السادة حكام العرب وأثرياء العرب
السادة حكام العرب وأثرياء العرب،
يلعن أبو اللي خلفكم، أما بعد :
نادى بعض المشايخ بعدم وجوب مقاطعة البضائع الإسرائيلية ومقاطعة الشركات الأمريكية التي تدعم الاقتصاد الإسرائيلي وخصوصا تلك التي لها استثمارات كبيرة في إسرائيل، وتحجج هؤلاء وكل الذين وقفوا إلى جانبهم في دعوة الشارع العربي إلى لتريث في محاولة لكبح جماح المقاطعة الاقتصادية التي أتت ثمارها في عدد من البلدان العربية بأن الظروف الاقتصادية غير مواتية…
وقال أحمد ماهر وزير الخارجية المصري في لقاء أجرته معه صحيفة قطرية أن ثمن المواجهة مع إسرائيل فقط 100 مليار (يا بلاش)…وتحجج هو الآخر بعدم طرد السفير الإسرائيلي والإبقاء على العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية (سمن على عسل) يرجع إلى أسباب مادية.
وكم رئيس عربي وزعيم ورئيس حكومة وقف في وجه رغبات شعبه وداس على الكرامة العربية ليتخطى مأزقاً مادياً طمعاً في معونة غربية… ومع كل المعونات وكل الانكسارات لا زال الاقتصاد سيئاً بل من سيء إلى أسوأ..وهذا السوء طبعاً لا ينعكس إلا على الشعب الذي يعيش تحت خطر الفقر على خط النار تحت خط الحياة.
لنأخذ مثالاً ليس بعيداً..فالمأساة ليست بعيدة..!!
يعيش الشعب العراقي ظروفاً معيشية قاسية للغاية وجاوز عدد الأطفال الذين توفوا نتيجة لنقص الأدوية والغذاء منذ حرب الخليج الأخيرة وحتى الآن المليون طفل..مليون طفل مروا على ذاكرة جامعة الدول العربية كسرب ذباب ..مليون روح بريئة قد انقضت نتيجة حصار ليس من الجهات الغربية على الشعب العراقي فحسب بل هو حصار أيضاً من الحكومة العراقية على شعبها…مليون طفل لم يرهم الرئيس العراقي الذي ينعم بثروات شعبه ويقيم حفلات أعياد ميلاده كما ينبغي لرئيس "!!!"..ومليون طفل لم تُذرَف عليهم دمعة واحدة…والحفلات الماجنة تقام بانتظام والمراسيم ملكية وجمهورية كما ينبغي وملابس الحرس مكوية كما يليق بصاحب الفخامة والسمو والجلالة.
ولنعرج على الأردن بلد الهاشميين..المتمدد على مساحة الوجع وفي قلب النزاع!!
ماذا فعلت الحكومة الأردنية لتساعد الفقراء والمحتاجين الذين اصطفوا على موائد الشيخ زايد آل نهيان من اللحوم التي أرسلها شهر رمضان الفائت وحتى يصلهم الدور ليرجعوا إلى أطفالهم ببعض اللحم المغموس بالذل؟!
ماذا فعلت الحكومة الأردنية حتى تنشل الفقراء من فقرهم..والعاطلين عن العمل من بطالتهم والمسحوقين من تحت خط الفقر؟ أدخلت الشريك الاستراتيجي "التسمية المهذبة للمستثمر الأجنبي والذي هو على الأغلب إسرائيلي"، وخصخصت الشركات ليزداد الثري ثراءً ويزداد الفقير فقراً، أدخلت شركات أجنبية في مختلف القطاعات، ولولا الحياء لسلمت وزارة الأوقاف للشريك الاستراتيجي أيضا…
ومع هذا لا تزال خزينة الدولة وميزانيتها إلى الأسوأ..وأزداد عدد اللصوص الذين اقتسموا كعكة الأردن فاحتكروا شركاتها وشيدوا فللهم وقصورهم على مرمى حجر من الفقراء ومن الدوائر الحكومية التي تبصم بالعشرة أن الوضع الاقتصادي سيء والوظائف مقصورة على أصحاب الحسب والنسب، الاقتصاد كان سيئاً قبل عملية السلام وصار أسوأ بعدها..لكنها في المقابل – أي الحكومة – لم تقصر مع الشعب فرفعت أسعار الوقود والخبز والضرائب وتأمين السيارات..وما خفي كان أعظم.
