تلفت (أشرف ) حوله في غيظ وهو يجز علي أسنانه , ثم قام من مقعده ودار دورتين حوله وهويقول لنفسه :
- كيف يحدث هذا ؟! .. لابد أنهم مجموعة من الحمقي .. كيف لم يختاروني كأفضل كاتب ؟! هل هذه القصة الفاشلة أفضل من قصصي ؟!
ثم ضرب المكتب بيده ضربة قوية شعر معها بألم في يده , وسمع أخته الصغيرة تتسائل :
- هل حطمت شيئا يا أشرف ؟!
لم يرد عليها وأستمر في الدوران في الغرفة , وتصاعد الدم إلي رأسه فأحس بها تغلي , فضربها بقوة في الحائط المجاور ثم قال :
- لا يمكن هذا .. لابد أن هناك خطأ ما .. ولكني لن أيأس .. وسوف أكتب مرة أخري واشترك في المسابقة الجديدة .
وجلس يفكر في قصة تصل به إلي الفوز , وقلب الأفكار في رأسه , ولكن كلها بدت سخيفة مقارنة بما كتبه المرة السابقة , لقد كتب قصة بدت له أروع من روائع نجيب محفوظ وعباس العقاد , وحتي من دستوفيسكي نفسه .. بعد ما كتبها لم يصدق نفسه , وأعاد قرائتها مرات ومرات وكان ينبهر بها كل مرة , علي الرغم من انه عاش أحداثها في الحقيقة ..
وأحس بمرارة الهزيمة في حلقه .. هو مازال يتذكر أحداثها بدقة .. لقد كان يجلس مع أحد أصدقاؤه يتحدثان عن الرعب , وفجأة أحسا بوجود شيء ما خلفهما .. لا يدريان لمن هو .. فسابقا الرياح .. وفي ثواني كانا قد أبتعدا عن المكان .. وفجأة .. أصطدما بعجوز كانت تمشي بتمهل علي الطريق .. فسقطت أرضا معهما .. ومع سقطتها تكشف وجهها .. فإذا بها شاب في عمر الزهور .. ولما أدرك أن تنكره قد كشف جري بكل قوته مبتعدا .. وفيما بعد عرف الصديقان بقية القصة المذهلة .. لقد كان هذا الشاب متنكرا ليذهب إلي صديقة له بدون أن يشك فيه أحد .. ولما فر ولم يذهب إليها .. قررت الصديقة الصعود إلي السطح لتنفس الهواء النقي .. وعندما صعدت إلي السطح وجدت أمامها رجلا يتشح بالسواد يحمل في يده دش انتزعه ليسرقه .. فصرخت بقوة .. وعندها رمي بالدش نحو الشارع الخلفي .. وهرب بسرعة من المكان .. لأما الدش فقد سقط مباشرة فوق رأس رجل ما كان يحمل في يده مسدسا ويستعد لقتل ثري مر بالمصادفة في هذا الشارع فأفقده الدش الوعي فورا .. وأنقذ الرجل المسكين .. وهكذا كانت دعابة بسيطة من أخت أشرف - فقد كانت هي المسئولة عن الظل الأحمر - السبب في منع ثلاث جرائم دفعة واحدة ..
وضرب أشرف المكتب مرة أخري وهو يقلب صفحات تلك المجلة التي نشرت المسابقة .. وقرأ الخبر المنشور مرة أخري
<< فوز (.........) بجائزة مسابقة أفضل كاتب عن قصته (آلام ودموع) وقد نال الجائزة بمنتهي السهولة لعدم وجود قصص جيدة غيرها .. وقد سلم الجائزة الاستاذ ( أحمد ممدوح ) .. الذي كان الحكم الرئيسي في هذه المسابقة .........>>وكان الخبر مصحوبا بصورة الأستاذ وهو يسلم الجائزة للكاتب الشاب , فنظر لها في غل وقال :
- ايها الستاذ المأفون هل ينام ضميرك الآن وقد ظلمتني ؟
ثم أطال النظر إلي الصورة وجز علي أسنانه وتمني لو رآه أمامه الآن .. ولكنه مع التدقيق في الصورة أكثر بدأ يتذكر .. لقد أمسكت الشرطة بالثلاثة مجرمون ولكنهم لم يعاقبوا لعدم أرتكابهم أي شيء فعلي.. وقد نشرت الصحيفة اليومية الخبر في ركن صغير مصحوبا بصور المجرمين .. وقد توعدوا بالأنتقام ممن تسبب في هذا .. وقد كانت صورة الاستاذ من الثلاث صور ..
وسمع اشرف طرقات علي الباب فذهب ليفتح وهو شارد الذهن .. لابد أن المجرم وصل إلي ذلك المنصب في المجلة وقرأ القصة وتذكر السبب في فشله السابق .. وبالطبع لم تفز القصو ولو كانت لآرثر كونان دويل نفسه .. ولابد أنه الآن يبحث عن الأنتقام.
فتح أشرف الباب فوجد سيدة عجوز تطلب منه كوب من الماء لأنها تعبت من صعود الدرج وهي ذاهبة إلي شقة تعلوهم بطابقين ..فدخل يجلب كوب الماء .. وعاد إلي خواطره الشنيعة , لابد أن الرجل تذكر القصة ! ولابد أنه عرف المسئول عن فشله ! بل ويعرف عنوانه من الخطاب !! وهو يريد الأنتقام !!! هذه معادلة بسيطة جدا تقود إلي .....
قاطع أفكاره صوت خشن يقول :
- كنت دوما أتمني أن أنتقم .. ولكني لم أكن أعلم شيئا حتي وصلني خطابك .
فألتفت بسرعة ليجد العجوز كاشفة وجهها عن ذلك الشاب الذي كان ينتحل هذه الصفة من خمس سنوات .. ثم رفع الشاب يده بسكين وهوي بها علي قلب اشرف.. وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة ترددت في ذهنه عبارة ( أنا أفضل كاتب .. ولكنها أحقاد قديمة )
وبالطبع ألقي القبض علي المجرم بسرعة , وحوكم وتمت أدانته, وعزل من منصبه , وعين رجل آخر في منصبه, وفي المسابقة التالية فازت قصة أشرف بالمراكز الأولي كلها .. ونال لقب أفضل كاتب ..
أفضل كاتب ميت !
