مشاركة: حقائق عن عروبه الاحواز
الحقائق الحضارية
ويقصد بها تلك الظواهر الاجتماعية ، كاللغة والعادات والتقاليد والدين والعلم والفن والآداب ، اضافة الى بعض النواحي المادية والاخرى كالزيوالمأكل . واللغة من أهم المقاييس العامة لمعرفة هوية أى شعب من الشعوب ، فهى وساطة التفاهم العقلى ، وأداة للتعبير عن الافكار والشعور ، وسيلة لاظهار ثقافة الأمة وحضارتها وابراز شخصيتها التى تميزها عن غيرها . فسكان عربستان ( شعب الاحواز) يتكلمون اللغة العربية ، وهى التى تربطهم بالتراث العربي والمصير المشترك الواحد، فى حين يتحدث الفرس بلغة خاصة بهم وهى اللغة الفارسية ( من عائلة اللغات الآرية ) . أما ادعاء فارس بأن شعب عربستان ( الاحواز) يتكلم اللغة الفارسية ايضا ، فهذه ضرورة اقتضتها ظروف الاحتلال الفارسي للأحواز اى بسبب استعمار فارس لعربستان . وحينما تسعى الدول التى لها ميول توسعية الى فرض حضارتها وبسط نفوذها على مناطق اخرى ، فانها تسعى لتحقيق ذلك كله عن طريق اللغة . وهكذا فعلت فارس فى عربستان ، وتركيا فى الاسكندرون ، وفرنسا فى الجزائر . والجنس عامل آخر لايقل أهمية عن اللغة للدلالة على اختلاف حضارة عربستان العربية عن حضارة فارس العجمية ، فالفرس يرتد اصلهم الى الأقوام الهندية الأوربية والى الجنس الآرى ، هاجروا من وراء جبال الأورال واستوطنوا اقليم فارس ( هذه حقيقة يذكرها التاريخ الفارسي والفرس على حد سواء ) . أما أصل شعب الاحواز ( شعب عربستان ) فهو شعب عربي النسب والاصول والحقيقة والهوية والانتماء والجذور والتاريخ والتقاليد والعادات والفكر والمنهج واللغة والتأمل والطموح وفى نظرته للحقيقة القومية فى تحقيق الحلم العربي في الوحدة العربية وقيام الدولة العربية الواحدة الديمقراطية .
http://al-ahwaz.com/AhwazHistory/images/sir%20kokes.gif ويسجل لنا الرحالة الدانمركي ( كارستين نيبور ) ملا حظات قيمة عن الفروق الحضارية بين عربستان وفارس ( ايران ) ، فيذكر ان عربستان (( عربستان مستقلة عن بلاد فارس ، وان لاهلها لسان العرب وعاداتهم .. وهم يتعشقون الحرية الى د رجة قصوى ، شأن اخوانهم فى البادية ... )) .
ان العلا قة المكانية الطبيعية بين العراق وعربستان لها أثر كبير فى تشابه القبائل الموجودة فى كليهما ، فقد سكنت عربستان نفس القبائل العربية الموجودة في العراق ، ويتحلى سكانها بنفس صفات وعادات وتقاليد أمة العرب . وآثار الجنس العربي وحضارته تبدو على أتمها فى عربستان ( الاحواز) ، فالفرس هم الذين اطلقوا على الاحواز اسم عربستان وتعني تلك التسمية بلاد العرب وهذه شهادة فارسية علي حقيقة ان الاحواز ارض عربية وليست فارسية . واذا كانت الآثار الحضارية لأمة تؤلف حقوقا ، فان عربستان ارض عربية . فالبناء الاجتماعي فيها بناء عربي مكين الدعائم ، وجميع ما فيها من مقومات ينطق بعروبتها ، وتضرب الأصالة العربية بجذورها فى المنطقة الى أبعد أعماق التاريخ ، اذ ظهرت أقدم الاطوار الحضارية فى ربوعها الحضارة العيلامية احدى حضارة المشرق العربي التي تيرجع الى خمسة الالف سنة قبل الميلاد حضارة شقيقة لحضارة بابل وسومر واشور فى العراق .
