ظاهرة جديدة يحذر منها الخبراء
ظاهرة جديدة يحذر منها الخبراء
تكنولوجيات للسيطرة علي سلوك المستهلكين بعد الشراء
في الأسواق الآن بعض طابعات الحبر النفاث التي توجد في خرطوشة الحبر الموجودة بها شرائح إلكترونية دقيقة تمنعها من العمل إذا ما أعاد المستخدم ملئها بالحبر عند نفاده وتليفونات محمولة توجد بها شرائح إلكترونية تمنعها من العمل إذا لم تكن البطارية الموجودة بها من الماركة الصحيحة وأقراص مدمجة عليها نظم حماية وتأمين مشفرة تجعلها لا تعمل إلا في حالات محددو وشروط معينة ويطلق الخبراء علي هذا التوجه( تكنولوجيا السيطرة علي سلوك المستهلك أو المستخدم بعد الشراء) وهو توجه آخذ في الازدياد ويغطي المزيد من المنتجات يوما بعد يوم سواء باستخدام الشرائح الإلكترونية الذكية التي يتم زرعها في المنتجات المختلفة التي يشتريها المستخدم وتجعل المنتج لا يعمل إلا وفقا لشروط حددتها الجهة الصانعة أو باستخدام نظم التكويد والتشفير التي تقوم بالمهمة نفسها.
والتوسع في هذا الاتجاه يحمل في طياته العديد من المخاطر في مقدمتها ـ كما يقول الدكتور هال فاريان عميد كلية ادارة المعلومات والنظم بجامعة كاليفورنيا ببيركلي في تعليق مطول بصحيفة الهيرالد تريبيون ـ التعدي علي حرية الإبداع والابتكار الذي يتعين ان يتمتع بها المستخدم والتي كثيرا ما تعود بفوائد ربما لم تخطر علي بال الجهة الصانعة.
ويضيف فاريان إنه في السابق كان يتم السيطرة علي الاستخدام بعد الشراء من خلال العقود ورخص الاستخدام والشراء او التصميمات الميكانيكية لكن الأمر اختلف الآن واصبح يتم من خلال الشرائح الدقيقة والتكويد والتشفير والسبب في ذلك الانخفاض المتتالي في تكلفة الشرائح الإلكترونية وفي بناء نظم التكويد.
ويذكر في هذا الصدد ان مايكروسوفت مثلا أعلنت عن مشروع يحمل اسم( بالاديم) وهو عبارة عن خطة لتكوين تكنولوجيات تأمين تنشيء بيئة عاملة تسمح فقط للبرمجيات المسجلة رقميا بالعمل وهذا من ناحية المبدأ يمكن أن يعمل علي إزالة فيروسات الكمبيوتر والقرصنة وغيرها من مشكلات التأمين ولكنه يمكن أن يستخدم ايضا فيما يعرف( بإدارة الحقوق الرقمية) علي الحاسب الشخصي للمستخدم بمعني أن نظام تأمين من هذا النوع لا يعني فقط ان البرامج المعتمدة فقط يمكن ان تعمل بل إن المحتوي الذي يتم عرضها علي الحاسب يجب ان يكون مجازة أو معتمدا من الجهة التي انتجته.
ويري الخبراء أن هناك آثارا أو مصاعب اقتصادية يمكن أن تنشأ عن تكنولوجيات السيطرة علي المنتجات واستخدامها بعد الشراء وهذه الآثار تتحدد وفقا لطبيعة المنافسة في سوق كل منتج علي حدة ففي حالة طابعات الحبر النفاث مثلا نجد أن المنافسة شديدة وتدفع اسعار الطابعات لاسفل ومن ثم تجد الشركات نفسها مضطرة لتعويض ذلك من اسعار خراطيش الحبر لكن المنافسة الشديدة في حد ذاتها تضمن التوازن بهذه السوق في كل الأحوال.
