عندما يهمس القلم الجريح

عندما يهمس القلم الجريح

عصفت بي أحداث في شبابي .. فتركت أثرا ملموسا في تصرفاتي مع الآخرين وفي كتاباتي .. ولكن وقد طويت أو كدت أطوي العقد الخامس من عمري .. أصبحت أتمعن في الوقوف عند المستجدات .. وأحاول أن أستشف المستقبل من خلال تجاربي ..

أكاد أقول وقد مهدت مسالك لي كانت في سابق الأيام .. متاهات كدت أن أضيع فيها وأجامع بها شوق المشتاق .. وأرفث بها عن أول لقاء .. لكنني أشفق على نفسي فأتراجع دون أن احدث ضجيج وأستجلب به الأخطار ..

لم أجبن ولم أتردد يوما .. لكن ربي كان أمام وخلفي بالجوار .. كنت أردد هذه دنيا الفناء وغدا دار للبقاء .. فأسري عن نفسي وأشعر بالاستقرار ..



لم يتبد لي يوما أني رجل تتقدم به السن .. بل أعيش وأتعايش حاضر بروح وزهوة الشباب .. حتى اقتنعت بأنني شاب يافع مقدما على الحياة بكل قوة واقتدار .. فاقتنعت بدوام روح الشباب وهمت من لم يتقدم به سن وهو فوق كل اختيار .. حتى أقرب الناس لديه ينظرون إلي من خلال ذك المنظار .. بما في ذلك زوجتي وأقرب الناس إلى قلبي وشذا الفؤاد .. فإن جائها مني ما يسخطها .. بادرتني هل تدفن حقيقة عمرك خلف خضاب وصبغة توار بها سالف الأزمان .. وهي تعي أني لم أصبغ شعرة واحدة في حياتي ولم أستعمل الخضاب ..

واليوم وأنا أجهز لزفاف أبني الأكبر .. وقد استكملت له بناء منزله وأثثته بما يليق ويلزم لفلذة الأكباد .. انتابني شعور لم يخطر ببالي قط .. وتبدت لي لحظات في حياتي كانت قد تخفت عني .. وأصبحت أمعن التفكر والإطراق .. انظر لما حولي بمنظار أخر غير الذي اعتدته .. زادت خلوتي بنفسي أتابع كل صغيرة وكبيرة .. وكل شاردة وواردة .. وكأنما أنا مقبل على أمر غير الذي أعتده ..

سأصبح جادا .. سيكون لي أحفاد .. سأشتري لي عصا أتوكأ عليها ستحف حركتي .. وسا وسا ...

كنت بالأمس أكتب عن الذكريات والأطياف وعن حب وسهد وغرام وهيام .. كنت أباري الأحلام وأجعلها حقيقة ملموسة للأعيان ..

كنت أنثر قصيدي بين القوافي فأختار أروع الأبية لأعلقها في ما تبقى من أطلال ..

اليوم جسدي هو جسد الأمس .. وانطلاقتي لم تزدها السنون إلا صلابة وقوة .. كل ما تغير أني سأكون أن شاء الله جدا أرعى الأحفاد ..



فيا رثاء لأيام الشباااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااب



نادر النادر