MandN
18-04-2002, 05:25 AM
عبد الباري عطوان:
انتهاء مهمة كولن باول وزير الخارجية الامريكي بالفشل يعني اعطاء ارييل شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي تفويضا مفتوحا من الدولة الاعظم في العالم لمواصلة جرائم الحرب والابادة والتطهير العرقي التي يمارسها حاليا في الاراضي العربية المحتلة.
فجولة باول كانت بمثابة عجلة الانقاذ الاخيرة بالنسبة الي النظام الرسمي العربي الذي علق عليها آمالا عريضة لايقاف شارون عند حده، واجباره علي وقف عدوانه، وعدم نجاحها في تحقيق هذا الهدف يعني ان الزعماء العرب، وحلفاء امريكا الخلص علي وجه التحديد، باتوا في وضع حرج للغاية.
ومما يزيد من وضعهم حراجة، ان الرئيس الامريكي جورج بوش اشار بوضوح في خطابه الذي القاه امس الي عدم رغبة بلاده في التدخل في المنطقة بشكل فعال، عندما قال ان صراع الشرق الاوسط في غاية التعقيد ويمتد الي عدة عقود، ومن الصعب ايجاد حل له في ايام معدودة.
وطالب زعماء مصر والسعودية والاردن بالعمل من اجل مكافحة ما أسماه الارهاب في المنطقة بالجدية نفسها التي عملوا بها لمكافحة ما أسماه الارهاب في افغانستان.
والرئيس بوش معذور، ومعه كل الحق ان يتوجه بمثل هذا الطلب، وان ينتظر الرد الايجابي الفوري، فطالما ان العرب حاربوا مع امريكا ضد العراق، وانضموا بحماس الي التحالف المناهضما لما سمي بلارهاب في افغانستان، فلماذا لا يفعلون الشيء نفسه في فلسطين المحتلة وجنوب لبنان، ثم بعد ذلك في العراق!
ونحن لا نضرب بالرمل، او نقرأ الطالع، عندما نقول ان الولايات المتحدة الامريكية تخوض حاليا حروب اسرائيل، وليس حروب الشعب الامريكي، ومن يقاتل تحت مظلتها خاصة في افغانستان والعراق، يخدم الاهداف الاسرائيلية في الهيمنة والتوسع وهضم الحقوق العربية. والا ما معني ان يكون ابرز المتحدثين في المظاهرة اليهودية الاخيرة في واشنطن هو ولفوفيتس نائب وزير الدفاع الامريكي واكثر المتحمسين لضرب العراق.
ولنكن اكثر صراحة ونقول ان النظام الرسمي العربي هو الذي افشل مهمة باول، ليس لانه يريد ذلك وفق مفهوم استراتيجي متفق عليه، وانما لانه رفع راية الاستسلام امام المجازر الاسرائيلية، واطلق كلابه المسعورة لنهش لحوم المتظاهرين في شوارع عواصمه.
بوش ارسل وزير خارجيته الي المنطقة خوفا من المظاهرات الغاضبة التي اجتاحت عواصم الدول المحاذية للدولة العبرية، مثل مصر والاردن ولبنان، ولكن بعد ان نجحت اجهزة القمع في هذه الدول بوضع حد لهذه التظاهرات، تراجعت مخاوف الادارة الامريكية، وتراجع معها حماسها لوقف العدوان الاسرائيلي. فالصدام مع شارون ربما يكون مكلفا جدا للجمهوريين، خاصة وانهم علي بعد بضعة اشهر من انتخابات الكونغرس، بينما الصدام مع العرب، هذا اذا وجد، غير مكلف علي الاطلاق، فالنفط يتدفق باسعار منخفضة بسبب هرولة دول عربية لزيادة انتاجها لافشال خطوة حظر النفط من قبل العراق، والرئيس مبارك يؤكد ليل نهار انه لن يحارب، اما العاهل الاردني فقد تفقد الحدود ليس استعدادا للحرب وانما للاطمئنان الي مناعتها في مواجهة اي عمليات فدائية او تهريب اسلحة من الجانب الاردني.
ولا نعرف ما اذا كان الامير عبد الله بن عبد العزيز مازال مصرا علي شد الرحال الي تكساس للقاء الرئيس بوش في مزرعته، مثلما اعلن البيت الابيض امس ام انه سيلغي هذه الزيارة احتجاجا علي هذا الموقف الامريكي المساند للعدوان الاسرائيلي!
