ياشيخنا أسامة : صبراعلى لأوائها

ياشيخنا أسامة : صبراعلى لأوائها
ياشيخنا أسامة : صبراعلى لأوائها ] !

أنت تدري أيها الحيران عنا . . كيف فوق الشمس أزمانا حللنا

قال أحد الدعاة إلى الله : إن ميدان القول غير ميدان الخيال .. وميدان العمل غير

ميدان القول .. وميدان الجهاد غير ميدان العمل .. وميدان الجهاد الحق

غير ميدان الجهاد الخاطيء .

يسهل على كثيرين أن يتخيلوا ، ولكن ليس كل خيال يدور في البال يستطاع تصويره

أقوال باللسان !!

وإن كثيرين يستطيعون أن يقولوا ، ولكن قليلين من هؤلاء يثبتون عند العمل !!

وكثير من هذا القليل يستطيعون أن يعملوا ، ولكن قليلا منهم يقدرون على تحمل أعباء

الجهاد الشاق والعمل العنيف .. وهؤلاء المجاهدون وهم الصفوة القلائل من الأنصار

قد يخطئون الطريق ولا يصيبون الهدف إن لم تتداركهم عناية الله وفي قصة طالوت

بيان لما أقول ..

فأعدوا أنفسكم وامتحنوها بالعمل ، والعمل القوي البغيض لديها الشاق عليها ،

وافطموها عن شهواتها ومألوفاتها وعاداتها .

[*]عن أنس قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق فإذا المهاجرون

والأنصار يحفرون في غداة بارده فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم ، فلما رأى

ما بهم من النصب والجوع قال صلى الله عليه وسلم : اللهم لا عيش إلا عيش

الآخره فاغفر للأنصار والمهاجره فقالوا مجيبين له :

نحن الذين بايعوا محمدا … على الجهاد ما بقينا أبدا

هاهم اليوم المجاهدون في سبيل الله بعد ألف وأربعمائة سنة يعيدون الكرة ..

هاهم يحفرون الخنادق في الثلج .. في البرد .. في المطر .. في الوحل .. قد أضعفهم

الجوع وأنهكهم التعب .. وبينما هم يعملون ويجاهدون وينصبون ويتعبون ..

إذ هم بصوت من بعيد ، قد اخترق جدار الزمن ، وكأنه صوت رسول الله صلى الله

عليه وسلم يصبرهم ويواسيهم [ اللهم لا عيش إلا عيش الآخر ] فإذا أشواقهم وحنينهم

تدفعهم إلى أن يصيحوا صيحة رجل واحد :

نحن الذين بايعوا محمدا … على الجهاد ما بقينا أبدا

هنيئا لهم بجهادهم الذي يذكرنا بالسلف الصالح .. نسأل الله أن يجمعنا بهم في

الفردوس الأعلى ..

حدثّ عن القوم فالألفاظ ساجدة .. خلف المحاريب والأوزان تبتهل

لقد بذل المجاهدون في سبيل الله مهجهم وحفظوا دين الله ، حملوه ملء الحنايا فلم

نقدره حق قدره ، وضعنا وأصبحنا أذلاء منذ أن حدنا وتخلينا عن منهجهم وجهادهم ..

وكنّا عظاما فصرنا عظاما .. وكنّا نقوت فها نحن قوت !!

إنها رهبة تفزع المسلم حقا ، تقفها تلك التهديدات التي خاطب الله تعالى بها من يقعد

عن الجهاد ويثاقل إلى الأرض .. ويظل هذا القاعد عن الجهاد في سبيل الله قلقا أبدا ..

محروما من الطمأنينة والسكينة الإيمانيه ، فإنها حكر خالص لأصحاب القلوب

الصادقه والأجساد المجاهده ، الذين جعلوا أبدانهم درعا يحمي إخوانهم المسلمين

وسيوفا تقطع رؤوس المعاندين من إخوان الشياطين فكانوا كما وصفهم

الله تعالى [ أشداء على الكفار رحماء بينهم ] ..

إن السعادة أن تعيش لفكرة الحق التليد

بعقيدة كبرى تحل قضية الكون العتيد

فتعيش في الدنيا لأخرى لاتزول ولاتبيد

وتمد أرضك بالسماء وبالملائكة الشهود

يروي لنا التابعي الكوفي الفقيه عامر الشعبي رحمه الله :

[ أن رجالا خرجوا من الكوفة ونزلوا قريبا يتعبدون ، فبلغ ذلك عبدالله ابن مسعود

رضي الله عنه وأرضاه فأتاهم ، ففرحوا بمجيئه إليهم ، فقال لهم رضي الله عنه :

ما حملكم على ماصنعتم ؟ فقالوا : أحببنا أن نخرج من غمار الناس نتعبد ..

فقال عبدالله : لو أن الناس فعلوا مثل ما فعلتم فمن كان يقاتل العدو !!

