليس شرطا أن يكون تلفزيون دولة «كالسعودية مثلا»، فانطلى هذا الأمر على المشفِّرين وتعاقدوا معها باعتبار أنهم يستطيعون تشفير مباريات المنتخب السعودي، ولكن أُسقط في أيديهم فيما بعد حينما أوضح الاتحاد الدولي لكرة القدم أن لمواطني السعودية الحق في مشاهدة عدة مباريات مجانا هي المباراة الافتتاحية ومباراتا الدور قبل النهائي والمباراة الختامية ومباريات المنتخب السعودي مع كل من ألمانيا والكاميرون وأيرلندا ومبارياته القادمة إذا تأهل للدور الذي يليه. إذن فالمشاهد السعودي موعود - على الأقل - بسبع مباريات وليس ثلاثا.
العودة إلى اتفاق كيرش
نعود إلى الشركة الأمريكية صاحبة الحقوق فقد أوضحت للمفاوضين أن نيتها تتجه للتعاقد مع «ART» لإعطائها حق عرض المباريات، وأن الاتفاق في ذلك يلزم «ART» ببث مباريات المنتخب السعودي غير مشفرة وكذلك الأربع مباريات الأخرى «الافتتاح والدور قبل النهائي والنهائي» - أي مجاناً - على المحطة الأرضية وذلك حسب اتفاقها مع الاتحاد الدولي لكرة القدم «والعقد شريعة المتعاقدين» وهنا يجب أن يشكر الأستاذ صالح كامل «راديو وتلفزيون العرب» على أريحيته التي شملت المواطنين الذين لا يمتلكون «ريسفر» عندما وافق على قيام التلفزيون السعودي ببث مباريات منتخبنا..ولكن يبقى للمشاهد السعودي في ذمة راديو وتليفزيون العرب أربع مباريات أخرى منها مبارتا الافتتاح والنهائي، وذلك حسب اتفاقه مع شركة كيرش.
التلفزيون المجاني
ورط مفاوضونا في تفسير كلمتي «التلفزيون المجاني» ولكن الشركة الأمريكية فسرت ذلك لهم - وهو تفسير غير صحيح - ان التلفزيون المجاني ليس بالضرورة التلفزيون السعودي في إشارة إلى عرض راديو وتلفزيون العرب، في حين أن اتفاق الفيفا مع الشركة الأمريكية نص صراحة على الآتي «ان أيا أو كل المباريات الخاصة بالمنتخب الوطني للبلد المشارك في كأس العالم يجب ان تذاع حية على الهواء على التلفزيون المجاني الأرضي في هذا البلد».
وعندما جابه المفاوضون مندوب الشركة بهذا النص طلب منهم إحضار خطاب صريح بهذا المعنى من الاتحاد الدولي لكرة القدم للحصول على حقوق بث المباريات«مباريات المنتخب والأربع الأخرى» ولم يعجز ذلك المفاوضون فقاموا بتوفير هذا الخطاب وكان موجها من مدير إدارة البث بالاتحاد الدولي إلى الأستاذ عبدالله الدبل «المنسق السعودي مع الفيفا بهذا الشأن» ونصه كالتالي:
7 يناير
السيد/ عبدالله الدبل - عضو اللجنة التنفيذية في الاتحاد الدولي لكرة القدم
الموضوع: كأس العالم 2002م - سياسة التوزيع.
عزيزي الدبل
إشارة إلى المكالمة الهاتفية التي دارت بيننا اليوم «7 يناير» أفيدكم أن سياسة الاتحاد الدولي للتوزيع الخاصة بكأس العالم 2002م توفر التغطية الكاملة للبث التلفزيوني المجاني في نطاق الدولة للمباريات التالية:
- المباراة الافتتاحية.
- مبارتا الدور قبل النهائي.
- المباراة النهائية.
- أية مباراة يشارك فيها منتخب البلد المتأهل.
إن الجهة التي أُعطيت حق البث في المنطقة المقصودة يجب أن تضمن تنفيذ الالتزامات بطريقة تمكن أكبر عدد من المشاهدين من مشاهدة المباريات عبر محطات التلفزيون على أن يكون البث في نطاق الدولة مجاناً على الهواء دون أية اشتراكات.
التوقيع: روجر فينر
مدير إدارة البث بالاتحاد الدولي لكرة القدم
هذه رسالة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار لا تحتمل الشك أو اللبس في مضمونها ومعناها قدمها المفاوضون لمندوب الشركة، كما قدموا رسالة أخرى من روجر فينر مؤرخة بتاريخ 10 يناير 2002 وموجهة أيضاً إلى الأستاذ عبدالله الدبل تضمنت تأكيدا وتوضيحا أكثر لما ورد في الرسالة الأولى المؤرخة بتاريخ 7 يناير.
من كواليس المفاوضات
- فاوض الشركة المذكورة فريق سعودي مكون من مسؤولين في وزارة المالية ووزارة الإعلام والرئاسة العامة لرعاية الشباب.
- تدخل معالي وزير الإعلام في المفاوضات مما حدا بالشركة إلى إجراء تخفيض قدره 10% على عرضها الأول.
- الأستاذ عبدالله الدبل كان منسق المفاوضين مع الاتحاد الدولي.
- عرضت شركة كيرش على اتحاد الإذاعات العربية مبلغ مائة مليون دولار لنقل جميع مباريات كأس العالم.
- عجز فريق التفاوض عن إقناع الشركة ببث المباريات «مسجلة» بعد انتهائها بوقت كاف وأصرت الشركة على المبلغ الذي طلبته حتى وأن تم بث المباريات مسجلة وليس على الهواء مباشرة.
- الحقوق الممنوحة للشركة لا تسمح إلا بالبث الأرضي.
- يُقال إن تونس اشترت حق بث مباريات البطولة بمبلغ بسيط يتم استيفاؤه من الدعايات التلفزيونية.
- أُعطيت الشركة الحق في التفاوض مع الدول مباشرة دون اتحاد الإذاعات العربية.
- بسبب «التشفير» لم يستطع تلفزيوننا نقل فعاليات القرعة.
- مندوب الشركة أوضح صراحة لفريق التفاوض السعودي ان لديه عرضا من راديو وتلفزيون العرب.
- يُقال إن راديو وتلفزيون العرب اشترى حقوق البث الحصري لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمبلغ 86 مليون دولار على أن تكون منطقة الجزيرة العربية ضمن هذا البث الحصري «إذن كيف ستقبل الشركة ب- 25 مليون دولار من التلفزيون السعودي».
- ويُقال أيضا إن راديو وتلفزيون العرب لم يعلم - حين اتفق مع الشركة - ان أنظمة الفيفا تضمن للمشاهد السعودي ما لا يقل عن سبع مباريات «مجاناً على الهواء» وهذا ما جعل مسؤوليه يقولون إنهم تبرعوا بها مجاناً للتلفزيون السعودي.
هذه بعض الحقيقة وهنا يجب شكر وزارة الإعلام والرئاسة العامة لرعاية الشباب على جهودهما في محاولة كسب بث مباريات كأس العالم جميعها للمشاهد السعودي، وأن لم تكلل هذه الجهود بالنجاح الكامل لأسباب مادية ولمغالاة الشركة في مطالبها المالية ولتدخل «أطراف أخرى».