المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية اسرار وتفسيرات في قضية رئاسة البنات (عاجل...)



waleed70
02-04-2002, 11:34 PM
في قضية رئاسة البنات

أسرار وتفسيرات



ثلاث مفازات

لم يكن قرار تكليف قرشي بمهمة وكيل المعارف لشؤون البنات مجرد دمج إدارة تعليم البنات بالبنين، بل ربما كان فيه تجاوز مفازات صعبة على العائلة الحاكمة. لم يخطر ببال متابع لتصرفات العائلة الحاكمة أن تتاوز العائلة ثلاث عقبات دفعة واحدة في قضية تعليم البنات رغم الطابع الخاص الذي يتمتع به مرفق تعليم البنات في المملكة. واعتبر كثير من الراصدين أن هذا التصرف مجازفة من قبل العائلة الحاكمة التي شعرب بثقة عارمة بالنفس لدرجة حققت تجاوز ثلاث مراحل في مرحلة واحدة.



المفازة الأولى: إلغاء الإدارة المستقلة

كان تخصيص تعليم البنات بإدراة خاصة مستقلة عن تعليم الأولاد مسألة تكاد ترتبط بشخصية المملكة ونظام الحكم بسبب ارتباطها بالثنائية بين العائلة الحاكمة والعلماء. وكانت القضية بعد أزمة تعليم البنات القديمة مبنية على اتفاق وعهود ومواثيق بين آل سعود والمؤسسة الدينية بأن تخصص رئاسة البنات برئاسة مستقلة. وربما لا يشعر من سمع بالقرار من خارج المملكة ولا من هم في سن صغير بأهمية هذه القضية تاريخيا لأنهم لا يستحضرون هذا الاتفاق غير المكتوب. وعلى كل حال تجاهل الذي أصدر القرار هذا لاتفاق ومضى في إلحاق تعليم البنات بالمعارف.



المفازة الثانية: المسؤول ليس محسوبا على المشايخ

وهذا كذلك من بنود الاتفاق غير المعلن بين الدولة والمؤسسة الدينية أن يكون مسؤول رئاسة تعليم البنات من طلبة العلم المعروفين. والشخص الذيك كلف بالمهمة في القرار الأخير شخص ليس من طلبة العلم بل إنه مصنف مما يسمى بالتكنوقراط. ووزارة المعارف لا ينقصها طلبة العلم وكان بإمكان صاحب القرار أن يكلف أحدا منهم بالمسؤولية كوكيل للمعارف لشؤون تعليم البنات حتى يخفف من ردة الفعل والغضب الذي حصل بعد ذلك ولكنه لم يحصل.



المفازة الثالثة: المسؤول غير مؤتمن

وهذه في الحقيقة أكثر العقبات غرابة حيث أن المسؤول الذي تم اختياره لم يكن محسوبا على التكنوقراط فحسب بل كان غير مزكى ولا مثنيا عليه في تحمل مسؤولية مثل تعليم البنات، لا على المستوى المنهجي والفكري ولا على المستوى الفردي والسلوكي. ووزارة المعارف مليئة بالنماذج المنضبطة سلوكيا وفكريا حتى لو لم يصنفوا طلبة العلم وكان يمكن تكليفهم بهذه المهمة بدلا من القرشي هذا. واختيار القرشي إذن مسألة مقصودة وليس مجرد محسوبيات أو واسطة.



الباعث قوي إذن

من الواضح تماما أن حريق المدرسة لا يمكن أن يفسر قرارا كهذا. لو كان حل مشكلة الحريق يتم بمجرد تغيير بعض الشخصيات كان يمكن تغيير رئيس تعليم البنات فحسب. لكن ما دام القرار قد تم فيه تجاوز هذه المراحل الثلاث فإنه لا بد أن تكون القضية معدة سلفا وأنه يستحيل أن يكون الباعث هو حريق المدرسة. لكن أتى حادث الحريق ليصبح مبررا -فيما يظن المسؤول الذي اتخذ القرار ومن زينه له- لتمرير هذه القفزة الطويلة.



