المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أخبار سياسية رسالة اعتذار من رام الله إلى الرئيس بوش: نعتذر لجنودك الاسرائليين لتلويثهم بدمائنا



MandN
20-04-2002, 04:13 AM
بقلم: نشأت القريوتي - رام الله (خاص الوطن)

سيدي: استمعت كما غيري إلى الكثير من تصريحاتك وخطاباتك ومؤتمراتك الصحفية التي تكرر فيها موقفك حول الوضع الراهن في الشرق الأوسط. وقرأت وسمعت أكثر عن مواقف إدارتك عما يدور الآن على أرض فلسطين.
والآن وقد غادر وزير خارجيتك المنطقة بعد أن شد على يدي البار شارون وطلب منه مزيداً من شد الحيل والهمة فأنني يا سيدي أكتب لك من تحت الحصار من رام الله، من هذا المكان الذي يقدم لك الكثير من الاعتذارات.
فنعتذر يا سيدي الرئيس عن الغبار الذي أثاره التدمير والقصف على أحذية جنودك الاسرائيليين. واعتذار من هذا المكان الذي لم تكن شوارعه مهذبة وحنونة تحت جنازير دباباتك ولم ترحب بها وتتعامل معها بما يليق (بِسطوتها) ومكانتها الغالية في قلبك. فكان الشارع أو الزقاق أحياناً وبدون قصد يئن من حنان جنازيرها وهي تسير فوقه. من هذا المكان الذي لم تكن سماءه صافية بما فيه الكفاية مما أزعج طائراتك الأباتشي ولم تسمح لها بمسح ما تبقى من معالم وتضاريس مما جعلها (أي الأباتشي) غير مرتاحة وهي تهدي الأطفال الحلوى وتوزع عليهم الخبز الساخن وترشهم بالماء.
سيدي: ها قد عاد وزير خارجيتك الحنون بخفي حنين. فكم نحن شعب عاق، لم يستوعب بعد ولهذه اللحظة مدى المعاناة التي تعانيها من قوى الشر والارهاب، ولهذا لم تكن رقابنا على مدى سكاكين جنودك الاسرائيليين.
حقاً إننا شعب عاقر لا يراعي مدى محبتك للحرية وعشقك للازدهار وعبادتك لحقوق الانسان وأي انسان؟ ولهذا لم نكن على قدر المسؤولية كي نفهمك من اللحظة الأولى حينما لم نقدم أطفالنا ونسائنا وشيوخنا ليكونوا إشارات يتدرب عليها جنودك الاسرائيليين فنون الرماية في كل المدن الفلسطينية. فلا تغضب سيدي الرئيس ولا يزداد وجهك احمراراً من شدة الانفعال لصراخ بعضهم تحت الانقاض في نابلس القديمة أو في جنين أو كنيسة المهد، فإن صراخهم يعد انتهاكاً يؤذي آذان جنودك المرهفة ويؤثر على سمعهم في المستقبل. لم يكونوا على دراية بأسلوب حضاري في التألم بصمت، واننا نوعدك بأن نحاول مع القادمين من ضحايانا أن يكونوا أكثر تحضراً في التعبير عن الألم. فلا تغضب سيدي الرئيس.
سيدي: أنا أب لمجموعة من الأطفال شاء القدر أن نكون فلسطينيين، ولكننا لم نيأس بعد من المستقبل، لأننا على ثقة أن مستقبلنا في أيد أمينة لكننا نحاول أن نلفت انتباهك إلى أمر ربما غاب عن خاطرك لكثرة مشاغلك واهتماماتك. ولهذا نتوجه اليك عبر صحيفة عربية تصدر في بلادكم العامرة، أن تراعي مشاعر موظفيك ومرؤوسيك في اثني وعشرين دولة تسمى مجازاً عربية، فلا تجعلهم محرجين أمامي وأمام أطفالي مستقبلاً خاصة وأنت الأمين المؤمن على هذا المستقبل، فقد أحرجتهم ولم تبق لهم ما يدافعون به عن أنفسهم أمام أطفالي وأطفال جيراني الذين كانوا أكثر جرأة عند سؤالهم عن ملعقة من الحليب الجاف أو حبة دواء أو شربة ماء خلال وجودنا الجميع في ضيافة جنودك الاسرائيليين داخل بيوتنا وهم يعيدون ترتيب أثاثه وتغيير مكان الباب والشبابيك فيه بشكل أكثر تحضراً مما كان عليه.