ان نسبة كبيرة من سكان عربستان تعتنق المذهب الشيعي أحد المذاهب الأسلامية الخمسة( مذهب جعفر الصادق علية السلام احد احفاد رسولنا الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ) . أما ادعاء فارس ( ايران ) بأن شيعة عربستان فرس ، فهو ادعاء خاطىء وباطل . فالشيعة أتباع مذهب اسلامي عربي لم يكونوا يوما ما رعايا فرسا ، فهم يوجدون فى جميع ارجاء الوطن العربي والاسلامي ، اضافة الى حاضرة العالم الشيعي الرئيسية هي النجف الأشرف وهى أرض عربية فى العراق ، وشتان بين المذهب الديني والأصل الجنسي ، فالمذهب الديني لم يكن يوما ماوحده كافيا لخلق جنسية واحدة ، أو ليولد شعورا مشتركا بقومية واحدة ، والا لحق لدولة البابا - الفاتيكان - المطالبة بالدولة الكاثوليكية فى العالم كله .
ان التداخل الحضاري والاجتماعي بين عربستان والعراق له صلة وثيقة بالتداخل الاقتصادي بينهما ، فكان من نتائجه أن امتلك شيوخ المحمرة قسما من نخيل البصرة وأملاكها ، وامتلك قسم من أهالي البصرة قسما من بساتين النخيل فى عربستان كذلك ، فى وقت كان فيه التمازج السياسي والاقتصادي والتفاعل الاجتماعي لا حدود له ، مما ولد فى المنطقة وحدة فى اللغة والذوق والقيم وطرائق التفكير وطريقة بناء المساكن واسلوب العمل واعداد الطعام وتقاليد الزواج ورقصة الحرب فى الاعياد وتقديم القهوة العربية والمثل الاخلاقية والمظاهر السلوكية .
الحقائق القانونية
ان مشكلة عربستان ( الأحواز ) يمكن اعتبارها فصلا أساسيا من المسألة الشرقية التي اقلقت القرن التاسع عشر - وما قبله - وسببت بضع حروب ، بين فارس والدولة العثمانية ، وبالتالي مع الانكليز . ومن الوجهة القانونية يجب ان تعطي اهمية كبرى لعامل لعب دورا كبيرا فى قضايا الحدود ، وهو رغبات سكان الاراضي المتنازعة فى عربستان ، والعرف الدولي ينص على ان يكون هناك حد أدنى من العدالة والانسانية يفرض على جميع الدول ، فاذا ظلمت الاقليات جاز لها طلب الحماية الدولية ، واذا صار الظلم لايطاق - وقد يؤدي الى انقراض الجماعات المظلومة - يجوز اللجوء الى حق الانفصال . فالضمير الحديث يطلب المزيد من الشعور بالكرامة الانسانية فى عربستان ، ومساواة سكانها أمام القانون فى حرياتهم المعنوية والمادية لتقرير مصيرهم . وهذه الفكرة معترف بها فى القانون المحلي وفى القانون الدولي .
لقد ذاعت فى العالم - خلال القرن التاسع عشر وما تلاه - التسوية السياسية للمشاكل الدولية ، وفقا لمبادىء القومية وتقرير المصير .الا ان هذا الحق القانوني لم يستعمل فى حل مشكلة عربستان ، فهو يمثل سابقة خطيرة فى تاريخ العلاقات الحديثة . وخضوعها لفارس يمثل الاحتلال والاقتطاع والضم على اساس اعتبارات غير قانونية ، لان وجهة النظر الدولية كانت تعتبر عربستان دائما عربية ، وهي جزء من الامبراطورية العثمانية ، والتنازل العثماني عنها لفارس كان بمعاهدة لم تبت نهائيا فى مصير المنطقة . فكان نزاعا مملا وطويلا ، قطعه نشوب الحرب العالمية الاولى ، فأجهضت المحادثات وبقى الامر معلقا الى انهاه رضا بهلوي بأحتلال عسكري شامل لعربستان ، فالاحتلال العسكري لايقره القانون الدولى التقليدي ولا القواعد الاخلاقية فى العلاقات الدولية ولا الاعتبارات الانسانية . كما ان التنازل العثماني عن المنطقة هو الآخر تعرض للطعن القانوني لانه أهمل حق تقرير مصير الامارة ، ولم ترسل لجنة تحقيق دولية - على الاقل - لاستطلاع رأى السكان فيها ، على غرار ما كان متبعا آنذاك فى مثل هذه الحالات . والواقع ان مزاولة السيادة الفارسية على عربستان ، من وجهة النظر الفارسية ، ظلت ضعيفة لان هذه المنطقة ظلت سيادتها عربية مستقلة عن حكومة طهران ، وظلت تمارس علاقات خارجية مع دول أجنبية ذات سيادة ، وكانت متروكة فى اغلب الاحيان لحاكم عربي من الحكام المحليين ، لا تتدخل ايران فى توليته او عزله ، وانما تكتفى منه بالجزية - فى بعض الاحيان - وبالهدايا .. وهذا المظهر اتخذته ايران ذريعة قانونية بعدئذ ، عند احتلالها عربستان ( الاحواز ) .
