المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية نشرة الإصلاح العدد 308 بتاريخ 1 أبريل 2002)حركة الاصلاح الاسلامية



waleed70
02-04-2002, 11:31 PM
--------------------------------------------------------------------------------

الأمير في أحلام اليقظة



نشرة الإصلاح العدد 308 بتاريخ 1 أبريل 2002

الحلقة الأخيرة

لم يكد مؤتمر القمة العربي يختتم بنتبني مبادرة الأمير عبد الله حتى حرك شارون دباباته وآلياته يقضي بها على السلطة الفلسطينية ويقتل الفلسطينيين ويدمر بيوتهم ومستشفياتهم ويحاصر عرفات شخصيا بشكل مهين. ترى ماذا كشفت لنا هذه الأحداث من حقائق وكم أزالت من أوهام من عقول الناس ونفوسهم؟ نظن -والله أعلم- أن هذه الأحداث وتداعياتها ستكون الفصل الأخير في فضح حقيقة حكامنا خاصة من وُصف منهم سابقا بالرجولة والمروؤة والعروبة والشهامة.



تكشف تدريجي للخيانة

كأنّ الله سبحانه أراد أن لا يمضي الزمن حتى ينكشف المخادع لشعبه بالكامل، وحتى يُنزع عنه آخر قناع تنكّر به. لقد كشف الأمير عبد الله نفسه قبل المبادرة وخلال المبادرة وبعد المبادرة. قبل المبادرة كان الأمير عبد الله وإخوانه ينفذون من خلال سياستهم الداخلية والأقليمية والعالمية المشروع الصهيوني الأمريكي، لكن ربما انطلت حيلة الخطابات العنترية والكلمات الرنانة على فئات كثيرة من الناس. خلال المبادرة بانت الحقيقة لثلة كبيرة، لكن بعض الذين درجوا على الحمق السياسي بحثوا عن معاذير يبررون فيها هذا التصرف الخياني عجزا منهم أن يتصوروا شخصا صدقوا مزاعم رجولته وعروبته وشهامته ينحدر في الخيانة إلى هذا المستوى. والآن يردّ شارون على الأمير عبد الله ويدوس على كرامته بقدميه ويغمس أنفه في التراب ومع ذلك لا يزال الأحمق يتغنى بمبادرته العظيمة يعيش أحلام اليقظه، فهل يا ترى بقي من يبرر له أو يدافع عنه؟



من أجل عرفات على الأقل!

لقد تعلمنا من التجربة أن إراقة كميات هائلة من الدم الفلسطيني والعبث بالمقدسات لم يحرك ولن يحرك ساكنا عند الأمير عبد الله ولا أمثاله من أخوانه. لكن أن يتعمد شارون ويهين ويزدري ويحتقر الأمير عبد الله بهذا الرد على مبادرته القميئة ويدمر مكتب صاحبه ورفيقه عرفات ويحاصره كأنه مجرم مطلوب ومع ذلك يستمر الأمير عبد الله يردد المبادرة ويعلن أنه لا زال متمسكا بها فهذا أمر يجعل المرء يعتقد أن شارون لم يخطيء في ازدراء هذه الأصناف من البشر. لقد بات لدينا من الطبيعي أن حكامنا قد استمرأوا واقع الحال في فلسطين، لكن ظننا أن هناك شيئا من بقايا مخلفات الكرامة وشيء من بصيص الرجولة التي تتحرك عند عبد الله بسبب أن المستهدف الآن هو رفيقه وصاحبه عرفات الذين يتعرض لما يتعرض له على عين عبد الله وإخوانه. لكن تفاجأنا بأن الأمير عبد الله يُسأل عن ذلك بعد كل هذه الأحداث فيعود مثل المريض النفساني يتحدث عن المبادرة وكيف أنها الحل الأفضل للأحوال في فلسطين.



طويل العمر وعد خير!

