حياة رخيصة

حديث الصورة
حياة رخيصة

http://www.alriyadh.com/2005/09/16/img/169405.jpg

ممدوح المهيني
اللقطات التي تسربت لحادثة محاصرة ومقتل المطلوب صالح الفريدي الحربي تثير القشعريرة في الأبدان. لم يكن السعوديون يتخيلون أن يحدث هذا في مكان تمر فيه السيارات محملة بالنساء والأطفال وعربات السوبرماركت، لذا كانت الحادثة مفزعة ومرعبة لأنها جديدة من نوعها على الاعين التي لم تعتد أكثر من الخناقات التي يقوم بها الشباب المتهورون مع سائقي الليموزين. ولكن هناك جانب آخر حزين في الحادثة تخص الفريدي نفسه. العمل البدائي جدا الذي قام به عندما هاجم بشكل غريب ومباشر رجال الشرطة بشكل حتى هم لم يتوقعوه بدون أن يقوم بالإختباء أو التمويه أو حتى الجري السريع . كان هجومه الذي يشبه هجوم الأطفال الذين يهاجمون بعضا بمسدسات الماء يخبرنا بشكل مؤلم عن أي قدر كانت حياته رخيصة لديه لتجعله يقوم بتعريضها بشكل صبياني لموت محقق بهذه السهولة. بعد هجومه بلحظات تم قتله وسقط على وجهه بسرعة، وإذا كنا نحزن أن يقوم الموت بخطف من نحب بسرعة فإن الفريدي كان محزنا أيضا ان يتجه للموت بهذه السرعة ويبيع حياة فتية كان يمكن ان تقوم لنفسه و لعائلته ولوطنه بالكثير من الأعمال الرائعة بسعر مجاني كهذا. ولكن من الواضح أن الأيديولوجيا الهمجية التي يعتنقها الفريدي والتي تسعى إلى إفناء كل من لا يؤمن حتى بتفاصيل صغيرة في فكره هي حتى همجية مع معتنقيها . إنها تعزلهم عن عائلاتهم وأطفالهم وتجعلهم يتصادمون مع الواقع وتحولهم إلى شخصيات عصابية موتورة تسعى للسيطرة على العالم ولكنها في لحظة ترسم لهم ميتات بشعة ورخيصة. نستحق نحن وتستحق كل عوائل الشباب اليافعين الذين توحشوا ويستحق كل أهالي رجال الأمن الذين قتلوا أن نبدأ بالعودة بشفافية للماضي والكشف بشكل واضح عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى أن تثور مثل هذا الوضع الجهنمي . من الواضح أن الإرهابيين خسروا معركتهم جماهيريا وأمنيا ولكن الحديث على ان وجود ثقافة يمكن أن تخلق أوضاعا جهنمية أخرى يجب أن لا ينتهي لأنه من الواضح ان هذه الثقافة لم تتعرض إلى خض حقيقي، ولذلك مازلت تسمع مع أصدقائك نفس الكلمات التي يرددها أي إرهابي عن حربه العقائدية السماوية التي لا تنتهي إلا بعد أن ننتصر على العالم ونسيل الكثير من الدماء. قد يكون لديك عشرة أصدقاء يرددون مثل هذا الحديث ولكنهم جبناء ولكن قد يجد اثنان منهم من يهيئ لهما المناخ ليحولا أقوالهما إلى أفعال. وهذا حال كثير من عوائل واصدقاء الذين قاموا بإعمال إرهابية في السعودية والعراق. كانوا أصدقاءهم وابناءهم إلى اللحظة التي قاموا فيها بعملياتهم الإرهابية فتحولوا إلى إرهابيين.

الكثير من الذين يخرجون على التلفزيون ويرددون كلاما تنديديا غير مفيد لا يمكن أن يضعوا حلا صحيحا. إن وعيدهم وتنديدهم وشتائمهم لا يمكن أن تجعل شابا يتخلى عن أفكاره المتطرفة لأنهم لا يطرحون أسئلة حقيقة صادمة حيال هذه الأفكار. الكثير من الزعيق والتصفير يمكن أن تعبر من خلاله الكثير من القناعات المتعصبة بدون خدوش. والحقيقة أن هذه المعالجات لا تقوم على المدى البعيد بأكثر عمل مهم يمكن ان نقوم به وهو أن نتوقف على أن نتقاتل من جديد . ولكن العمل الحقيقي هو نفكر بان علينا أن نعلم أولادنا ان لا نفكر بأي رغبة بان نتقاتل ونكره بعضنا بسبب عقائدنا وأفكارنا. إن ثقافة تعددية إنسانية متسامحة تحترم الحياة نعلمها لأطفالنا من الآن هو الإنجاز الذي يحق لنا ان نتفاخر فيه بمستقبلنا لنمحو العار الذي جعل بعضا من أولادنا يموتون على أسفلت ساخن مغطى بشحم السيارات.



mamdoh@alriyadh.com


>> هل ترغب في التعليق على الموضوع؟...
http://www.alriyadh.com/2005/09/16/article94233.html

فعلا انه العار الذي جعل بعضا من أولادنا يموتون على أسفلت ساخن مغطى بشحم السيارات. ومن أجل ماذا ؟؟؟ انه الدماغ عندما يتسمم فلا ييستطيع المرء بعد ذلك ان يتحكم بجسده وأفعاله .. الله يعافينا ولايبلانا ..