أخبار عامة وزارة للزواج.. طموح المغربيات

http://www.d4up.com/user_uploads/dm3...63b/salam2.gif
http://www.ealwan.com/img/morrmarr_1.gif
إحداث "وزارة للزواج" فكرة طرحتها فعاليات نسائية في المغرب؛ لتسهيل دخول الآلاف من الشباب المغربي عش الزوجية.. دوافع عديدة كانت وراء هذا الملتمس الذي اعتبر "غريبًا" و"أدهش كل من سمع به وبفحوى مبرراته"، أولها وعيهن بفداحة الأرقام التي وصلتها معدلات العنوسة والعزوبية بالمغرب.

وبالرغم من أن الدعوة إلى إيجاد هذه الوزارة -والتي جاءت في ندوة حول موضوع "ظاهرة العنوسة وسؤال التنمية" واحتضنتها مدينة فاس مارس 2006- "لم تـنبن على استطلاع للرأي أو مقومات علمية"، فإنها أظهرت ردود فعل متباينة في صفوف نساء المغرب تراوحت بين التأييد المشوب بالاندهاش والرفض المقرون بالسخرية على اعتبار أن "المغرب ليس مستعدًّا للقفز على كل أولوياته المُلحّة للاستجابة لمطلب وقف زحف العنوسة التي تجتاح فئات عريضة من الشباب بوتيرة متسارعة تنذر برفع إيقاعها في المستقبل القريب".

لماذا وزارة للزواج؟

عدة صحفيات وجامعيات وباحثات اجتماعيات تحمسن إلى الفكرة ورأين فيها حلاًّ "سحريًّا" لعنوسة المغربيات، ولم يتوانين في الدعوة إلى إخراجها إلى حيز الوجود وفي أقرب الآجال. وأخريات اعتبرنها "محاولة فاشلة لتغطية الشمس بالغربال"، ومبررهن أن الظاهرة "ليست العائق الحقيقي لتحقيق التنمية الشمولية في المغرب"، بل "البطالة تعتبر أهم معرقل لها والسبب الرئيسي في عزوف الشباب عن الزواج وتحمل تبعاته المادية بالخصوص".

لطيفة بوعياد عضوة المجلس العلمي بفاس وإعلامية بإذاعة محمد السادس للقرآن الكريم، واحدة من المتحمسات لهذه الفكرة بمبرر واحد ووحيد يتعلق بـ"البحث عن الحلول الناجحة لتزويج الشباب واجتثاث ظاهرة العنوسة التي تطرح عوائق أساسية لتحقيق التنمية". وترى أن العنوسة التي تنطرح بحدة في صفوف المغربيات، "تحتاج إلى دراسات ميدانية وانخراط المؤسسات العامة والخاصة في الحد من سلبياتها واستفحال أرقامها بشكل مخيف".

عدة عوامل تدفع المتحمسات للفكرة، إلى القبول بها ودعمها والتفكير الجدي في أسباب العنوسة وإيجاد الحلول العملية المناسبة لها. وليس أقلها ما تولده الظاهرة المطروحة لدى الجنسين معًا، من "حالة إحباط مصحوبة باكتئاب وقلق دوري" و"ضغوط وعقد نفسية" صعبة على العلاج وتحتاج إلى عقاقير وجلسات علاج نفسي طويلة.

وهذا رأي حورية أمهاود الطبيبة بمستشفى ابن الحسن للأمراض النفسية بفاس ورئيسة جمعية مرافقة المريض النفسي التي تؤكد أن "الضغط والمراقبة الأسرية يفرضان على الفتاة، التعرض لقلق نفسي تنجم عنه أحيانًا نوبات عصبية، مما يتسبب أحيانًا في فقدان البصر والإصابة بالشلل وفقدان الصوت لوقت ما".

ويربط بعض الاختصاصيين الإصابة بمرض "أسكيزوفرينا"، بحالة الهذيان الهلوسي المزمن الذي قد يصيب من فاتهن قطار الزواج، حيث يصبحن عرضة إلى هلوسات تظهر لديهن عند تجاوزهن خمسة وثلاثين سنة، مما يؤدي إلى إصابتهن بأزمات عقلية حادة تفرض علاجات بالعقاقير والجلسات ومعاناتهن كذلك بعد تجاوز العقد الثالث من "آلام كثيرة عند فترة الحيض".. ويتحدثون عن آلام حادة بالرأس يصاب بها العزاب المسنون نتيجة عدم إشباع الرغبة الجنسية.