قام شارون بما قام به ثم تبعه بوش وأيده تأييدا مطلقا معتبرا العمل الذي يقوم به مبررا وموجها اللوم لعرفات ومحملا إياه المسؤولية. ثم يُسأل الأمير عبد الله عن دور أمريكا فيقول "كلمت بوش ووعدني خير"!! على طريقة أبناء بلدنا وهم يقدمون شكاواهم للأمير من خلال مدير المكتب فيقول مدير المكتب "طويل العمر وعد خير". لقد أصبح بوش هو ولي أمر عبد الله وصارت علاقة الأمير عبد الله مع بوش مثل علاقة الشعب السعودي مع الأمير عبد الله، فهو يقدم الطلب ويكون الرد "طويل العمر وعد خير". ومثل حكامنا بالضبط مع شعبهم يعدون خيرا بتعال وفوقية ويمضون فيما هم فيه من ظلم وأذى للناس، فإن بوش يعرف من يكون الأمير عبد الله فيعده خيرا بكبرياء وفوقية ويظهر بعد ذلك بساعات يصرح للإعلام أنه يؤيد ما يقوم به شارون وأنه يحمل عرفات المسؤولية. ويمضي الذل بالأمير عبد الله إلى أن لا يخجل من أنه يتأمل بوعد بوش بالخير مع أنه سمعه في الإعلام -بعد أن وعده بالخير- يؤيّد شارون ويقف معه ضد عرفات.



أين إلغاء رحلة أمريكا؟

طنطن المطبلون للأمير عبد الله أنه ألغى رحلته لأمريكا قبل عام تقريبا بسبب الأوضاع في فلسطين. حسنا، هل يعتقد هؤلاء أن الأوضاع في فلسطين كانت أسوأ من الآن أو هي الآن أسوأ؟ إذا فلماذا يوافق الأمير عبد الله على زيارة أمريكا الآن ولا تصدر منه ولا عبارة في الاعتراض على سياستها؟ هل يعتقد الأمير عبد الله -أو من يطبل له- أنه يستطيع أن يسوّق هذا الزعم مرة أخرى؟



لماذا خرجت من الدرج؟

زعم الأمير عبد الله في المرة الأولى التي تحدث بها عن المبادرة الخيانية أنه إنما تركها في الدرج ولم يظهرها ولم يعلن عنها بسبب سياسة شارون في استخدام القوة والقمع. حسنا، هل توقف شارون عن القمع منذ أن أعلن الأمير عبد الله ذلك؟ إذا فلماذا يمضي الأمير قدما بالمبادرة ويحشد لها هذا التأييد العربي؟ بل لماذا يستمر يتغنى بها ويروج لها حتى بعد الأحداث الأخيرة؟ فإذا كان الأمير عبد الله مهووسا بالمبادرة بطريقة المريض النفسي ولا يمكنه فهم كلامنا هذا، فهل يمكن لمن يطبلون له أن يسوّقوا زعمه بخصوص تركها في الدرج مرة أخرى؟