ولو عرجنا على كل دولة تشتكي وتتسول في المحافل الدولية سنجد أمثلة حية على انهيار النظام الاقتصادي في معظم الدول العربية في ظل بيئة مناخية تساعد على الفساد رغم الحملات التي تقوم بها بعض الحكومات لمحاربة بعض الفاسدين بوجود وحضور رموز الفساد أنفسهم.
للأسف لم تتعلم الحكومات العربية من الولايات المتحدة الأمريكية الإدارة الاقتصادية قدر ما اعتمدت على عطايا أمريكا والغرب. أثرياء العرب أموالهم منثورة وموزعة في مختلف دول العالم هذا عدا الأرصدة السرية في البنوك السرية وعدا عن الاستثمارات المبطنة، والاستثمارات التي يستخدم فيها الأثرياء أسماء أقاربهم وموظفيهم.
وعلى ذمة خبير اقتصادي فإن زكاة أموال العرب فقط تقدر بنحو 56 مليون دولار وهي كفيلة بتأسيس دولة ذات سيادة وعلم ونشيد وطني وبدون فقراء.
ورغم هذه البحبحة في تقدير ذلك الخبير الاقتصادي إلا أن الدكتور عبد الرحمن السميط قال قبل سنوات أن الزكاة الواجب إخراجها في الكويت فقط تصل إلى حوالي مليار دينار كويتي لا يخرج منها سوى 1% ويدفعها في الغالب الفقراء لا الأغنياء.
ومن الطبيعي أن يقوم شخص ثري محدود الدخل "!!" لديه 30 مليون دولار فقط بجمعها وضربها وطرحها ليجد أن زكاته تصل إلى 7.5 مليون دينار وهي كافية لبناء عمارة أو مشروع تجاري فيعيد حساباته مرة أخرى.
ويضع أثرياء العرب ودائعهم في المصارف السويسرية وكان الله بسر الودائع السويسرية عليماً.
الزكاة برنامج اقتصادي إسلامي ناجح مائة بالمائة وأكاد أجزم أن أمريكا وكثير من الدول الغربية تتبع هذا البرنامج فتدفع زكاة أموالها بشكل صحيح، وإليكم الدليل:
بيل غيتس يزكي أمواله مع أنه غير مسلم، فهو تبرع بـ 6 مليارات دولار للأعمال الخيرية من أصل ثروته البالغة 60 مليار دولار ، وبحسبة بسيطة ندرك أن ما تبرع به حوالي 10% وليس 2.5 بالمائة المتقررة في الزكاة المقررة والواجبة شرعاً على أموال المسلمين.
أما شركة "فيليب موريس" أكبر الشركات المصنعة للتبغ والدخان فهي رغم تسويقها للسرطان وتوزيعه على البشر إلا أن شركة موريس لم تغفل دورها الخيري فقامت بتبني عدة مشاريع خيرية وتوزع الوجبات على كبار السن والمقعدين.
وشركة ماكدونالد أيضا قامت بدورها أيضا حيث قامت بتجهيز مساكن لمرضى السرطان وعائلاتهم الذين يفدون على مراكز السرطان في الولايات المتحدة، وتوزع الوجبات على المرضى وعائلاتهم تحت اسم "ماكدونالد هاوس".
وإلى جانب هذه المشاريع الخيرية التي تقوم بها كل الشركات الكبرى وأثرياء الغرب تجاه الفقراء والمرضى والمحتاجين لا يقصر كل هؤلاء بدفع زكاة أموالهم لدعم الحكومة الإسرائيلية كما رأينا في حملات خصصت فيها بعض الشركات مثل ماكدونالدز وسلسلة مقاهي "ستاربكس" ريع بعض الأيام كاملة لإسرائيل.
نحن لسنا بحاجة إلى استجداء الغرب والوقوف على أبواب البيت الأبيض نتسول لقمة العيش ورغيف الخبز وحفنة القمح بقدر ما نحن بحاجة إلى استجداء أغنياء العرب الذين يستطيعون نشل الأمة العربية من هذا الهوان لتوفير ثمن المواجهة لوالي مصر وحفظ ماء الوجه في كافة الأقطار العربية.
توقيع : عــرب تايمــز