كل ذلك يضاف إلى الضغط النفسي الذي يصيب النساء ممن تجاوزهن ركب الزواج أمام محدودية سن الخصوبة لديهن. وهذا يولد نتائج عكسية وسلبية على حياتهن التي تتحول إلى جحيم وهن اللاتي تتضاءل فرص زواجهن مع مرور السنوات، بل "يعزفن عن البحث عن النصف الآخر لهذا الاعتبار وللإصابة بأمراض نفسية".

نساء من منظمات نسائية لم تستسغ هذا الاقتراح واعتبرته "تحصيل حاصل"، متحدثة عن أنه حتى مصطلح "عنوسة" فيه سبّة في حق الفتيات اللاتي لا يتزوجن في سن تحدده تقاليد وعادات المجتمع. ويؤكدن أن نساء المغرب اليوم بحاجة إلى "وزارة للأسرة" بدل وزارة للزواج.

واعتبرت الباحثة الاجتماعية فاطمة الزهراء أزريول في حوار مع جريدة "الصباح" المغربية، أن الحديث عن العنوسة "مطية لإشاعة الاقتناع ببعض الظواهر التي تروج إليها كتعدد الزوجات وتفصح عن وعي لا يواكب المستجدات التي يحبل بها الواقع المغربي".

دراسة داعمة للفكرة

بالرغم من ردود الفعل الرافضة أو المتحفظة من إحداث وزارة للزواج، فالعديد من الشباب المغربي يتحمس إليها ولو بشكل مبطن ومن دون الإعلان عن ذلك صراحة. وهي الحقيقة التي كشفت عنها دراسة ميدانية همّت فئات اجتماعية مختلفة من سكان مدينة فاس وعرضت نتائجها أخيرًا.

وتفصح دراسة أنجزتها الباحثة الاجتماعية خديجة الكوزي، عن أن 70% ممن شملتهم يدعون إلى إنشاء مؤسسات داعمة لتزويج الشباب. وعلى العكس من ذلك يرى 88% من المستجوبين في "تحقيق تنمية اقتصادية شاملة"، حلاًّ وحيدًا للعنوسة، مقابل 89% يرون الحل في "التشبث بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف والحد من التفسخ الأخلاقي".

ويعتبر 27% من المبحوثين، العنوسة "مسألة طبيعية" لا تثير القلق و"لا تستدعي كل هذه الضجة وإحداث وزارة للزواج" بالنظر إلى الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي تحول بين الآلاف من الشباب والارتباط الشرعي. وعزا 85% استفحالها إلى المدخول الهزيل وواقع البطالة، في حين ربط 79% ذلك بـ"الفقر وغلاء المعيشة".

ويتشبث 70% ممن شملتهم هذه الدراسة الإحصائية التي تعتبر الأولى من نوعها، بمطلب "إصلاح وتغيير عادات الزواج" التي تبقى حجرة عثرة في وجه الراغبين في الزواج خاصة بالنظر إلى الشروط التي تضعها بعض الأسر لتزويج بناتها من دون مراعاة الظروف الاجتماعية للخطيب ومستقبل ابنتها معه؛ إذ "يتم تغليب الهاجس المادي على كل هواجس ودوافع وأهداف مؤسسة الزواج".

وكشفت الدراسة عن أن 69% من قاطني المدينة يقرون بكون العنوسة عاملاً أساسيًّا في تنامي كل مظاهر الفساد الأخلاقي والدعارة، بينما يجد 74% في "سهولة الحصول على اللذة خارج إطار الزوجية" و"شيوع الصداقة والمعاشرة دون زواج"، التبرير الأنسب للظاهرة.

ورأى 44% من المبحوثين أن "الافتتان بموضة الحرية الفردية والتمتع بالحياة والانجذاب لزواج مفترض على شبكة الإنترنت، عوامل تحول دون الإقدام على الزواج في سن مبكرة"، مقابل 47% عزوا الظاهرة إلى "الخوف من المشاكل الناجمة عن الزواج والطلاق وتفضيل الزواج بالأجنبيات"؛ لما يمكن أن يحمله من سعادة ورخاء مفقودين في الوطن. وأبرز 36% آخرون أن من مظاهر العزوف عن الزواج "الحرمان من الأمومة" أو "الكبت الجنسي".