لقد غزا العرب فارس منذ النصف الاول للقرن السابع الميلادي ، وقضوا على الامبراطورية الساسانية ، ودخلت فارس فى المجتمع الاسلامي العربي ، ولم تكن لها وجود سياسي مستقل الى القرن السادس عشر الميلادي ، اذ لم تكن سوى اقليم جغرافي ، فهل يحق للعرب ان يتخذوا ذلك حجة قانونية بتبعية فارس لهم ؟ ...
أما الاحتجاج الفارسي - فى عربستان - باعتراف شيوخ المحمرة بالسيادة الفارسية ورفع العلم الفارسي ، فان هذا الاجراء كان نتيجة ظروف وقتية سياسية قهرية ، ولم يحدث هذا الا بعد معاهدة أرضروم الثانية سنة 1847 م لا قبلها ، فهل يمكن تناسي تريخ قديم وعام ، والتأكيد على فترة قلقة سطحية لا تتصف بالاستقرار ؟ شهدت عربستان فيها مقاومة عربية عنيفة لمحاولات الفرس السيطرة عليها ، ودفعت قسما من شيوخ عربستان الى التحالف مع الانكليز ، لصد هذا التدخل الايراني . الامر الذى اجبر الفرس انفسهم على الاعتراف باستقلال عربستان الذاتي عنهم . هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ان بريطانيا عندما أرادت انشاء معمل لتكرير النفط فى عبادان ، انتدبت السير برسي كوكس ليتفاوض عنها مع الشيخ خزعل امير عربستان باعتباره الحاكم العربي الاعلى فى المنطقة لعقد اتفاقية بشان جزيرة عبادان ، وصار يتسلم ايجارا سنويا قدره 650 جنيها للسماح بمرور خط الانابيب فى بلاده الى معمل التكرير فى عبادان . وهذا اعتراف من بريطانيا - لايمكن الطعن به من الوجهة القانونية - بالسيادة العربية على عربستان ، وكانت بريطانيا فى وضع يمكنها من معرفة الحقائق ، فهل بعد هذا حجة قانونية أقوى للرد على الادعاء الفارسي بعربستان ؟ ، وما الذى منع الانكليز من التفاوض مع الحكومة الفارسية ان كانت هى صاحبة النفوذ الفعلى فى عربستان ؟
الحقائق القومية
لقد خضعت أجزاء الوطن العربي للسيطرة الاجنبية ، وقد تفاوتت درجات هذه السيطرة بين ربوعه ، فكانت مباشرة حينا وغير مباشرة حينا آخر . وعربستان من الاقاليم العربية التى تعرضت الى احتلال اجنبي مباشر - وهى كثيرة الشبه بما وقع للاسكندرونة بعد ئذ - وقد بذ ل الفرس منذ زمن بعيد محاولات يائسة لضرب الكيان العربي وازالة سلطانه فى عربستان ، بسبب كرههم الشد يد للعرب . وميلهم للعداء مع كل القوميات غير الفارسية ، وهذه حركة شاملة لا تخص عربستان وحدها ، بل ولد ت كرد فعل عند الفرس للزعامة العربية فى الاسلا م ، فكانت حركة الشعوبية : التى اتهمت العرب ( بالبداوة والانحطاط وطعنت فى أنسابهم وشككت بها وراحت تتهم الامة العربية فى ذاتها فادعت انها ليست أمة واحدة بل مجموعة قبائل متباينة لا ترتبط برابطة عامة ، وهاجمت الاخلا ق والسجايا والقيم العربية ووجهت سهامها الى الثقافة العربية والى اللغة العربية ، تطعن بها وتقلل من شأنها ، فى حين راحت تمجد الثقافات الأعجمية وبخاصة الفارسية ، وتحاول احياء تراثها الفكري هاد فة الى احلا ل الثقافات والقيم الأعجمية محل العربية ... ودعت الشعوب الأعجمية الى التضافر لضرب العرب معلنة انتهاء دورهم ، فليس الا ان يعودوا لرعى الابل فى الحجاز والجزيرة ) .
