كلما حدثتك عن شىء قلت لى المقاطعة!!
قال لى صاحبى ضجرا: "..... المقاطعه.... المقاطعه .....كلما حدثتك عن شىء قلت لى المقاطعه وكأنها الحلال سحرى لكل مشاكلنا قل لى ما فائده المقاطعه ؟؟؟؟؟هل منعت امريكا من ان تهدد وتتوعد ؟؟هل منعتها من سيرها الحثيث لضرب العالم الاسلامى ؟؟ هل منعتها من حشد جيوشها وقواتها فى الخليج لضرب العراق؟؟ هل يا ترى دفعتها لتغير من سياستها تجاه المسلمين والقضيه الفلسطينيه لترغم شارون بالكف عن عدوانه ؟؟ ام يا ترى منعت المقاطعه شارون من فرض الحصار الخانق على ابناء فلسطين ام منعته من سياسه الاغتيالات وتدمير المنازل؟؟ ام غيرت من سياسه الاتحاد الاروبى ليكون اكثر حيادا بدلا من الاعلان الصريح عن ادانه المقاومه الفلسطينيه؟؟
قل لى ماذا فعلت المقاطعه ؟؟؟ ان ما أراه العكس تماما .."
تركت صاحبى يكمل كلامه ولم اشأ ان اقاطعه.... فقال مردفا : "هل زجاجه البيبسى التى سامتنع عن شربها لاجل المقاطعه، ام علبه الاريال التى لن اشتريها او غيرها من الاشياء ستحدث انقلابا فى الاقتصاد الامريكى والاسرائيلى؟؟
يجعلها تقبل ايادينا لنتوقف عن المقاطعه واعدة برعايه مصالحنا ؟؟!! قل لى ما الفائده ؟؟ "
هدأت من روع صاحبى وقلت له: " لنناقش الموضوع بهدوء"
قال: " تفضل"
قلت: " ان ما قلته صحيح ولا اخالفك الرأى وان كانت المقاطعه قد اثرت واحدثت اهتزازا وتراجعا لشركات كثيره لكنها لم تحقق المرجو منها وسرعان ما نسيتها الشعوب وذلك لاسباب عديده لكن اخى الحبيب ...المشكله فيك انت "
قال صاحبى وقد علته الدهشه: " فى انا!!! كيف؟؟؟"
قلت: " نعم فيك انت وانا وكلنا جميعا"
قال: " اوضح"
قلت: " ساوضح لك لكن قبل ذلك اتذكر قصه بائعه اللبن؟"
قال: " نعم اتلك الفتاه التي كانت في عهد امير المؤمنين عمر والتى رفضت ان تخلط اللبن بالماء عندما امرتها امها بذلك وقالت لها ان اميرالمؤمنين منع ذلك، فقالت لها امها ان امير المؤمنين لا يرانا، فقالت الفتاه ان لم يكن امير المؤمنين يرانا فرب امير المؤمنين يرانا، وقد اعجب بها عمر وزوجها لابنه عاصم. اتقصد تلك الواقعه؟؟"
قلت: " نعم تماما" ....ثم سالت صاحبى: " هل يعقل ان يستطيع الحاكم ان يراقب كل انسان موجود داخل الحدود التى يحكمها؟؟"
قال لى صاحبى: " لا هذا ضرب من الخيال لا يقول به احد الا اذا قسمنا الناس نصفين وجعلنا كل واحد رقيب على الاخروهذاليس الا خيالا"
قلت له: " فما تفهم من القصه؟؟"
قال: " افهم ان الانسان لابد ان يضع لنفسه رقيبا من داخله يحاسبه على اعماله... "
قلت: "نعم ...هذا ما اردته"
قال: " كيف؟؟"
قلت: " اننا نراقب الله، لاننى انا وانت وكل فرد سنعرض عليه يوم القيامه فردا فردا.. وسياتيه كل واحد منا وحيدا كما قال جل وعلا "( وكلهم آتيه يوم القيامه فردا)" وسيسالنا الله عن كل شىء. وانت.. ماذا ستقول لربك اذا قال لك ماذا قدمت لاخوانك المستضعفين؟؟ فكل منا معرض الى هذا السؤال، ولن يشفع له ان يتعلل بالناس فيقول لم ارى احدا فعل هذا الشىء فلم افعله، او لقد عملت لكن رأيت ان الناس نسوا وتهاونوا ففعلت مثلهم"
