تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية تقرير في نشرة اسرائيلية: صراع مشروعين في البنتاغون لتعديل خرائط المنطقة



Black_Horse82
12-04-2002, 05:39 PM
في منتصف شهر اذار الماضي تقدم ولي العهد السعودي الامير عبدالله بن عبد العزيز بعرض، الا وهو التطبيع الكامل للعلاقات بين كل البلدان العربية واسرائيل، مقابل انسحاب كل القوات والمستوطنين الاسرائيليين الى ما وراء "الخط الاخضر"، اي الحدود الاسرائيلية - الفلسطينية في 4 حزيران .1967 ومن المأمون ان نفترض انه لم يكن لدى الامير عبدالله اي اوهام حول امكان قبول شارون بعرض مماثل، وتخليه عن السيطرة الاسرائيلية على القسم الغربي من اراضي اسرائيل- فلسطين. الا ان العرض قد قُدّم بغية الرد على استراتيجيتين اميركيتين تتم مناقشتهما الآن في العاصمة واشنطن.

عانت المملكة العربية السعودية، منذ الهجوم على مركز التجارة العالمي، ضغوطا شديدة من جانب جماعة بول وولفوفيتس في البنتاغون. اذ يعرف عن نائب وزير الدفاع انه تبنى آراء ارييل شارون، وانه لا يكتفي بالاعتقاد ان الولايات المتحدة يجب ان تعود عن تحالفاتها مع الدول العربية المحافظة، بل يرى انه يجب عليها كذلك ان تستولي على مواردهم النفطية (اي تسرقها). انطلاقا من اعتبارات استراتيجية مماثلة، صاغ وولفوفيتس وبعض المحيطين بنائب الرئيس ديك تشيني خطة استراتيجية تهدف الى اعادة رسم خريطتي الشرق الاوسط واوروبا الوسطى.

وتضع الخطة كلا من اسرائيل وتركيا في موقع الحليف الرئيسي للولايات المتحدة. وتظهر ازدراء حيال قدرة العرب على مساعدة الاميركيين في اوقات الازمة. وهي طبعا مرتكزة بالكامل على مفهوم "الحملة الصليبية الاميركية"، وتحظى تاليا بدعم المتطرفين في البنتاغون وفي فورت براغ، وهو المقر الرئيسي لتدريب القوات الخاصة وملجأ لأولئك الذين ما زالوا يتوقون، في جهاز الدفاع، الى فيتنام جديدة.

والخطة التي تستند الى اقتراحات آرييل شارون وشاوول موفاز المباشرة والمفصلة، تهدف في الدرجة الاولى الى سلب الرياض كل نفوذها. ومما لا شك فيه انه في حال تحقق خطة وولفوفيتس، فسوف تقسّم المملكة العربية السعودية اجزاء كثيرة: "دولة" او محمية خاضعة مباشرة لسيطرة شركات النفط الكبرى وعلى رأسها ارامكو، ودولة سعودية اخرى تفتقر الى النفط. وربما دول اخرى كذلك سوف تلحق باليمن وبالعراق الجديد.

بناء على هذا المفهوم، وبعد اطاحة القوات الانغلو - اميركية صدام حسين في العراق، سوف يتم "اجلاء" الفلسطينيين - اي طردهم - من غرب فلسطين ومن المملكة الاردنية الهاشمية على حد سواء، وذلك سوف يتيح لاسرائيل بأن تصبح دولة يهودية "صافية العرق"، وسوف يتم ضم الاردن الى اسرائيل الكبرى، وصولا الى الحدود العراقية، ربما مع بعض التعديلات البسيطة على مستوى الحدود. وسوف تختفي المملكة الهاشمية "كونها عنصرا ضعيفا في اي حال".

سوف يتم اجلاء الفلسطينيين وترحيلهم الى داخل الحدود العراقية وتوطينهم في مناطق عراقية متخلفة وغير مكتظة بالسكان. وفي الوقت نفسه او في مرحلة لاحقة، سوف ينضم اليهم اللاجئون الفلسطينيون في سوريا ولبنان والاردن شاؤوا ذلك ام ابوا.وسوف تتم اطاحة النظام السوري بطرفة عين. من خلال هجوم اسرائيلي - اميركي سريع سرعة البرق، وسوف تؤسس بدلا منه دولة سورية مؤيدة لاميركا وذات سوق حرة.