الرئيس مبارك رفض لقاء باول بحجة المرض، مثلما رفض ايضا طلب الرئيس بوش بالعمل علي محاربة الارهاب في المنطقة، واعلن معارضته للمؤتمر الدولي الذي دعا اليه شارون وتبنته الادارة الامريكية، ولكن هذه الخطوات، رغم ايجابيتها، ليست كافية، لان ما يطالب به الشعب المصري هو قطع العلاقات وتجميد اتفاقات كامب ديفيد ان لم يكن الغاؤها، والاستعداد للمواجهة العسكرية.
ومن اللافت ان الرئيس مبارك قال ان قرار الحرب يتطلب موافقة مؤسسات الشعب المصري، لانه يمس هذا الشعب ومصالحه بصورة مباشرة، ولا نعرف متي اخذ الزعماء العرب رأي الشعب في حروبهم او استسلامهم. وليكن.. ونحن نتمني ان يجري الرئيس مبارك استفتاء شعبيا نزيها حول مسألة الحرب هذه، ونحن سنقبل برأي الشعب المصري.
المظاهرات توقفت للاسف، لان الانظمة ارادت لها ان تتوقف، ولكن المجازر مستمرة، والامل بايقافها من قبل باول انهار، وبتنا امام حالة من الفوضي.
فحتي لو انسحبت القوات الاسرائيلية من المدن الفلسطينية لن تكون هناك سلطة او قوات امن تتسلم منها مهام ضبط الامن.
الفوضي هذه لن تتوقف عند حدود الضفة وغزة، كما ان المقاومة الشعبية ستتجاوز مرحلة الصدمة الحالية، وتعيد تجميع قواها، مثلما فعلت بعد هزيمة عام 1967، والاحتلال الاسرائيلي لبيروت.
الحدود العربية لن تكون هادئة، ومحكمة الاغلاق مهما بالغت الانظمة في تشديد الحراسة عليها، كما ان الشوارع ايضا لن تصمت الي الابد.
او هكذا نعتقد ونأمل ان يكون اعتقادنا في محله.
www.alquds.co.uk (http://www.alquds.co.uk/display.asp?fname=/alquds/articles/data/2002/04/04-18/g29.htm)
انتهاء مهمة كولن باول وزير الخارجية الامريكي بالفشل يعني اعطاء ارييل شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي تفويضا مفتوحا من الدولة الاعظم في العالم لمواصلة جرائم الحرب والابادة والتطهير العرقي التي يمارسها حاليا في الاراضي العربية المحتلة.
فجولة باول كانت بمثابة عجلة الانقاذ الاخيرة بالنسبة الي النظام الرسمي العربي الذي علق عليها آمالا عريضة لايقاف شارون عند حده، واجباره علي وقف عدوانه، وعدم نجاحها في تحقيق هذا الهدف يعني ان الزعماء العرب، وحلفاء امريكا الخلص علي وجه التحديد، باتوا في وضع حرج للغاية.
ومما يزيد من وضعهم حراجة، ان الرئيس الامريكي جورج بوش اشار بوضوح في خطابه الذي القاه امس الي عدم رغبة بلاده في التدخل في المنطقة بشكل فعال، عندما قال ان صراع الشرق الاوسط في غاية التعقيد ويمتد الي عدة عقود، ومن الصعب ايجاد حل له في ايام معدودة.
وطالب زعماء مصر والسعودية والاردن بالعمل من اجل مكافحة ما أسماه الارهاب في المنطقة بالجدية نفسها التي عملوا بها لمكافحة ما أسماه الارهاب في افغانستان.
والرئيس بوش معذور، ومعه كل الحق ان يتوجه بمثل هذا الطلب، وان ينتظر الرد الايجابي الفوري، فطالما ان العرب حاربوا مع امريكا ضد العراق، وانضموا بحماس الي التحالف المناهضما لما سمي بلارهاب في افغانستان، فلماذا لا يفعلون الشيء نفسه في فلسطين المحتلة وجنوب لبنان، ثم بعد ذلك في العراق!
ونحن لا نضرب بالرمل، او نقرأ الطالع، عندما نقول ان الولايات المتحدة الامريكية تخوض حاليا حروب اسرائيل، وليس حروب الشعب الامريكي، ومن يقاتل تحت مظلتها خاصة في افغانستان والعراق، يخدم الاهداف الاسرائيلية في الهيمنة والتوسع وهضم الحقوق العربية. والا ما معني ان يكون ابرز المتحدثين في المظاهرة اليهودية الاخيرة في واشنطن هو ولفوفيتس نائب وزير الدفاع الامريكي واكثر المتحمسين لضرب العراق.
