المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية كيف تنظر اسرائيل لامن الخليج؟



Black_Horse82
09-04-2002, 10:41 PM
http://www.middle-east-online.com/pictures/biga/_3423_zayed_centre-9-4-2002.jpg

المعادلة المطروحة إسرائيلياً وأميركياً هي الجمع ما بين رأس المال الخليجي والعقل الإسرائيلي، لكنها تصطدم برفض متصاعد للدور الاميركي في الخليج.


ابو ظبي - تضاعفت أهمية منطقة الخليج في الإستراتيجيات العالمية وخاصة في الإستراتيجية الإسرائيلية ـ الأميركية مع بدء ما يسمى بالمسيرة السلمية في أعقاب حرب الخليج الثانية، فقد احتلت هذه المنطقة مكانة مهمة في كل المشاريع والتصورات والترتيبات الأمنية المستقبلية للعلاقة بين العرب واسرائيل.

جاء ذلك في الإصدار الجديد لمركز زايد للتنسيق والمتابعة تحت عنوان "أمن الخليج .. رؤية إسرائيلية"، والتي ذكرت بأنه في إطار ما يعرف باقتصاديات السلام أو الشرق الأوسط الجديد تشكل منطقة الخليج بنفطها وثرواتها وموقعها الإستراتيجي حجر الأساس في المعادلة المطروحة إسرائيلياً وأميركياً، والتي تجمع ما بين رأس المال الخليجي والعقل الإسرائيلي والتي يروجون لها كخيار وحيد يكفل أمن المنطقة واستقرارها.

وتشير الدراسة الى أن أهمية منطقة الخليج تضاعفت في الأعوام الأخيرة نتيجة عجز العالم عن إيجاد بديل للنفط كمركز رئيسي للطاقة، وقد اتجهت المؤسسات البحثية ومراكز اتخاذ القرار ووضع الإستراتيجيات إلى إجراء البحوث المستفيضة حول أمن الخليج بكل مقوماته وعناصره السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، وذلك بهدف صياغة سياسات مستقبلية تكفل لأميركا والغرب استمرار السيطرة على هذه المنطقة لضمان استمرار تدفق النفط من جهة، واستمرار تدفق عوائده المالية على بنوك اوروبا واميركا من جهة اخرى.

وتستعرض الدراسة الأوضاع الأمنية في منطقة الخليج خلال العقدين الماضيين في ضوء حربي الخليج الأولى والثانية، مشيرة إلى أن اهتمام إسرائيل بمنطقة الخليج يرجع الى ما قبل ذلك، والى ما بعد الحرب العالمية الثانية عندما تطلعت إسرائيل للقيام بدور المقاومة للزحف الشيوعي في منطقة الشرق الأوسط ودور المدافع عـن المصالح الغربية عامة والأميركية بشكل خاص في هذه المنطقة. ثم تتناول الدراسة قضية أمن الخليج من ناحية دول الخليج نفسها، ومساعي هذه الدول طيلة ربع قرن مضى لتكوين منظومة أمنية مشتركة ومحاولات تفعيل هذه المساعي والجهود مع مساعي باقي الدول العربية عن طريق ربط قضايا الأمن الخليجي بقضايا الأمن القومي العربي في إطار أهداف واحدة وتهديدات مشتركة، الأمر الذي أدى بدوره إلى بروز القوى الإقليمية في المنطقة مثل العراق وإيران، وهما الدولتان اللتان لعبتا دوراً بارزاً في تصعيد حدة التوتر الأمني في المنطقة خاصة أثناء حرب الخليج الأولى بينهما، الأمر الذي دفع باقي دول المنطقة إلى طرح وتفعيل سؤال أمن الخليج بشكل أكثر حماساً وجدية.

من ناحية اخرى زادت أهمية البحث عن منظومة أمن مشتركة بين دول الخليج في ضوء تصعيد حدة الخلافات حول مشاكل الحدود بين هذه الدول في بداية التسعينات والتي صعبت من إمكانية الإسراع بوضع هذه المنظومة الأمنية المشتركة الى جانب تباين واختلاف مواقف هذه الدول ووجهات نظرها تجاه جيرانها وخاصة تجاه العراق وإيران، الأمر الذي جعل من الصعوبة على هذه الدول الاتفاق على العدو وعلى مصدر الخطر الحقيقي مما أدى بدوره إلى إرجاء حسم قضية منظمة الأمن المشترك بينها.