ولقاء مشاركة تركيا في الحرب الجديدة، سوف تحظى هذه بالسيطرة الكاملة على الموارد المائية التي تتقاسمها انقرة الآن مع سوريا والعراق، اي على نهري دجلة والفرات وسوف تعمل قوات اميركية خاصة على قمع الثورات الاسلامية في جميع انحاء العالم العربي، تحت غطاء "الحرب ضد الارهاب".



الخطة الشريفية الجديدة

وثمة خطة استراتيجية اخرى تدور في اوساط المخططين السياسيين داخل ادارة بوش -تشيني، الا وهي خلق شريفية جديدة. اذ نعلم ان السلالة الهاشمية التي تحكم الاردن الآن كانت في ما مضى حاكمة ما يُعرف الآن بالمملكة العربية السعودية والكويت واليمن. الا ان البريطانيين والفرنسيين غيروا هذا الواقع بعد الحرب العالمية الثانية، وتم نفي الحسينيين الى فلسطين التاريخية - اي ما يعرف الآن باسرائيل والاراضي والاردن - حين قررت الامبراطورية البريطانية، في عهد رئيس الوزراء اللورد بلفور، ان تسمح لأقلية يهودية بانشاء وطن لها في فلسطين وان تؤدي دور الاقلية الدينية التي اتاحت للحكام البريطانيين التقسيم والحكم والسيادة - على غرار الدور الذي ادته البهائية في ايران في ظل الاحتلال البريطاني لهذه.

اما الفئة المعارضة لشارون داخل الادارة، فتود خلق شريفية جديدة، اي مملكة اردنية تمتد من نهر الاردن الى الحدود مع ايران. وتضم العراق المعاصر. وتتمتع هذه الفكرة في الواقع بعدد لا بأس به من المؤيدين. لا في اوساط النخب الاردنية الحاكمة ذات الجذور البدوية فحسب، وذلك امر طبيعي. بل كذلك في بعض الاوساط العراقية، فتماما على غرار افغانستان، انه ملكا مناصرا لأميركا قد يمنح المملكة الجديدة النفوذ والشرعية على حد سواء. اما في ما يتعلق باسرائيل- فلسطين، فسوف تجبر اسرائيل على اجلاء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية فحسب. وسوف ينقل الفلسطينيون الموجودون داخل قطاع غزة الى الضفة الغربية او الى المملكة الهاشمية الجديدة الموسعة، التي سيعاد تحديدها كمملكة هاشمية- فلسطينية- عراقية. وسيشجّع المستوطنون اليهود على الانتقال الى منطقة قطاع غزة الملحقة باسرائيل، او الى منطقة النقب القاحلة جنوب اسرائيل. واذا ما رفض الفلسطينيون، سوف يكون الحل الموقت لها ان تصبح الضفة الغربية التي اجلتها اسرائيل "دولة" خاضعة لحكم الامر الواقع المؤلف من الشريفية الجديدة ومن حكومة اسرائيلية اكثر اعتدالا من حكومة شارون. وفي الوقت المناسب، وبعد فاصل زمني مقبول، سوف تلتحق بالمملكة الشريفية اما في شكل مقاطعة "مفدرلة"، او كجزء من الاتحاد الكونفيديرالي المؤلف من كل من العراق والاردن وما تبقى من فلسطين.



ذعر في الرياض والقدس

أثارت الخطتان على حد سواء موجة ذعر في المملكة العربية السعودية. فالخطة الاولى قد تقضي بكل بساطة على السلالة الوهابية الحاكمة وتستولي على ما تبقى من السعودية. اما الثانية فقط تُضعفها الى حد خطير، وذلك يصبّ في مصلحة المنافس الرئيسي للوهابيين، اي العائلة الحسينية. وسوف يتنافس كذلك النفط العراقي مع الموارد السعودية والكويتية، مؤدياً بذلك الى خفض متزايد لاسعار النفط.

اما في ما يتعلق باسرائيل الشارونية، فإن الخطة الشريفية قد تجبر الاسرائيليين على التخلي نهائياً عن حلمهم باسرائيل كبرى او حتى باسرائيل غربية تقع بكاملها تحت سيطرة تل أبيب مثلما هي الحال الآن. وسوف تضع حداً لاحلام الاسرائيليين التوسعية.

