أوقفوا الجنون!

أوقفوا الجنون!
تنتج معظم المشاكل المتعلقة باستخدام الحواسيب، من عدم التوافق مع المنصات المختلفة. وبينما كان الناس، في الأيام الخوالي، يستطيعون الالتفاف حول المشكلات، وحلها، لم يعد يحدث هذا مع طرح شركة مايكروسوفت ترقيات مستمرة لنظام التشغيل، إذ يواجه المستخدمون مشكلات لا حصر لها، تستنفد وقتهم، خلال محاولاتهم إبقاء أنظمة الحواسيب تعمل بدون توقف. وتنتج معظم تلك المشكلات بسبب إعادة ترجمة شيفرة نظام التشغيل ذاته، مرة بعد مرة.
منذ فترة، وصلتُ بوابة لاسلكية من نوع D-Link 713، كي أتمكن من الاتصال لاسلكياً، بخدمة الحزمة العريضة الجديدة لشركة سبرنت. ووجدت أنني إذا ركبت زوجاً من البطاقات اللاسلكية في حاسوبين خاصين بالعائلة، أستطيع التخلص من سلك طويل يمتد من أحد أطراف المنزل إلى طرفه الآخر. وسار كل شيء بسلاسة ويسر، باستثناء اكتشافي أنني بحاجة إلى قابس تحويل من نوع RJ-45، للوصل مع البوابة 713.
لكن الأمور تعقدت فجأة، عندما حاولت الاتصال بشبكة الإنترنت، إذ لم تقبل البوابة 713 معلومات الإعداد الخاص بها ومعلومات مزود DNS. اتصلت بالشركة المقدمة للخدمة، في محاولة لتجاوز هذه المشكلة، معتقداً أن سببها متعلق "بمودم" شركة سبرنت غريب الأطوار، على الجهة الأخرى من الخط، والذي تبين فعلياً، أنه مزود DHCP، على الرغم من عنوان IP الثابت الذي عينه لي. تابعت محاولاتي، وواجهت عندما استطعت الاتصال بالشبكة أول مرة، رسالة خطأ من نظام التشغيل، تخبرني بعدم وجود اتصال، وأن باستطاعتي إما أن أعمل منفصلاً عن الشبكة، أو أحاول مرة أخرى. دهشت عندما نقرت على زر المحاولة مرة أخرى (Try Again)، فقد سار كل شيء على ما يرام، ولم تعد تلك الرسالة إلى الظهور مرة أخرى.
ربط ولدي، ابن الأربعة عشر ربيعاً، في وقت لاحق، جهاز إرسال/استقبال لاسلكي، من
نوع D-Link، بحاسوب مفكرة من النوع توشيبا، عبر ناقل USB. وأخبرته أنه يجب أن يتمكن بذلك، من الاتصال بالشبكة من غرفة الطعام. لكنه أخبرني بعد التركيب، أن بطاقة الإرسال/الاستقبال عملت بشكل جيد، لكن هذا حدث بعد أن نقر على زرTry Again (حاول مرة أخرى). نظرت إليه باستغراب، وأنا أفكر كيف أن الجهاز الموجود في الطابق العلوي يعمل بنظام ويندوز98، بينما يعمل حاسوب المفكرة توشيبا بنظام ويندوز2000، وعلى الرغم من ذلك، احتاج كلاهما إلى النقر على الزر Try Again، لكن للمرة الأولى فقط!

