لم يعد كما كان
إذا ما الناس جربهم لبيب
فإني قد أكلتهم وذاقا
فلم أر ودهم إلا خداعا
ولم أرى دينهم إلا نفاقا
(المتنبي)
كان النهار في ذلك اليوم حزينا وباردا، شمسه مختفية خلف غيوم كثيفة، وكنت جالسا على أحد المقاعد بشرفة المنزل، أبحث عن لحظة أنسى فيها العالم بأسره، ورأيت ظلك القادم من بعيد، كنت حزينا ومهوما ناديتك فلم تجبني ثم رفعت صوتي، ونظرت نحو شرفة منزلي، ودعوتك للدخول فلبيت الدعوة بلا تردد.
أعرفك جيدا لست من ذلك الصنف الذي يصعب التسلل إليه وسبر أغواره حيث طرحت عليك القليل من الاسئلة وبدأت الحديث بدون تردد:
كنت لا أبخل عليه بأفكاري ومالي
كان قلبي يطمئن إليه ويرتاح له
أشكوه همومي وأبثه أحزاني
وأجد نفسي مرتاحا إليه تلقائيا
كان يخجلني بعذوبة كلامه
وحلاوة لسانه
وكنت أحس بـأن ما يقوله
هو الحقيقية لا غير
منحته ثقتي
واعتقدت إنه يثق بي أيضا
ولكنه لم يعد كما كان في السابق
لا أدري ما الذي حدث له؟
في إحدى الأيام زرته بمكتبه
تجاهلني وكانت معاملته لي مختلفة
وبالأحرى سيئة
ومرت فترة طويلة بعد هذا اللقاء
وبعد ذلك علمت بأنه على علاقة
مع مجموعة من الأشخاص
أصحاب المراتب العليا
ويعاملهم كما كان يعاملني في الماضي
وأحس نفسي اليوم أكبر ساذج في هذه الدنيا
وأجبتك: لا يا صاحبي أنت لست ساذجا أبدا، أنت طيب وهناك فرق بين الطيبة والسذاجة، إنه الخاسر بلا شك، هناك بعض الاشخاص الذين يبحثون عن سوق أكثر ربحا، والصداقة الحقيقية تكون عندما تتلاشى شهوة المال، والمكانة الاجتماعية والعملية، صدقني لقد خسر هذا الإنسان صديقا رائعا مثلك وبخداعه لك خدع نفسه، يا صديقي العزيز كن دائما كالجبل لا تهزه الريح.