من هو صاحب القرار

اجتمع الآن ما يكفي من المعلومات للاعتقاد بأن صاحب القرار هو الأمير عبد الله بن عبد العزيز شخصيا دون استشارة أحد من إخوانه. والأمير عبد الله كما هو معلوم ليس بالعمق ولا بالمعرفة ولا بالإدراك الذي يعرف حساسيات قضية الدمج أو عدم الدمج، ولا يعرف القرشي ولا غير ذلك، بل هو شخص مسيّّر ألعوبة بيد مجموعة من المستشارين في مكتب ولي العهد لهم دور كبير في قراراته والتي كان من آخرها قرار التطبيع. وحين نؤكد عدم مسؤولية الأمراء الآخرين فليس هذا دليلا على أنهم أكثر غيرة على تعليم البنات من الأمير عبد الله، بل السبب بسيط وهو أنهم أكثر حذرا من الأمير عبد الله في حساباتهم السياسية. بل ربما سرهم أن يندفع الأمير عبد الله في حكاية التطبيع ودمج تعليم البنات حتى تسوء سمعته عند الجميع ويصفى لهم الجو سياسيا. ولذلك حرصوا أن يوصلوا للجمهور رسالة مفادها عدم تحملهم لمسؤولية هذا القرار. وحصل فعلا أن عرفت شرائح كبيرة من المجتمع أن الأمراء سلطان ونايف وسلمان لم يشتركوا في قرار الدمج هذا.



ما هو الباعث إذن؟

ليست الحركة ممن يضخم قضية المرأة ولا ممن يخلط بين التراكمات الاجتماعية بالدين، لكن الحركة لا يمكن أن تتجاهل حقيقتين في هذا القرار: الأولى جرأة صاحب القرار على تجاهل وازدراء المؤسسة الدينية الرسمية كما سيظهر لنا بعد قليل. الثانية اختيار شخص يكاد يكون عنصرا مثاليا لتنفيذ مشروع ليبرالي مخابراتي رسمي حسب ما علمت الحركة عن وضعه الشخصي والسلوكي وعن توجهه الفكري وعن علاقاته الخاصة في جهات في الدولة وعلاقاته الخاصة مع جهات خارج الدولة. لا يحتاج المرء للتفكير طويلا للخروج باستنتاج أن القضية ليست توفير أموال ولا علاج مشاكل مدارس محترقة.



ازدراء المؤسسة الدينية

أكدت الروايات أن الأمير عبد الله لم يفكر باستشارة المفتي ولا غيره من المشايخ الرسميين بل فاجأهم بالقرار الذي لم يعرفوه إلا من وسائل الإعلام. الأسوأ من ذلك أنه حينما حاول بعضهم أن يستفسر من الأمير عبد الله حول القرار رد عليه الأمير ازدراء وتحقير معتبرا المشايخ قد أدخلوا أنفسهم فيما لا يعنيهم. والحقيقة أنه لم يكن ازدراء المؤسسة الدينية ليحصل لولا القناعة لدى الأمير عبد الله وبطانته أن هذه المؤسسات قد انتهت سياسيا ولا ينبغي وضع أي حساب لها حتى في القضايا الاجتماعية التقليدية الحساسة. ولا شك أن هذا الاعتبار من قبل الأمير عبد الله وبطانته صحيح فالمؤسسة الدينية وخاصة الرسمية انتهت سياسيا ولم يعد لها ثقل لا عند الدولة ولا عند الناس. وما دام دور المؤسسة الدينية في الاثني عشر عاما الماضية هو فقط الختم على قرارات الدولة المخالفة للشرع وإمضائها، وتجريم كل من يخالف الدولة من المصحلين فقط دون المخربين والعلمانيين، وإضفاء الشرعية على أعمال لا خلاف بأنها جرائم تاريخية، والدفاع عن الدولة بمناسبة ودون مناسبة، فكيف تريد المؤسسة الدينية لنفسها أن يكون لها احترام؟ وحق للمجرم أن يحتقر من يقدسه ويحترمه ويضفي الشرعية على أعماله.