الشعب بقياداته مسؤول

إن كان الأمير عبد الله قد أعلن مشروعه الخياني فهو لم يزد على أن ترجم مشاعره الحقيقية المستورة سابقا بعد أن كان يخفيها ظانا أن عنده شعب سيستنكر هذا التصرف أو ذلك الموقف. وبعد أن أطلق البالون -كما قال هو- ورأى الغياب الكامل لأي اعتراض علني من الشعب، لم يكن ليمنعه شيء من التمادي في ذلك واستمرار التغني به رغم ما تفعل إسرائيل. إذا فالمشكلة ليست في الأمير عبد الله ولا في إخوانه بل هي في قوى الشعب العاجزة عن أن تعبر عن رفضها لمثل هذا الموقف. ومع الأسف الشديد لا يزال الشعب بكل قواه من طلبة علم ومثقفين ومصلحين جامدين بالكامل عن إصدار ولو اعتراض بسيط على هذا الموقف رغم تمادي الأمير عبد الله والصحافة السعودية المطبّلة له. ولقد حاولت الحركة رصد أسباب هذا الصمت العارم فلم تجد سببا مقنعا سوى التقصير الصريح عن القيام بواجب البيان، وهو تفسير يؤذن بعذاب بئيس والعياذ بالله. لكن الذي يؤكذ خطر تسليط مثل هذا العذاب هو تبلد الشعور عند معظم هذه الشرائح وغياب الحرقة والألم مما صدر عن شخص يمثل البلد والأمة وعدم وجود شعور بالخوف من تأخير هذا الواجب. وإننا في الحركة نخاطب العلماء وطلبة العلم والمصلحين والمثقفين مرة أخرى لنؤكد لهم قطعيا أن عذاب الله سيحل بالأمة إن لم تتصدى فئة لبراءة الذمة والقيام بالواجب في مسألة مصيرية مركزية مثل هذه. أما أؤلئك الذين قالوا إن الأمة ليست بحاجة لتوعية في قضية التطبيع لأن التطبيع لا يقبل به أحد فهؤلاء قد افتأتوا على الشرع وجعلوا كل أنواع البيان معطلة لأن الناس –حسب قاعدتهم- لا يحتاجون لتعلّم أسباب الكفر وأسباب الإيمان ولا وجوب الصلاة والصيام ولا أحكام الولاء والبراء لأنها كلها امور معلومة مشهورة لا تحتاج لتعليم.



الأمير يجاهد من أغادير

بلا خجل ولا حياء أعلنت وسائل الإعلام السعودية أن الأمير عبد الله سيتوجه للمغرب لقضاء إجازة هناك. ولا ندري إن كانت هذه الإجازة مرتبة سلفا لكن أيا كان الأمر فهذا دليل آخر يقدمه الأمير عبد الله على أن دماء الفسلطينيين وحرمة المقدسات بل وحتى كرامة صاحبه ورفيقه عرفات. يريد الأمير عبد الله أن يقول أن كل ذلك لا يعني شيئا عنده لأنه لا يريد أن يغير برنامجه في الاسترخاء في أغادير من أجل كم ألف قتيل فلسطينيني أو دبابة دكت قصر عرفات أو تضايقا من بساطيل اليهود وهي تدنس الحرم القدسي. نعم ليس هناك فرق بين بقاء الأمير في الرياض او جدة أو المغرب فهو في كل حال سيستمر يتغنى بمبادرته حتى بعد قتل عرفات، لكن الذي قصدناه أن تكون هناك مجاملات سياسية يؤجل فيها الأمير رحلته هناك.



تفسير آخر لسفرة المغرب

هناك نظرية أخرى في تفسير قضاء إجازة في المغرب لها علاقة برسالة الشيخ بن لادن الأخيرة التي نشرتها القدس العربي وأكدت مصادر مطلعة أنها حقيقية وموثقة. وعلمت الحركة أن المخابرات السعودية تمكنت من تأكيد صحة هذه الرسالة وفسرت محتواها بأنه إهدار دم الأمير عبد الله وإعطاء الضوء الآخر من قبل بن لادن لأتباعه باستهداف المتنفذين من آل سعود. وبناء على هذه المعلومات وقراءة المخابرات السعودية نصح الأمير عبد الله طلب بأن يبتعد قليلا عن المملكة حيث يكثر أتباع بن لادن إلى أن يجد الأمير حلا لهذه المشكلة. ولا يستعبد إن أحس الأمير عبد الله بالخطر حقيقي أن يتراجع تماما عن المبادرة فهم أحرص الناس على حياة.





