هذه قصه قصيره كتبتها مؤخرا اتمنى ان تنال إعجابكم ...
لسنوات عديده حملته في قلبي .. لسنوات عديده ظل يرافقني .. في كل خطوة اخطوها .. في كل كلمة انطقها .. في كل ابتسامة تمر بشفاهي .. في كل دمعة تذرفها عيناي .. لسنوات عديده وانا اسامر طيفه الغالي .. واحتضنه برفق بين جنبات قلبي المجروح ..
نعم قلبي المجروح منذ فراقنا .. منذ تلك اللحظة المشؤومة التي فرقتنا .. وابعدتنا عن بعضنا البعض.. منذ تلك اللحظة التي لم اقو فيها على النطق .. تلك اللحظة التي شلت قدرتي على الكلام .. على الرفض .. على الصراخ .. تلك اللحظة التي لم استطع فيها سوى ان اطأطأ برأسي في هدوء .. موافقه .. مستسلمه .. ليد القدر القاسيه التي بطشت بحبنا .. وبعثرته حطاما .. اشلاءا متناثره .. منذ تلك اللحظة التي قال لي فيها .. حبيبتي .. لابد ان نفترق .. تأبى الأقدار ان تجمعنا سويا .. الظروف اقوى منك ومني .. سأحملك في قلبي للأبد .. ولتحمليني في قلبك للأبد ..
لأحمله في قلبي للأبد ؟!... آهٍ كم وفيت بعهدي له .. آهٍ كم حملته في قلبي حتى مابات في القلب مكان لسواه .. آهٍ لو يدرك كيف ملأ طيفه حياتي منذ عاهدته ان لا انساه .. منذ عاهدته ان يظل في قلبي للأبد .. ترى .. هل وفى بوعده لي ؟ هل لا زال يذكرني بعد كل هذه السنوات ؟! هل حملني في قلبه كما فعلت ؟!
شطبت ذكرى فراقنا من ذاكرتي .. وكأنها لم تكن .. وكأننا لم نفترق يوما .. وكأننا لازلنا سويا .. نعشق بعضنا .. نهيم حبا ببعضنا البعض .. وتخيلت بأننا لازلنا سويا .. نعيش اسعد لحظات حياتنا ..
نعم .. لقد عشت حياة كاملة معه .. مع طيفه الغالي .. فذاك يوم عرسنا .. والناس حولنا فرحين .. و الابتسامة تعلو ثغره بسعادة حين خطوت نحوه بثوبي الأبيض .. بتردد وخجل ..
وهذا يوم نسيت ان اطهو طعام الغداء .. فنظر إلي بعبوس .. وصرخ في وجهي بغضب .. فانفجرت بالدموع باكيه .. بقلب كسير ..
وذاك يوم تخرجت من الجامعه بعد طول عناء .. واحتضنته بسعادة غامره .. ففاجأني بهدية رائعه لم اكن اتخيلها .. وكأنه كان واثقا من نجاحي ..
وهذا يوم زارنا شقيقه وزوجته المتكبره .. التي اخذت تكيل إلي الإهانات الواحده تلو الأخرى .. وهو يتمالك اعصابه مراعاة لأخيه .. ولكونها في بيته ..
وذاك يوم رزقنا بطفلنا الأول .. وليد .. كم كان ناعما وديعا .. كم كانت عيناه تفيضان فخرا واعتزازا بابنه .. كم كانت عيناه تفيضان سعادة وامتنانا لما منحنا الله اياه من نعم ..
وهذا يوم اخذنا نعد العدة للانتقال لمنزلنا الجديد .. فنشتري من الأثاث هذا وذاك .. والضحكة والسعادة تملؤنا ..
كل هذه الذكريات .. كل هذه الأحلام .. عشتها مع طيفه الغالي .. وأغنتني عن العالم بأسره .. أغنتني عن التأثر بمشاحناتي الدائمة مع والديّ قبل وفاتهما .. حين كنت اصر على رفض كل من يتقدم لخطبتي .. أغنتني عن الإحساس بالوحشة والألم حين وارى التراب جسديهما .. اغنتني عن الإحساس بالوحدة .. في هذه الدنيا القاسية .. دون زوج .. او ولد ..
فمضى قطار العمر .. دون ان اشعر به .. وها انا اليوم انظر في المرآة .. لأفاجئ بمظهري .. هل فعلا كبرت إلى هذا الحد ؟! هل هذه التي تطل علي من المرآة هي نفس الفتاة المرحة التي احبته قبل عشرون عاما ؟!
هاهو الشيب يغزو شعري بأكمله .. والتجاعيد تخط خطوط الزمن القاسية .. على وجهي .. ترى .. هل يعرفني إن رآني ؟! هل لازال طيفي يرافقه كما رافقني طيفه ؟!
ماهذه الأفكار والخيالات التي خطرت لي فجأه !! لقد عشت عشرون عاما بسعاده مع طيفه .. مع طيف ابنائنا .. وليد وهند و ندى .. فلماذا القلق والحزن الآن ؟! لماذا اتساءل إن كان يذكرني ؟! بالطبع يذكرني .. هل يمكنه ان ينسى طيف ابنائنا الذين حلمنا بهم يوما ؟ هل يمكنه ان ينسى ضحكنا .. وبكاؤنا سويا ..
لا .. يجب ان اطرد هذه الخيالات من بالي .. سأخرج .. لا بد ان الوحدة هي التي أثرت علي وعلى افكاري .. وجعلتني اتمرد فجأة على طيفه الغالي ..
ها انا اهيم على وجهي في الطرقات .. بلا هدف .. سوى إبعاد تفكيري عن تلك الخيالات المشؤومه .. يقال ان المرء حين يفكر في شخص اخر .. فإن الآخر يفكر فيه ايضا .. ترى .. هل يفكر بي الآن ؟! هل تدور في خلده الأفكار المشؤومة التي تدور في خلدي ؟! ام انه مطمئن إلى أن طيفه لم يفارقني لحظه ؟
لا لا ياحبيبي .. لا تقلق .. فأنت معي على الدوام .. اطمئن .. لم ولن انساك ابدا .. فطيفك اغلى من ان اتركه يرحل بسهوله ..
تراءى لي فجأة طيفه .. متجسدا امامي .. إنه هو .. بنفس القامة .. بنفس المشيه .. مثلما تخيلت انه سيكون تماما الآن .. والشعر الابيض يغزو فوديه .. والتجاعيد الرقيقة تحيط بعينيه .. هل حقا هذا هو ؟! ام انه طيفه مجددا ..
ابتسمت له برقه .. ونظرت مباشرة في عينيه .. ولكنه لم ينظر إلي .. ركزت إليه النظر اكثر .. عله يلحظني .. فنظر إلي .. نظرة خاطفه .. ثم التفت مجددا ..
لم يبد عليه اي اثر للمعرفه ... لابد انه لم يرني حقيقة .. اقتربت منه .. منادية باسمه بخجل .. التفت إلي مجددا .. بنظره بارده .. وكأنه لم يرني في حياته قط .. وكأنه لم يتبادل معي عهدا قط .. وكأن طيفه لم يرافقني قط ..
وقال بهدوء : عفوا .. هل اعرفك ؟! ...
تمت ..