كيف تحرك البعض؟

لم يكد القرار يصدر حتى تحرك الآلالف للمفتي والشيخ اللحيدان ولوزارة الشؤون الإسلامية ولمجلس الشورى ولمنازل مشايخ آخرين يعبرون عن سخطهم من القرار ويطالبون المفتي والشيخ اللحيدان وغيرهم بالعمل على إلغاء قرار الدمج. الغريب أن المفتي والشيخ اللحيدان رغم تخوفهم من تجمع الشباب الذين زاروهم أكثر من مرة في بيوتهم ومساجدهم لم يكونوا شديدين عليهم كما هي العادة في قضايا أخرى. وعبر المفتي والشيخ اللحيدان صراحة عن عدم رضاهم على القرار. أما وزير الشؤون الإسلامية فتشاغل عن الذين زاروه ورفض مقابلتهم. وفي كل مقابلة لهذه المجموعات مع العلماء يتحدث الحاضرون بخطابات عصماء عن قضايا كثيرة ويعتبرون قضية تعليم البنات مجرد قشة قصمت ظهر البعير بعد قائمة من المخالفات الشرعية والظلم والفساد.



تقويم رد الفعل: الأولويات

مع أننا نوافق من يقول بأن القرار هذا له أبعاد خطيرة بسبب ما ذكرناه آنفا ألا إننا نتسائل تساؤلات مشروعة ومنطقية وبسيطة جدا: هل كان هذا القرار أخطر من استحلال الربا ودعم صروحه التي طاولت الحرمين واعتباره جزءا لا يتجزأ من نظام الدولة الاقتصادي؟ هل كان هذا القرار أخطر من السماح لاستقرار القوات الكافرة في بلاد الحرمين بسلاحها وعدتها وانطلاقها لضرب بلاد المسلمين وتحت غطاء فتوى العلماء؟ هل كان هذا القرار أخطر من رمي العلماء في السجون وقمع الدعاة والتضييق عليهم؟ هل كان هذا القرار أخطر من شن حملة اعتقالات على آلاف من الشباب المحسوبين على الصف الإسلامي وتعذيبهم وانتهاك أعراضهم وتحطيم نفسياتهم تحت غطاء فتاوى العلماء؟ هل كان هذا القرار أخطر من عشرات بل مئات القنوات الفضائية المملوكة لعناصر متنفذة في الدولة والتي تنفذ برنامج إفساد غاية في الفعالية لا يستطيع القرشي ولا غيره تنفيذ ولا عشر ما تحقق به من فساد وتخريب؟ هل كان هذا القرار أخطر من التلاعب بمقدرات الأمة والفساد المالي والإداري والبطر والبذخ الذي تمارسه الأقلية فيعاقب الله الأكثرية بها؟ هل كان هذا القرار أخطر من فشو الظلم وضياع الحقوق وتحول الجهاز القضائي إلى ألعوبة بيد الدولة؟ هل كان هذا القرار أخطر من التفرقة بين الناس في كل شيء وخاصة في العقوبة وتوفير المناعة للمجرمين الكبار حتى لو كانوا قتلة او تجار مخدرات أو مروجين للدعارة؟ هل كان هذا القرار أخطر من الدعوة للتطبيع مع الصهاينة المحتلين لفلسطين والترحيب بهم سواحا وسفراء وتجار؟ لماذا هذا التبلد والبرود وعدم الإحساس عند الناس من كل ذلك، بل والقبول بأن يكون العلماء جزء من الدولة فيه، مقابل الحماس للإندفاع من أجل مثل هذا القرار الذي نتحدى من يثبت أنه أعظم شرعا مما سردناه؟ نعم نحن لا نقول لا يتحرك أحد، بل نقول ألا تسألون أنفسكم: هل كان هذا الغضب فعلا لله سبحانه أو كان للعادات والتقاليد؟ إذا كان الغضب لله سبحانه لماذا لم نر منكم شيئا تجاه كل القائمة المذكورة؟ لماذا لم يتحرك احد على الأقل لمسألة التطبيع من أجل أن يبريء الذمة؟