في قضية رئاسة البنات

أسرار وتفسيرات



ثلاث مفازات

لم يكن قرار تكليف قرشي بمهمة وكيل المعارف لشؤون البنات مجرد دمج إدارة تعليم البنات بالبنين، بل ربما كان فيه تجاوز مفازات صعبة على العائلة الحاكمة. لم يخطر ببال متابع لتصرفات العائلة الحاكمة أن تتاوز العائلة ثلاث عقبات دفعة واحدة في قضية تعليم البنات رغم الطابع الخاص الذي يتمتع به مرفق تعليم البنات في المملكة. واعتبر كثير من الراصدين أن هذا التصرف مجازفة من قبل العائلة الحاكمة التي شعرب بثقة عارمة بالنفس لدرجة حققت تجاوز ثلاث مراحل في مرحلة واحدة.



المفازة الأولى: إلغاء الإدارة المستقلة

كان تخصيص تعليم البنات بإدراة خاصة مستقلة عن تعليم الأولاد مسألة تكاد ترتبط بشخصية المملكة ونظام الحكم بسبب ارتباطها بالثنائية بين العائلة الحاكمة والعلماء. وكانت القضية بعد أزمة تعليم البنات القديمة مبنية على اتفاق وعهود ومواثيق بين آل سعود والمؤسسة الدينية بأن تخصص رئاسة البنات برئاسة مستقلة. وربما لا يشعر من سمع بالقرار من خارج المملكة ولا من هم في سن صغير بأهمية هذه القضية تاريخيا لأنهم لا يستحضرون هذا الاتفاق غير المكتوب. وعلى كل حال تجاهل الذي أصدر القرار هذا لاتفاق ومضى في إلحاق تعليم البنات بالمعارف.



المفازة الثانية: المسؤول ليس محسوبا على المشايخ

وهذا كذلك من بنود الاتفاق غير المعلن بين الدولة والمؤسسة الدينية أن يكون مسؤول رئاسة تعليم البنات من طلبة العلم المعروفين. والشخص الذيك كلف بالمهمة في القرار الأخير شخص ليس من طلبة العلم بل إنه مصنف مما يسمى بالتكنوقراط. ووزارة المعارف لا ينقصها طلبة العلم وكان بإمكان صاحب القرار أن يكلف أحدا منهم بالمسؤولية كوكيل للمعارف لشؤون تعليم البنات حتى يخفف من ردة الفعل والغضب الذي حصل بعد ذلك ولكنه لم يحصل.



المفازة الثالثة: المسؤول غير مؤتمن

وهذه في الحقيقة أكثر العقبات غرابة حيث أن المسؤول الذي تم اختياره لم يكن محسوبا على التكنوقراط فحسب بل كان غير مزكى ولا مثنيا عليه في تحمل مسؤولية مثل تعليم البنات، لا على المستوى المنهجي والفكري ولا على المستوى الفردي والسلوكي. ووزارة المعارف مليئة بالنماذج المنضبطة سلوكيا وفكريا حتى لو لم يصنفوا طلبة العلم وكان يمكن تكليفهم بهذه المهمة بدلا من القرشي هذا. واختيار القرشي إذن مسألة مقصودة وليس مجرد محسوبيات أو واسطة.



الباعث قوي إذن

من الواضح تماما أن حريق المدرسة لا يمكن أن يفسر قرارا كهذا. لو كان حل مشكلة الحريق يتم بمجرد تغيير بعض الشخصيات كان يمكن تغيير رئيس تعليم البنات فحسب. لكن ما دام القرار قد تم فيه تجاوز هذه المراحل الثلاث فإنه لا بد أن تكون القضية معدة سلفا وأنه يستحيل أن يكون الباعث هو حريق المدرسة. لكن أتى حادث الحريق ليصبح مبررا -فيما يظن المسؤول الذي اتخذ القرار ومن زينه له- لتمرير هذه القفزة الطويلة.



