المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الهاكر الصغير



holly_smoke
04-03-2001, 08:45 PM
أسرار الهاكر الصغير

بعيد الثامنة صباح يوم حار، أواخر شهر يوليو/ تموز، استيقظ جيسون، ليجد اثنين من رجال المباحث عند حافة سريره..

كان رجال مكتب التحقيقات الأمريكي، قد تأكدوا بعد متابعة دقيقة، أن جيسون الطالب في ثانوية بيرلنجتون اخترق أجهزة الكمبيوتر التابعة لإحدى المؤسسات العسكرية في الولايات المتحدة وحصل على أسرار مهمة..

عندما خرج رجال البوليس من المنزل يسوقون جيسون مقيداً، كانوا قد صادروا جهاز الكمبيوتر الخاص به، والأقراص المرنة، وكل ما وجدوا أنه يمكن استخدامه في عملية الاختراق، حتى أنهم صادروا مجلة تختص بصيد الأسماك، لأن غلافها الخلفي، يتضمن إعلاناً عن شبكة أمريكا أون لاين.

وبعد التحقيق معه، صدر أمر قضائي يدعوه للمثول أمام محكمة الأحداث لقيامه بانتهاك القانون، من خلال اختراقه لشبكة إحدى المؤسسات العسكرية، وإلحاقه أذى ببياناتها.

جيسون فتى في الثالثة عشرة من عمره، حاد الذكاء، وقد ظهر ذكاؤه في سن مبكرة جداً. ففي الرابعة من عمره، بدأ يكتب برامج بسيطة لكمبيوتر والده كومودور 64، ما جعل والده يظهر إعجابه به ويشجعه، فازداد تعلقه بالكمبيوتر وصار يقضي معظم وقته ملتصقاً به، فازدادت معرفته وخبراته، وما إن أصبح في الحادية عشرة من عمره حتى حصل على عمل جزئي في تصليح أجهزة الكمبيوتر. وفي سن مبكرة تعلم لغات البرمجة ونظم التشغيل، مثل بيسك ودوس، وحتى يونيكس بدا سهلاً بالنسبة له.

على الصعيد العائلي، كانت حياته سعيدة، وكانت أوقاتاً جميلة تلك التي يجلس فيها والده إلى جانبه أمام جهاز الكمبيوتر، ويبدي إعجابه بقدراته، ولكن الأيام راحت تأخذ منحى مختلفاً وهو في السادسة من عمره، بعد طلاق والديه ورحيل والده عن البيت.

ترك غياب والده شرخاً عميقاً في نفسه، وظهر ذلك من خلال تمرده على أمه، حتى وصل الأمر به إلى ضربها وهو في سن العاشرة. وعندما كرر ذلك ثانية، شعرت وكأنها فقدت السيطرة عليه، مما اضطرها للاتصال بالبوليس، الذي حضر إلى منزل العائلة ثلاث عشرة مرة خلال اثني عشر شهراً !!

التمرد إحدى خصائص مرحلة المراهقة، ويتجلى عادة، لدى المراهقين، بصور مختلفة، كرمي الحجارة على نوافذ الجيران، أو إزعاجهم عبر الهاتف، وربما سرقة السيارات التي تمثل بالنسبة إليهم عالم الانطلاق والحرية. أما جيسون فاتجه تمرده نحو العالم الرقمي الساحر، الذي بدأ يغري المراهقين في السنوات الأخيرة، وأصبحت كلمات مثل، كراكر، هاكر، فريك، تثير اعجابهم.

لكن الدخول إلى ذلك العالم يحتاج إلى المفتاح السحري الذي يتمثل في الاشتراك بشبكة إنترنت.. وللدخول إلى الشبكة لابد من دفع قيمة الاشتراك. كانت الشبكة المفضلة بالنسبة للهاكرين في ذلك الوقت، هي كمبيوسرف، لأن إجراءات الأمن التي توفرها تقل عن غيرها.. فكر جيسون باستخدام بطاقة والدته الائتمانية، ثم تراجع عن الأمر! لأن ذلك سيؤدي إلى انكشاف هويته سريعاً!

