القـــــفــــاز (قصة قصيرة )

فى ذلك الوقت الشتوى من العام يحتفل الأصدقاء بيوم ميلادى الذى لا يشكل لى حدثا ذا أهمية ، خاصة فى ذلك العام الثقيلة أيامه ...
قد تكون الهدايا المهداة لى جميلة المعنى .. بديعة الصنعة ..، و مكلفة أحيانا .. لكنها تضائلت أمام أحساسى بالضيق ...
راقتنى هدية صغيرة من بين الهدايا ، لم أحظى بها من قبل ، و رغم أن مقدمها أعز صديق لدى لم يمنع ذلك من أكتشافى لخدعتها الكبرى ..
كانت الهدية ذات اللون الأسود توحى ببداية غير سارة .. صناعتها من الخيوط القطنية و الالياف الصناعية أكسبتها ملمس أجوف و جعلتها كذلك أكثر دفئا ، دلت أصابعها الخمس الشبه قصيرة على أنها قفاز قطنى . أرتديته لحماية أصابعى من التحول لأصابع ثلجية و لمدها بالدفء الذى أتلمسه حثيثا ...
للوهلة الأولى سرنى ذلك الدفء .. فكم بلغت سعادتى و أنا أحتل خواء أصابعه بأصابعى و أتعايش مع الحرارة المنبعثة من أرجائه ، و كم كنت مبهورا و هذه الأمطار الباردة تتقافز فوق جسدى دون أن تعبث بأحساسى الدافئ ؛ لكن ما إن بدأت سعادتى تنضب حتى ظهرت الحقيقة .. و ذلك القفاز يرغمنى على ألا أشعر بمن حولى .. يمنع أصابعى المرتعشة من أدراك ملمس الأشياء .. فها هو لونه الأسود يخنق يداى و يحجبها عن عالمى ، يوهمها بدفء زائل فى الوقت الذى يسحق فيه أهم ما لدى " الأحساس " ...
الآن أتضحت الأمور و تبدل أنبهارى لضيق عندما تيقنت أن قفازى لعنة و إيحاء كاذب بالدفء و تعمد قتل الحياة .. لذا خلعته عن يداى بأسرع ما يكمن لتتضح الصورة ثانية بعد الضباب الذى أحاطنى لألقيه بدرج مكتبى بعد أن أضحيت أمقته أشد المقت .
وسيم احمد المغربى