من هو صاحب القرار

اجتمع الآن ما يكفي من المعلومات للاعتقاد بأن صاحب القرار هو الأمير عبد الله بن عبد العزيز شخصيا دون استشارة أحد من إخوانه. والأمير عبد الله كما هو معلوم ليس بالعمق ولا بالمعرفة ولا بالإدراك الذي يعرف حساسيات قضية الدمج أو عدم الدمج، ولا يعرف القرشي ولا غير ذلك، بل هو شخص مسيّّر ألعوبة بيد مجموعة من المستشارين في مكتب ولي العهد لهم دور كبير في قراراته والتي كان من آخرها قرار التطبيع. وحين نؤكد عدم مسؤولية الأمراء الآخرين فليس هذا دليلا على أنهم أكثر غيرة على تعليم البنات من الأمير عبد الله، بل السبب بسيط وهو أنهم أكثر حذرا من الأمير عبد الله في حساباتهم السياسية. بل ربما سرهم أن يندفع الأمير عبد الله في حكاية التطبيع ودمج تعليم البنات حتى تسوء سمعته عند الجميع ويصفى لهم الجو سياسيا. ولذلك حرصوا أن يوصلوا للجمهور رسالة مفادها عدم تحملهم لمسؤولية هذا القرار. وحصل فعلا أن عرفت شرائح كبيرة من المجتمع أن الأمراء سلطان ونايف وسلمان لم يشتركوا في قرار الدمج هذا.



ما هو الباعث إذن؟

ليست الحركة ممن يضخم قضية المرأة ولا ممن يخلط بين التراكمات الاجتماعية بالدين، لكن الحركة لا يمكن أن تتجاهل حقيقتين في هذا القرار: الأولى جرأة صاحب القرار على تجاهل وازدراء المؤسسة الدينية الرسمية كما سيظهر لنا بعد قليل. الثانية اختيار شخص يكاد يكون عنصرا مثاليا لتنفيذ مشروع ليبرالي مخابراتي رسمي حسب ما علمت الحركة عن وضعه الشخصي والسلوكي وعن توجهه الفكري وعن علاقاته الخاصة في جهات في الدولة وعلاقاته الخاصة مع جهات خارج الدولة. لا يحتاج المرء للتفكير طويلا للخروج باستنتاج أن القضية ليست توفير أموال ولا علاج مشاكل مدارس محترقة.



ازدراء المؤسسة الدينية

أكدت الروايات أن الأمير عبد الله لم يفكر باستشارة المفتي ولا غيره من المشايخ الرسميين بل فاجأهم بالقرار الذي لم يعرفوه إلا من وسائل الإعلام. الأسوأ من ذلك أنه حينما حاول بعضهم أن يستفسر من الأمير عبد الله حول القرار رد عليه الأمير ازدراء وتحقير معتبرا المشايخ قد أدخلوا أنفسهم فيما لا يعنيهم. والحقيقة أنه لم يكن ازدراء المؤسسة الدينية ليحصل لولا القناعة لدى الأمير عبد الله وبطانته أن هذه المؤسسات قد انتهت سياسيا ولا ينبغي وضع أي حساب لها حتى في القضايا الاجتماعية التقليدية الحساسة. ولا شك أن هذا الاعتبار من قبل الأمير عبد الله وبطانته صحيح فالمؤسسة الدينية وخاصة الرسمية انتهت سياسيا ولم يعد لها ثقل لا عند الدولة ولا عند الناس. وما دام دور المؤسسة الدينية في الاثني عشر عاما الماضية هو فقط الختم على قرارات الدولة المخالفة للشرع وإمضائها، وتجريم كل من يخالف الدولة من المصحلين فقط دون المخربين والعلمانيين، وإضفاء الشرعية على أعمال لا خلاف بأنها جرائم تاريخية، والدفاع عن الدولة بمناسبة ودون مناسبة، فكيف تريد المؤسسة الدينية لنفسها أن يكون لها احترام؟ وحق للمجرم أن يحتقر من يقدسه ويحترمه ويضفي الشرعية على أعماله.