بل واكثر من ذلك، فهي قد تؤسس، عند حدود اسرائيل الشرقية، لامبراطورية عربية قوية قد تشكل خطراً دائماً على اسرائيل رغم كونها خاضعة للسيطرة الاميركية.

إن الاستراتيجيا التي يعتمدها شارون، في اطار مواجهاته مع الفلسطينيين، واضحة ومفصلة للغاية: يريد شارون القضاء على الحكم الذاتي الفلسطيني وتصعيد النزاع الى حد منح النفوذ للاسلاميين داخل فلسطين بهدف "إثبات" ان طرد الفلسطينيين من الاراضي المحتلة ومن اسرائيل ما قبل 1967 على حد سواء أمر ضروري. اما السلام النهائي الذي قد تفرضه الولايات المتحدة، فهو آخر شيء قد يرغب فيه شارون.

من الجليّ تالياً سبب تقدم ولي العهد السعودي الامير عبدالله بخطة سلام، وسبب عدم اكتفاء شارون بالموافقة على هذه الخطة "مبدئياً"، بل ذهابه الى حد الاقتراح بالمشاركة في القمة العربية في بيروت في 27 آذار بغية عرض آرائه الخاصة. ويبرّر هذا ايضاً سبب رفض حكومة شارون اخراج عرفات من الفخّ الذي وقع فيه في رام الله، وسبب رفض عرفات الذهاب الى القمة في آخر المطاف تحت وطأة الضغوط الاميركية. والشروط التي فرضها شارون على رحلة عرفات الى الخارج شكّلت الضربة القاضية بالنسبة الى رغبة الفلسطينيين غير الاكيدة في التماشي مع الخطة السعودية.

في تلك الاثناء، ما زالت المناقشات الجيوستراتيجية مستمرة في واشنطن داخل ادارة بوش غير المستقرة والمرتبكة والمنقسمة. فهناك تسود فوضى لا مثيل لها سوى عجرفة الحكام.

إن الرفض الذي واجهته الولايات المتحدة بإزاء نيتها شنّ هجوم على العراق في ايار 2002 أثار موجة من الحنق في البيت الابيض والبنتاغون. اذ رفضت كل الدول العربية، ومعظم الحكومات الاوروبية - باستثناء بريطانيا - مساندة هذا الهجوم رفضاً قاطعاً. الكويت نفسها، التي انتقمت من العراق ومن عرفات طوال الاعوام العشرة الماضية، طالبت واشنطن في شكل واضح وعلني بعدم مهاجمة العراق. فأعلنت الادارة الاميركية بلهجة حاقدة أنه لم يتم اتخاذ اي قرار لمهاجمة العراق في "المستقبل القريب".

ويتنبأ الخبراء الاوروبيون بأن بوش لن يتخلى عن خطته اطاحة صدام حسين، وان هجوماً اميركياً - بريطانياً - اسرائيلياً على بغداد سوف يجري فعلاً في ايلول او تشرين الاول ،2002 اي قبل الانتخابات التشريعية الاميركية التي تُعقد في منتصف عهد الرئيس.

الاّ ان خطوة مماثلة تشكّل مجازفة خطيرة بالنسبة الى بوش: ففي حال عدم تنفيذ الاجتياح في شكل سريع وعدم نجاحه في شكل تام، قد ينتج من ذلك تراجع في عدد ناخبيه وسيطرة غالبية ديموقراطية اكبر حجماً على المجلس التشريعي. اما في ما يتعلق باحتمال اللجوء الى اسلحة غير تقليدية في اطار هجوم مماثل، فإن الاعتداءات الاميركية البكتيريولوجية او الكيميائية او حتى النووية قد تزيد على الارجح الى حد كبير من حدة المعارضة الاوروبية والآسيوية للمارد الجديد الاحادي القطب. لقد استشهد بوش بالمادة الخامسة من ميثاق حلف شمال الاطلسي، لكي يجبر الاوروبيين على الانضمام الى حربه المزيفة "ضد الارهاب". لكن من غير المرجح ان يتسنى له تكرار هذا الانجاز - ولو ردّ صدام حسين على الهجوم الاميركي بضربه اهدافاً داخل الاراضي الاميركية مستخدماً اسلحة كيميائية وبكتيريولوجية او نووية تمّ ادخالها مسبقاً.

عن النشرة الاسرائيلية:

Israel and Palestine strategic update

ترجمة جمانة حداد عن الانكليزية