قال صاحبى: " صدقت"
اكملت قائلا: " وبالتالى فكل منا مطالب كفرد - بعيدا عن الناس - ان يقدم ما بوسعه تجاه نصرة اخوانه حسب الامكانات المتاحه له، دون النظر الى قيام الناس بهذا من عدمه، لاننا انما نعد الاجابه حين نسأل من قبل العلي القدير، وبالتالى فان كل فرد له حدوده التى يتحرك فيها وله امكاناته التى يتحرك فيها فلن يحاسب الرئيس كالمرؤوس ولا القادر كغير القادر، الا ان هناك شيئا واحدا نستطيع ان نشترك فيه جميعا وهو المقاطعه.. وهذه
يتساوى فيها الجميع، وهى الحد الادنى الذى لا يعقل ان نتخلى عنه....."
قال: " نعم.. لكن هل لو قمت بالمقاطعه هل تؤثر هذه الاشياء البسيطه من علبه البيبسى او غيرها من الاشياء؟؟"
قلت: "أولا:- نحن اتفقنا اننا لا نقاطع الا بمفهوم اننى اعد اجابه لسؤال الله لى، وعلى الا اتوقف عند المقاطعه بل أتحرك فى حدود امكاناتى.
ثم ثانيا:- ان من فضل الله ورحمته بنا انه لا يطالبنا بالنتائج على ما نقوم به انما يطالبنا بالعمل، وانظر الى قول الله تعالى "( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك)".. فالله جل وعلا يأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فقط بالبلاغ اما الهدايه ودخول الناس فى هذا الدين -وهى النتيجه لهذه الدعوه - لا يطالب الله بها نبيه، قيقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم"(ليس عليك هداهم ولكن الله يهدى من يشاء )" ويقول ايضا "(وما عليك إلا البلاغ)"
ومن هنا اخى الكريم فنحن غير مطالبين بالنتيجه مما نقوم به بشرط ان نحسن العمل وان نبذل كل الجهد، ولذلك يقول الله تعالى "(وأعدوا لهم ما استطعتم من قوه)" فالامر بالعمل وهو الاستعداد، وليس النتيجه وهى النصر والغلبه، وان يكون العمل الذى نقدمه بحسب الطاقه فمن كان فى استطاعته ان يصنع صاروخا فصنع رشاشا فهذا مقصر... لكن من لم يكن معه الا الحجر وهذه هى استطاعته فلا شىء عليه اكثر من ان يقاوم به والله وحده هى المتكفل بالنتيجه.
ثم شىء اخر من قصه بائعه اللبن.. الم يخرج من صلبها عمر بن عبد العزيز الذى جمع الله عليه القلوب وألف حوله
الناس واعاد للاسلام رونقه وجدد الله به دينه ؟؟ فلم لا تتطور هذه المقاطعه اذا ما اخلصنا لله وتصير ان شاء الله اسلحه فتاكه فى صدور العدو ؟......اذا ايها الحبيب انا وانت لا نقاطع لأجل الناس بل لنعد اجابه حين نقف امام الله رب العالمين وكذلك فهى الخط الادنى الذى لا يجب ان نفرط فيه وعلى الكل ان يبذل وفق طاقته واستطاعته..
وصدق الرسول الكريم حين قال "(لا يكون أحدكم امعه يقول انا مع الناس ان احسن الناس احسنت ...وان اساءو اسأت ولكن وطنوا انفسكم ان احسن الناس ان تحسنوا وان اساءوا أن تتجنبوا اساءتهم
