الغريب ..

أبصرت النور لأول مرة .. وكان الناس من حولي مسرورين ..

لأني علامة على نجاح زواجهم ..

ومضت الساعات ..والأيام ..والأيدي تتلقفني ..والشفاه تقبلني ..والأم ترعاني ..والأب يداعبني

مضت عدة سنوات ..اذهب لأدرس ..أعود وألعب مع أخوتي ..اتعرف على صديق ..

يؤنبني ابي .. تدافع عني أمي ..

أضرب أخي ..

أمرض ...أبكي ..

وتسرع بي الأيام ..وكأنها تريد الخلاص مني ..

توقفت عجلة الأيام عن الدوران ..او ربما ..لم اعد احس بالوقت ..

هل هو الوقت فقط ؟

ام أن رغبتي بكل شيء إنطفأت فجأة ..

أدخل الى المنزل ..هذه امي ..وهذا اخي ..وتلك أختي ..

وامضي قليلا ..وها هو أبي .. يقرأ كتاباً كعادته ..

أبتسم وأتحدث معهم قليلا ..وأضحك ..وأبدي اهتمامي لكلام والدي ووالدتي ..

وأمضينا وقتاً جميلاً ..في غرفة المعيشة ..

ولكن ..هناك..في أعماقي ..شيء ما ..يدعوني ..خارج هذا المكان ..

يسحبني ويحكم قبضته علي ..ويجرني معه ..الى مقابر الحزن وبركة الدموع ..

هاهو يغرقني فيها من جديد .. وتستمر المعزوفة ..

وأبقى في ذلك المكان المظلم ..أحفر بدموعي قبراً .. يسمى بالخيال ..

وأفيق على صوت أقدام أفكاري وهي تطرق على سطح قبري ..

وأنتفض ..وأضرب السقف..عبثاً ..ومصدر طاقتي الوحيد هو ألمي ..

ورغبتي في المعرفة .. لماذا ؟ لماذا لا يكون مشهد غرفة المعيشة حقيقة يوماً ما ؟ لماذا !!

وأستسلمت ..وأرخيت يدي ..وأسدلت الستار على قلبي ..وأغلقت بوابة الجليد على ماتبقى من روحي ..

...ودخلت الى غرفة المعيشة ..ولم أرى احداً ..اخي يمر بجانبي وكأني تمثال ..

وأمي ..تمر وهي تهمهم بكلمات غير مفهومة ..وتخرج ..يمر أبي ..ويرسم إبتسامة صفراء على

وجهه ..أختي في عالم آخر ..

وأظل واقفاً ..وتتغلغل غربة الروح في دواخلي ..وأعيش غريباً في داري !

ابداع اخي العزيز عبد العزيز :congrats: .. بارك الله فيك ,,

لقد طرقة يا سيدي موضوع جداً جميل ، وهو الأحساس بالغربة بالرغم من كوننا نعيش مع الأهل
وهذا يا أخي ناتج عن كون الأهل لم يرقوا بمفاهيم التربية الى الحد الذي يسمح بالقرب من أبنائهم ومعرفتهم بشكل عميق ، فالمشاعر التي تربطهم تبقى بحكم التعويد ليس الا...
أشكرك وأتمنى لك دوام الكتابة...

سليمان جمعاني- الأردن

كما تطرقت لموضوع اخر

ليس كل ما نريده نحققه بل ان احلامنا في اغلب الاوقات ماهي الا مجرد وهم من صنع خيالنا المرهق الذي يعاني من ظلمات الحياة الصعبة

و الرغبة نستيطع ان نطلق عليها ايسما اخر و هي الوحدة
ان تكون وحيدا بين اهلك لا يختلف عن وحدتك بين اناس لا تعرفهم
و احيانا الاناس الذين لا تعرفهم اكثر حنية عليك من الذين تعرفهم

مشكور اخوي هارب ..على ردك الجميل ..

اخوي سليمان ..انا اتفق مع رأيك ..وأحب اضيف بأن المسألة تعود الى ضحالة الثقافة

بشكل عام ..وهذا مانعانيه جميعا في المجتمعات العربية ..وأيضاً ..

الكل أصبح مشغول بنفسه ..الكل يحاول صنع محيط خاص به لوحده ..

يسر ..الأحلام او الأوهام ..الأمر يرجع للشخص نفسه أنه يحولها الى واقع ..

ومشكورة على المرور ..

أرى بهذه الأسطر محاولة موفقة لربط الماضي القريب بالحاضر الذي يعجز الكثيرين عن استدخاله بحياتم فيقعون في مطبات قد يكون من الصعب عليهم الاخروج منها.
قد يسعنا القول هنا أن المسؤولية مشتركة تقع على عاتق الأهل الذين أطروا حياتهم بما تحمله من مفاهيم
ومسلمات بما ورثوه وعهدوه عمن سبقوهم . وهم بدورهم ينقلوها إلى من يأتي بعدهم وهكذا تستمر مسرحية الحياة بتبادل أدوار قد لا تحظى بالكثير من التغييرات؛ باستثناء تلك التي يكتسبها الأبناء ويصبغونها بصبغة جديدة قد لا تتفق - وهو السائد- مع تلك المقبولة " المتفق عليها"لدى الجيل القديم. ويقع هنا صراع أدوار بين القديم والجديد بين التقدم والرجعية، وما ينطوي على ذلك من دور الأبناء في محاولة ألباس طريقة حياتهم الجديدة بلباس أكثر قبول وأكثر تفهم لدى الجيل القديم بحيث تصبح عملية "توفيق" على اعتبار أن الفصل التام والمطلق عملية مستحيلة التحقق على واقع مجتمعات خبرت ماضي غرس فيها وأصبح جزءا لا يتجزء من حاضرهم المعاش.
ونتيجة لهذه الجدلية كمن الشعور بالغربة والوحدة التي تنم عن إحساس بالاختلاف عن المحيطين وفقدان صفحات مفتوحة للحوار بينهم والذي يعمق بدوره ذلك الإحساس بالقرب المادي المترافق بالبعد الروحي.

وفاء..
الأردن