وللشارع رأيه المخالف..

الاستماع إلى نبض الشارع بخصوص إحداث هذه الوزارة، يحمل الكثير من المفاجآت وردود الفعل غير المنتظرة. البعض سخر من الفكرة والكيفية التي طرحت بها في هذه الآونة بالضبط التي "يعرف فيها المغرب خطوات مهمة على درب تعزيز المكانة الحقيقية والفاعلة للمرأة في المجتمع"، والآخرون حبذوها بشروط معرفة اختصاصاتها وتدخلاتها وقراءة إمكانيات نجاحها في المهمة الموكولة إليها؛ لأن العبرة "ليست بتفريخ الوزارات والهياكل الميتة".

وحده إدريس القرقوري مواطن من إقليم تاونات، أبدى دعمًا للاقتراح من بين كل الذين استقت شبكة "إسلام أون لاين.نت" آراءهم. ورأى أن الشباب بحاجة إلى دعم لفتح بيوت الزوجية التي يحول وضعهم الاجتماعي بينهم وبينها، خاصة إن كانت الوزارة ستوفر للشباب، خاصة من حاملي الشهادات الجامعية العليا، الدعم الكافي لشراء المسكن الذي يُعَدّ واحدًا من أهم مشاكل الاستقرار الأسري.

وتقول آمال طالبة في جامعة المولى إسماعيل بمكناس: "الزواج بحاجة إلى شغل واستقرار مادي وبحث مضنٍ عن شريك الحياة، لا إلى وزارة تولد ميتة. الفكرة غريبة وغامضة ولا يمكن القبول بها؛ لأن المشكل في الوضع العام وليس في العنوسة أو العزوبية اللذين ما هما إلا نتيجة لهذا الوضع الذي يهدد بانفجار اجتماعي".

أما سكينة الموظفة بقطاع عمومي بفاس، فترى أن إيجاد وزارة للزواج "أمر تافه ولا معنى له"، بل "هذيان تكرسه بعض الجهات ولا قبل للمرأة به"؛ إذ تتساءل "كيف التفكير في هذا الموضوع وأغلب الشباب ليست لهم القدرة على تمويل أنفسهم والوفاء بحاجياتهم فـ"بالأحرى التكفل بمصاريف الأسرة والأبناء".

وبعد أن يصدر ضحكة ساخرة تختصر رأيه في إحداث هذه الوزارة، يؤكد سعيد عامل بشركة في مدينة الدار البيضاء "إذا كانت هذه الوزارة ستوفر شغلاً لكل شاب وفتاة ترشحهما للزواج ووفق شروط موضوعية ومنطقية يراعى فيها الجانب الاجتماعي، فمرحبًا بها أما في حالة غير ذلك فمن الأحسن أن تبقى مجرد فكرة في عقول صاحباتها". ويتساءل ساخرًا "لماذا لا تحدث وزارة للطلاق بموازاتها؟".

يؤكد سعيد وغيره من أبناء الفئات الاجتماعية الفقيرة أو المتوسطة الدخل، أن "العبرة ليست بالاقتراحات، بل بالعمل المكثف والجدي لمحاربة كل أسباب الظاهرتين". ويتساءلون عما إذا كانت هذه الوزارة ستستنسخ تجربة "وكالات الزواج" الغربية، وبالتالي ستكون وسيطًا للزواج أم ستأتي بـ"حلول سحرية لمشكل العزوف عنه؟".

ويخلصون إلى أنه "حتى هذه الوزارة لن تحل مشكلة عطالة المرأة والرجل التي تعتبر أهم أسباب كل معضلات المجتمع". وبالتالي فـ"الدولة عليها أن تنكب على دراسة الظواهر الاجتماعية والتحولات التي يعرفها السكان وإشاعة المعرفة بشأنها وتحليل أسبابها والعمل على إيجاد حلول عاجلة لها".

المصدر
http://www.d4up.com/user_uploads/dm3...m2-alslama.gif