تقويم رد الفعل: اللجوء للعلماء الرسميين

حقيقة لم نفهم في الحركة سر الذهاب للمفتي والشيخ اللحيدان مع أنهما يعتبران جزءا من النظام السياسي في البلد وهما من ضمن من يبنغي أن ينكر عليهم. هل نسينا أن الشيخين سامحمها الله لا يزالان يتحملان لهذه اللحظة مسؤولية بقاء القوات الأمريكية في بلاد الحرمين ولم يصدر عنهما ولا عن هيئة كبار العلماء ما ينقض فتواهما الأولى؟ هل نسينا أنهما لا يزالان يتحملان مسؤولية سجن العلماء وفصل الخطباء والدعاة والتضييق عليهم؟ هل نسينا أنها وقفا مع الدولة ضد خطاب المطالب وضد مذكرة النصيحة وضد لجنة الدفاع ومع الدولة ومع أمريكا في أحداث أفغانستان الأخيرة؟ ولو قبلنا بمبدأ الذهاب لهما جدلا فكيف نفسر الذهاب للشيخ السدلان وقد عرف عنه ما عرف؟ وكيف نفسر الذهاب لوزير الشؤون الإسلامية الذي تخلى حتى عن قواعد أساسية في كتاب التوحيد بشكل علني تمشيا مع موقف الدولة في أفغانستان؟ نخشى أن يكون ما حصل مجرد تجسيد لشرعية من يعيّنه الحاكم ومن يبذل علمه الشرعي لمصلحة الحاكم.



تقويم رد الفعل: إيجابية وعمل جماعي

رغم مآخذنا أعلاه فإننا مع ذلك مسرورين، لأن اجتماع الآلاف في مكان واحد بمبادرة منهم مع المجازفة بمواجهة الدولة مسألة نافعة قطعا. نعم يجب أن تكسر الأمة الحاجز النفسي وتستعد للمبادرة والإيجابية والشجاعة والعطاء والاستعداد للتضحية حتى لو كان الإطار ليس إطارا مثاليا. ويجب على الأمة أن تتدرب على العمل الجماعي وتتعلم تنظيم اساليب الاعتراض على ما تراه خطأ. وحتى لو كان اجتماعها هذه المرة لمسألة هناك ما يفوقها في الأهمية وبطريقة فيها نظر ألا أنها قطعا ستكون تجربة ثرية يسهل تكرارها بعد نجاح التجربة من أجل قضية أهم وهدف أسمى.



تقويم رد الفعل: تبدأ بالمرأة وتعود الأولويات

مع أن هذه الاعتراضات بعثتها بواعث اجتماعية اختلطت بالدين ألا أن الذين اجتمعوا تذكروا فعلا في بعض الاجتماعات أنهم كان ينبغي أن يعطوا القضايا الأهم حجما أكبر وأن الأمة ربما عوقبت بسبب صمتها وسكوتها عن هذه القضايا الأهم. ونحن نتفائل بأن الأمة ربما تتذكر أولوياتها وتتحرك بعد أن أزيل الحاجز النفسي، وتنهض لرفع الظلم وإقامة العدل والأخذ على الذين أكلوا مقدرات الأمة وصادروا حقها في القرار ورهنوها للقوى الكافرة وأعلنوا أخوة الصهيونية العالمية. ومثلما دخل بعض من ائتلفهم النبي صلى الله عليه وسلم للاسلام طمعا في الإبل فحسن إسلامهم وصاروا من أفضل المسلمين فنحن نقول ربما يتحرك الناس هذه المرة انتصارا لأمر أقل أهمية ثم يتذكروا الأولويات فيلوموا أنفسهم على السكوت عنها فينصروها نصرا مؤزرا.


نشرة الاصلاح كاملة على هذا الرابط
http://www.montada.com/showthread.php?s=&threadid=92223