صاحبة الظفيرتين ....!!!!!
بسم الله الرحمن الرحيم
روى أبو قدامة الشامي ـ رحمه الله ـ قال :
كنت سائرا في طريقي يوماً من الأيام ، فإذا بامرأة تناديني
فالتفت ..
فقالت : ألست أبا قدامة ؟
قلت : بلى .
قالت : فخذ هذه الصـرّة .
فحملت الصرة و قلت : ما هذه ؟!
قالت لي : إني أردت أن انفق في سبيل الله فلم أجد مالا، فقطعت ظفيرتين من رأسي لأنفقها في سبيل الله ، فهذه هي بين يديك فاجـعلها حبلاً لفرسك قال أبو قدامة : فعجبت من أمرها و أخذت الظفيرتين وكمّلت بها رباط فرسي .
وانطلقت إلى المعركة وقاتلنا الصليبيين قتالا لم يشهد له التاريخ مثيلاً ، ورأيت في المعركة شابا صغيراً يتقدم في صفوف الأعداء ، فخفت عليه لصغر سنه وقلت له : رويدك يا غلام .
فقال الغلام : كان الأحرى بك أن تأمرني أن أتقدم !! ألم تقرأ قول الله تعالى: " انفروا خفافا و ثقالاً " ؟!
قال ابن قدامة : فزاد إعجابي بهذا الغلام و بقيت أرمقه من بعيد ، حتى نفذت سهامه .. فقال لي : أعطني ثلاثة أسهم .
فقلت له : بشرط .
قال الغلام :و ما شرطك ؟
قال ابو قدامة : أن أكون ممن تشفع له يوم القيامة إذا استشهدت ، لأن الشهيد يشفع لسبعين ممن استحقوا النار ... !!
قال الغلام : قبلت الشرط . فأعطاه أبو قدامة الثلاثة أسهم فقتل بها ثلاثة من الأعداء ، ثم قتل ...
قال أبو قدامة : فأدركته و هو في الرمق الأخير فقلت له : لا تنس الشرط الذي بيننا . فقال الغلام : لا لن أنساه . ثم قال : و لا تنس أنت أن تبلّغ أمي مني السلام وتحمل إليها متاعي .
قال ابن قدامة : ومن أمك ؟
قال الغلام : أمي صاحبة الظفير تين .
قال أبو قدامة : فدفناه ، فأخرجته الأرض من جوفها وهجم عليه طير كاسر من السماء فأخذه من بيننا !!
فعدت إلى أمه و أخبرتها أنه استشهد . فقالت : لا أصدّقك حتى تخبرني ماذا حدث له ؟ قال أبو قدامة : فأخبرتها بما حدث له .
فقالت : و الله لقد كان يدعو الله أن ببعثه من حواصل الطير ، الحمد لله الذي بلغ ولدي ما يريد … ا.هـ
الله أكبر .... أي صــانعة للرجـــــال تلك المرأة ؟!
ولازالت الليالي حبالى بمثل هذه المرأة العظيمة ...
أيتها الكريمة ...
أتعجبين من هذه القصة أم تعجبين من بناتنا في هذه الأيام ؟!
إن كانت تلك المرأة قصت شعرها ـ وهو أغلى مالديها ـ فأخواتنا يفعلن ذلك أيضاً ، ولكن شتان مابين هؤلاء و تلك !!
إنها امرأة عظيمة كل همها كيف تصنع لــلأمة عظــيماً يوقودها إلى العزة والسؤدد ، وهم بنات زماننا كيف بحصلن على قصر وخادمة !!
أيتها الكريمة .......
إذا أشغلك التفكير في زميلة لك ، أو في موضة جديدة ، وفي قصة حديثة ، وفي رسائل عشق وغرام !! فأين نصيب هذا الدين من تفكيرك ؟!
وتذكري وقوفك بن يدي الله ...
وقبرك والصراط ......وتطاير الصحف ... وانصراف الناس هذه إلى الجنة وتلك إلى النار ... ففي ذلك الموقف قال الله ـ جل الله ـ : " إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا "
مسئوول ..... ولا ينفع هناك موضة ولا زميلة ولا رسالة ، وإنما تتمنين أن بينك وبينها بعد المشرقين فبئس القرين و لو أن بينك وبينها أمداً بعيداً ويحذركم الله نفسه .. وحينها تقولين "
".. ياليتني قدمت لحياتي"
ياصانعة الأجيال .....
لم تهزم الأمة في ساحات قتال ، ولا بقوة سلاح ، ما هزمنا أعدائنا إلا عندما مددت إليهم يدك الحسناء ، فأصبحت سلعتهم الرخيصة التي يعرضونها في كل محفل وفي كل ميدان .
أخرجوك من عرينك الذي تربين في الأسود الضواري إلى العمل والانشغال بمتاعب الحياة حتى لايبقى معك بقية وقت تربين فيه الأجيال .
قالوا لك : أن المرأة التي لاتزال تربي أولادها أنها امرأة ريفية متخلفة ولابد لها أن تأخذ خادمة تربي و تغسل و تكنس ..أما أنت فمثلك مثل الرجال ( كوني مستقبلك كما يفعل النصف الآخر من المجتمع ..)
أيتها الحـسنـاء.....
الله خلقك لمهمة ، وهم أرادوك لمهمة أخرى ، ومن خالف فطرة الله التي فطر الناس عليها شقي في الدنيا والآخرة ..
الله قال لك " وقرن في بيوتكن " وقال الأعداء : اخرجن متبرجات مع الأصحاب والأخدان والخليلات ..
ايتها الكريمة ...
إن تلك الخليلة التي تعلقت بها حتى صارت منك بمنزلة الروح من الجسد ، لن تنفعك يوم القيامة وستتبرئيين منها وتتبرأ منك عندها تقولين : "... ياليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً "...
أيّ أمة الله .....
حذار أن تكوني أمة لغير الله ، فتكرهين الالتزام والاستقامة لأن صاحبتك تكره ذلك ..
واجعلي قدوتك بعد محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ النساء اللواتي لازال التاريخ يتحدث عنهن إلى يوم القيامة وادخلي التاريخ كما دخلـته : تماضر الخنساء ، وأم عمارة ، وأم سليم ، وصاحبتنا ........ " صاحبة الظفـيرتــيـن " ...
اختكم
الرووووووووح