من المعروف ان عربستان ( الأحواز ) تكون ساحة صراع سياسي ثقافى اجتماعى بين العروبة والأعجمية بعد ظهور العرب على المسرح . وهذه حالة طبيعية فى البلا د الحد يثة التى تجاور قوى اجنبية عنيفة ، فلا غرابة ان هذا الصراع طابعا عنيفا ، أفقد العرب الكثير من سيادتهم السياسية ، من أبرز مظاهره أن رسم ( ناد ر شاه ) خطة فى أواخر أيامه ( تقضى بالقاء القبض على هؤلاء العرب ونقلهم الى سواحل بحر قزوين واحلا ل فرس محلهم ولكن مصرعه الفاجع حال دون تنفيذ هذه الخطة ، وحالت الاضطرابات المستمرة فى بلا د فارس منذ ئذ دون اعتدائهم على حرية هؤلاء العرب ) ، ( ولما رأت ايران عاصفة العروبة تجتاح أقطار العرب ) ، حاولت تسبق الحواد ث التى كشفتها الحرب العالمية الأولى وظهور الدول العربية القومية للوجود ، فضمتها بأحتلا ل عسكري لها خوفا من يطالب العرب بها ، وقد كتبت لسياسة ( ناد ر شاه ) النجاح آنئذ ( فتم نقل بعض العشائر العربية الى شمال ايران ، فى سياسة لا تختلف عن سياسة التتريك فى تركيا فى أخريات ايامها ) ، ففرضت محاولات من التفريس القسرى على شعب عربستان ( شعب الاحواز ) فى نواحي متعد دة : ثقافية وسياسية واجتماعية .
ويهمنا هنا ان نفهم كيف قابل العرب فى عربستان هذا التحدي للسيادة والفكرة العربية ؟ لقد ظل شعب عربستان عربيا تحكمه فى الداخل اصالته واصوله وأعرافه وتقاليده وجذوره العربية الخالصة ، ويبد و للزائر لعربستان ( الاحواز ) والتقاء اهلها العرب ، سيلاحظ ان هناك نقاء قوميا وشعورا عربيا خالصا يمثل تيارا معاكسا لسياسة الفرس ومخططاتها الاستعمارية فيها لطمس هويتها ومعالمها وحقيقتها العربية ، بالرغم من الاحتلا ل الفارسى لم يفقد شعب الاحواز سجاياه العربية ، فجميع ما في عربستان من مقومات تنطق بعروبتها وأنظار ابنائه مع العرب ، فالشعب العربي الاحوازى اكبر من الاحتلا ل الفارسي ، هذا الشعب الذى لم يستطع العدو الفارسي من تغييره الى الفارسية منذ عام 1925 عام استعمار الاحواز لغاية يومنا هذا ( اى 75 عاما ) ، كل هذه السنيين والشعب الاحوازى عربيا بكل مقوماته كما هو لم يتغيير عن حقيقته بشىء ولم تستطع الحكومات الايرانية المتعاقبة من تغيير هذه الحقيقة العربية فى الاحواز ، بحق انه شعب عربي اصيل وعريق صائنا لعروبته وتاريخه وهويته وحقيقته التاريخية .