أرجوك يا سيدي الرئيس أن تنظر إلى موظفيك بعين العطف وأن تبقي لهم ولو جزء بسيط أو يسير من ورقة التوت التي تستر ما يجب أن يستر أمام مدراء مكاتبهم على الأقل لأنهم احترفوا بفضلك وبفضل تعليماتك لعبة الاختباء عن العدسات والشاشات كبيرها وصغيرها وعن عيون المارة التي تحمل آلاف الاسئلة ونظرات (...) الاحترام المجبول بكثير من (...) التقدير (وفهمك كفاية).
سيدي: أحمل اليك اعتذارات أهل الحي الذي أنا من سكانه بل من أهل رام الله بالكامل صغيرهم قبل كبيرهم، فنعتذر منك على طلقات جنودك الاسرائيليين التي ضاعت هباء في جنين ومخيمها، ولم نجد لها صدوراً تحتضنها ولا جهات تتلقفها، وكم نحن خجولين من قذائف مدافعك التي لم تستطع جدراننا أن ترحب بها أجمل ترحيب ونستميحك عذراً من عصيان أسطح منازلنا في كل مدننا وقرانا ومخيماتنا عن تلقف صواريخك التي حملت في ثناياها ضمادات الجروح وبلسم الشفاء، وأكفاناً لموتانا ودواء للمرضى وكبار السن، وكذلك للتعبير عن أسفنا وخجلنا منك فلا بد من إحضار كل زوجاتنا اللائي لم يستطعن تحمل حنان جنودك على الحواجز مما اضطرهن إلى وضع حملهن على تلك الحواجز مما تسبب في تلوث سببه قدوم ابنائنا إلى هذه الحياة مما أفقد هذه الحواجز طهرها وعفافها. ودون أن نجد من يؤذن في آذان القادمين الجدد إلى هذه الحياة ترنيمة العصر ولحن الخلود أن سبحوا بحمد بوش وأشكروا معروف بوش واهتفوا يحيا.. يحيا بوش.
سيدي: ولا بد من اعتذار كبير يليق بكم وبمكانتكم ومكانة دولتكم العظمى، في هذا الزمان الأمريكي الخالص.. فنحن لم نستوعب بعد في كل أماكن تواجدنا في المدن والقرى والمخيمات والمنافي أن تقسيمك لهذا العالم واحد للخير وآخر للشر، فكم حاولنا أن نجد على الأرض علامات فارقة تجعلنا نصطف عليها ونقيم صلواتنا أيضاً، مما جعلك تزعج جنودك الاسرائيليين وترسلهم إلينا فقط ليعملوا على اصطفافنا واحداً واحداً وبالترتيب (القصير قدام والطويل وراء) دون أي اشارة للمشاكل مما جعل رقابنا تضرب سكاكينهم وتتسبب في تلويثها بدمنا الذي لا يشبه الدماء لا بالشكل ولا باللون ولا بالرائحة.
وهذا عمل نستحق عليه الجلد حتى ولو كان على قفانا كي نتعلم كيفية الاصطفاف دون ازعاج لجنودك الأبرار.
وفي الختام سيدي الرئيس جورج دبليو بوش أرجو أن تسامحني على الاطالة. كما أعتذر لك لأن كتابتي لك باللغة العربية فأنا لا أتقن سواها ولا أستطيع الكتابة لك بالانجليزية، ولكن عذري أن لديك الآلاف القادرين على ترجمتها إلى لغتك الأصلية التي أرجو أن لا تكون.. العبرية.
www.watan.com (http://www.watan.com/Kalam29.htm)