ولنكن اكثر صراحة ونقول ان النظام الرسمي العربي هو الذي افشل مهمة باول، ليس لانه يريد ذلك وفق مفهوم استراتيجي متفق عليه، وانما لانه رفع راية الاستسلام امام المجازر الاسرائيلية، واطلق كلابه المسعورة لنهش لحوم المتظاهرين في شوارع عواصمه.
بوش ارسل وزير خارجيته الي المنطقة خوفا من المظاهرات الغاضبة التي اجتاحت عواصم الدول المحاذية للدولة العبرية، مثل مصر والاردن ولبنان، ولكن بعد ان نجحت اجهزة القمع في هذه الدول بوضع حد لهذه التظاهرات، تراجعت مخاوف الادارة الامريكية، وتراجع معها حماسها لوقف العدوان الاسرائيلي. فالصدام مع شارون ربما يكون مكلفا جدا للجمهوريين، خاصة وانهم علي بعد بضعة اشهر من انتخابات الكونغرس، بينما الصدام مع العرب، هذا اذا وجد، غير مكلف علي الاطلاق، فالنفط يتدفق باسعار منخفضة بسبب هرولة دول عربية لزيادة انتاجها لافشال خطوة حظر النفط من قبل العراق، والرئيس مبارك يؤكد ليل نهار انه لن يحارب، اما العاهل الاردني فقد تفقد الحدود ليس استعدادا للحرب وانما للاطمئنان الي مناعتها في مواجهة اي عمليات فدائية او تهريب اسلحة من الجانب الاردني.
ولا نعرف ما اذا كان الامير عبد الله بن عبد العزيز مازال مصرا علي شد الرحال الي تكساس للقاء الرئيس بوش في مزرعته، مثلما اعلن البيت الابيض امس ام انه سيلغي هذه الزيارة احتجاجا علي هذا الموقف الامريكي المساند للعدوان الاسرائيلي!
الرئيس مبارك رفض لقاء باول بحجة المرض، مثلما رفض ايضا طلب الرئيس بوش بالعمل علي محاربة الارهاب في المنطقة، واعلن معارضته للمؤتمر الدولي الذي دعا اليه شارون وتبنته الادارة الامريكية، ولكن هذه الخطوات، رغم ايجابيتها، ليست كافية، لان ما يطالب به الشعب المصري هو قطع العلاقات وتجميد اتفاقات كامب ديفيد ان لم يكن الغاؤها، والاستعداد للمواجهة العسكرية.
ومن اللافت ان الرئيس مبارك قال ان قرار الحرب يتطلب موافقة مؤسسات الشعب المصري، لانه يمس هذا الشعب ومصالحه بصورة مباشرة، ولا نعرف متي اخذ الزعماء العرب رأي الشعب في حروبهم او استسلامهم. وليكن.. ونحن نتمني ان يجري الرئيس مبارك استفتاء شعبيا نزيها حول مسألة الحرب هذه، ونحن سنقبل برأي الشعب المصري.
المظاهرات توقفت للاسف، لان الانظمة ارادت لها ان تتوقف، ولكن المجازر مستمرة، والامل بايقافها من قبل باول انهار، وبتنا امام حالة من الفوضي.
فحتي لو انسحبت القوات الاسرائيلية من المدن الفلسطينية لن تكون هناك سلطة او قوات امن تتسلم منها مهام ضبط الامن.
الفوضي هذه لن تتوقف عند حدود الضفة وغزة، كما ان المقاومة الشعبية ستتجاوز مرحلة الصدمة الحالية، وتعيد تجميع قواها، مثلما فعلت بعد هزيمة عام 1967، والاحتلال الاسرائيلي لبيروت.
الحدود العربية لن تكون هادئة، ومحكمة الاغلاق مهما بالغت الانظمة في تشديد الحراسة عليها، كما ان الشوارع ايضا لن تصمت الي الابد.
او هكذا نعتقد ونأمل ان يكون اعتقادنا في محله.
www.alquds.co.uk (http://www.alquds.co.uk/display.asp?fname=/alquds/articles/data/2002/04/04-18/g29.htm)