ما انا ببارح حتى ترجعوا ] !! ذكر ذلك الإمام ابن المبارك في كتاب الزهد ..

نعم .. من يقاتل العدو إذن لو اعتزل الصالحون !! وقعدوا في بيوتهم وبلادهم !!

من يقاتل العدو ويعلم المجاهدين إذا جلس العلماء في المساجد !!!

من يحيي الشعيرة الضائعه إذا جلس العلماء وطلبة العلم الصادقون في بلادهم

عند آبائهم وأمهاتهم !!

فليقتل المسلمون وتغتصب المسلمات وتسلب الأموال وتحتل البلاد ونحن ننظر !!

ثم إن كلمة ابن مسعود تلك تهز عبدالله ابن المبارك فيتخذ منها نبراسا ..

ها هو ابن المبارك عالما مجاهدا ..

يغزو كل سنة بلاد الروم .. ويتخذ له من طرطوس مقرا [ وهي جنوب تركيا الآن ] !

هذا مع العلم أن الجهاد وقت إذ جهاد طلب !! ومع هذا كان يجاهد كل عام !!

فكيف بحالنا الآن والجهاد جهاد دفع !

فلا تجد عالما إلا من رحم الله يقوم مقامه .. يرفع راية الجهاد ليلتف حوله الصادقون ..

هاهو ابن المبارك يقوم بدور ابن مسعود رضي الله عنه ثانية .. حتى نراه ينكر على

رفيقه الزاهد العابد التقي الفضيل ابن عياض الثقة الثبت !! ينكر عليه اعتزاله

وانشغاله عن الجهاد ومجاورته في مكه بلد الله الحرام وتركه للجهاد !!

مع أن الفضيل رحمه الله من أشهر العباد الزهاد والدعاة في تاريخ الإسلام ..

ولكن ابن المبارك لايرى كل ذلك مكافئا لترك الجهاد وقتال العدو .. فيخشن له الكلام

حتى يصفه بأنه عابد لاعب بعبادته !!! ويبعث له من طرطوس بعد معركة من معاركه

العنيفه وقبل أن ينفض غبار المعركة عنه يبعث له أبيات رائعة جدا .. تظل حجة لكل

مجاهدا من بعده ، تشد من أزره .. وحجة على كل قاعد من بعده ، توبخه على قعوده ..

إنها أبيات أكثر من رائعه وأكثر من صادقه وأكثر من بليغه ..

فافتح قلبك وفك قيوده وإساره ليطير ويحلق عاليا مع أبيات ابن المبارك :

يا عابد الحرمين لو أبصرتنا .. لعلمت أنك بالعبادة تلعب
من كان يخضب خده بدموعه .. فنحورنا بدمائنا تتخضب
أو كان يتعب خيله في باطل ..فخيولنا يوم الصبيحة تتعب
ريح العبير لكم ونحن عبيرنا .. رهج السنابك والغبار الأطيب
ولقد أتانا من مقال نبينا .. قول صحيح صادق لايكذب
لايستوي وغبار خيل الله في .. أنف امرء ودخان نار تلهب
هذا كتاب الله ينطق بيننا .. ليس الشهيد بميت لايكذب

هذا الكلام الشديد قيل لمن انصرف للعبادة ومجاورة مكة والبكاء من خشية الله !!

وكان الفضيل يلقب بعابد الحرمين !! فكيف بمن انصرف عن الجهاد في سبيل الله

وتسمى باسم الصالحين وليس منهم !!

وتزيا بزيهم وهو دخيل عليهم !! وانغمس في الراحة والترف وجمع الأموال وحرص

على إرضاء الزوجة !!

فإذا قلت له [ انفروا خفافا وثقالا ] .. قال هل تريد من الأمة أن تنفر ؟!

هل تريد أن نترك أماكن الدعوة ونذهب جميعا ونترك البلد للعلمانيين والشيوعيين

وغيرهم ليعيثوا في الأرض فسادا !! أنت متهور طائش متحمس !!

ولكن الله سبحانه يكشف دخيلة نفوسهم [ ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ، ولكن

كره الله ابنعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين ] ..

لو كانوا صادقين في دعواهم لنفروا للجهاد وأراضي الإعداد في العطل على الأقل

بدل أن يسافروا إلى السياحة في بلد كذا وكذا !!
[*]لإن انحنت ظهور المتعبدين اليوم من كثرة الصلاة وأرهقهم السهر في قيام الليل

وجفت حلوقهم من الصيام وإلقاء الدروس ..

فإن المجاهدين في سبيل الله اليوم قد انحنت ظهورهم من أعباء الجهاد وأرهقهم

السهر في حراسة ثغور المسلمين .. وجفت حلوقهم من التكبير في ساحات

البطولة والشرف والدخول في أهوال المعارك ، وبذلوا دماءهم [ واهتزت حبال المشانق بأجسادهم ] ..

