يبدو أن الغضب شعور عاطفي مستشر بين الناس. فالأطباء يلتقون أناسا غاضبين باستمرار، كذلك القساوسة والمستشارون يواجهون أناساً غاضبين يحاولون التعامل مع مشاكل شخصية أو عائلية أو تتعلق بالعمل. ويلاحظ الناس الآباء والأساتذة الذين يبدون غاضبين على أشقائهم ،وضعهم أو دون سبب معين. ومع ذلك فإن مشكلة الغضب تمر في كثير من الأحيان دون معالجة.
هل الغضب ضار؟
إن الجواب على هذا السؤال هو ليس دائما، وفي الحقيقة فإن الغضب له جوانب إيجابية. ولنبحث النقاط الثلاث التالية:
1. المقدرة على الشعور بالغضب مسألة طبيعية مبنية داخل أجسامنا وهي مهمة لتنظيم المستويات الجسدية والعاطفية أو لتمكين الإنسان من الصراع بطاقة أكبر.
2. الغضب عبارة عن إشارة تدل على أن شيئاً ما قد حصل خطاً. فكما هو الألم فإن الغضب يشير إلى الحاجة لتصحيح شيء ما. وإن كبت هذه الإشارات لمدة طويلة قد يكون ضاراً من الناحية العاطفية والاجتماعية. ويمكن أن يكون الغضب آخر عاطفة مقاومة لليأس ولذا فإنه آلية للبقاء والخندق الأخير لعمل ما هو جيد.
3. يحذر الغضب الآخرين بأن عليهم اتخاذ الحذر ، ويخدم الغضب كأداة علاقة تساعد في الإشارة إلى التوتر وحتى الخطر.
الغضب طوال الوقت
ومع ذلك هناك جانب خطير للغضب. أولا، يمكن أن يفتح الغضب الباب واسعا لليأس حيث أن الغضب في أحيان كثيرة يزيد من الحساسية تجاه الأشياء مما يجعل الشخص غاضبا باستمرار. وتؤدي الحساسية المفرطة للأشياء إلى خفض القدرة على التغلب على الغضب . ويتبع ذلك زيادة في حدته. كذلك فإن القدرة على التخلص من الغضب تنخفض مع كل حادثة مما يؤدي إلى حساسية اكبر لمواقف الغضب.
والنقطة الثانية هي أن الغضب يسد الطريق على المشاعر الأخرى ويصبح الحل لمعظم المشاكل. فإذا كان هناك إدراك بالغضب المزمن فإن الشخص يدور في حلقة مفرغة أي أنه لا يتجاوز الغضب بنجاح بسبب الشعور بالذنب ومن ثم يصبح غاضبا جدا دون تحفظ ويعود بعدها إلى كبت غضبه. ومن شأن هذه الدائرة أن تمنع الشخص من تعلم طرق أخرى للتعبير عن مشاعره.
أما النقطة الثالثة فهي أن الشخص المصاب بالغضب المزمن يعزز بيئة اجتماعية وعاطفية مفعمة بالغضب. وينتشر اللوم، الثأر، القسوة، التهكم، وروح النقد في أكثر المتبادلات الاجتماعية معنى بينما أن الانسحاب ، الاكتئاب، والعزلة تميز الفترات غير الاجتماعية. وعند ذلك يصبح الاعتداء الجسدي على النفس والآخرين خطراً دائما.
ما هي أسباب الغضب؟
من الصعب في معظم الأحيان تفسير سبب شعور بالتوتر كالغضب. وعلى أية حال فإن هناك بعض السوابق المحددة للغضب والموثقة تماماً. ومن هذه السوابق ما يلي:
1. إساءة استخدام المواد مثل الإدمان على الكحول ومن ثم الإقلاع عنه أو التوقف عن تناول المواد المهدئة أو استخدام الكوكايين، الماريجوانا، السترويدات وغيرها. ومن شان كل هذا أن يؤدي إلى درجة من الهياج، الغضب، العدوانية، وفي بعض الأحيان مهاجمة الآخرين.
2. الاكتئاب: ومن خصائص الاكتئاب النمطية عدم هدوء المزاج بشكل عام ، الإحباط، والذي يعبر في كثير من الأحيان عن نفسه على هيئة لوم النفس، الافتقار إلى المرح واليأس.
3. القلق: إن القلق شأنه شأن الاكتئاب يترافق أيضا مع الهياج والغضب. ويمكن للنشاط المفرط أن يترجم على شكل تعبير عنيف وعدواني ويقلل من قدرة الآخرين على التسامح.
4. التعرض للإساءة سابقا: تؤدي خلفيات الإساءة السابقة إلى الغضب في كثير من الأحيان. وحتى الأطفال الذين يتعرضون للإساءة البدنية أو العاطفية في عائلاتهم يميلون لإبداء الكثير من الغضب الذي تصاحبه العدوانية.
5. الحزن: ينجم الغضب في كثير من الأحيان حين يواجه الإنسان فقد شيء ثمين بما في ذلك موت عزيز، طلاق، انفصال، تفسخ عائلي، فشل مالي، فشل في تحقيق أهداف كبيرة، إحراج أو مشكلة صحية.
كيف تتخلص من الغضب؟
لحسن الحظ هناك عدة طرق لتحقيق ذلك منها ما يلي:
1. ينبغي معرفة مصدر الغضب وقد يحتاج الشخص إلى مساعدة الأخصائي النفسي أو أي مستشار مؤهل لتحديد ذلك المصدر لأن بعض هذه المصادر قد لا تكون واضحة. وقد تتراوح هذه المصادر بين أصول فسيولوجية إلى أسباب عاطفية؛ وقد تعود هذه الأسباب إلى الماضي أو بسبب عوامل في الوقت الراهن.
2. أوقف الغضب حيثما يكون وتعلم كيف تستطيع التعبير عن الغضب بوصف مشاعرك والموقف أو السلوك الذي أدى بك إلى الغضب أثناء الموقف أو بعده بوقت قصير. لا تتفوه بعبارات بشأن مواقف، تصرف أو نية.
3. كن راغبا في تفريغ غضبك حيث أن التشبث به يفاقم من آثاره عليك وعلى أحبائك. وفي كثير من الأحيان يؤدي الغضب إلى تحطيم الشخص ومن يحب. كذلك فإن الغضب غالبا ما يحطم الشخص الغاضب وعددا لا بأس به من الضحايا الأبرياء قبل أن يؤثر على الشخص المقصود. ولذا فحين تجعل الغضب يذهب إلى حال سبيله فإنك لا تجعل المسيء يذهب فقط، بل إنك تحقق الحرية لنفسك من آثار الغضب.