كيف تحرك البعض؟

لم يكد القرار يصدر حتى تحرك الآلالف للمفتي والشيخ اللحيدان ولوزارة الشؤون الإسلامية ولمجلس الشورى ولمنازل مشايخ آخرين يعبرون عن سخطهم من القرار ويطالبون المفتي والشيخ اللحيدان وغيرهم بالعمل على إلغاء قرار الدمج. الغريب أن المفتي والشيخ اللحيدان رغم تخوفهم من تجمع الشباب الذين زاروهم أكثر من مرة في بيوتهم ومساجدهم لم يكونوا شديدين عليهم كما هي العادة في قضايا أخرى. وعبر المفتي والشيخ اللحيدان صراحة عن عدم رضاهم على القرار. أما وزير الشؤون الإسلامية فتشاغل عن الذين زاروه ورفض مقابلتهم. وفي كل مقابلة لهذه المجموعات مع العلماء يتحدث الحاضرون بخطابات عصماء عن قضايا كثيرة ويعتبرون قضية تعليم البنات مجرد قشة قصمت ظهر البعير بعد قائمة من المخالفات الشرعية والظلم والفساد.



تقويم رد الفعل: الأولويات

مع أننا نوافق من يقول بأن القرار هذا له أبعاد خطيرة بسبب ما ذكرناه آنفا ألا إننا نتسائل تساؤلات مشروعة ومنطقية وبسيطة جدا: هل كان هذا القرار أخطر من استحلال الربا ودعم صروحه التي طاولت الحرمين واعتباره جزءا لا يتجزأ من نظام الدولة الاقتصادي؟ هل كان هذا القرار أخطر من السماح لاستقرار القوات الكافرة في بلاد الحرمين بسلاحها وعدتها وانطلاقها لضرب بلاد المسلمين وتحت غطاء فتوى العلماء؟ هل كان هذا القرار أخطر من رمي العلماء في السجون وقمع الدعاة والتضييق عليهم؟ هل كان هذا القرار أخطر من شن حملة اعتقالات على آلاف من الشباب المحسوبين على الصف الإسلامي وتعذيبهم وانتهاك أعراضهم وتحطيم نفسياتهم تحت غطاء فتاوى العلماء؟ هل كان هذا القرار أخطر من عشرات بل مئات القنوات الفضائية المملوكة لعناصر متنفذة في الدولة والتي تنفذ برنامج إفساد غاية في الفعالية لا يستطيع القرشي ولا غيره تنفيذ ولا عشر ما تحقق به من فساد وتخريب؟ هل كان هذا القرار أخطر من التلاعب بمقدرات الأمة والفساد المالي والإداري والبطر والبذخ الذي تمارسه الأقلية فيعاقب الله الأكثرية بها؟ هل كان هذا القرار أخطر من فشو الظلم وضياع الحقوق وتحول الجهاز القضائي إلى ألعوبة بيد الدولة؟ هل كان هذا القرار أخطر من التفرقة بين الناس في كل شيء وخاصة في العقوبة وتوفير المناعة للمجرمين الكبار حتى لو كانوا قتلة او تجار مخدرات أو مروجين للدعارة؟ هل كان هذا القرار أخطر من الدعوة للتطبيع مع الصهاينة المحتلين لفلسطين والترحيب بهم سواحا وسفراء وتجار؟ لماذا هذا التبلد والبرود وعدم الإحساس عند الناس من كل ذلك، بل والقبول بأن يكون العلماء جزء من الدولة فيه، مقابل الحماس للإندفاع من أجل مثل هذا القرار الذي نتحدى من يثبت أنه أعظم شرعا مما سردناه؟ نعم نحن لا نقول لا يتحرك أحد، بل نقول ألا تسألون أنفسكم: هل كان هذا الغضب فعلا لله سبحانه أو كان للعادات والتقاليد؟ إذا كان الغضب لله سبحانه لماذا لم نر منكم شيئا تجاه كل القائمة المذكورة؟ لماذا لم يتحرك احد على الأقل لمسألة التطبيع من أجل أن يبريء الذمة؟