وبعد تفكير لمعت الفكرة الذهبية! جلس أمام كمبيوتره، ووضع القرص المجاني الذي توزعه شبكة كمبيوسرف ضمن السواقة.. شغّل البرنامج.. طلب الاشتراك، ثم أدخل رقم بطاقة والدته بعد إضافة واحد إليه! لم تنجح المحاولة.. أضاف اثنين، لم تنجح.. استمر هكذا ساعات طويلة يغير ويبدل في الأرقام إلى أن ظهر الضوء الأخضر !! قفز من على كرسيه وراح يضرب الهواء بقبضة يده، وهو يصيح: رائع.. رائع!! يحيا الذكاء !! وقعّ باسم مستعار وحصل على الاشتراك، فتفتحت أمامه آفاق التعارف مع غيره ممن تستهويهم أعمال الاختراق، والذين لا يبخلون بمساعدة بعضهم البعض في الحصول على البرامج التي تساعدهم في معرفة كلمات السر التي يصعب كشفها في كثير من الأحيان. لجأ جيسون وأصحابه إلى برنامج يذلل تلك الصعوبة، وهو برنامج"جون ذا ريبر" John the Ripper يمكن جلب هذا البرنامج مجاناً من مواقع عديدة، مثل http://www.false.com/security/john. يأتي هذا البرنامج مرفقاً بقاموس يتضمن 2200 من كلمات السر، التي ثبت أنها أكثر تداولاً! فقد أشارت دراسة علمية في هذا المجال، إلى أن 25 بالمئة من مستخدمي الكمبيوتر يستخدمون كلمات سر سهلة ليضمنوا لأنفسهم عدم نسيانها، مثل "هولي، شوكولا، بوبي، الخ"، ويبتعدون عن كلمات السر المعقدة، التي تضم مزيجاً من الحروف والرموز والأرقام، بسبب صعوبة حفظها..

كان هذا البرنامج بمثابة هدية قيمة بالنسبة لجيسون، حيث تمكن بفضله من كسر كلمات السر لجهات عديدة. وكان هذا يزيده زهواً وفخراً بنفسه!! بدأت تستهويه المواقع الصعبة، ومنها المواقع العسكرية، وهي المواقع المفضلة لمعظم هواة اختراق أجهزة الكمبيوتر عبر الشبكات، لما تتمتع به من حماية قوية، ما يجعل عملية الوصول إليها أكثر إثارة، وهذا بحد ذاته هدف معظم الهواة الشباب. وما إن يتمكن أحدهم من ذلك حتى يغمره شعور عارم بالنصر، ربما لا يعادله سوى شعور محمد الفاتح وهو يدك الأسوار المنيعة لمدينة القسطنطينية!!

باستخدام هذا الأسلوب تمكن جيسون من اختراق كثير من الأجهزة، والدخول إلى كثير من المواقع المهمة، بما فيها الموقع الشهير ياهو، وعدة مواقع تابعة للحكومة الكندية.

لكنه عندما اقترب من أجهزة الكمبيوتر التابعة لمؤسسة عسكرية أمريكية، دقت أجراس الإنذار لدى الموظفين الذين تستخدمهم الحكومة الأمريكية لاكتشاف كل من تسول له نفسه العبث بمواقعها، وبدؤوا باقتفاء أثره.. كان الموقع المستهدف، هو مختبرات البحوث العسكرية http://www.arl.mil، الذي يوفر للجيش الأمريكية التقنيات الضرورية، التي تضمن تفوقه في حروب المستقبل.

بعد أن تمكن جيسون من اختراق شبكة arl.mil، حصل على اشتراك آخر بشبكة إنترنت، عبر مزود الخدمة في بيرلنجتون، واستخدم هذه المرة اسمه الحقيقي، لأنه لم يكن عازماً على استخدام هذا الاشتراك في أعمال غير مشروعة.. لكن حماسه الشديد، دفعه للتحدث عن مهاراته وإنجازاته، داخل غرف الدردشة على الشبكة. وكان يجد متعة كبيرة عندما يجيب على أسئلة أحدهم، ويثبت من خلالها عبقريته. لكن تجربته الحياتية القصيرة، لم تعلمه الحذر، كغيره ممن يقومون بمثل هذه الأفعال، ويتمكنون في كثير من الأحيان من الإفلات بأفعالهم غير القانونية. بعد أسبوع من اعترافاته عبر غرف الدردشة، والمحاولات المتواصلة لاقتفاء أثره من قبل المؤسسة العسكرية التي اخترقها، وجد جيسون نفسه ماثلاً أمام محكمة الأحداث بتهمة استخدام الكمبيوتر بطريقة غير شرعية. وقد صرح من على منبر المحكمة أنه لم يكن لديه النية مطلقاً في سرقة معلومات، أو تخريب بيانات، وإنما كان هدفه ينحصر في اجتياز نظام الحماية وتخطي جدران النار.

صدر الحكم بحقه بمنعه من استخدام جهاز الكمبيوتر، أو الدخول إلى إنترنت بمفرده حتى يبلغ الثامنة عشرة من عمره، وإخضاعه لعلاج على يد أخصائي نفسي لمدة سنة!!