المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفضيحة



holly_smoke
04-03-2001, 08:47 PM
الفضيحة

في الصباح، وما أن يطلق المنبه رنينه الحاد، معلناً عن بداية يوم جديد، وداعياً إلى نفض غبار النوم عن العيون، حتى يسارع سنتياغو إلى كتم أنفاس المنبه بيد، وسحب الغطاء فوق رأسه باليد الأخرى، طلباً لدقائق إضافية من النوم.. لكن، عندما تطلق أمه تهديدها، بأنها ستغادر البيت خلال دقائق، يضطر إلى القفز من السرير صائحاً: ثوان وأكون جاهزاً..

اليوم على غير العادة لم تسمع الأم صوت المنبه، فتوجهت إلى غرفته مستفسرة عن سبب تأخره.. جاءها صوته واهناً من تحت الغطاء بأنه يشعر بالتعب ولا يرغب بالذهاب إلى المدرسة. غالباً لا تأخذ الأمهات مثل هذه الادعاءات على محمل الجد، وتفسرها بأنها إما نتيجة للكسل أو للتهرب من مشكلة ما.. ولكن ما جعل أم سنتياغو تهتم، أنها لم تعهد بابنها مثل هذا السلوك، فهو طالب متفوق، ولم يفقد حماسته للعلم يوماً، ولذلك سألته إن كان يرغب في الذهاب إلى الطبيب، فأجاب بالنفي، وأن ما يعانيه مجرد إعياء بسيط، وأنه يحتاج للراحة فقط..

في المساء عاد الأب، وفور وصوله توجه إلى غرفة ابنه ليطمئن على حالته، فوجده لا يزال في سريره. وعندما أبدى قلقه، فوجئ به يخبره بأنه قد فصل من المدرسة لمدة شهر!!

عندما تفصل مدرسة أحد طلابها المتفوقين، والمشهود لهم بحسن السلوك، لمدة شهر، وبدون إخبار أهله، فهذا يعني أنه قد اقترف ذنباً خطيراً!! لكن ما الذي اقترفه الشاب حتى يستحق مثل هذه العقوبة القاسية؟؟ هذا ما توجه به الأب نحو ابنه قبل أن يتوجه إلى المدرسة ليطلع على حقيقة الأمر..

منذ أن قدم الأب أنطونيو مهاجراً من هندوراس قبل أكثر من عشر سنوات، واستقر في ولاية فلوريدا الأمريكية، وهو يحاول تحسين ظروفه المعيشية. وعلى الرغم من الصعوبات التي كانت يمر بها في عمله كثيراً، إلا أن ذلك لم يمنعه من الاهتمام بأسرته، وخاصة متابعة أمور ولديه الدراسية. ومن جهته لم يقصّر سنتياغو، البالغ من العمر ستة عشرة عاماً، والطالب في الصف الثاني الثانوي، في دروسه، وسجل درجاته الممتازة، يؤهله للحصول على منحة من إحدى الجامعات الأمريكية. لكنه، منذ أن انتقل في بداية العام الحالي مع أسرته إلى ولاية هيوستن، والتحق بإحدى مدارسها الثانوية، وهو يعاني من مشاكل لا تنتهي، مما أقلق والديه، خوفاً على تدهور مستواه الدراسي، وبالتالي ضياع مستقبله كغيره من الشباب، الذين يجدون أنفسهم غارقين في مشاكل تحاصرهم وتقودهم إما إلى الانخراط في عصابات العنف والجريمة، أو الارتماء في أحضان المخدرات..

بدأت معاناة سنتياغو عندما وجد نفسه في مدرسة تحفل بكثير من المتناقضات، يكاد التعاون يكون معدوماً بين كل من الهيئة التدريسية والهيئة الإدارية، ربما بسبب ضعف المدير وتسليمه إدارة المدرسة للمشرف الإداري الذي يتعامل مع الطلاب بمكيالين. ففي الوقت الذي يتغاضى فيه عن كثير مما يقوم به بعض الطلاب من أفعال تصل إلى حد الإساءة لزملائهم أو حتى لمدرسيهم، لا يتوانى عن معاقبة البعض الآخر لأتفه الأسباب! تحكمه في ذلك معايير ذاتية وأهواء خاصة. وتلك المعايير نفسها تحكم علاقته بالمدرسين.

