المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عالم المرأة إلي التي تظن أن قطار الزواج قد فاتها ..



شموع لا تنطفئ
31-03-2002, 10:30 AM
إلي التي تظن أن قطار الزواج قد فاتها ..

تحت عنوان العنوسة بين الألم والأمل كتب الكاتب الفلسطيني مخلص رزق يقول:
هالني ذلك الخبر الذي قرأته مؤخرا عن أن أعداد أخواتنا العانسات في الجزائر يناهز الستة ملايين ،بل إنه مرشح للازدياد في ظل تدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية والاجتماعية هناك ،واعترتني كآبة شديدة؛فظاهرة العنوسة تزحف علي كل الدول العربية 0تخيلت معها حالة كل واحدة محرومة من "فرحة العمر "،وقررت معها أن أخط هذه الكلمات لكل أخت تظن أن قطار الزواج قد فاتها ، أو أنه على وشك ذلك،يدفعني في ذلك كوننا جسدًا واحدًا يتألم ويحزن ويتوجع لتألم وتوجع جزء منه00
نعم لقد علمنا الله تعالى في كتابه الكريم الاهتمام بكل شأن يخص أخواتنا المؤمنات،لا كما يزعم أعداء هذا الدين من الحاقدين والمبغضين له والصادين عنه بتصوير الملتزمين بهذا الدين بصورة منفرة ،وأنهم يستنكفون عن التعامل مع أي أمر يخص المرأة ويبتعدون عنه00 وخلال تناولي لهذا الموضوع المؤلم الحزين لن أغرق القارئ في الأحزان ؛ لأن الحزن ليس علاجًا ولا دواءً لما نعاني منه من نوائب ومحن ، فلا بأس به كمحطة قصيرة تتحرك معها المشاعر لتوجيه الطاقات وتفعيل الأفراد للعمل على الخروج من مسببات تلك الأحزان والآلام ، فرسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم يكن يخفى أحزانه في كثير من المواقف المؤلمة المؤثرة فدمعت عيناه ، وخشع قلبه ، وتحرك لسانه "إنا لفراقك لمحزونون " إلا أن ذلك كان مقيدًا بقوله : "ولا نقول إلا ما يرضى ربنا" وعلى الرغم من أن حياته كانت كلها مليئة بفقد الأحباب والأصحاب ، ومكابدة مكائد الأعداء إلا أن ذلك لم يثنه ( صلى الله عليه وسلم ) عن المضي في الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله لاعلام دينه وإقامة شرعه .
وهكذا يجب علينا رجالاً ونساًء أن نقتفي أثره ( صلى الله عليه وسلم ) فلا نستسلم للأحزان ولا ننقاد لها ، بل ونترفع عليها ونرتقى بدائرة اهتمامنا لتتخطى حاجاتنا الشخصية فتشمل هموم الأمة بأسرها ، والحاجة الشخصية التي نعنيها هنا ما أشرنا إليه في بداية هذا المقال والتي تتمثل في بناء بيت زوجي وتعميره بالأبناء والذرية .
ولعل في امرأة فرعون مثالاً يحتذي في ذلك فهى كانت تحس بذلك الفراغ الذي تشعر به كل امرأة فطرياً برغبتها في تربية طفل تلاعبه وتناغيه وتسكب عليه من فيض حنانها ، ولم ينجح فرعون بكل ما يملكه من جاه وسلطان أن يملأ عليها ذلك الفراغ ، فما كان منها إلا أنْ ارتفعت وتسامت فوق حاجاتها ورغباتها الدنيوية لتطمع فيما عند الله جل جلاله ، فنالت بصبرها وإيمانها أعظم ما يمكن أن تحظى به امرأة ، وهو أن تكون زوجة من زوجات الرسول الكريم ( صلى الله عليه وسلم) في الجنة ، هى ومريم ابنة عمران وكلثم أخت موسى (عليه السلام ) كما أورد ذلك ابن كثير في البداية والنهاية .
وهكذا فان كل امرأة مسلمة مؤمنة قانتة عابدة صابرة محتسبة لم تنل نصيبها من الزواج في الدنيا سوف يعوضها الله في الآخرة خيرا بتزويجها بأحد الصالحين في الجنة مع تفضيلها درجات ودرجات على الحور العين .
فما على أخواتنا إلا التشمير في الطاعات والاجتهاد في العبادات أسوة بالشباب العزاب الذين لا يملكون الباءة ،فإن أمر النبي (صلى الله عليه وسلم)لهم بالصيام إنما هو توجيه للإكثار من الطاعات التي تعين على سد الفراغ الآني( مع عدم إنكار خصوصية الصيام في ذلك )0
وهمسة في أذن كل أخت تنتظر الفارس الموعود: ( قد تلحقين بقطار الزواج وقد لا تدركينه وعندها تذرعي بالصبر ، والرضا بالقضاء مع مداومة الدعاء ،خاصًة دعاء موسى (عليه السلام)
"رب إنى لما أنزلت إلىّ من خيرٍ فقير" ، فقد ذكر المفسرون أنه كان يريد بالخير الطعام والشبع ، إلا أن الله تعالى أعطاه ذلك وزياده، فما أن أتم دعاءه إلا وجاءته إحداهن : ( فجاءته إحداهما تمشى على استحياء ) فكان من بركة ذلك الدعاء أن يسر الله له العمل والمأوى والعفاف ، وقد أخبرني الكثير بعجائب ذلك الدعاء من قلب خاشع مخبت لله تعالى .
وتذكري أيتها الأخت أنه إن فاتك قطار الزواج فكثيرات جدا قد فاتهن ذلك القطار ، وكثيرات أيضا فاتهن قطار العافية فابتلين في أجسادهن ، وكثيرات فاتهن قطار الجمال أو المال أو الجاه أو الأمن والأمان وحسبك – وهو الأهم – أنك لم يفتك قطار الهداية والأيمان ، فلتحمدي الله تعالى أنك في كنفه ورعايته وحفظه ، وأن لك حصنا منيعًا تتحصنين به من مضلات الفتن ومزالق الغواية وأن لك أنيسًا في كتاب ربك .
وختاما وكما يقول المثل : " من رأى مصيبة غيره هانت عليه مصيبته" فلتتألمي في أحوال أخواتك شرقا وغربا في البوسنة والهرسك ، وكوسوفا وكشمير والشيشان وغيرها من مناطق أمتنا المنكوبة .
كما أنني أدعوك وكافة الأخوات لمشاهدة الفيلم الوثائقي (( القمر السجين )) الذي يحكى معاناة أخواتنا زوجات وأخوات الشهداء والأسرى والمعتقلين والمطاردين في الأرض المباركة فلسطين لتهون عليكن معاناتكن ، سائلاً المولى القدير أن يذهب عنكن الهم والغم ، وأن يسبل عليكن الستر والعفاف ويرزقكن أزواجا صالحين وذرية صالحة ، وأن يحفظ عليكن دينه 0
الكاتب الفلسطيني مخلص برزق- مجلة الزهور-المحرم 1422-العدد15-