أمور غير منطقية
مضيت بشجاعة، في مواجهة تحدٍ آخر. فقد اكتشفت ابنتي، وعمرها 6 سنوات، علبة قديمة تحتوي لعبة Fatty Bear's Birthday Surprise، في قعر صندوق للألعاب. والدب السمين Fatty Bear، هو الشخصية التي افتقدناها من شركة Humongous Entertainmentg، وهي أشهر أفضل شركة ألعاب للأطفال في العالم. وتوجد اللعبة التي أنتجت عام 1993، على ستة أقراص مرنة. وكانت فقط بعض ألعاب شركة Humongous، المعتمدة على نظام التشغيل دوس، قد اشتغلت على أجهزتي التي تعمل بنظام التشغيل ويندوز98، إلا أنني لم أجربها على حاسوب المفكرة القديم من طراز Portege 300CT، من إنتاج توشيبا، الذي ربطته بشاشة كبيرة، لاستخدامه كجهاز ألعاب مخصص.
وكان هذا الجهاز يعمل بنظام التشغيل ويندوز95، وهو الحاسوب الأكثر توافقاً مع الألعاب في منزلي. لكنه على الرغم من ذلك، لم يستطع تشغيل لعبة Fatty Bear القديمة. بدأت محاولاتي للتغلب على تلك المشكلة، بأن أقلعت الجهاز بنظام التشغيل دوس، وغيرت بارامترات الذاكرة، وجربت كل شيء، ووصل بي الأمر إلى أنني جربت اللعبة على أجهزة أخرى تعمل بأنظمة ويندوز 98/95، لكنني لم أنجح. دفعني الفضول أخيراً، إلى تجربة اللعبة على حاسوب المفكرة الأحدث من نوع توشيبا Portege 7200، الذي يعمل بنظام ويندوز2000، وكانت المفاجأة أنها اشتغلت! ما جعلني أضرب أخماساً في أسداس.
كانت مغامرتي التالية، مع جهازي الذي يعمل بنظام التشغيل ويندوز2000، وهو موصول إلى الشبكة ذاتها التي تتصل بها الحواسيب الأخرى الموجودة في المنزل، لكن المشكلة أنه لم يستطع أن "يرى" أياً منها. وكانت المشكلة ذاتها حدثت معي في جهاز آخر يعمل بنظام ويندوز2000، وقيل لي حينها، أن أكرر اسم المستخدم ليطابق أحد الأجهزة التي تعمل بنظام ويندوز98، مع إعطاء المستخدم الجديد امتيازات إدارة النظام. فعلت ذلك، فأصبح الجهاز فجأة على الشبكة ذاتها. دفعني هذا إلى الابتعاد عن مجرد التفكير بالمشكلات التي يمكن أن تحدث في الشبكات المختلطة، المكونة من أجهزة تعمل بالنظامين ويندوز98 وويندوز2000.

تجاوز المشكلات مستحيل
يمكن أن لا تحدث كل تلك المشكلات، إذا ما توقف جنون ترقية نظم التشغيل. فلو بقي نظام التشغيل بدون تغيير لمدة خمس سنوات، يمكن لتقنيات الحوسبة أن تتطور بسرعة كبيرة، بسبب إمكان فهم المشكلات وتطوير حلول لها. إذ نحتاج عند التعامل مع نظام تشغيل جديد، إلى أكثر من عام لكشف كل العلل المختفية فيه، وربما نحتاج إلى عامين لإيجاد الحلول المثالية لها. فإذا أعيد تصميم وترجمة نظام التشغيل في دورة لا تزيد على عامين، وتم إصدار رزمة برمجيات خدمية (Service Pack)، للترقية كل عام، كما يحدث الآن، فإن تطوير حلول كاملة للمشكلات، يصبح مستحيلاً، ويكون القيام بذلك عملاً بدون جدوى.
تعتبر شيفرة نظام التشغيل ويندوز2000، على الرغم من تعقيدها، أفضل الشيفرات التي أنتجتها شركة مايكروسوفت. لكنها ما زالت تعاني من العلل. وأتمنى أن تستقر مايكروسوفت فترة كافية على نظام التشغيل المقبل ويندوز إكس بي، لتسمح للمستخدمين بالتكيف معه، قبل أن نشهد طرح ويندوز إكس بي/2. لكنني أعلم أن مايكروسوفت تعمل حالياً على الإصدارة التي ستلي نظام التشغيل ويندوز إكس بي، والتي تسميها Blackcombe، وأعتقد أن عليها التخلي عن جهود تطوير هذا النظام، وتبدأ بتطوير شيفرة جديدة، انطلاقاً من الصفر، الأمر الذي سيبقي إصدار ترقيات جديدة بعيداً، لمدة خمس سنوات على الأقل.

اثرك مهندس يا هولي و انا ما ادري ؟!