والمشكلة، أنه عندما يشتكي أحد الطلاب من سوء المعاملة، فإنه يتعرض للسخرية والإهانة، على يدي المشرف.

وجد سنتياغو صعوبة في التأقلم مع هذه الأجواء الفاسدة، ومراراً طلب من والده أن ينقله إلى مدرسة أخرى، لكن الأب كان يكرر على مسامعه، أن البداية في كل مكان غالباً ما تكون صعبة، وعليه الصبر، ويزيد عليه بقوله: أنت شاب ذكي وبالتالي بإمكانك اكتشاف الطريقة التي ستمكنك من التعامل مع الأمور مهما كانت صعبة.

كيف السبيل إلى ذلك وهو يشعر بأن ذكاءه يسبب له الإحراج؟ فلأنه متفوق جداً في مادة الرياضيات، كان يصطدم كثيراً مع مدرس غير كفء، يزعجه وجود طالب في الصف بهذه الدرجة من الذكاء، ويسبب له الإحراج أمام طلاب الصف!! واتهمه المشرف، لهذا السبب، أكثر من مرة بأنه يسعى إلى إثارة الشغب والفوضى، واستعراض مهاراته في الصف وتأليب الطلاب ضد مدرسيهم، مما سيضطره إلى اتخاذ الإجراءات الرادعة لوقفه عند حده..

على النقيض من ذلك، كان مدرس الكمبيوتر يمتدح مهاراته ويشجعه على الاستمرار، ولا يبخل بتقديم المساعدة له ولغيره من الطلاب في هذا المجال، وقد أعجب بالصفحة الشخصية التي أنشأها سنتياغو على شبكة إنترنت وحثه على تطويرها، وهذا ما حصل حتى أصبحت صفحته الشخصية منتدى لتبادل الرسائل بينه وبين زملائه الذين راحوا يتداولون بداية أمورهم الخاصة، ثم تطور الأمر وانتقلوا للتباحث بأمور المدرسة، وبدؤوا بطرح أسباب المشاكل التي يعانون منها في المدرسة، والأساليب الكفيلة بتخليص المدرسة من الحالة التي هي عليها. واقترح أحدهم إثارة الأمر في وسائل الإعلام، وعزا آخر سبب المشاكل إلى المشرف الذي اتهمه بأنه متواطئ مع مجموعة من الطلاب الذين يشكلون عصابة تفرض على زملائهم ما يريدون، حتى أنهم يفرضون غرامات مالية، ويتعرضون بالضرب لمن يخالف أوامرهم.. وتناول بعضهم، أيضاً، مشكلة ضعف أداء بعض المدرسين، وحتى المدير نفسه لم يسلم من انتقاداتهم.. وخلال فترة قصيرة ، شاع أمر الصفحة بعد أن اجتذبت بعض المهتمين بهذه المسائل من خارج المدرسة، وقد وصل أمرها إلى إدارة المدرسة، فقام المشرف بمتابعة ما يكتب لعدة أيام قبل أن يستدعي صاحب الصفحة، سنتياغو، ويعبر له عن انزعاج المدرسة من تناول أخبارها بشكل يؤدي إلى تشويه سمعتها، وأمره بإزالة كل ما يتعلق بشؤون المدرسة من الموقع فوراً، وإلا سيتخذ بحقه الإجراءات الإدارية التي تنص عليها لائحة النظام المدرسي!!

انصاع الطالب للأمر وقام بحذف جميع المواد المتعلقة بالمدرسة، وطلب من جميع زملائه عدم التعرض لمثل تلك القضايا. طبعاً خوفاً من تهديد المشرف له وحفاظاً على سجله نظيفاً من أي نقاط سوداء يمكن أن تؤثر على مستقبله.