ولكن اذا كانت المنتجات التي تطبق عليها تكنولوجيا السيطرة علي سلوكيات المستهلك بعد الشراء موجودة في سوق لا تسودها المنافسة فهنا يكون الخطر فهذه التكنولوجيات ستقود دون شك الي توسيع نطاق الاحتكار من سوق إلي اخري وأبرز مثال علي ذلك سوق نظم تشغيل الحاسباتوسوق الموسيقي الرقمية ومحتوي الفيديو فهي اسواق تتميز بأنها اسواق عالية التركيز أي تتركز في أيدي شركات وجهات قليلة العدد ولذلك فإن يجب النظر بقدر من الشك ـ علي حد قول فاريان ـ إلي اتفاقيات المشاركة والتحالفات التي تجري بين هذه الشركات القائمة علي هذه النوعية من المنتجات وما تقوم به من جهود لنشر وتوسيع تكنولوجيات السيطرة علي سلوكيات المستهلكين بعد الشراء يجب أن ينظر إليها بقدر من الشك
ولكن هناك نوعا اخر من المشكلات التي تحدث مع تكنولوجيات السيطرة بعد الشراء.
ويتناول الدكتور اريك فون هيبل أستاذ الإدارة بمعهد ماساسوسيتش للتكنولوجيا القضية من زاوية اخري فهو يري أن هذه النوعية من التكنولوجيات يمكن أن تقلل الابداع ويشير إلي أنه اجري دراسات مسحية عديدة أكدت اهمية الإبداع الذي يظهره مستخدم السلعة أثناء استخدامها عمليا في تطوير صناعات عديدة ويقول: إن حوالي ربع المستخدمين لبرمجيات التصميم بمساعدة الكمبيوتر يقومون بإبداع اشياء من ابتكاراتهم الخاصة بناء علي استخدامهم للبرامج وإذا كان المصنعون يستثمرون بكثافة في مجال البحوث والتطوير من اجل اكتشاف استخدامات جديدة لمنتجاتهم فإن المستخدمين غالبا ما يكونون المبتكرين الافضل فهم يعتمدون علي المنتجات كل يوم لانجاز مهام متنوعة في بيئات عمل مختلفة ولذلك ليس من المدهش أن يأتوا باستخدامات لم يفكر فيها الصانع علي الاطلاق ومثل هذه الابتكارات يمكن أن تتقلص في حالة سيادة وسائل السيطرة بعد الشراء.
ويحاول هارفان تطبيق افكار ومفاهيم فون هيبل علي مثالي خرطوشة الحبر وبطارية المحمول فيقول إن الجهات المصنعة لخراطيش الحبر تعتبر جهات مستخدمة ومستهلكة للشرائح الالكترونية الدقيقة وقيامها بتحميل الخراطيش بحبر مغناطيسي ثم نفث أو بخ الدوائر المتكاملة في بلاستيك معدني يمكن أن تحدث ثورة في طريقة انتاج الدوائر المتكاملة والشرائح الالكترونية وهكذا فهي تستخدم منتجات بطرق لم يفكر فيها الصانع.
أما بطارية المحمول فيقول عنها: أن هناك مضخات يدوية تسمح بانتاج طاقة تكفي لشحن بطارية المحمول والمبتكرين يقومون بتجربة وضع هذه المضخات في الاحذية بما يؤدي لشحن بطارية المحمول اثناء السير ولكن من الصعب تجربة مثل هذه التكنولوجيات اذا ما كان عليك ان تستخدم فقط نوعا معينا من مصادر الطاقة في تليفونك المحمول وبالتالي فان فرض المزيد من السيطرة يمكن أن يؤدي الي مشكلات سيئة.
السؤال الآن: من سينتصر.. المدافعون عن حق مستخدمي منتجات تكنولوجيا المعلومات في مجال اكبر واوسع من الحرية بما يتيح لهم الابداع في الاستخدام أم المنتجون والمصنعون الذين يسعون للحفاظ علي الارباح وضمان استمرار حصصهم بالاسواق كما هي
هل ستقودنا ظاهرة تكنولوجيات السيطرة علي سلوكيات المستخدم مع المنتجات بعد الشراء الي قيود جديدة في شراء الملحقات الخاصة بالحاسب والكاميرا والتليفون هل ستدخلنا في نفق الوضع الاحتكاري أم أن المنافسة في الاسواق ستضمن التوازن وتوقف هذه التكنولوجيات عند الحدود المعقولة
علي الرغم من أهمية هذه الاسئلة فالمستقبل وحده هو من يملك الإجابة عليها.
--------------------------------------------------------------------------------
nakamuraaaaaaaaa