تقويم رد الفعل: اللجوء للعلماء الرسميين

حقيقة لم نفهم في الحركة سر الذهاب للمفتي والشيخ اللحيدان مع أنهما يعتبران جزءا من النظام السياسي في البلد وهما من ضمن من يبنغي أن ينكر عليهم. هل نسينا أن الشيخين سامحمها الله لا يزالان يتحملان لهذه اللحظة مسؤولية بقاء القوات الأمريكية في بلاد الحرمين ولم يصدر عنهما ولا عن هيئة كبار العلماء ما ينقض فتواهما الأولى؟ هل نسينا أنهما لا يزالان يتحملان مسؤولية سجن العلماء وفصل الخطباء والدعاة والتضييق عليهم؟ هل نسينا أنها وقفا مع الدولة ضد خطاب المطالب وضد مذكرة النصيحة وضد لجنة الدفاع ومع الدولة ومع أمريكا في أحداث أفغانستان الأخيرة؟ ولو قبلنا بمبدأ الذهاب لهما جدلا فكيف نفسر الذهاب للشيخ السدلان وقد عرف عنه ما عرف؟ وكيف نفسر الذهاب لوزير الشؤون الإسلامية الذي تخلى حتى عن قواعد أساسية في كتاب التوحيد بشكل علني تمشيا مع موقف الدولة في أفغانستان؟ نخشى أن يكون ما حصل مجرد تجسيد لشرعية من يعيّنه الحاكم ومن يبذل علمه الشرعي لمصلحة الحاكم.



تقويم رد الفعل: إيجابية وعمل جماعي

رغم مآخذنا أعلاه فإننا مع ذلك مسرورين، لأن اجتماع الآلاف في مكان واحد بمبادرة منهم مع المجازفة بمواجهة الدولة مسألة نافعة قطعا. نعم يجب أن تكسر الأمة الحاجز النفسي وتستعد للمبادرة والإيجابية والشجاعة والعطاء والاستعداد للتضحية حتى لو كان الإطار ليس إطارا مثاليا. ويجب على الأمة أن تتدرب على العمل الجماعي وتتعلم تنظيم اساليب الاعتراض على ما تراه خطأ. وحتى لو كان اجتماعها هذه المرة لمسألة هناك ما يفوقها في الأهمية وبطريقة فيها نظر ألا أنها قطعا ستكون تجربة ثرية يسهل تكرارها بعد نجاح التجربة من أجل قضية أهم وهدف أسمى.



تقويم رد الفعل: تبدأ بالمرأة وتعود الأولويات

مع أن هذه الاعتراضات بعثتها بواعث اجتماعية اختلطت بالدين ألا أن الذين اجتمعوا تذكروا فعلا في بعض الاجتماعات أنهم كان ينبغي أن يعطوا القضايا الأهم حجما أكبر وأن الأمة ربما عوقبت بسبب صمتها وسكوتها عن هذه القضايا الأهم. ونحن نتفائل بأن الأمة ربما تتذكر أولوياتها وتتحرك بعد أن أزيل الحاجز النفسي، وتنهض لرفع الظلم وإقامة العدل والأخذ على الذين أكلوا مقدرات الأمة وصادروا حقها في القرار ورهنوها للقوى الكافرة وأعلنوا أخوة الصهيونية العالمية. ومثلما دخل بعض من ائتلفهم النبي صلى الله عليه وسلم للاسلام طمعا في الإبل فحسن إسلامهم وصاروا من أفضل المسلمين فنحن نقول ربما يتحرك الناس هذه المرة انتصارا لأمر أقل أهمية ثم يتذكروا الأولويات فيلوموا أنفسهم على السكوت عنها فينصروها نصرا مؤزرا.

سندريلا
03-04-2002, 09:37 PM
مشكور اخوي على هذا الموضوع
:-)