وعمد المشرف إلى مراقبة الصفحة لفترة، ليتأكد من عدم وضع أي مواد تتعلق بالمدرسة، كما كلف سراً أحد الطلاب المقربين منه بمتابعة المراقبة..

لن يطول التزام سنتياغو بتعهده أمام المشرف، بعدم نشر أي مواد تسيء لسمعة المدرسة، لأن ما يقوم به المشرف لا يمكن السكوت عنه، خاصة بعد آخر مشكلة حدثت في المدرسة، والطريقة التي تعامل بها المشرف مع بعض الطلاب.

في الصباح الباكر قام أحد الطلاب بكتابة بعض العبارات البذيئة على جدران المدرسة، وفي داخل بعض الصفوف، كما لم ينج باب غرفة المشرف والمدير من تلك العبارات. عندما حضر المشرف وأحيط علماً بما جرى، أسرع إلى الصفوف التي كتبت العبارات داخلها، وأغلق أبوابها، وبدأ بتفتيش كل غرفة بدءاً من خزائن الطلاب، ثم راح يفتش الطلاب تفتيشاً دقيقاً، وبطريقة مهينة. وأثار حنق الطلاب، أيضاً، استثناء البعض من هذا التفتيش. وفوق هذا إهانته لبعض الطلاب، الذين افترض أنهم من قام بمثل هذا العمل، ولم يسلم سنتياغو من لسانه، مذكراً إياه بما تم تداوله في صفحته على الإنترنت.

وكان لهذا الحادث أثره في زيادة حقد الطلاب على المدرسة، ولم يجدوا مجالاً للتنفيس عن غضبهم سوى العودة إلى الكتابة، وبدأت تظهر دعوات لوضع حد لهذا الوضع، ولعدة أيام انشغل الطلاب بالحديث والنقاش، واتصل بعض الأهالي يسألون عن صحة ما يشاع عما يجري في المدرسة، فاستنكرت الإدارة ما يكتب، وادعت أنها أحاديث مراهقين!!

استدعي سنتياغو من قبل الإدارة، ووجهت له تهمة الإساءة المقصودة للمدرسة، وبما أن المدرسة قد نبهته قبل ذلك، وحذرته من تشويه سمعتها، فلابد من معاقبته وخاصة بعد عرض نماذج من العبارات التي سجلت في الموقع على مجلس إدارة المدرسة. ووافق مجلس إدارة المدرسة على فصل سنتياغو لمدة شهر بتهمة الإساءة للمدرسة، والتحريض على إثارة الفوضى والشغب فيها.

نتيجة لهذا القرار، سيضطر سنتياغو إلى إكمال بعض المواد التي لن يحضر امتحاناتها في الصيف، مما سيؤثر على معدل درجاته، وبالتالي على قبوله في الجامعة، وهو ما أثار نقمة والده، فتوجه إلى المدرسة طالباً إعادة النظر في هذا القرار المجحف بحق ابنه، وعندما رفضت المدرسة طلبه، لم يعد أمامه سوى رفع القضية إلى المحكمة، التي فتحت تحقيقاً فورياً شاملاً بالقضية، وبعد مداولات سريعة أقرت المحكمة ببطلان قرار فصل الطالب، وقضت بعودته إلى مدرسته. أما بشأن ما قدمته إدارة المدرسة من حجج استندت إليها في قرارها بفصل الطالب، فقد اعتبرتها المحكمة غير ذات قيمة لأن ما ورد على صفحات موقع سنتياغو، هو تعبير عن الرأي الذي يعتبر أحد الحريات التي كفلها الدستور للمواطن.

وكان لهذه الحادثة أن أثارت الانتباه إلى الأوضاع السيئة التي تعاني منها المدرسة، وعلى أثرها طلب من المشرف والمدير تقديم استقالتهما، وهذا ما كان..

draiver
04-03-2001, 10:28 PM
الله يلبشك ماقدرت اكملها من متى وانت تكتبها اكيد كانت تكب بالوراثة وجا دورك بالكتابة