المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية شارون رجل السلام



MandN
20-04-2002, 03:04 AM
عبد الباري عطوان:

عندما يعلن الرئيس الامريكي جورج بوش ان ارييل شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي هو رجل سلام في الوقت الذي يطالب كل احرار العالم بمحاكمته كمجرم حرب بعد المجازر التي ارتكبها في جنين ونابلس وبيت لحم، فان هذا الاعلان هو استخفاف بكل العرب والمسلمين، واهانة لمشاعرهم، وتأييد مطلق لسياسات التطهير العرقي الاسرائيلية المطبقة حاليا في الاراضي المحتلة.
الرئيس بوش بمثل هذه التصريحات لا يفتقر الي المنطق فقط، وانما الي الحد الادني من الحس الاخلاقي، وموات الضمير، وهو بذلك يشكل خطرا علي البشرية بأسرها بحكم موقعه علي قمة الدولة الأعظم التي تملك اسلحة قادرة علي تدمير الكرة الأرضية بأسرها.
فمن الواضح ان هذا الرجل ينحاز بالكامل الي سفك الدماء، ولا يعرف الا لغة الحرب، ولا يمر يوم واحد دون ان يهدد بتحطيم هذه الدولة او تلك، ويقسم العالم الي معسكرين، فمن مع امريكا وحروبها هو في معسكر الاخيار، اما من يعترض، او يفضل الاعتزال والحياد، فهو في معسكر الاشرار، ولا منطقة رمادية بين الخيارين.
الرئيس الامريكي يطالب الزعماء العرب، دون خجل او حياء، بمحاربة الارهاب، ويطالب الزعيم الفلسطيني المعتقل في مكتبه بالانتقال من التصريحات الي الاعمال لوقف الارهاب، بينما دماء ضحايا الارهاب الاسرائيلي في جنين لم تجف بعد.
والارهاب المقصود هنا هو الارهاب الفلسطيني، اما الارهاب الاسرائيلي المدعوم بالدبابات والطائرات الحديثة، فهو دفاع عن النفس ومبرر، يجب ان يعطي اصحابه الوقت الكافي لاكمال الهدف من توغلاتهم واحتلالاتهم في المدن والقري والمخيمات الفلسطينية.
هذا الرئيس الامريكي الذي يتربع علي قمة العالم الحر لا يقول لنا لماذا ترفض حكومة شارون زيارة السيدة ماري روبنسون رئيسة لجنة حقوق الانسان في الامم المتحدة للضفة الغربية للاطلاع علي الانتهاكات الاسرائيلية لحقوق الانسان، ولا يفسر لنا، وهو الزعيم الديمقراطي، اسباب معارضة صديقه حمامة السلام شارون تشكيل لجنة من الصليب الاحمر الدولي للتحقيق في المجازر التي ارتكبها الجيش الاسرائيلي في مخيم جنين!
انه رئيس حاقد تعميه احقاده، عن رؤية الأمور من زاوية موضوعية صرفة، وهو يحاول تغطية فشله في تحقيق انتصار كامل في افغانستان بدعم الارهاب الاسرائيلي انتقاماً من العرب والمسلمين.
كنيسة المهد مسقط رأس السيد المسيح تتعرض لعدوان اسرائيلي سافر، وحصار خانق، دون اي احترام لحرمتها وقداستها، حيث يصر رجل السلام شارون علي تدنيسها، وتحويلها الي قبر جماعي لمن احتموا بداخلها، وهو امر لم يحدث له مثيل منذ ميلاد السيد المسيح بين جدرانها المقدسة.
العالم كله هب هبة واحدة احتجاجاً علي تفجير الطالبان لتماثيل بوذا في مقاطعة باميان، وسارعت معظم الدول الي فرض عقوبات علي الحركة الاصولية المتطرفة، ولكن هذا العالم نفسه، والمسيحي منه بالذات، يلوذ بالصمت علي التدنيس الاسرائيلي لاهم واقدس معلم مسيحي في العالم.
فاسرائيل تستطيع ان تعيد صلب المسيح ثانية، ولن يتحرك البيت الابيض او كل البيوت الأخري في الغرب أو الشرق، فهي فوق كل القوانين، ومحصنة من اي عقوبات، وتماثيل بوذا اكثر قداسة من كنيسة المهد، طالما ان الذين نسفوها من غير الاسرائيليين؟!
نحن نسأل عما سيكون عليه رد فعل العالم الغربي، وبابا الفاتيكان لو ان مسلمين متطرفين احرقوا كنيسة المهد، او حتي كنيسة قبطية في صعيد مصر؟ هل سيلتزم العالم الغربي المسيحي هذا الصمت المخجل؟!
الرئيس بوش لا يستخف فقط بالشعوب العربية والاسلامية، وانما بالزعماء العرب الذين شاركوه كل حروبه، ووافقوا علي اعتبار المقاومة الاسلامية احد اشكال الارهاب في مؤتمر شرم الشيخ الذي رعاه كلينتون في عام 1996.
الشعب الفلسطيني لا يخشي الرئيس بوش، ولا يخاف شارون، وهو في قمة التماسك والصلابة، اما الذين يخافون بوش وشارون، فهم الزعماء العرب للأسف الذين يتعايشون علي فتات المساعدات الامريكية، ويفتقر معظمهم الي الحد الأدني من الكرامة وعزة النفس.
www.alquds.co.uk (http://www.alquds.co.uk/display.asp?fname=/alquds/articles/data/2002/04/04-19/g28.htm)