حسبوا أن الدين عزلة راهب واستمرؤوالأوراد والأذكار

عجبا أراهم يؤمنون ببعضه وأرى القلوب ببعضه كفارا

والدين كان ولايزال فرائضا ونوافلا لله واستغفارا

والدين ميدان وصمصام وفرسان تبيد الشر والأشرارا

إن من يريد المنزلة القصوى من الجنة ، فعليه أن يكون في المنزلة القصوى في

هذه الحياة الدنيا !! [ واحدة بواحده .. ولكل سلعة ثمن ] ..
[*]إن سجود المحراب واستغفار الأسحار ودموع المناجاة ودماء الشهيد الزكية سيماء

يحتكرها المؤمنون .. ولئن توهّم الدنيوي جناته في الدينار والنساء والقصرالمنيف

فإن جنة المؤمن تحت ظلال السيوف ..

حين يطول الأمد ويشق الجهد [ قد يضعف الصبر] ..

الصبر على الطاعات .. والصبر على بطء النصر .. الصبر على بعد الشقة ..

والصبر على انتفاش الباطل .. الصبر على قلة الناصر .. والصبر على طول الطريق الشائك ..

ومن ثم يقرن الجهاد بالصبر .. فهو المعين الذي لا ينضب .. والزاد الذي لا ينفد ..

[ وهنا تبدو قيمة الجهاد ] ..

إنها الصلة المباشرة بين الإنسان الفاني ومولاه الباقي ..

إنها الموعد المختار للإلتقاء بالنبع الزلال الذي لا يفيض ..

إنها مفتاح الكنز الذي يغنى ويقنى ويفيض ..

إنها الروح والندى والظلال في الهاجرة ..

إنها اللمسة الحانية للقلب المتعب المكدود ..

إنها زاد الطريق ومدد الروح وجلاء القلب ..

قال الحبيب عليه الصلاة والسلام [ إن الجهاد باب يذهب الله به الهم والغم ] ..

ويأتيك صوت [ سيد ] : إن كلماتنا ستظل عرائس من الشمع .. حتى إذا متنا في سبيلها

دبت فيها الروح وكتبت لها الحياة ..

[ تزينت الدنيا لشيخنا أسامة ابن لادن حفظه الله فقال : أنت طالق ثلاثا لا رجعة لي فيك ..

وكانت تكفيه واحدة للسنة .. لكنه جمع الثلاث لئلا يتصور للهوى جواز المراجعة ..

ودينه الصحيح وطبعه السلم يأنفان من المحلل ، كيف وهو أحد حفاظ حديث :

لعن الله المحلل ] !!

إن حياة النفس في السمو .. ونجاتها في العلو .. بل نجاة الأمم :

همم الأحرار تحيي الرمما .. نفحة الأبرار تحيي الأمما

إن الذنب لا يسقى إلا بدمع .. وإن شجرة الإسلام لا تسقى إلا بدماء الأبطال المجاهدين ..

في الليل رهبان وعند جهادهم .. لعدوهم من أشجع الشجعان

ليست دعوتنا للجهاد دعوة سلبية .. إنما هي دعوة تدندن حول البذل وعودة مجد الإسلام .. تنادي :

هل من صلاح يعيد السيف في يدنا .. أو تبتروها فقد شلت أيادينا

فهيّا يا أخي الحبيب .. أغلق باب الراحة وافتح باب الجهد ..

أغلق باب الخوف وافتح باب الحزم والإقدام ..

أغلق باب حب الدنيا .. ولا تبالي أوقعت على الموت أم وقع عليك الموت !!

أغلق باب النوم وافتح باب السهر ..

وخلّ الهوينا للضعيف ولا تكن .. نؤوما فإن الحزم ليس بنائم

لا تكن من قوم قال فيهم أحد الصالحين :

[ إنكم تلبسون ثياب الفراغ والراحة قبل أن تعملوا ] ..

لا تجعل أمك وأختك ينادونك بذاك النداء الذي نادت به أم عبدالله الصغير ولدها حينما

أسره النصارى بعد سقوط الأندلس فباعوه في الأسواق وهو يبكي ، فقالت له :

ابك مثل النساء ملكا أضعته .. لم تحافظ عليه مثل الرجال

هيا يا أخي الحبيب إلى صحبة الأخيار المجاهدين .. الساهرين على ثغور المسلمين ..

الساهرين مع النجوم .. الآنفين من الهجود ..

هيا يا أخي الحبيب إلى جنة عرضها السماوات والأرض ودع الدنيا وزينتها ، وليكن

نشيدك قول [ شميط بن عجلان رحمه الله ] يسري في حياتك مسرى الدم في العروق

خلال هجير زماننا :

[ صبراً على لأوائها .. والموعد الله ] ..


منقوووووول