أما بالنسبة للصراعات المذهبية والطائفية وتأثيرها على أمن المنطقة فإن الدراسة تشير الى أن هذه الصراعات لم تكن لتظهر على السطح وتنشأ من الأساس لولا تدخل قوى أجنبية لتأجيجها وإثارتها، وأن هذه الصراعات المذهبية والطائفية كانت ومازالت تشغل حيزاً كبيراً من اهتمامات إسرائيل وتطلعاتها في المنطقة، وذلك سعياً منها في الأساس الى جذب الأنظار بعيداً عن المخاطر الحقيقية المرتبطة بالتدخلات الأجنبية الخارجية والمؤامرات الصهيونية التي تصطدم دائماً بحالة من التماسك السياسي والاجتماعي المميزة لمجتمعات دول الخليج.

وتشير الدراسة إلى نظرية الاعتماد على نظام الدفاع الأميركي الغربي لمنطقة الخليج والتي ترسخت طيلة سنوات التسعينات بشكل كبير، والآن بدأت تتراجع هذه النظرية أمام عوامل وظواهر جديدة داخلية في المنطقة بعد أن أثار الوجود العسكري الأميركي في المنطقة حساسية دينية حادة لدى بعض الدول وخاصة المملكة العربية السعودية، ووقعت العديد من الحوادث والتفجيرات التي أثبتت أن هذا الوجود العسكري الأجنبي أصبح يشكل خطراً على الأمن وليس ضماناً له.

ثم تتناول الدراسة الدور الإسرائيلي في إطار الإستراتيجية الأميركية، حيث استطاعت إسرائيل على مدى نصف قرن مضى أن تجعل من نفسها أداة رئيسية لمواجهة ما أسمته بالتهديدات للمصالح الغربية والأميركية في المنطقة بداية بتيار القومية العربية والمد الشيوعي في الستينات، ووصولاً إلى التيار الديني الإسلامي والحركات الأصولية وما سمي بالتطرف والإرهاب الذي يعتبره الغرب الخطر الجديد الزاحف عليه من منطقة الشرق الأوسط بالتحديد، ومن هنا استطاعت إسرائيل أن تحجز لنفسها مقعداً جديداً في مقدمة مسرح الأهمية الإستراتيجية بعد أن ظن البعض أن أهمية إسرائيل قد تضاءلت في أعقاب انهيار المعسكر الاشتراكي واختفاء الخطر الشيوعي وتقهقر المدى القومي العربي.

وقد دخلت منطقة الخليج دائرة الاهتمام الأمني الغربي بشكل كبير في هذا المجال بالتحديد بعد أن أصبحت الكثير من أصابع الاتهام تشير إلى دول الخليج بالتحديد على أنها بؤرة أساسية لتفريخ عناصر التطرف والإرهاب، الأمر الذي زاد بدوره من أهمية إسرائيل ومواصلتها لشغل حيز أكبر ضمن استراتيجيات الأمن الغربية في المنطقة.

وتقدم الدراسة في ملاحقها عرضاً لرؤية الإدارة الأمريكية - خاصة في عهد الرئيس كلينتون الذي استمر طيلة ثمانية أعوام للأوضاع الأمنية في منطقة الشرق الأوسط عموماً ومنطقة الخليج بشكل خاص ودور إسرائيل في الإستراتيجية الأمنية الأمريكية للمنطقة.

وتؤكد الدراسة على الخطأ الكبير في الرؤية الإسرائيلية الغربية لمنطقة الخليج والمتمثل في التعامل معها على أنها مجرد حقل للنفط ومصدر للثروات، متجاهلة كون هذه المنطقة دائرة حضارية ثقافية ذات ثقل حضاري واستراتيجي مستمر في الماضي والحاضر، وهو الأمر الذي برهن عليه النهج السياسي لزعماء دول الخليج في الآونة الأخيرة والذي فصل بين ما يرتبط بحسابات ومصالح الغير وما يتفق مع مقتضيات أمن الخليج ومصالحه الثابتة الإقليمية والقومية على حد سواء.